*نيكولاس ميجاو وكيت دوجويد من نيويورك
من المتوقع أن يؤدي الارتفاع الجامح للدولار إلى محو أكثر من عشرة مليارات دولار من أرباح الشركات الأمريكية في الربع الثالث، حسب تقديرات محللين، ما يزيد الضغط على الشركات التي تكافح بالفعل مع الأسعار المرتفعة والآفاق المحلية القاتمة.
كانت قوة الدولار تنهش في أرباح الولايات المتحدة على مدار العام، ما أثر في الشركات المصنعة لكل شيء من لعب الأطفال إلى السجائر. تزداد صعوبة تجاهل هذا الاتجاه على المستثمرين مع تزايد المخاوف بشأن تأثيره غير المباشر في الطلب.
قال جاك كافري، مدير محفظة في شركة جيه بي مورجان لإدارة الأصول: “بصفتك مستثمرا، فأنت تحاول الحصول على الوضوح، هل ما أنظر إليه مشكلة في الترجمة أم مشكلة في الطلب؟”
تشير مشكلة الترجمة إلى الطريقة التي يعمل بها الدولار القوي على تقليل القيمة النسبية للمبيعات التي تتم بالعملات الأجنبية عندما يتم تحويلها مرة أخرى إلى دولارات من أجل التقارير المالية ربع السنوية. عند قياسه مقابل مجموعة من عملات الأسواق المتقدمة الأخرى، ارتفع الدولار 17 في المائة في الأرباع الثلاثة الأولى، مسجلا أقوى مستوى له منذ أكثر من 20 عاما.
يقدر جوناثان جولوب، رئيس استراتيجية الأسهم الأمريكية في بنك كريدي سويس، أنه مقابل كل زيادة تراوح بين ثماني وعشر نقاط مئوية في مؤشر الدولار، فإن تأثيرات الترجمة هذه تخفض نقطة مئوية من ربحية كل سهم في مؤشر إس آند بي 500.
مع أرباح تقدر بمبلغ 480 مليار دولار قبل انطلاق موسم الأرباح، فإن حركة هذا العام ستخفض أرباح الربع الثالث نحو عشرة مليارات دولار.
يقدر بعض المستثمرين أن تأثيرات الترجمة قد تكون أعلى من ذلك. أشار مايكل ووكر، مدير المحفظة في شركة أليانس بيرنشتاين، إلى أن حركة هذا العام يمكن أن تمحو تقريبا 3 في المائة من الأرباح في المؤشر لهذا العام.
إن كثيرا من المستثمرين على استعداد لتجاهل مثل هذه الآثار إذا كانوا واثقين من القوة الكامنة للشركات. عندما خفضت شركة مايكروسوفت توقعاتها للإيرادات نحو 500 مليون دولار في وقت سابق من هذا العام، مثلا، تعافى سهمها من انخفاض قصير لينهي اليوم في المنطقة الإيجابية.
مع ذلك، فإن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو احتمال انخفاض الطلب حيث يبدو الآن المنافسون الذين ينتجون ويبيعون بالعملات الضعيفة أرخص.
“إنه ليس أمرا تحدث عنه الناس بشكل كاف على مدار الأعوام العديدة الماضية، لذلك قد تكون هناك فترة مؤسفة حيث يتعين على الشركات إعادة ضبط المعلومات الواردة”، كما أضاف كافري.
قارن ووكر من “أليانس بيرنشتاين” بين “مايكروسوفت” ومنافستها العملاقة “أمازون”. رغم أن مقر كلا الشركتين في الولايات المتحدة، فإن “مايكروسوفت” تحدد أسعار خدماتها السحابية “أزور” بالعملات المحلية، في حين تسعر خدمات “أمازون ويب” المنافسة بالدولار.
“مع انحراف العملات إلى هذا الحد، يبدو لي أنها ميزة تنافسية كبيرة لشركة مايكروسوفت، التي تتعرض لضربة تحولية كبيرة لكنها تختار عدم رفع أسعارها. بينما ترفع أمازون الأسعار فعليا على عملائها”.
علاوة على ذلك، فإن أحد الأسباب الرئيسة لقوة الدولار الأخيرة هو التوقعات الاقتصادية الأكثر إشراقا في الولايات المتحدة مقارنة بكثير من الدول الأخرى، ما يعني أن الطلب قد ينخفض حتى دون منافسة إضافية.
عندما أعلنت “ليفاي شتراوس” أرباح الربع الثاني في حزيران (يونيو)، تلقت الشركة ضربة تحولية من الدولار القوي لكنها شددت على أنه لا يزال لديها “زخم قوي” في أوروبا. بحلول الوقت الذي أعلنت فيه نتائج الربع الثالث وعن ضربة أخرى من سعر الصرف الأجنبي في وقت سابق من هذا الشهر، قال تشارلز بيرج الرئيس التنفيذي إن عملاء البيع بالجملة الأوروبيين “يتوخون الحذر” وتوقع مزيدا من الضعف “مع بدء تأثير الشتاء”.
انخفض مؤشر مصرف جولدمان ساكس للشركات التي تولد أغلب إيراداتها في الولايات المتحدة 15 في المائة في الأرباع الثلاثة الأولى، مقارنة بانخفاض قدره 30.5 في المائة في مؤشره للشركات ذات الوجود الدولي الكبير خلال الفترة نفسها.
إلى جانب التوقعات الاقتصادية الأقل كآبة في الولايات المتحدة، فإن ما شجع قوة الدولار هو الارتفاع السريع في أسعار الفائدة الأمريكية. في حين أن الدولار قد انخفض من أعلى مستوياته أواخر سبتمبر حيث راهن المستثمرون على تباطؤ في زيادات أسعار الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي، من غير المرجح حدوث ضعف ملموس في الدولار حتى يبدأ الاحتياطي الفيدرالي بالفعل خفض أسعار الفائدة. أشار البنك المركزي إلى أنه غير مستعد لخفض أسعار الفائدة حتى يصل التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة.
توقعت شركة أبل هذا الأسبوع أن تأثيرات الصرف الأجنبي في أعمالها ستزداد سوءا على مدار بقية العام، ما يخفض إيراداتها في الربع المقبل نحو 10 في المائة. قال لوكا مايستري المدير المالي إن الدولار كان “عاملا مهما للغاية”، مشيرا إلى أن الشركة رفعت الأسعار بالفعل في بعض الأسواق الدولية للحفاظ على هوامش ربحها.
قال مازن عيسى المحلل الاستراتيجي في شركة تي دي سكيورتيز: “في هذه المرحلة، كي نشهد أي تغيير في توقعات الدولار، نحتاج إلى رؤية تحول في مسار الاحتياطي الفيدرالي ورؤية سلسلة من بيانات التضخم الأساسية الشهرية تفقد زخمها. لا شيء من هذين الأمرين قريب”.