إدراج دول عربية بينها السعودية في القائمة الأوروبية لغسل الأموال وتمويل الإرهاب

Wissam Fattouh

Download

إدراج دول عربية بينها السعودية في القائمة الأوروبية لغسل الأموال وتمويل الإرهاب

موضوع الغلاف
العدد 459

إدراج دول عربية بينها السعودية في القائمة الأوروبية لغسل الأموال وتمويل الإرهاب

فتوح: المصارف السعودية من بين أكثر المصارف العربية إلتزاماً بتطبيق القوانين والتشريعات الراعية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب

-ما صدر عن المفوضية الأوروبية أخيراً يُعتبر تجاوزاً واضحاً للمرجعية الأساسية لمكافحة غسيل الأموال وهي مجموعة العمل المالي «فاتف»

أضافت المفوضية الأوروبية ست دول عربية أبرزها السعودية، إلى قائمة الدول التي تهدد الإتحاد الأوروبي «بسبب تهاونها مع عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب». وتضم القائمة 23 دولة ومنطقة، بينها تونس والعراق وسوريا واليمن وليبيا. في هذا السياق، إستنكر الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح، «القرار الصادر عن المفوضية الأوروبية بإدراج السعودية ضمن لائحتها لتبييض الأموال»، مؤكداً «أن المصارف السعودية من أكثر المصارف العربية إلتزاماً بتطبيق القوانين والتشريعات الراعية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب».

وقد أكد فتوح «أن مصادر الأموال غير المشروعة «معدومة» في السعودية، ولا سيما بعد الإستحقاقات الأخيرة وحملة محاربة الفساد التي بدأتها المملكة العربية السعودية أخيراً، مما يقطع الطريق أمام أي محاولة لحصول المصارف على أموال غير مشروعة».

ولم يُبد فتوح قلقاً تجاه قرار المفوضية الأوروبية «حتى لو صوّت البرلمان والمجلس الأوروبيان لصالح اللائحة السوداء لغسيل الأموال الموضوعة اليوم لإعتبارين أساسيين هما: أولاً: إن إعلان وزارة الخزانة الأميركية أنها لن تقر لائحة المفوضية الأوروبية لتبييض الأموال، يأتي بمثابة تأكيد واضح بأن المصارف المراسلة لم ولن تقطع علاقاتها مع البنوك السعودية، ولا سيما أن 90 % من المعاملات المالية تتم عبر المصارف المراسلة الأميركية وليس المصارف الأوروبية، وبالتالي فإن البنوك والمؤسسات المالية في أميركا لن تعترف بهذه القائمة ولن تأخذها في الإعتبار حتى لو صُدق عليها في البرلمان الأوروبي. ثانياً: منظمة مجموعة العمل المالي «فاتف» FATF، هي الإطار الدولي المعروف لمكافحة غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب، وهي التي تُصدر اللائحة الوحيدة المعترف بها دولياً، وبالتالي فإن ما صدر عن المفوضية الأوروبية أخيراً، يُعتبر تجاوزاً واضحاً للمرجعية الأساسية لمكافحة غسيل الأموال».

ويوضح فتوح، «إن قائمة المفوضية الأوروبية لم تخضع لمراجعة دقيقة قبل إصدارها، وتستند في معاييرها إلى خلفيات سياسية أكثر مما هي ترتكز على وقائع وحقائق ملموسة»، قائلاً: «أشتم رائحة أبعاد سياسية، بعيدة كل البعد عن التقييمات المبنية على زيارات ميدانية، ولا سيما أن هذه اللائحة أتت متناقضة مع مضمون التقرير الصادر عن مجموعة العمل المالي «فاتف» في أيلول/ سبتمبر الماضي (العام 2018)، حيث أشاد التقرير المذكور بالتعديلات الأساسية التي أقرتها المملكة العربية السعودية على نظام مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، لجعل منظومتها القانونية والمؤسساتية متوافقة مع أحدث توصيات «فاتف».

وأورد الأمين العام لإتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح ما جاء في نص التقرير: «أن السعودية أظهرت قدرة وإرادة لمكافحة تمويل الإرهاب، مما إنعكس في إجراء 1700 عملية تحقيق وإدانة منذ العام 2013، تركزت في معظمها على محاولات تمويل محلي للإرهاب».

في المحصلة، لا يقلل فتوح من أهمية القرار الذي صدر عن المفوضية الأوروبية المشار إليه، ولكن برأيه «إن التأثير لا يعدو كونه تأثيراً هامشياً، قد يُترجم في البداية بإتجاه البنوك المراسلة لتُصبح أكثر تحققاً من الإلتزام بكافة المعايير والمبادئ الدولية ذات الصلة».

ماذا أوردت المفوضية الأوروبية؟

في التفاصيل، أدرجت المفوضية الأوروبية ست دول عربية أبرزها السعودية إلى قائمة الدول التي تهدد الإتحاد الأوروبي «بسبب تهاونها مع عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب». وتضم القائمة 23 دولة ومنطقة، بينها تونس والعراق وسوريا واليمن وليبيا.

وأفادت المفوضية الأوروبية أنها «أضافت دولاً ومناطق لديها أوجه قصور إستراتيجية في أنظمتها الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومن بين المعايير المعتمدة لوضع القائمة فرض عقوبات ضعيفة على غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتعاون غير الكافي مع الإتحاد الأوروبي في هذا الشأن، وعدم الشفافية في شأن الملاّك الحقيقيين للشركات والصناديق الإستثمارية». علماً أن هذه الخطوة شكلت جزءاً من حملة تستهدف عمليات غسل الأموال بعد فضائح عدة ضربت مصارف أوروبية في الأشهر الماضية.

وأوضحت المفوضة الأوروبية المكلّفة بالعدل فيرا جيروفا «إن الإتحاد الأوروبي عزز ترسانته التشريعية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب حتى لا يُصبح ملاذاً آمناً للأموال المشبوهة». علماً أن أمام البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي مهلة شهر، يُمكن أن تمتد إلى شهرين، لإقرار القائمة، ويُمكن أن ترفضها بالأغلبية المؤهلة.

معايير «فاتفا»

وتستند المفوضية الأوروبية بشكل أساسي في منهجيتها لإدراج الدول في قائمتها السوداء إلى معايير تستخدمها الهيئة الدولية لقوة مهام التحرك المالي تُدعى هيئة «فاتفا».

وكانت السعودية قد فشلت في نيل العضوية الكاملة في هيئة «فاتفا» في سبتمبر/أيلول الماضي (2018)، بعدما قررت الهيئة أن الرياض لم تُحقق المتطلبات الضرورية للعضوية، ولا سيما لجهة التحقيق، ومحاكمة الأفراد المتورطين في عمليات واسعة لغسل الأموال.

ورغم أن الإدراج على القائمة الأوروبية لا يؤدي إلى فرض أية عقوبات على الدول المدرجة أو قيود على المبادلات التجارية، إلا أن للقرار الأوروبي تأثيرات سلبية معنوية ومادية، إذ يُضرّ بسمعة الدول المدرجة وعلاقتها السياسية مع الإتحاد الأوروبي. كما أن للقرار الأوروبي تداعيات على عدد من المستويات في العلاقات الإقتصادية والتجارية بين الإتحاد الأوروبي والدول المصنفة ضمن القائمة.

قطاع البنوك

في ضوء قرار المفوضية الأوروبية، سيتعين على بنوك الإتحاد الأوروبي إجراء فحوص إضافية، وإعتماد ضوابط أكثر تشدداً على المدفوعات المتعلقة بالأفراد والمؤسسات المالية المنتمية إلى الدول المدرجة في القائمة السوداء، وذلك بهدف تحسين رصد أي تدفقات مالية مشبوهة.

قطاع الطيران

وأوضح خبير الطيران البريطاني أليكس ماسيرش «إن إدراج السعودية في القائمة الأوروبية السوداء في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب، سيؤدي إلى عدم قدرة الخطوط الجوية السعودية على توسيع رحلاتها في دول الإتحاد الأوروبي، مع إمكانية منح إستثناءات في هذا الخصوص للشركة السعودية».

قطاع البورصة

كذلك إن القرار الأوروبي من شأنه أن يُعقّد الإدراج المحتمل لجزء من أسهم شركة «أرامكو» السعودية العملاقة في بورصة لندن، كما قد يُعقّد عمل الصناديق الإستثمارية السعودية في دول الإتحاد الأوروبي، وتدفق رؤوس الأموال الأوروبية إلى سوق الأسهم السعودية.

المناخ الاقتصادي

أخيراً، حذّر إقتصاديون تونسيون في العام الماضي من «أن إدراج بلادهم (تونس) على القائمة الأوروبية للدول العالية المخاطر في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ستكون لها إنعكاسات سلبية إقتصادياً ومالياً، ومن ذلك مقاطعة بعض البنوك للدول المشمولة في هذه القائمة، إلى جانب مراقبة كل العمليات المالية معها، وممارسة ضغوط أكبر عليها».