*خالد صنهات المطيري
زاوية جديدة تنشر في الصفحة الاقتصادية خلال شهر رمضان الفضيل، تُتيح لنخبة من أهل الاقتصاد والأعمال طرح أفكار ومقترحات تُسهم في إثراء النقاش الدائر حول الإصلاحات الاقتصادية والمالية المزمع تنفيذها في العديد من القطاعات لمصلحة الاقتصاد الوطني ورفعته.
يكمن التحدي الأساسي الذي يواجه الكويت في مدى القدرة على استدامة نموذج التنمية الاقتصادية المبني على قيادة القطاع العام لبرامج ومشاريع خطة التنمية من حيث الاستثمار والتمويل وخلق الوظائف، وهو نموذج يصعب الاستمرار به في ظل التحديات الاقتصادية المالية الحالية والمستقبلية. مما يطرح تساؤلا مستحقا عن مدى قدرة الدولة على الاستمرار بالوفاء بالتزاماتها تجاه المواطن ومنها توفير الوظائف والرعاية السكنية وغيرها من الاستحقاقات الاساسية التي نص عليها الدستور.
وقد انعكس ذلك التحدي على الاقتصاد الكويتي في ضعف مساهمة القطاع الخاص (الوطني والأجنبي) في النشاط الاقتصادي نتيجة لهيمنة القطاع الحكومي على الأنشطة الاقتصادية بالدولة، وهذا الأمر ترتب عليه تعميق أثر التحديات الأخرى على الاقتصاد الكويتي كالتحديات الاقتصادية (مثل تنويع الاقتصاد، وسوق العمل، وجذب الاستثمار الأجنبي)، والتحديات المالية (مثل تنويع مصادر الإيرادات العامة، ووقف الهدر في الإنفاق العام) والتحديات المؤسسية (مثل غياب الفاعلية في مواجهة مشكلة الفساد، وقصور الشفافية، وضعف ثقافة أخلاقيات الأعمال، وبطء الإجراءات البيروقراطية).
متطلبات الإصلاح
متطلبات أساسية قبل البدء بالإصلاح:
اولا – وجود إرادة سياسية، من خلال:
■ تعزيز قدرة الإدارة الحكومية والإدارة الاقتصادية تحديداً بتنفيذ القرار الاقتصادي والإصلاحات ذات الشأن.
■ تعزيز ثقة المجتمع بالإجراءات الحكومية من خلال تنفيذ القانون، وعدم دعم ظاهرة الواسطة والمحسوبية خاصة في المناصب القيادية والإشرافية والإدارية.
ثانيا – مكافحة الفساد، من خلال:
■ محاكمة الفاسدين وتعزيز المساءلة وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب.
■ محاسبة المسؤولين في الجهات ذات المخالفات المالية والإدارية.
مراحل الإصلاح الشامل:
1 – إصلاح مؤسسي
2 – إصلاح اقتصادي
3 – إصلاح مالي
أسس النجاح
أسس نجاح عملية الإصلاح أن يكون هناك أساس مؤسسي وتشريعي قوي. وتعتبر التكلفة الاقتصادية لتنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي (برامج التنويع الاقتصادي) أقل من تلك المرتبطة في برامج الإصلاح المالي (إصلاحات ضريبية وانشطة الانفاق العام) مما قد يسهل تقبلها اجتماعياً، لذا من الضروري البدء بتنفيذ عمليات الإصلاحات الاقتصادية قبل الإصلاحات المالية. وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية لا يمكن أن يكون بمعزل عن الاصلاحات الاجتماعية الأخرى كتحسين التعليم والصحة والبنية التحتية.
التصورات العامة
اولا: بعد عقود من محاولات الإصلاح الاقتصادي، لم تنجح جهود عملية الإصلاح في رفع كفاءة الاقتصاد ولا حتى تنويع الاقتصاد ولعل السبب في ذلك مرتبط في آلية اتخاذ القرار لدى صانعي السياسات الاقتصادية في البلاد.
ثانيا: تبني رؤية الدولة «كويت 2035» يفترض أن تكون الأساس نحو التغيير وذلك ضمن المعطيات والتغيرات العالمية والمحلية، لذا فإن الحاجة تكمن من خلال توفير المبادرات القيادية التي تحول الرؤية إلى برامج إصلاحية على أرض الواقع.
ثالثا: الدور المجتمعي مهم جدا في عملية الإصلاح الاقتصادي، لذا لابد أن يدرك المجتمع أبعاد وأسباب وأهداف أي سياسة إصلاحية قبل تطبيقها، لذلك فإن القيام بأية قرارات إصلاحية غير شعبوية تحتاج إلى أن يتم توعية الناس بها وبأهميتها وأبعادها وذلك قبل اتخاذ القرار بها.
رابعا: أخذاً بالاعتبار المعطيات العالمية الأخيرة وسرعة الانتقال التكنولوجي، فهناك حاجة وضع استراتيجية وطنية متكاملة للابتكار تنسجم مع رؤية «الكويت الجديدة» لتحقيق «الكويت الذكية» في عام 2035، وذلك من خلال تبني شامل للسياسة العلمية والتكنولوجية والابتكارية باعتبارها المُمكِّن الرئيسي للانتقال إلى «الكويت الذكية». كذلك تحسين إنتاج الإحصاءات المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا والابتكار للتمكين من تطوير الإحصاءات القائمة على الأدلة والتي تدعم السياسات التي يحتاجها متخذ القرار.
خامسا: إعادة النظر في السياسة التعليمية ومدى تأثيرها على سوق العمل.
سادسا: التوسع في الاستثمارات الأجنبية المباشرة واستقطاب الشركات العالمية الرائدة التي من شأنها تعديل القاعدة الإنتاجية في الاقتصاد.
*رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية الكويتية