الخبير الإقتصادي في السودان الدكتور طه حسين
مدير عام شركة زادنا العالمية للإستثمار والمدير العام السابق لشركة هايبر ديل:
نأمل في تفعيل الصناديق العربية نحو الموارد العربية بغية التكامل العربي الإفريقي
الدكتور طه حسين
خصّ مدير عام شركة زادنا العالمية للإستثمار والمدير العام السابق لشركة هايبر ديل، الخبير الإقتصادي الدكتور طه حسين، في العاصمة السودانية الخرطوم، مجلة «إتحاد المصارف العربية» بحديث تناول فيه أعماله في الشركتين المشار إليهما، متحدثاً عن الصناديق الإستثمارية، مشيراً إلى أن الهدف من هذه الصناديق، «توفير رأس مال قومي يُناسب التفكير في إستدامة الأرباح وتطوير القطاعات الانتاجية. علماً أن الإقتصاد السوداني يعاني كثيراً من الأزمات الهيكلية والطارئة، مما جعل الدولة غير قادرة على الإيفاء بإلتزامها حيال التطوير والإستدامة في الجسم الإقتصادي للسودان». وقال: «نحن نعتقد بأن مستقبل القطاعات الإنتاجية في السودان، في الصناديق الاستثمارية، ولكن بإلتزام في توفير النقد وتوزيع الأرباح والرقابة على العمليات المالية المختلفة، وفق الخطط المدروسة. ونحن على أتم الإستعداد لتقديم العون لكل جهة تريد الدخول في مجال الصناديق الإستثمارية، بعد أخذ الموافقات الرسمية اللازمة، فالمصلحة الوطنية فوق كل إعتبار».
يُشار إلى أن «هايبر ديل» هي الشركة الأولى في السودان في مجالات الأوراق المالية والصناديق الإستثمارية، كما أن شركة زادنا العالمية للإستثمار عبارة عن مجموعة ضخمة من الشركات الوطنية التنموية، وهما من أكثر الشركات السودانية كفاءة وأكثرها نجاحاً.
في ما يلي الحوار مع الخبير الإقتصادي في السودان الدكتور طه حسين:
* نبدأ بنبذة عن النشأة والمراحل الدراسية والشهادات والمؤهلات والخبرات التي لديكم؟
– ولدتُ في أُمدرمان في العام 1982، كما أمضيتُ المراحل الدراسية الأولى بأُمدرمان أيضاً. وتخرَّجتُ من «أكاديمية السودان للعلوم المصرفية والمالية»، التي أعتزُّ وأفتخر بها جداً. كما حصلتُ على بكالوريوس في الدراسات المصرفية والمالية، وعلى ماجستير المحاسبة والتمويل من جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، ودكتوراه في الفلسفة في المحاسبة والتمويل من جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا. كذلك شاركتُ في العديد من الدورات التدريبية، ونلتُ عدداً من الشهادات المحلية والعالمية.
* ما هي المواقع التي عملتُ فيها منذ تخرُّجك من الجامعة وحتى تاريخه؟
– عملتُ في المواقع التالية: مدير عام لشركة التكامل للخدمات المالية (إحدى شركات البنك السوداني المصري)، ومدير عام لشركة «إتش إتش للأوراق المالية»، ومدير عام شركة «هايبر ديل المالية»، ومستشار مالي لعدد من الشركات والبنوك، وعضو في المجالس الإستشارية في عدد من الشركات والمؤسسات المالية والجامعات، ومدير عام لشركة «زادنا».
* Banking & Financial Track Group – BFT ، إسم مميز في عالم التدريب، ماذا يعني لك هذا الأسم؟
– لقد تم إنشاء هذه المجموعة عبر منصات التواصل الإجتماعي في العام 2012، وهي مجموعة المسار المصرفي والمالي، ولها مكانة كبيرة في القلب، وهي التي درَّبت الآلاف من المصرفيين، وتقوم بعمل مميّز في تأهيل الشباب لسوق العمل داخلياً وخارجياً.
* شركة هايبرديل المالية المحدودة، علامة مضيئة في مجال العمل المالي، ما هي أهدافها ومجالات عملها؟
– شركة هايبر ديل، لم تولد في شكلها الحالي، إنما بدأت عملها ما قبل الصفر، ولن أقول إن كل ما تحقق في «هايبر ديل» كان بفضل الدكتور طه حسين وحسب، بل كان بهمّة ونشاط مجموعة من الشباب والشابات السودانيين المخلصين والمتخصصين، حيث أصبحت «هايبر ديل» الشركة الأولى في السودان، في مجالات الأوراق المالية والصناديق الإستثمارية ولا سيما الإنتاجية. فشركة هايبر ديل المالية المحدودة، هي شركة مساهمة عامة تعمل في مجال الإستثمار المالي من الفئة الأولى في سوق الخرطوم للأوراق المالية، ومُدرجة في السوق، ويتم مراجعتها من المراجع القومية لحكومة السودان. وقد بدأت نشاطها في العام 2018، وقد حقَّقت نجاحات كبيرة رغم حداثة إنشائها، ولا سيما لجهة تقديم خدمات الإستثمار المالي، كذلك خدمات الإستشارات والتحليل الفني. ومن أهدافها:
– فتح آفاق جديدة للمستثمرين أفراداً ومؤسسات، بتكوين المحافظ والصناديق الإستثمارية لمختلف الأنشطة الإقتصادية.
– العمل على تحسين مناخ الإستثمار في السودان، وجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية.
– زيادة حجم التداول في سوق الخرطوم للأوراق المالية بالترويج وشراء وبيع الأسهم والأوراق المالية الأخرى.
– تقديم الإستشارات والنصح المالي للعملاء والمستثمرين في المجالات الإستثمارية والإقتصادية المختلفة.
– زيادة الملاءة المالية لشركات المساهمة العامة والخاصة ومؤسسات الدولة بالمساعدة في تغطية رؤوس الأموال أو إصدار صكوك التمويل مختلفة الآجال.
– الترويجُ لتأسيس شركات المساهمة العامة.
– نشرُ ثقافة الإستثمار في أسواق المال عبر مختلف الوسائط المسموعة والمكتوبة والمرئية، وتشجيع الإستثمار بين المواطنين والمؤسسات المالية.
* ما هي أهم الصناديق الإستثمارية التي أنشأتها الشركة، والصناديق الراهنة، وما هي أهدافها وماذا حققت؟
– أنشأت شركة هايبر ديل، العديد من الصناديق الإستثمارية، بدءاً من صُندوق الإنتاج الحيواني الأول، ثم صُندوق الصادرات الإستثماري الأول، ونسبة للنجاح الكبير في هذين الصندوقين، قمنا بإنشاء صندوق الإنتاج الحيواني الثاني والثالث، كذلك صُندوق الصادرات الإستثماري الثاني، وتبع ذلك إنشاء صندوق هايبر ديل للطاقة. أما أحدث الصناديق الإستثمارية للشركة فهو «صندوق تطوير مطار الخرطوم الدولي- هايبر ديل» بقيمة 200 مليون دولار. علماً أن توزيعات الأرباح بالنسبة إلى الصناديق أعلاه بلغت 48 % كأعلى عائد لصندوق في السودان، وتطمح لمزيد من الصناديق الإستثمارية الضخمة والتي وفق الخطط، ستقوم بتفعيل وتنشيط عناصر الإنتاج في هيكل الإقتصاد السوداني الواعد.
* ما هو الهدف من الصناديق الإستثمارية، وما هو دورها في الإقتصاد الوطني؟
– إن الهدف من الصناديق الإستثمارية، حينما فكّرنا في إنشائها، هو توفير رأس مال قومي يُناسب في إستدامة الأرباح وتطوير القطاعات الانتاجية، وكما تعلمون فإن الإقتصاد السوداني يعاني كثيراً من الأزمات الهيكلية والطارئة، مما جعل الدولة غير قادرة على الإيفاء بإلتزامها للتطوير والإستدامة في الجسم الإقتصادي للسودان. ونحن نعتقد بأن مستقبل القطاعات الإنتاجية في السودان في الصناديق الإستثمارية، لكن بإلتزام في توفير النقد وتوزيع الأرباح والرقابة على العمليات المالية المختلفة، وفق الخطط المدروسة. ونحن على أتم الإستعداد لتقديم العون لكل جهة تريد الدخول في مجال الصناديق الإستثمارية بعد أخذ الموافقات الرسمية اللازمة، فالمصلحة الوطنية فوق كل إعتبار.
* مؤتمر روما للغذاء العالمي في العام 1974 أطلق على السودان صفة سلّة غذاء العالم، ما هي مقوّمات ذلك؟
– السودان بلد يذخر بمخزون كبير من جميع الثروات، بدءاً من المساحات الصالحة للزراعة والثروة الحيوانية، المعادن، وتوفير السلع الإستراتيجية التي تحتاج فقط لإدارة صحيحة. فالسودان من حيث إمكانات الموارد الضخمة لا يُقارن بالعديد من الدول التي تتصدّر المشهد الآن كدولة مصدّرة للحبوب والمحاصيل، ومن أكثر الدول جاهزية للزراعة البستانية، وزراعة الفاكهة والخضروات، وكل ما يُمكن زراعته على وجه الارض. علماً أن المقولة الصحيحة هي ليست «السودان سلة غذاء العالم»، إنما المقولة الادق بالنسبة لي، هي أن السودان «سلّة ثروات الكرة الأرضية». ونحن في خططنا القريبة والبعيدة، لن نتعامل مع موارد السودان كمخزن نعود إليه وقت الحاجة، أو خطابات تُلقى فقط في المؤتمرات والمحاضرات، وسنتعامل مع موارد السودان كعناصر حيوية وفرص نسعى إلى إستغلالها بأفضل وأسرع ما يكون.
* نرجو نبذة تعريفية عن شركة زادنا العالمية للإستثمار المحدودة؟
– شركة زادنا العالمية للاستثمار هي عبارة عن مجموعة ضخمة من الشركات الوطنية التنموية، تأسست في العام 1997 وذلك في توقيت حرج من سنوات السودان إقتصادياً، نظراً إلى العقوبات الإقتصادية التي كانت مفروضة على السودان. لكن الشركة ومنذ تأسيسها، ظلّت في توسع مستمر حتى أصبحت من أكبر الكيانات الإقتصادية التنموية ذات الأثر المباشر في السودان، ومن أكثر الكيانات الواعدة في البلاد، وتملك قاعدة ضخمة من الشراكات المحلية والإقليمية والعالمية حتى أصبحت أكبر شركة تعمل في القطاعات التنموية في السودان.
* ما هي أهم المجالات التي تعمل فيها حالياً شركة زادنا؟
– تعمل الشركة في مجالات عديدة كالزراعة في كل أقسامها ومعيناتها من آليات وبحوث وعمليات وإنتاج، وتملك الوكالة لكبرى شركات الآليات الزراعية في العالم، كشركة فالي الأميركية وغيرها من الشركات. وتملك أكبر معمل للأنسجة النباتية في الشرق الأوسط وأفريقيا. ولا تقتصر أعمالها على الزراعة فحسب، بل تمتد أعمالها لتشمل البنية التحتية أحد مقوّمات الإستثمار الناجح والتي تسعى «زادنـا» عن طريق شركاتها إلى تطوير البنية التحتية، وتقديم نموذج تنموي ينعكس أثره على المدى القريب والبعيد، عن طريق شركاتها الكبرى في مجال الإنشاءات والطرق والجسور. وتعمل أيضاً في قطاع الإنتاج الحيواني وبحوثه التطويرية. وتسعى ومنذ تسلّمنا المهمّات إلى التطور في قطاعات أخرى، كتطوير قطاع الطيران وعدد من المجالات الأخرى. نسأل الله أن يُكلّل مجهوداتنا فيها بالنجاح والتوفيق.
* السودان مدعو للمساهمة الفاعلة في تحقيق الأمن الغذائي العربي، وهذا ما أكّدته مؤتمرات جامعة الدول العربية ومنظماتها، وما تسعى إليه الدول العربية الشقيقة التي تنظر للسودان كصمام أمان للغذاء العربي.. كيف يُمكن أن يُحقّق السودان ذلك؟
– نحن في «زادنا» جاهزون لكل الإخوة والأشقاء العرب عن طريق المؤسسات والشركات العربية الراغبة في الدخول في هذا المشروع الضخم «المشروع العربي الافريقي للأمن الغذائي»، والذي نضعه ضمن أهم أولوياتنا في الفترة المقبلة. وسنقوم بدعوات للمؤسسات والشركات العربية الكبرى عبر جداول زمنية وتنظيمية لزيارة المشاريع المطروحة للإستثمار الزراعي للمشروع في السودان، وذلك بعد تذليل كل العقبات والتي بدأنا فيها بالفعل. ما أستطيع تأكيده في هذا الجانب، أنه وفي القريب العاجل بمشيئة الله، سيسمع الجميع أخباراً مبشرة في إنطلاقة مشروع الأمن الغذائي العربي والذي سيلعب فيه السودان دوراً مهماً مع أشقائه في الدول العربية. فنحن نستورد غذاءنا في الوطن العربي ببليونات الدولارات من دول العالم الأخرى، وهذا أمر يُسّبب كثيراً من المشكلات لشعوبنا العربية والتي أحوج ما تكون لتأمين غذائها عبر مشروعات مستدامة تتواءم مع الرؤية العربية، والتي أقرّتها المؤسسات والهيئات العربية كجامعة الدول العربية وغيرها لإنطلاق مشروع الأمن الغذائي العربي. نحن نعتقد أن هذا التوقيت هو الأنسب لفعل هذا الأمر، فكل دول العالم أصبحت أكثر حرصاً على تقليل الصادرات الغذائية لزيادة مخزونها الإستراتيجي. ونحن أحوج ما نكون في عالمنا العربي لذلك. فتأمين غذائنا ومستقبل شعوبنا العربية هو الأوْلى والأهم بالنسبة لنا.
* كيف تنظر لدور المصارف العربية في تحقيق الأمن الغذائي العربي، من خلال دعم الإستثمار في الدول الزراعية العربية؟
– في العام 2020 نشر إتحاد المصارف العربية دراسة جديدة تناول خلالها قضية الأمن الغذائي في الدول العربية، عارضاً التطور التاريخي لمفهوم الأمن الغذائي، مكوّنات وأبعاد الأمن الغذائي، والتحديات التي طرأت مع أزمة كورونا في هذا الصدد، وكيفية مواجهتها. وأكدت الدراسة في ذلك الوقت، أن الأمن الغذائي من التحديات الرئيسية في الوطن العربي، فرغم توافر الموارد الطبيعية من الأرض والمياه والموارد البشرية، فإن الزراعة العربية لم تُحقق الزيادة المستهدفة في الإنتاج لمقابلة الطلب على الأغذية، وإتسعت الفجوة الغذائية وأصبحت الدول العربية تستورد حوالي نصف إحتياجاتها من السلع الغذائية الرئيسية، حيث تبلغ فاتورة الغذاء عربياً نحو 110 مليارات دولار سنوياً، وهو ما يُعادل نسبة 4 % من الإنتاج المحلي، وفقاً لتقرير منظّمة الإسكوا. ووضع إتحاد المصارف العربية في نهاية الدراسة عدداً من التوصيات التي من شأنها التغلّب على التحديات التي تواجه دول المنطقة العربية في مسألة الأمن الغذائي. ونتمنى أن تتحوّل المصارف العربية إلى مرحلة الفعل المباشر والتمويل لهذا المشروع. فالمصارف العربية هي رأس الرمح في هذا المشروع، ونتطلّع إلى أن تبدأ خطوات عملية، ولكن بالطبع بعد أن نلمس الإرادة الحقيقية لقيادات الدول العربية والهيئات الإستثمارية لتفعيل هذا المشروع.
* كلمة أخيرة تُوجهها للمؤسسات والصناديق العربية وللمستثمرين العرب، في خصوص الأمن الغذائي العربي ودور السودان فيه؟
– لن أقول أكثر، لقد تأخرنا كثيراً، تعالوا لنبدأ المستقبل، ولنُحقّق ما عجز عنه السابقون.
* بإعتبارك خبيراً إقتصادياً ومالياً، هل لديكم رؤية إقتصادية تطرحها لما يُحقق أهداف السودان والأمة العربية في النهوض والتقدّم الإقتصادي؟
– نأمل في تفعيل الصناديق العربية نحو الموارد العربية لخلق التكامل العربي الأفريقي. علماً أن العالم يتوجه نحو أفريقيا ونحن أولى بذلك.