الدكتور وسام حسن فتوح: الأعمال المصرفية في المنطقة تشهد تطوُّرين رئيسيين

Download

الدكتور وسام حسن فتوح: الأعمال المصرفية في المنطقة تشهد تطوُّرين رئيسيين

مقابلات
العدد 505 - كانون الأول/ديسمبر 2022

الأمين العام لإتحاد المصارف العربية الدكتور وسام حسن فتوح:

الأعمال المصرفية في المنطقة تشهد تطوُّرين رئيسيين:

عمليات الإندماج والإستحواذ والتحوّل الرقمي السريع

أكد الأمين العام لإتحاد المصارف العربية الدكتور وسام حسن فتوح «أن الأعمال المصرفية في المنطقة العربية تشهد تطورين رئيسيين، هما: عمليات الإندماج والإستحواذ، والتحوُّل الرقمي السريع، وقد تقدَّمت هاتان الظاهرتان، بسبب إنتشار جائحة كورونا Covid-19)) على مدى السنوات الثلاث الماضية في أنحاء العالم، بالإضافة إلى عوامل إقتصادية وتشغيلية أخرى. أما في ما يتعلّق بالظاهرة الأولى، فتشهد دول مجلس التعاون الخليجي تحديداً، موجة غير مسبوقة من الإندماجات المصرفية الضخمة، داخل الحدود وخارجها، ما أدى إلى نشوء بنوك كبيرة جداً، مثل البنك الأهلي السعودي، وبنك أبو ظبي الأول، بالإضافة إلى العديد من العمليات الأخرى قيد المعالجة، إلى جانب الظاهرة الثانية، وهي التطور التكنولوجي السريع والمتمثلة بالتحوُّل الرقمي».

وأشار د. فتوح في حديث خص به صحيفة «Financial News Views» إلى أنه «يوجد حالياً نحو 450 مؤسسة مصرفية تعمل في المنطقة العربية. وتُظهر تقديراتنا أن هذه البنوك تُدير أصولًا إجمالية تبلغ نحو 4.2 تريليونات دولار، مع قاعدة ودائع تبلغ حوالي 2.7 تريليون دولار»، ملاحظاً «أن إجمالي أصول القطاع المصرفي العربي يُمثل نحو 150 % من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة العربية، وتُمثّل الودائع حوالي 90 % من الناتج المحلي الإجمالي العربي. كما تلعب البنوك في المنطقة العربية دوراً حاسماً في التنمية الإقتصادية والإجتماعية في بلدانها، نظراً إلى الدور المحدود لآليات التمويل الأخرى، بما في ذلك أسواق رأس المال، والتي لم يتم تطويرها بشكل جيد في غالبية الدول العربية. وتشير البيانات إلى أن إجمالي القروض التي قدّمتها البنوك العربية للقطاعين العام والخاص العربي تتجاوز 2.7 مليار دولار، وهي تمثل ما يقرب من 100 % من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة العربية»، مؤكداً «أن القطاع المصرفي العربي يُوفر فرص عمل لأكثر من 600 ألف شخص، وبنسبة كبيرة من النساء والشباب».

* ثمّة نحو 450مؤسسة مصرفية تعمل في المنطقة العربية
تُدير أصولًا إجمالية بنحو 4.2 تريليون دولار مع قاعدة ودائع
بنحو 2.7 تريليون دولار

وتحدّث الأمين العام لإتحاد المصارف العربية الدكتور وسام حسن فتوح عن مذكرة التفاهم التي وقّعها مع المعهد العالمي للإدخار والخدمات المصرفية للأفراد (WSBI)، وقال: «لقد كان من دواعي سرورنا أن نوقع في إتحاد المصارف العربية UAB مذكرة التفاهم هذه، والتي مهّدت الطريق لتعاون طويل الأمد بين الجانبين»، مؤكداً «أن الإتحاد منذ تأسيسه في العاصمة اللبنانية بيروت في العام 1974، كان ولا يزال مرجعاً أساسياً للمجتمع المصرفي والمالي العربي، ورابطاً بين البنوك العربية لتعزيز تعاونها وتنسيق أنشطتها وتحقيق مصالحها المشتركة».

وشدّد د. فتوح على «أن البنك العربي المتحد يُدافع عن مصالح القطاعات المصرفية العربية ويُمثل البنوك العربية دولياً من خلال علاقات قوية أُقيمت مع المنظمات والمؤسسات السياسية والمالية الدولية مثل الأمم المتحدة، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والإتحاد الأوروبي، والمفوضية الأوروبية، والإحتياطي الفيدرالي، والبنك المركزي الأوروبي، ومجموعة العمل المالي وغيرها»، لافتاً إلى «أن البنك العربي المتحد أنشأ منصّتين للدفاع عن مصالح البنوك العربية في الساحتين الإقليمية والدولية، ومن أهم المنصات: (1) مبادرات الحوار التي يتم إجراؤها في الولايات المتحدة تحت عنوان «حوار القطاع الخاص بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، و(2) في أوروبا تحت عنوان «حوار القطاع الخاص بين الإتحاد الأوروبي والشرق الأوسط وشمال إفريقيا». ويجمع هذان الحدثان ممثلين للبنوك العربية والبنوك المركزية وصانعي السياسات الأميركية والأوروبية».

أضاف الدكتور فتوح: «ينظم البنك العربي المتحد العديد من الفعاليات والأنشطة، مثل المؤتمرات والمنتديات الفنية وورش العمل التدريبية، بالتعاون مع هيئات الرقابة المصرفية العربية والجمعيات المصرفية لتعزيز الوعي بمخاطر الأمن السيبراني ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وسبل التخفيف منها».

* تواجه البنوك العربية تحدّيات في مقدّمها
مخاطر الأمن السيبراني ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
الناتجة عن زيادة الإعتماد على التكنولوجيا

 وأعلن الدكتور فتوح «أن البنوك في المنطقة العربية تتميّز بخصوصية رئيسية، وهي الإنتشار الواسع للصيرفة الإسلامية، والمتمثّلة في كثرة عدد البنوك التي تتبع قواعد الشريعة الإسلامية، فالصيرفة الإسلامية العربية لا تزال مهيمنة على مستوى العالم، حيث يوجد حوالي 70 % من أصول الصيرفة الإسلامية العالمية في المنطقة، و25 % من هذه الأصول في دول مجلس التعاون الخليجي».

عن تداعيات جائحة «كوفيد – 19»، قال الدكتور فتوح: «واجهت البنوك العربية تحدّيات خلال العامين الماضيين، تمثلت في إنتشار الجائحة وما نتج عنها من عمليات إغلاق متكرّرة على مستوى العالم. ولحسن الحظ، لمواجهة تداعيات الوباء والحدّ من آثاره على القطاعات الإقتصادية والمالية والمصرفية، إعتمدت غالبية الحكومات والبنوك المركزية العربية مبادرات وحزماً وإجراءات داعمة، ويأتي على رأس هذه الإجراءات، ضمان إستمرار تدفق الإئتمان إلى الإقتصاد، وخصوصاً من خلال البنوك العربية. وقد لعبت هذه البنوك بدورها دوراً داعماً، من خلال تمديد آجال إستحقاق القروض، وخفض أسعار الفائدة، وضخ المزيد من القروض للقطاعات الإقتصادية والأفراد. وقد  كان لهذا الأمر بعض التأثير السلبي على البنوك ذاتها من حيث السيولة والربحية. لكن هذه السيولة أظهرت مزيداً من التحسن خلال العام 2022، مع التدفقات الكبيرة للأموال الناتجة عن إرتفاع أسعار النفط إلى الدول العربية المصدّرة للنفط».

عن مخاطر الأمن السيبراني، أوضح الدكتور وسام حسن فتوح «ثمة تحدّيات أخرى تُواجه البنوك العربية، وعلى رأسها هذه المخاطر، فضلاً عن مخاطر مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الناتجة عن زيادة الإعتماد على التكنولوجيا. علماً أن هذه المشكلة تواجه جميع البنوك والأنظمة المصرفية في جميع أنحاء العالم، ويمكن إعتبارها من الآثار الجانبية – غير المقصودة – للرقمنة والتحوّل التكنولوجي في البنوك»، مشيراً إلى «أهمية الحفاظ على العلاقات المصرفية العربية وتطويرها مع الأنظمة المالية الدولية والبنوك المراسلة الدولية. وفي عصر خفض المخاطر، تتبنّى البنوك العربية أكثر الإجراءات صرامة وتوصيات بأفضل الممارسات المتعلّقة بالإلتزام ومكافحة الجرائم المالية. كما تلتزم البنوك في المنطقة العربية بشكل صارم قواعد ولوائح البنوك الدولية. ويتم تنفيذ التطوير المستمر لأطر الحوكمة وإجراءات الإمتثال والبنى التحتية لتكنولوجيا المعلومات».

* البنوك في المنطقة العربية تتميّز بخصوصية رئيسية
وهي الإنتشار الواسع للصيرفة الإسلامية

وشدّد الأمين العام لإتحاد المصارف العربية على أن «إنتشار الجائحة وعمليات الإغلاق الناتجة عنها، أدى إلى جعل التحوُّل الرقمي ضرورة لجميع المؤسسات والمنظمات من أجل إستئناف العمليات ومواصلة إثبات الخدمات لعملائها. فمع زيادة الإتجاهات العالمية نحو إعتماد الرقمنة، زاد الإنفاق على البنية التحتية التكنولوجية، ولا سيما الذكاء الإصطناعي بشكل كبير، حيث على سبيل المثال، تجاوز الإنفاق العالمي على هذا النوع من التكنولوجيا في الأعمال نحو 50 مليار دولار في العام 2020، ويُتوقع أن تصل إلى 110 مليارات دولار في العام 2024. وتالياً، يُعدّ التحوّل الرقمي أحد أهم ركائز مستقبل القطاع المالي والمصرفي، حيث يتجه العملاء بشكل متزايد نحو تنفيذ معاملاتهم المصرفية من خلال التطبيقات الإلكترونية والحلول الذكية. وقد بدأت التكنولوجيا المالية تكتسب زخماً قوياً في عدد من الدول العربية منذ العام 2012».

وأشار الدكتور فتوح إلى «أن عدد شركات التكنولوجيا المالية في المنطقة العربية، وفق التقديرات، تجاوز 250 في حلول نهاية العام 2020، وتالياً شكلت التكنولوجيا المالية ثورة خلال السنوات الماضية في الأنظمة المالية العربية، حيث نجحت الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية في المنطقة في تقديم حزمة متنوّعة من الخدمات المالية، بما في ذلك خدمات المدفوعات والعملات الرقمية وتحويل الأموال، كذلك الإقراض والتمويل الجماعي وإدارة الثروات، بالإضافة إلى تأمين الخدمات».

وخلص الدكتور فتوح إلى القول: «تُجري البنوك والمؤسسات المالية العربية تغييرات كبيرة في نماذج أعمالها من خلال التوسع في تبنّي التكنولوجيا والإستثمار في بنيتها التحتية، بالتعاون مع شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية (Fintech) لتحسين قدرتها التنافسية وزيادة الإعتماد على التكنولوجيا الحديثة في تقديم الخدمات المالية».