التجربة السعودية مع الإقتصاد الاخضر
تُعد المملكة العربية السعودية لاعباً أساسياً في قضايا حماية البيئة والتصدي لتغيّر المناخ. وتقتحم اليوم غمار خفض الإنبعاثات الكربونية، المسبّب الرئيسي للتغيّر المناخي من خلال مبادرة ذات شقين، «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، بالترابط الوثيق في العمل البيئي بين المحلي والإقليمي والعالمي، إذ إن التحديات المشتركة لا تعترف بحدود. وتُنبئ المبادرة بأن السعودية لن تتوقف عند تحمّل مسؤوليتها في المساعي الدولية وفرض موقعها كجزء من الحل.
لا تُقتصر أهداف المبادرة السعودية على خفض الإنبعاثات الكربونية المتأتية من نشاطات جديدة، بل تضع أيضاً خطة عملية لتخفيض تركيزات ثاني أوكسيد الكربون الموجودة في الأجواء، عن طريق إمتصاصها في الغابات والبيئة البحرية. فقد تم الإعلان عن برامج لزراعة 10 مليارات شجرة، ما يوازي تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي السعودية، ويرفع مساحة المناطق الخضراء 12 ضعفاً. ويترافق هذا مع برامج لمعالجة مياه الصرف لإستخدامها في الري بأساليب تعتمد الكفاءة.
هذا التوجه الأخضر، لا يأتي من فراغ، بل هو متابعة لتحول جذري في السياسات التنموية، بدأ مع «رؤية السعودية 2030»، وهي إستراتيجية شاملة إعتُمدت في العام 2016. وكان من نتائجها إطلاق السعودية في قمة «مجموعة العشرين»، التي إستضافتها العاصمة الرياض في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، مبادرة «إقتصاد الكربون الدائري» ذات المضمون الواقعي الجديد. ففي حين يقوم مفهوم «الإقتصاد الدائري» التقليدي على إدارة الموارد بإعتماد ثلاثية تشتمل على تخفيف الإستهلاك، وإعادة الإستعمال، وإعادة التصنيع، فقد أدخلت المبادرة المستحدثة الكربون في العملية الدائرية، وجعلتها رباعية بإضافة مرحلة «الإسترجاع».