لا يزال وضع المالية العامة الفلسطينية حافلاً بالتحديات بسبب تراكم متأخرات ضخمة والانخفاض الشديد في المعونات، على الرغم من علامات التعافي بعد تخفيف التدابير المتصلة بجائحة كورونا، بالإضافة إلى ذلك، كان لهذه الجائحة تأثير شديد على رفاهة الفلسطينيين، حيث أدت إلى ظهور فقراء جدد، فضلاً عن زيادة واسعة النطاق في قابلية التأثر بانعدام الأمن الغذائي. ولا تزال الآفاق المستقبلية محفوفة بالمخاطر، وثمة حاجة إلى بذل جهود حثيثة لوضع الاقتصاد الفلسطيني على مسار مستدام.
جاء هذا في «تقرير المراقبة الاقتصادية الفلسطينية» الذي سيرفعه البنك الدولي إلى لجنة الارتباط الخاصة اليوم الثلاثاء في مدينة بروكسل، خلال اجتماع يُعقد على مستوى السياسات بشأن المساعدات الإنمائية المقدمة للشعب الفلسطيني. ويُسلِّط هذا التقرير الضوءَ على التحديات التي يواجهها الاقتصاد الفلسطيني، والإصلاحات الضرورية على صعيد المالية العامة. كما يحدد المجالات الرئيسية، التي تأثرت فيها حياة الفلسطينيين بالجائحة والقيود المفروضة عليها.
وتعقيباً على التقرير، قال كانثان شانكار، المدير والممثل المقيم للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة: «على الرغم من الجهود الجديرة بالإعجاب لضبط أوضاع المالية العامة على مر السنين، ظل عجز المالية العامة ضخماً. ونظراً للانخفاض الحاد في المعونات من 27% من إجمالي الناتج المحلي عام 2008 إلى 1.8% عام 2021، تراكم لدى السلطة الفلسطينية رصيد ضخم من المتأخرات المستحقة لكل من القطاع الخاص وصندوق المعاشات التقاعدية، والاقتراض المحلي. ونظراً لأن خيارات التمويل المحلية لم تعد ممكنة، فإن من الأهمية بمكان الاستمرار في تطبيق الإصلاحات ذات الأولوية لزيادة الإيرادات وتحسين استدامة المالية العامة.»
وبعد واحدة من أكبر فترات الركود على الإطلاق عندما انكمش الاقتصاد بنسبة 11.3% في عام 2020، وصل معدل النمو إلى 7.1% في عام 2021. وترجع هذه الزيادة أساساً إلى ارتفاع الاستهلاك في الضفة في أعقاب تخفيف الإجراءات المتعلقة بجائحة كورونا وزيادة عدد الفلسطينيين العاملين في «إسرائيل» والمستوطنات. وكان تعافي قطاع غزة أبطأ في ضوء جولة الصراع التي شهدها في مايو/أيار 2021. وعلى الرغم من التعافي الاقتصادي، ظلت إدارة سياسات المالية العامة حافلة بالتحديات، نظراً لأن حجم العجز قبل المعونات بلغ 1.26 مليار دولار، بينما بلغت المعونات مستوى قياسياً في الانخفاض إذ لم تتجاوز 317 مليون دولار في عام 2021. ونتيجة لذلك، اضطرت السلطة الفلسطينية إلى الاعتماد على الموارد المحلية لتمويل احتياجاتها، كما أنها تدفع رواتب جزئية منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
ولا يزال النمو الاقتصادي وإيرادات السلطة الفلسطينية أقل من إمكاناتهما بسبب القيود المفروضة على التنقل والوصول إلى الموارد، بما في ذلك في المنطقة (ج).
وتخضع التجارة الخارجية الفلسطينية لسيطرة «إسرائيل» وتخضع لحواجز غير جمركية باهظة التكلفة أدت إلى تراجع القدرة التنافسية. علاوة على ذلك، أدى إغلاق الاحتلال الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة إلى وجود اقتصاد مغلق تماماً تقريباً. ومن المتوقع أن يظل عجز المالية العامة (قبل المعونات) كبيراً في عام 2022 عند 5.1% من إجمالي الناتج المحلي.
ويدعو التقرير المجتمع الدولي إلى تقديم مساندة للموازنة من أجل المساعدة في تحقيق استدامة المالية العامة، ويحث السلطة الفلسطينية على بذل المزيد من الجهود لمتابعة الإصلاحات في مجال الإيرادات والمصروفات.