البنك المركزي العراقي وضع خططه الإستراتيجية لتعزيز الشمول المالي
ولا سيما حيال ذوي الدخل المحدود والمرأة والعاطلين عن العمل
والحدّ من البطالة المرافقة مع جائحة كورونا
«المركزي» يُطلق مبادرة لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة (مبادرة الـ 1 ترليون)
ويعمل على تطوير البيئة التحتية وخصوصاً تحديث أنظمة الدفع
وإنشاء المقسم الوطني ومراكز البيانات والتعافي من الكوارث
وتنظيم الحوكمة والإدارة المؤسسية لتقنية المعلومات
والإتصالات في القطاع المالي والمصرفي
تعرّض الإقتصاد العراقي خلال العقود الماضية إلى مشاكل إقتصادية متعدّدة تمثّلت بضعف كفاءة القطاع العام، وإنخفاض إنتاجية العمل ورأس المال وضعف الترابط الداخلي بين الفروع الإقتصادية المختلفة، وعجز الموازنة العامة بسبب عدم تحقق التوازن بين إيرادات الموازنة العامة ونفقاتها، فضلاً على العجز التجاري؛ وذلك لإعتماده على سلعة واحدة أو عدد محدود من السلع المصدّرة، الأمر الذي أدى إلى تزايد حجم المديونية الخارجية وتزايد عبء خدماتها، وضعف البنى التحتية والتعليم والصحة وانخفاض مستوى الدخل وغياب الإستراتيجيات الصحيحة وتدهور شروط التبادل التجاري، وأزمة الغذاء العالمية التي أعقبها إرتفاع في أسعار الغذاء، وتزامن معها إنخفاض حاد في أسعار النفط، فضلاً عن الإرتفاع العالمي في أسعار الفائدة، إذ كان لهذه الإختلالات أثر كبير في تفاقم المشاكل الإقتصادية في العراق.
1- واقع الإقتصاد العراقي والتحديات التي تعوق النمو والإستدامة
بعد العام 2003 شهد العراق إرتفاع في عائدات الصادرات النفطية، نتيجة الإرتفاع غير المسبوق في أسعار النفط في الأسواق العالمية، إلّا أنّ الإختلالات الهيكلية بقيت هي الصفة السائدة للإقتصاد العراقي، ويُعدُّ الناتج المحلي الإجمالي لأيّ دولة أكثر المعايير أهمية لبيان مجمل إنتاج تلك الدولة. ومن خلال تحليل هيكل الناتج المحلي الإجمالي نلحظ إعتماده على نشاط وحيد، وهو القطاع النفطي، ممَّا جعله أكثر إنكشافاً على العالم الخارجي وعدم الإعتماد على نفسه.
ونلحظ من خلال تتبع الناتج المحلي الإجمالي أنه إستمر بالزيادة بعد العام 2003 حتى العام 2014، إذ شهد في هذا العام إنخفاضاً نتيجة الصدمة المزدوجة (الحرب ضد داعش، وإنخفاض أسعار النفط) التي تعرّض لها العراق، في ما يخص الناتج المحلي غير النفطي، فإنَّه يتبع مسار الناتج المحلي الإجمالي، ولكن بمستويات أقل منه، مع تزايد الفجوة بينهما حتى العام 2016 التي شهدت إنخفاضاً في الناتج المحلي، عدا النفط، رغم إرتفاع الناتج مع النفط.
– هيمنة الصادرات النفطية على ميزان المدفوعات
يُظهر ميزان المدفوعات بوضوح هيمنة الصادرات النفطية على النشاط التصديري، فقد تجاوزت الصادرات النفطية 98 % من مجموع الصادرات، وتراوحت باقي الصادرات بين 1 % و2 % من مجموع الصادرات، ممَّا يعني غياباً شبه كامل لهذا النشاط، وبالمقابل تركّز الإستيراد على السلع الإستهلاكية، وغياب السلع الإنتاجية ومستلزمات الإنتاج، ويؤشر ذلك غياب الإستثمار المحلي والأجنبي المباشر في العراق.
إنَّ الوقوف على حقيقة ميزان المدفوعات العراقي للمدة المذكورة، يُظهر أمراً بالغ الخطورة، مضمونه الإعتماد كلياً على الإيرادات النفطية، وأنَّ النمو في الناتج المحلي الإجمالي المشار إليه يُمثّل نمواً في الإيرادات النفطية، وتكمن وراء ذلك دلالات إقتصادية عميقة أهمها أنَّ الإقتصاد العراقي بات دالة لسوق النفط، وهذا ما إنعكس فعلًا منذ منتصف العام 2014، إذ إنخفضت أسعار النفط وعندها دخل العراق في نفق الأزمة المالية.
إنّ غياب الموارد المالية لتمويل الإقتصاد بكل نشاطاته وفعالياته باستثناء النفط قاد إلى إرتباط كل النشاطات والفعاليات الإقتصادية في العراق بسعر النفط، ولمّا كانت أسعار النفط دالة لمتغيرات سوقية وتذبذبات يومية، وقد تكون تغيّرات سنوية أو دورات سوقية، فإنَّ هذا يعني تذبذب الإيرادات وتقلبها في كل الآجال القصيرة والمتوسطة والطويلة، أي: إنَّ العراق سيكون أمام حالتين: الحالة الأولى إيرادات متذبذبة وإلتزامات ومستحقات ثابتة فيقود إلى عجز في الموازنة، والحالة الثانية تراكم العجز ليقود لمشكلة سيولة تتمثّل بعدم قدرة العراق على سداد إلتزاماته ومستحقاته يوماً بيوم، وشهراً بشهر، وسنة بسنة، وقد تبيّن ضعف العلاقة بين الناتج المحلي الإجمالي، ونسب النمو الإقتصادي، وسعر النفط، وأنَّ الزيادة المطَّردة كان يقف وراءها تزايد الكميات من الإنتاج، فضلاً عن تزايد سعر النفط في الأسواق العالمية.
– الموازنة العامة والتغيّرات في أسعار النفط
عند الإطلاع على الموازنة العامة بإيراداتها ونفقاتها يظهر جانبان مهمان:
– الأول: إنَّ الإيرادات النفطية تحتل النسبة الأكبر من إجمالي إيرادات الموازنة.
– الثاني: إنَّ الرواتب والأُجور التي يُطلق عليها نفقات الأفراد العاملين في الموازنة تشكِّل النسبة الأكبر والأهم في بند النفقات فيها.
يتبين مما سبق، أن المشكلة تكمن في النقد وإدارة النقد نتيجة العجز في الموازنة، ولما كان العمل في الموازنة قائماً على التدفقات النقدية الداخلة والخارجة، أي بعبارة أخرى إدارة العملة في التداول، أي النقد المحلي، أكثر منها مشكلة في المتاح من النقد الأجنبي، فإن ما تواجهه الحكومة اليوم يتمثل بعدم قدرتها على سداد الإلتزامات بسبب قلة النقد المتاح، وفي ظل توافر النقد الأجنبي (الدولار) يُمكن للحكومة أن تبيع المزيد من الدولارات للحصول على النقد المحلي لسداد إلتزاماتها، مما يعني بأنّ المشكلة التي تواجهها الحكومة يقف وراءها سببان هما: الأول يتمثل بمشكلة إدارة النقد داخل العراق، والثانية قلة المتاح من العملات الأجنبية بسبب إنخفاض أسعار النفط، وهو بدوره يقود إلى إنخفاض الرصيد من العملات الأجنبية في البنك المركزي، ومن هذا المنطلق كانت المعالجات بهذين الإتجاهين.
وبغية مواجهة هذه المشكلة سعت الحكومة للحصول على المزيد من الإيرادات من الداخل، وتمثّل هذا في سعيها لزيادة التعرفة الخاصة بالكهرباء، ورشّدت الحكومة بعض نفقاتها، إلاّ أنها فشلت في الوقت نفسه في تطبيق نظام التعرفة الجمركية، وهو الأهم في سعيها، ومن هنا فقد خفّضت الحكومة الإنفاق ليصل إلى ما نسبته 36.2 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2015، فيما بلغت نسبة الإنفاق إلى الناتج المحلي الإجمالي 38.3 % في العام 2020.
ولقد كانت هناك جهود ومحاولات للعمل على زيادة مصادر التمويل، وأول تلك الجهود تمثلت بالإقتراض من المصارف الحكومية التي تلقى الدعم والمساندة من البنك المركزي، وركزت الحكومة بإتجاهات أخرى منها سحب مبلغ من حصة العراق من حقوق السحب الخاصة خلال أزمة النفط العام 2014، كذلك الحال بالنسبة إلى أزمة العام 2020، إذ تم سحب جزء من مخصصات حقوق السحب الخاصة في أيلول/سبتمبر 2021 لدفع أقساط لقروض سابقة وتحويل المتبقي لحساب وزارة المالية لتغطية عجز الموازنة، كما ساهم البنك الدولي بقرض طارئ لمواجهة الأزمات، ورغم كل ذلك فإن كل هذا التمويل لا يُعدّ كافياً لمواجهة الحاجة المالية للحكومة، ومن هنا قامت الحكومة بإصدار سندات وطنية (بناء) في العام 2021، وإن ما تؤاخذ عليه الحكومة فشلها في خفض النفقات الجارية للموازنة، وفشلها في تطبيق نظم التعرفة الجمركية كذلك فشلها في جمع ما لها من مستحقات، أبسطها فواتير الكهرباء والخدمات العامة التي تعد ديوناً أولية، ومن هنا تكون الحكومة عاجزة في الإستفادة من مستحقاتها ومنافعها العامة بسبب فشلها في تطوير برامجها من الخدمات العامة .
– تحديات النمو المستدام
واجه النمو المستدام العديد من التحديات كان أبرزها:
1- تراجع معظم المؤشرات الإجتماعية والإقتصادية
رغم أن الثروة النفطية قد سمحت للعراق ببلوغ تصنيف البلدان المتوسطة الأعلى للدخل، إلّا أنّ مؤسساته ومحصلاته الإجتماعية والإقتصادية تبدو في جوانب عدة شبيهة إلى حد كبير بالدول المنخفضة الدخل، إذ تراجع نظام التعليم في العراق ليصبح في المراتب المتأخرة حالياً التي تضم دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما يُعدّ واحداً من البلدان الأقل في معدلات مشاركة النساء في العمل، فضلاً عن إنخفاض مستوى رأس المال البشري والمادي في العراق للقيام بالنمو المستدام، كما أنه يعاني إرتفاع معدلات الفقر قياساً بالبلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى، إذ أشار تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» وبرنامج الأغذية العالمي والبنك الدولي إلى أن معدل الفقر في العراق لعام 2020 بلغ (40 %).
2- إقتصاد العراق الريعي وتأثره بأسعار النفط العالمية
يشهد النمو الإقتصادي للعراق إنخفاضاً وإرتفاعاً بشكل مفاجئ وحاد أحياناً، تبعاً لتغير أسعار وإنتاج النفط، ولا سيما أن النفط يشكل أكثر من (60 %) من الناتج المحلي الإجمالي، فإرتفاع وإنخفاض النمو الإقتصادي ناجم عن إرتفاع وإنخفاض أسعار النفط، مما يعطي ضبابية التنبؤ بالوضع الإقتصادي المحلي وبالتالي صعوبة رسم خطط أو برامج تنموية مستقبلية.
3- تهالك البنى التحتية
إن تهالك البنى التحتية لم تكن وليدة اليوم، بل هي نتاج العقود الأربعة الأخيرة، فقد شهد العراق حروباً عدة في فترة الثمانينيات (من القرن الماضي) وبداية التسعينات فضلاً عن الحصار الإقتصادي لأكثر من عقد وما تبعه من حروب داخلية، كل ذلك أدى إلى تدمير شبه كامل للبنى التحتية التي أصبحت لا تلبي إحتياجات الشعب أو القيام بالإستثمارات المحلية، ما جعل من القيام بعملية التنمية أمراً غاية في الصعوبة دون القيام بإصلاحات للبنى التحتية.
4- البيئة الإقتصادية للعراق طاردة لرؤوس الأموال
أدى تردي الأوضاع الأمنية وعدم الإستقرار في البلد نسبياً، فضلاً عن تهالك البنى التحتية والتعقيدات الإدارية الخاصة بالإستثمار إلى هروب رأس المال المحلي إلى الخارج، للبحث عن أماكن أكثر أمناً وإستقراراً وأقل تعقيداً لتوظيفه، فضلاً عن تدني الإستثمارات الأجنبية في العراق بإستثناء قطاع النفط ، فكل ذلك أثَّر بشكل كبير على البناء التنموي العراقي.
5- أثر التجارة الخارجية السلبي على التنمية المحلية
كان لعدم رسم السياسات الإقتصادية الهادفة، وفتح الحدود على مصراعيها أمام الإستيراد الخارجي وبمليارات الدولارات، وحتى لأبسط السلع والمواد الغذائية الإستهلاكية مردوداته العكسية على المنتجات المحلية، سواء الزراعية أو الصناعة المحلية في الأسواق العراقية، إذ إن غالبية المنتجات المحلية لا تقوى على منافسة السلع والمواد الأجنبية المستوردة من ناحية السعر أو من ناحية الجودة، مما أدى إلى عزوف المواطن عن شراء السلع والمواد المنتجة والمصنعة وطنياً، فخلق حالة من الضمور للمنتوج الوطني وبالتالي إلى توقف إنتاجه محلياً، فتوقفت على أثره أغلب المعامل والمصانع المحلية، كما أدى إلى عزوف المزارعين عن ممارسة الزراعة، ما دفعهم إلى الهجرة من أريافهم إلى المدن لطلب الرزق، فضلاً عن إرتفاع معدلات البطالة من الرجال والنساء ومن ذوي المهارة والخبرة، لأن غالبية مجالات العمل في مختلف القطاعات توقفت.
– إجراءات الحكومة لتحقيق نمو مستدام
إنتشار كوفيد- 19 ودخوله إلى العراق كان بمثابة وقفة لمراجعة الخطط التنموية المتبعة التي أظهرت ضعف القطاع الصحي والإعتماد الكبير على المورد النفطي، ولعل إنتشار الجائحة دفع الحكومة العراقية بشكل جاد إلى إجراء إصلاحات عديدة على كافة المستويات. وأُدرجت ضمن الورقة البيضاء ومن ضمنها إصلاح القطاع الصحي لمواجهة الأعداد المتزايدة من المرضى، من خلال تخصيص مالي أكبر في موازنة العام 2021 للقطاع الصحي قياساً بالأعوام السابقة، من جانب آخر أدى الإغلاق العام إلى زيادة الطلب على الإنتاج المحلي، مما يُعدّ بادرة جيدة للتنوع الإقتصادي في ظل توافر الجهود الحقيقية لذلك. وفي ضوء ذلك أقر مجلس الوزراء العراقي في نهاية العام 2020 آليات جديدة للإصلاح الإقتصادي أطلق عليها إسم «الورقة البيضاء»، تضمّنت إجراءات كفيلة بإحياء الإقتصاد العراقي وإستثمار موارد البلاد وإدارتها وتوظيفها بطريقة علمية خلال فترة تمتد من 3 إلى 5 سنوات مقبلة، بهدف إعادة التوازن للإقتصاد العراقي ووضعه على مسار يسمح للدولة بإتخاذ الخطوات المناسبة في المستقبل لتطويره إلى إقتصاد ديناميكي متنوع يخلق فرص العمل، وذلك من خلال محاور عدة هي:
– تحقيق الإستقرار المالي المستدام ومنح فرصة لتحقيق الإصلاحات الهيكلية الأخرى.
– تحقيق إصلاحات إقتصادية إستراتيجية وتوفير فرص عمل مستدامة.
– تحسين البنى الأساسية التحتية.
– توفير الخدمات الأساسية وحماية الشرائح الهشة أثناء عملية الإصلاح وبعدها.
– تطوير الحوكمة والنظم القانونية لتمكين المؤسسات والأفراد من تطبيق الإصلاحات.
– الدور الداعم للبنك المركزي في تحقيق النمو المستدام
سعى البنك المركزي بإستمرار إلى تبني سياسة نقدية كفوءة، تنطلق من حقيقة أن الإستقرار العام في الأسعار، يمثل شرطاً أساسياً لتحقيق النمو المستدام وعنصراً محورياً في الإقتصاد الكلي وعاملاً رئيسياً في توفير بيئة ملائمة للإستثمار وحماية القوة الشرائية للمواطنين. لذا تضمنت الخطة الإستراتيجية للبنك المركزي تفعيل دور القطاع المصرفي والمؤسسات المالية من خلال:
– تطوير التنظيم في القطاع المصرفي وبناء إطار لحوكمة المصارف.
– تعزيز ممارسات الإفصاح والشفافية.
– دعم وتطوير الصناعة المصرفية الإسلامية.
– إنشاء مؤسسة لضمان الودائع والسعي للإنضمام إلى المؤسسة الدولية لضمان الودائع (IADI)، بما يساعد على بناء مؤسسة رصينة قادرة على طمأنة المودعين على سلامة أموالهم.
– الإسهام في تطوير الأسواق المالية، من خلال وضع إطار عمل تنظيمي بين البنك المركزي ووزارة المالية وهيئة الأوراق المالية.
– تطبيق مقررات بازل (III) في ما يخص المخاطر الإئتمانية والمخاطر التشغيلية ومخاطر السوق، وإصدار التعليمات الواجب اتباعها من قبل المصارف كافة بالتعاون مع مركز الشرق الأوسط للمساعدة الفنية (ميتاك).
– إلزام المصارف بتخصيص نسبة معينة من أرباحها السنوية بوصفه مخصصاً إحتياطياً لتلافي المشاكل التي قد يتعرض لها المصرف مستقبلاً.
– السماح للمصارف الإسلامية فقط وبشكل مبدئي بإستعمال عقود الإجارة لتمويل شراء العقارات أو تمويل بناء العقارات.
– تعزيز سوق الدين الحكومي والطلب من وزارة المالية ضرورة إعداد إستراتيجية واضحة لإدارة الدين وإصدار أجندة للإصدار في بداية كل سنة، والإسهام في تعزيز وتوفير مستلزمات البنية التحتية السليمة في ما يتعلق بأنظمة التداول ونشر المعلومات.
– السيطرة على حجم السيولة والمحافظة على إستقرار سعر الصرف وضمان إدارة الإحتياطات الأجنبية، التي تُعد المؤشر لقدرة البلد على تحمل الديون على المدى الطويل.
– وفي الختام يحتاج تحقيق النمو المستدام إلى مجموعة من المقومات لنجاحه وتفعيله، أبرز هذه المقوِّمات هي:
– توافر الإستقرار الأمني، إذ إن نجاح أي مشروع تنموي يتطلب توافر بيئة آمنه للعمل فيها وحماية العاملين عليها.
– توافر الإستقرار السياسي والإقتصادي ووضوح الرؤية السياسية والإقتصادية للحكومة.
– الإفصاح والشفافية في إدارة الموارد الإقتصادية، سواء منها النفطية أم غير النفطية والإعلان عن تخصيص كل وزارة وأوجه هذا التخصيص ومجالاته.
– تشكيل لجان للإشراف على الإنفاق في مجالات الإستثمار أو الإعمار أو أي مجال للصرف، وإخضاع هذه اللجان إلى الإشراف والمراقبة والتدقيق.
– تشجيع الإستثمارات الإقليمية والعالمية وفق شروط لا تخل بسيادة ومصلحة البلد، كالإعفاءات الضريبية الكلية أو الجزئية والسماح بتحويل المتحقق من الأرباح خارج البلد وفق حدود متفق عليها.
2- التطورات التشريعية والرقابية في دائرة مراقبة الصيرفة خلال العام 2021
يعمل البنك المركزي العراقي بموجب قانونه المرقم 56 لسنة 2004 والتي أعطت مواده الصلاحيات المطلقة في إتخاذ الإجراءات اللازمة كافة، والتي يراها البنك ضرورية بهدف الحفاظ على نظام مالي مستقر قائم على أساس المنافسة، من خلال إلزام المصارف المرخصة وفروعها بالقوانين والتعليمات واللوائح التنظيمية الأخرى، فضلاً عن استخدام المعايير التحوطية والنسب الاسترشادية والتوجيهات الصادرة عن البنك المركزي العراقي، مسترشداً بذلك على المبادئ الصادرة عن المؤسسات الدولية والإقليمية ذات العلاقة بالحفاظ على نظام مالي مستقر، أهمها، لجنة بازل للرقابة المصرفية، مجلس الخدمات المالية الإسلامية AAOIFI، مجلس المعايير المحاسبية.
إذ تتمحور الرؤية المستقبلية المقبلة لعمل البنك المركزي العراقي بالإستمرار في تحقيق أهداف يُشار لها خلال فترة الأزمة التي عصفت بالعالم أجمع والمتمثلة بجائحة كورونا.
هذه الرؤية منبثقة من الأهداف الإستراتيجية الموضوعة في الخطة 2023-2021 فضلاً عن ذلك، المشاريع والمبادرات التي تضمنتها الورقة البيضاء المقدمة من قبل الحكومة والتي كانت حصة البنك المركزي ودوائره لا تقل عن 10 مشاريع.
1- وقد تركزت هذا العملية بتحديث وإصدار مجموعة من الضوابط الرقابية وعمل مشاريع جديدة نذكر أهمها بالآتي:
– في مجال الشمول المالي وتقديم الخدمات المالية للعملاء، تم إصدار ضوابط السيارات المصرفية المتنقلة وضوابط خدمات الالتحاق الرقمي.
– التعليمات المالية الخاصة بحدود وسقوف مَحافظ الهاتف النقال المحدثة.
– ضوابط تنظيم عمل شركات الصرافة وشركات التوسط ببيع وشراء العملات الأجنبية رقم (1) لسنة 2021 وإلغاء ضوابط رقم (1) لسنة 2018.
– التعليمات والضوابط الواجب توفرها لشغل المناصب القيادية للمصارف العاملة في العراق.
– ضوابط عمل وكلاء مزودي خدمة الحوالات الأجنبية.
– تعليمات بيع وشراء العملة الأجنبية لسنة 2021 .
– إصدار النسخة النهائية من الضوابط الرقابية / دليل إدارة المخاطر في المصارف التجارية بالإستناد على معايير بازل 2 و3 بالتعاون مع مركز الشرق الأوسط للمساعدة الفنية METAC.
– إصدار دليل الاستدامة للمصارف المجازة كافة، والذي سوف يطبق فقط بصورة استرشادية وليست إلزامية.
– إصدار المسودة الأولية مع Template لضوابط / تعليمات نسبة تغطية السيولة للمصارف الإسلامية.
– إصدار دليل المصطلحات المصرفية والمالية الإسلامية.
– إصدار الدليل الشامل للتعاميم الصادرة عن دائرة مراقبة الصيرفة.
– حصول 19 مصرفاً عراقياً على تصنيفات من مؤسسات التصنيف الدولية.
2- الإستمرار في المشاريع المصرفية وطرح مشاريع إستراتيجية جديدة:
– الإنطلاق الحي لمشروع منصة خطابات الضمانات الآلية والسند الإلكتروني الموحد له.
– إطلاق مشروع بطاقة الأداء المتوازن الخاصة بتطبيق دليل الحوكمة المؤسسية Scorecard واعتماد نظام مؤتمت له، بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية IFC.
– الاستمرار بدمج شركات الصرافة ضمن فئتي A وB وحسب التعليمات المشار إليها في أعلاه.
– تشكيل أقسام وشعب جديدة ضمن دائرة مراقبة الصيرفة منها (قسم المصارف الحكومية، قسم تدقيق مبيعات العملة الأجنبية).
– التقدم الكبير في نظام ربط المصارف مع البنك المركزي العراقي BSRS.
– ترخيص شركة دفع إلكتروني جديدة.
3-المشاريع قيد التنفيذ سوف تنتهي قبل نهاية عام 2021:
– مشروع المصارف المهمة نظاميا محليا D-SIBs.
– مشروع التعليمات التنظيمية لنسبة صافي التمويل المستقر للمصارف الإسلامية Islamic NSFR.
– مشروع قانون التأجير التمويلي بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية.
كما أن البنك المركزي مستمر بالتعاون مع المنظمات والمؤسسات الدولية من خلال التعاون الثنائي والمساعدات الفنية في مجال تطوير الأداء وتطوير التعليمات والضوابط.
3- مبادرات البنك المركزي العراقي
أطلق البنك المركزي العراقي في نهاية العام 2015 مبادرتين بإجمالي مبلغ (6) ترليونات دينار عراقي لتمويل المشاريع من أجل دعم القطاع الإقتصادي العراقي والنهوض به في ظل انتشار البطالة وشبه الركود الذي يصيب القطاعات الاقتصادية العراقية، إذ إستهدف البنك المركزي بهذه الأداة القطاعات كافة (الصناعية والزراعية والسكنية والتجارية والخدمية)، حيث شملت مختلف الفئات المجتمعية، وإستهدفت كل مبادرة نوعية معينة من المشاريع ولكل منها ضوابط وسقوف تمويل خاصة بها. وفي أدناه مبادرة الـ (1) ترليون دينار لتمويل المشاريع الكبيرة والمتوسطة والصغيرة:
1- مبادرة البنك المركزي لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة (مبادرة الـ 1 ترليون):
– أطلقت هذه المبادرة من أجل تمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة والمشاريع متناهية الصغر، إذ تم السماح لكافة المصارف المجازة بالترويج للمعاملات الخاصة بالمشاريع الصغيرة لتمويلها عن طريق هذه المبادرة وخصص مبلغ وقدره (1) ترليون دينار عراقي لهذه المبادرة، ويبين ملحق رقم (1) المصارف المشاركة لغاية الآن وعدد السلف الممنوحة لكل مصرف مع إجمالي القروض التي قام كل مصرف بمنحها من بداية انطلاق المبادرة في الربع الاخير من عام (2015) ولغاية تاريخه، وتقسم هذه المبادرة إلى أقسام عدة وكالآتي:
* سلف عامة بسقف أعلى يصل إلى 2 مليار دينار لكل سلفة، بعد أن كان سقف السلفة الواحدة لغاية 1 مليار دينار، وتكون القروض الممنوحة ضمن مبالغ هذا النوع من السلف بسقف أعلى يصل إلى 100 مليون دينار لكل قرض وتصل مدة السداد على هذا النوع من القروض لغاية (7) سنوات.
* سلف خاصة بسقف أعلى يصل إلى (5) مليارات دينار لكل سلفة ، وتتراوح مبالغ تمويل كل قرض يتم تمويله ضمن هذا النوع من السلف من ( 100 مليون دينار ولغاية 1 مليار دينار)، ويكون الطلب على هذا النوع من القروض عن طريق تقديم طلب التمويل مرفق مع استمارة خاصة بهذا النوع من القروض وإن مدة السداد لهذا النوع من القروض تصل لغاية 7 سنوات أيضاً، ويمكن أن يتم تمويل هذا النوع من القروض ضمنياً من السلف العامة المذكورة في الفقرة رقم (1) أعلاه، ويبين الجدول أدناه تفاصيل الفائدة على القروض الممنوحة ضمن السلف العامة والخاصة وكما يلي:
* سلف لتمويل القروض والتي يتجاوز مبلغ تمويلها أكثر من (1) مليار دينار، تم إطلاق هذا النوع من القروض في منتصف العام 2020 بسبب توقف مبادرة الـ (5) ترليونات لنفاد المبلغ المخصص لها، إذ يكون الطلب على هذا النوع من القروض عن طريق إرسال طلب التمويل مرفق باستمارة خاصة بهذا النوع من القروض والمذكورة في الفقرة رقم (2) أعلاه، ويكون تمويل هذا النوع من السلف بشكل سلف منفردة وبشروط تختلف عن السلف المذكورة في الفقرات أعلاه، ويكون المنح بعد توقيع عقد خاص بهذا النوع من السلف بين هذا البنك والمصرف طالب السلفة ويتضمن العقد كافة التفاصيل المتعلقة بالقرض ، ويبين الجدول أدناه التفاصيل الخاصة بهذا النوع من السلف وكما يلي :
* سلف خاصة بقطاع الإسكان بسقف أعلى (2) مليار دينار لكل سلفة، تم إطلاق هذا النوع من السلف في منتصف عام 2020 بسبب الطلب المتزايد على هذا النوع من القروض ويكون السقف الأعلى لكل قرض بما لا يتجاوز (100) مليون دينار، ويبين الجدول أدناه التفاصيل الخاصة بهذا النوع من السلف وكما يلي:
* سلف شخصية ميسرة / أُطلق هذا النوع من القروض في الربع الأول من العام (2021) لغرض دعم شريحة موظفي الدولة الموطنة رواتبهم لدى أحد المصارف المجازة من هذا البنك، وكذلك تم شمول موظفي القطاع المصرفي الخاص، على أن لا يتجاوز الراتب الكلي للموظف مبلغ (1) مليون دينار ويمنح هذا النوع من القروض بدون فائدة وبعمولة إدارية تستقطع لمرة واحدة بنسبة (4 %) موزعة (2 %) لصالح البنك المركزي و (2 %) لصالح المصرف وبفترة سداد (5) سنوات وكالآتي:
علماً بأنه صرف من هذه المبادرة أكثر من (89 %) من إجمالي المبلغ المخصص لهذه المبادرة والبالغ (1) ترليون دينار وبمبلغ (890) مليار دينار.
/ المرفقات:
مرفق رقم (1).
4- مبادرة إطلاق الشمول المالي في العراق ولا سيما حيال ذوي الدخل المحدود والمرأة والعاطلين عن العمل، والحد من البطالة المرافقة مع جائحة كورونا
وضع البنك المركزي العراقي خططه الاستراتيجية لتعزيز الشمول المالي، إذ تم العمل بالتعاون مع صندوق النقد العربي وشركائهم الإستراتيجيين من البنك الدولي والتحالف العالمي للشمول المالي AFI والمنظمة الألمانية للتنمية الدولية GIZ وضمن مبادرة صندوق النقد العربي لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية FIARI، إذ تم وضع خارطة طريق وتحديد الأدوار للمباشرة بإعداد الإستراتيجية الوطنية للشمول المالي، ويهدف البنك المركزي إلى مشاركة القطاعين العام والخاص من خلال تشكيل اللجان التي تساهم بإعداد وتنفيذ الإستراتيجية، كما قام البنك بتطوير البيئة التحتية، بما في ذلك تحديث أنظمة الدفع، وإنشاء المقسم الوطني ومراكز البيانات ومراكز التعافي من الكوارث، وتطوير البنية التحتية وتنظيم الحوكمة والإدارة المؤسسية لتقنية المعلومات والإتصالات في القطاع المالي والمصرفي، ضمن أفضل الممارسات العالمية، ووضع البنك المركزي أيضاً ضمن أولوياته الإهتمام بالأطر القانونية والتشريعية لحماية المستهلك المالي من خلال إعداد مسودة قانون حماية المستهلك.