يُعتبر موضوع المحافظة على الإستقرار المالي في أي بلد من البلدان في العالم، ولا سيما في بلداننا العربية، هدفاً متزايد الأهمية لدى صُنّاع السياسات الإقتصادية، إذ يحكم كفاءة أداء النظام المالي، مدى ترابط وسلامة مكوناته الأساسية. لذا فإن حدوث اضطراب في أحد هذه العناصر من شأنه أن يُضعف الإستقرار في هذا النظام المالي بأكمله.
في هذا السياق، يأتي إنعقاد مؤتمر «تعزيز الإستقرار المالي» برعاية محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر في العاصمة المصرية القاهرة، بين 7 حزيران/يونيو و9 منه 2017، بتنظيم من إتحاد المصارف العربية، مناسبة لتأكيد أهمية تعزيز الإستقرار المالي ودعمه، وذلك من خلال الوصول إلى درجة عالية الكفاءة في أداء كافة عناصره. مع التركيز على أهمية التنسيق بين السياستين النقدية والمالية، وتعزيز دور البنوك المركزية في تحقيق الإستقرار المالي والإقتصادي والمحافظة عليه، ومناقشة دور الأسواق المالية ودعم البنية التحتية بغية الحد من المخاطر النظامية وتحقيق الإستقرار المالي والإقتصادي.
ينبغي تسليط الضوء أيضاً على آليات تعزيز الإستقرار المالي، والتحديات التي تواجه النظام المالي العالمي، فضلاً عن التعرف على أهم وآخر ما أُدخل من تعديلات على المبادرات الدولية والإقليمية في ضوء الأزمة المالية العالمية وتداعياتها، وعرض العديد من الإستراتيجيات والأدوات التي تساهم في صورة مباشرة أو غير مباشرة في تحقيق الاستقرار المالي.
في السياق عينه، لا شك في أن الجهاز المصرفي المصري إستحوذ أخيراً على نحو كبير، على سوق النقد المصرفية، وذلك يعود إلى تحويلات المصريين التي أصبحت تتدفق من الخارج، مما مكّن القطاع الإقتصادي العمل بأسلوب علمي. علماً أن ثمة إستقراراً في السوق المصرفية المصرية، حيث تُعتبر كل مؤشرات الأداء جيدة بسبب تدفقات النقد الاجنبي.
والحق، أن كل ذلك يعود إلى الإصلاحات المالية التي قام بها في الأشهر الأخيرة محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر، الذي أثبت جدوى الخطة النقدية التي وضعها كخارطة طريق في سبيل إنقاذ الإقتصاد المصري على مستوى الجمهورية، مما نجم عن هذه الخطة الإستقرار المالي والإقتصادي على المدى الطويل.
في المحصلة، لقد تأكد لنا جميعاً كمراقبين، أن الإصلاح الإقتصادي الأخير في مصر، حقق مردوداً إيجابياً في البلاد، إذ إنخفضت الواردات من 4.3 مليارات دولار إلى 3.8 مليارات دولار، أي بنسبة 16 في المئة في آذار/مارس 2017، مما دفع صندوق النقد الدولي في آخر تقرير له عن السياسة المالية وإدارة الموازنة العامة في مصر إلى الإشادة بالسياسة النقدية المصرية، معتبراً أنها «جيدة»، وقد أثبتت هذه السياسة قوة الجهاز المصرفي، إذ إنها تنتهج سياسات مالية ونقدية مستقرة، وأن كل هذه الإجراءات تدعم الأداء الإقتصادي، وأن الموازنة تحت السيطرة، مما يعني أن برنامج خطة الإصلاح يسير في الإتجاه الصحيح.
يبقى القول، إن زيادة التمويل المصرفي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والمتناهية الصغر، يجب أن يكون هدف كل من البنوك المركزية والبنوك التقليدية والإسلامية والحكومات العربية، مما يُحسن أداء الإقتصادات العربية عموماً. وهذا ما يُشجع عليه إتحاد المصارف العربية حيال بلداننا العربية، ذلك لأنه يتوجب على البنوك نفسها إدراك أهمية زيادة التمويل لهذا القطاع الذي يُشكل فرصة كبيرة لها لزيادة قاعدة عملائها وتالياً إيراداتها وأرباحها، إضافة إلى وجوب حث البنوك المركزية، البنوك التجارية على زيادة تمويل قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في سبيل مواجهة الفقر المستشري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك من خلال تقديم حوافز وتسهيلات محددة. فالحاجة باتت كبيرة لزيادة التمويل، سواء عبر المصارف أو عبر آليات أخرى.