في سياق «منتدى مستقبل التمويل» لإتحاد المصارف العربية
يوسف: أهميته بمناقشة تأسيس أنظمة مقاصة والإصلاحات والتعاون المصرفي العربي
عدنان أحمد يوسف، رئيس جمعية مصارف البحرين، الرئيس السابق لإتحاد المصارف العربية
تحدث عدنان أحمد يوسف رئيس جمعية مصارف البحرين، الرئيس السابق لإتحاد المصارف العربية، عن أهمية إنعقاد «منتدى مستقبل التمويل» الذي نظمه إتحاد المصارف العربية في أبو ظبي، في حضور كبار المصرفيين والمسؤولين الماليين والرسميين، حيث ناقش مواضيع جوهرية وعلى جانب كبير من الأهمية، مثل التطوُّرات التكنولوجية المصرفية والمالية ودورها في مستقبل دور البنوك، كذلك دور المؤسسات المالية في برامج الإصلاح الإقتصادي والفرص الإستثمارية التي توفرها، ودور التكنولوجيا المالية في تحقيق الشمول المالي وتأسيس وكالات تصنيف عربية.
وقال يوسف: «شاركتُ مؤخراً في المنتدى الذي شهد مناقشات موسعة وجادة حول عدد من القضايا مثل تأسيس أنظمة مقاصة وتسويات إقليمية وعربية والإصلاحات المصرفية المطلوبة والتعاون المصرفي العربي وغيرها».
أضاف يوسف: «في الجلسة التي شاركتُ فيها والتي تناولت تأسيس وكالة تصنيف عربية لتقييم مناخ الإستثمار في المنطقة العربية، تأخذ في الإعتبار الظروف الخاصة بالدول العربية، وخصوصية تجاربها التنموية، فانا شخصياً كنتُ من أوائل الداعين لتأسيس وكالات تصنيف عربية تكون لها مكانتها العالمية المعترف بها، وقد كتبتُ مرّات عدة في هذا الموضوع، ووجهت العديد من الرسائل للمعنيين، حيث لا أرى أي مشكلة في تأسيس مثل هذه الوكالة، مع إيماني بتوافر الكوادر العربية المتخصصة وعالية المستوى التي يُمكن أن تقوم بالتقييم والتصنيف الموثوق المعتمد بعيداً عن الأهواء والمصالح الدولية التي وجدناها لدى بعض وكالات التصنيف الدولية المعروفة، والتي جاءت الأزمات المالية المتتالية، وآخرها ما تشهده بعض البنوك الأميركية في الوقت الحاضر لتكشف عن عدم دقة التصنيفات التي تصدرها هذه الوكالات.
وبإختصار، تُصنّف وكالات التصنيف الغربية البلدان بإستخدام خمسة عوامل تصنيف أساسية وهي أولاً: الفعالية المؤسسية والحوكمية، أي إستقرار المؤسسات السياسية، والشفافية، والأمن الخارجي، الخ. وثانياً: الهيكل الإقتصادي وآفاق النمو، أي نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ونموه، والتنوع الإقتصادي، وما إلى ذلك. وثالثاً: مجموع النقاط المتعلقة بالوضع الخارجي للبلد (السيولة الخارجية والموقف الخارجي بشكل عام)، ورابعاً: الوضع المالي أي المرونة المالية وعبء وهيكل الديون. وأخيراً: الوضع النقدي، أي دور السلطة النقدية والتنسيق المشترك للسياسة النقدية مع السياسة المالية.
لكن هذه المنهجية أظهرت إخفاقات في محطات كثيرة على مدى العقود الماضية كما ذكرنا. والسبب في ذلك هو لكونها تعمد إلى إستخدام البنى الإجتماعية والإقتصادية الغربية كمعيار لإعطاء الدرجات العالية. فعلى سبيل المثال، تعتبر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي كمؤشر أساسي للمتانة الإقتصادية لدولة ما، بينما هذا المؤشر لا يعكس مستوى التنمية الإقتصادية والفوارق الكبيرة في توزيع الدخل.
أيضاً تعتمد التصنيفات الغربية على قدرة إعادة التمويل لسداد الديون القائمة هي عامل أساسي في التصنيف بدلاً من التدفقات النقدية الجديدة. وهذه المنهجية تدعم بصورة رئيسية الدول الغربية بإعتبار أن أكثر من 90% من مجموع الديون في العالم هي في البلدان المتقدمة و8% فقط في البلدان النامية.
إنطلاقاً مما سبق، نحن نعتقد أنه آن الأوان لقيام الجهات المعنية في المنطقة العربية بالتحرُّك بصورة مشتركة لإيجاد بديل معترف به دولياً لتصنيفات ديونها السيادية، تكون أكثر واقعية وإنصافاً لما تتمتع به من أوضاع مالية قوية. وبإعتقادي عليها أن تعمل، إما على تقوية دور وإعتمادية الوكالة الإسلامية الدولية للتصنيف التي تتخذ من البحرين مقراً لها، وخصوصاً أن هذه الوكالة باتت تمتلك قدرات وإمكانات فنية كبيرة، وهي تقوم حالياً بالفعل بإصدار التصنيفات الإئتمانية للحكومات والشركات، وإما أن تقوم بتأسيس شركات تصنيف مشتركة، تكون أكثر تخصصاً في شؤون دول المنطقة وتعتمد منهجيات للتصنيف تأخذ بالإعتبار الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية الخاصة بهذه الدول ولا تعمم منهجياتها الغربية عليها.
إن نجاح مثل هذه الخطوات يعتمد على شرطين رئيسيين، الأول هو أن تتبنى الحكومات والبنوك المركزية العربية هذه المؤسسات وتعطيها حق التصنيف والإعتراف بتصنيفاتها الإئتمانية لكي تعطي مصداقية واعتمادية للتصنيفات التي تصدرها، والثاني هو أن تقدم هذه الحكومات والبنوك الدعم لهذه المؤسسات وترعاها، خصوصاً في السنوات الأولى من تأسيسها. ولا ننسى أن مؤسسات التصنيف العالمية مثل «ستاندرد أند بورز» مضى على تأسيسها أكثر من 160 عاماً، وهي حالياً متواجدة في 26 بلداً، وتُصدر مئات الآلاف من التصنيفات الإئتمانية بقيمة إجمالية تعادل 47 تريليون دولار».
وختم يوسف قائلاً: «لذلك، ونحن ندعو إلى تأسيس مؤسسات تصنيف بديلة تعتمد منهجيات في التصنيف تأخذ بالإعتبار الأوضاع الإقتصادية والمالية والنقدية الخاصة بالمنطقة العربية، فإننا لا ننفي الحاجة لأن تكون هذه المؤسسات قوية وتتمتع بكل القدرات والإمكانات الكبيرة التي تمتلكها مؤسسات التصنيف العالمية وأن تحقق ذلك بشكل تدريجي».