الاقتصاد العربي.. أي دور.. أي مكانة؟

Download

الاقتصاد العربي.. أي دور.. أي مكانة؟

رأي

فرض التطور الاقتصادي العالمي بالتزامن مع التكنولوجيا المعاصرة، إعادة تموضع جديد للاقتصاد العربي عموماً بعدما أصيب أخيراً بنكسات خطرة ولا سيما في دول المشرق العربي، أقل ما يقال فيها إنها تعيد الأمة العربية عموما 50 عاماً إلى الوراء ما لم يتم تداركها، وتدعو «الضرورة الملحة» لإنقاذ الاقتصادات العربية إلى وجوب نشر الثقافة المصرفية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، وإنشاء مؤسسات مخصصة ومستقلة تشرف على هذه المشروعات وتدعمها، وتنسق الجهود ضمن سياسة متكاملة للتنمية، كبداية لانقاذ البلدان العربية من البطالة الجامحة التي تصيب شبابها من الذين يستطيعون أن يعملوا ولا يجدون عملاً.
وللنهوض بالاقتصادات العربية، لا بد أن تقوم الاستراتيجيات على جملة من المبادئ التي من شأنها أن تفتح فرصاً متكافئة لمختلف شرائح المجتمع، وأن ترمي إلى تحسين مجتمعاتنا ومقومات تطوير الأجيال المقبلة، إذ إن عملية هذا النهوض تتطلب إعادة بناء وتأهيل البنى التحتية للاقتصادات العربية التي تأثرت سلباً بالتحولات العربية وتعزيز التكامل النقدي والمالي العربي، بما في ذلك أسواق رأس المال والمؤسسات المصرفية والاستثمارية.
من هذا المنطلق، ينبغي قيام اقتصاد عربي متكامل بين القطاعات الاقتصادية سواء في المشروعات المشتركة على صعيد البنية الأساسية من طرق وإتصالات وسكك حديد والمياه والطاقة المتجددة، أو على صعيد المشروعات الإنتاجية في مجال الزراعة والصناعة وغيرها من النشاطات.
لذا، إن استراتيجيات النهوض بالاقتصادات العربية تتطلب وضع تصورات مستقبلية، للحد من آثار التحديات التي تواجهها منطقتنا العربية وتحويلها فرصاً تعود على بلداننا وشعوبنا بالفائدة ومواكبة آفاق الاقتصادات العالمية.
إن التحديات المستجدة على الصعيدين العالمي والإقليمي، تفرض على مصارفنا العربية الاستمرار بالامتثال لأفضل الممارسات العالمية وتطبيق أفضل التشريعات والقوانين، حرصاً على تعزيز قوة أوضاعها ومتانتها وبناء قدرة عالية قادرة على امتصاص أي صدمات قد تحدث مستقبلاً.
يُلاحظ أن الدول العربية لا تزال تواجه تحديات الانتقال نحو الديموقراطية، إذ إن حال عدم اليقين السياسي، لا تزال تلقي في ظلالها على النشاط الاقتصادي في المنطقة العربية، فتراجعت (على سبيل المثال لا الحصر) معدلات النمو الاقتصادي للدول العربية إلى 1.‏2 في المئة في 2013 مقارنة بـ 6.‏4 في المئة في 2012، فضلاً عن انخفاض حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول العربية إلى النصف، حيث تراجع إلى 47 مليار دولار في نهاية 2012 في مقابل 96 ملياراً في عام 2008، إضافة إلى تعمق اختلالات المالية العامة في الكثير من الدول العربية.
في المحصلة، أن هذه التداعيات تستلزم تفعيل التقارب العربي وبناء شراكات حقيقية تجسد التكامل الاقتصادي العربي، فسوقنا العربية كبيرة بعدد سكان يتجاوز 350 مليون شخص تتوافر فيها كل مقومات التكامل الاقتصادي بما فيها من تنوع في الثروات الطبيعية، فضلاً عن العوامل البشرية الغنية بالمهارات اللغوية والتراث الحضاري.