الرئيس التنفيذي لبنك الشام أحمد يوسف اللحام:
معظم المؤسسات المالية الإسلامية تُطور منتجاتها
وتستنبط منها أدوات مالية تتناسب مع ظروف كل بلد تتواجد فيه
وفق إحتياجات رجال الأعمال والمؤسسات الاقتصادية
من المتعارف عليه، أن المنتجات المصرفية عموماً، تُضبط عالمياً من خلال معايير وأعراف مصرفية دولية، كذلك الإسلامية منها، إذ توجد معايير معتمدة من هيئة دولية ويتم عادة، تعديلات وضوابط حيالها، حسب سياسة البنوك المركزية في كل دولة ووفق إحتياجات إقتصادها وطبيعة التشريعات. وفي حال صنّفنا المنتجات المصرفية إلى أربعة أصناف فهي كالتالي: 1- خدمات الودائع والحسابات، 2- التمويل (القروض من المصارف التقليدية)، والإستثمار، 3-خدمات التجارة الدولية (حوالات – إعتمادات – كفالات ..الخ) 4- الخدمات الإلكترونية (بطاقات مصرفية -صرافات آلية– تطبيقات هواتف محمولة– محافظ إلكترونية).
في هذا السياق، تحدث الرئيس التنفيذي لبنك الشام أحمد يوسف اللحام لمجلة «إتحاد المصارف العربية»، فقال: «إن الأدوات المالية الإسلامية في حد ذاتها، هي نوع من الإبتكار، لأنها توفيق بين صيغ وعقود مختلفة، جزء كبير منها مقتبس من الأحكام الشرعية، وتتوافق مع إحتياجات عصرية ومعاصرة والتي تطورت بشكل متسارع، ولا سيما بعد الثورة التكنولوجية والمنتجات والخدمات الحديثة»، مشيراً إلى «أن معظم المؤسسات المالية الإسلامية تُطور هذه المنتجات والصيغ وتستنبط منها منتجات وأدوات مالية تتناسب مع ظروف كل بلد تتواجد فيه، وتُناسب إحتياجات رجال الأعمال والمؤسسات الإقتصادية فيها ومختلف شرائح المجتمع. وهذا ما يُبرر النمو المتسارع للمصارف الإسلامية على حساب التقليدية في مختلف أنحاء العالم».
في ما يلي الحوار مع الرئيس التنفيذي لبنك الشام أحمد يوسف اللحام:
* ما هو جديد المعايير حيال المصارف الإسلامية لتنشيط القطاع المصرفي الإسلامي وزيادة الثقة بالمؤسسات المالية الاسلامية وتنظيم عملها؟
– لقد صدر في الآونة الأخيرة عدد كبير من المعايير المالية الإسلامية الإضافية عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (البحرين)، والمتعلقة بتنظيم آلية العمل المحاسبي للمؤسسات والمصارف الإسلامية، بما يزيد من موثوقية العمل المصرفي الإسلامي، والتي نذكر منها معيار الوكالة رقم 31 ومعيار المخاطر رقم 35، كما تم إجراء تعديل على المعيار رقم 1 الذي ينظم طريقة عرض البيانات المالية وإفصاحاتها والذي سيدخل حيّز التطبيق في العام 2023، وإصدار معيار النوافذ المالية رقم 40 والذي سيتم تطبيقه في العام 2024، ومعيار الزكاة رقم 39 والذي سيطبق في العام 2023.
بالإضافة إلى إصدار مسودات معايير تخص التقارير المالية المرحلية للمؤسسات المالية الإسلامية، ومعيار الحوكمة الخاص بالتمويل الإسلامي، ومعيار التمويل المجمع والذي تتم مناقشته حالياً مع المؤسسات المالية الاسلامية لإصدار النسخة النهائية منها.
وهذه الإصدارات تمنح العمل المالي الإسلامي زخماً أكبر لمواكبة التطورات الدولية في عمل المؤسسات المالية الاسلامية، وبما يتوافق مع المعايير المالية الدولية والشريعة الإسلامية.
* من المعروف أن التكنولوجيا المالية تُواجه تحديات عدة، أبرزها الجرائم الإلكترونية، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ما هي المعوّقات التي تواجه الصناعة المصرفية الإسلامية؟
– سؤال جيد، في الحقيقة شهدت الأعوام الأخيرة تطورات تكنولوجية كبيرة ظهرت معها تقنيات حديثة سمحت بتقديم خدمات مالية بتكلفة أقل وجودة أفضل، إذ وُجدت تقنيات تحليل البيانات الضخمة والذكاء الإصطناعي، وبرمجيات وتطبيقات متطورة، وتقنيات الواقع المعزّز والإفتراضي، والتطور المتوقع للأعمال، مع بدء تطبيق تقنيات الجيل الخامس للإتصالات، فأصبح التحول الرقمي الذي نشهده اليوم في عالم المال والأعمال مطلباً وليس خياراً للمصارف الإسلامية، وتالياً فإن المصارف التي لا تستطيع تقديم حلول تكنولوجية تسمح بتحويل الأموال، وإتمام عمليات الدفع عبر الإنترنت والهواتف الذكية على سبيل المثال، لن تتمكن من المحافظة على عملائها الذين سيرغبون بالتحوّل لبنوك تُتيح لهم إستخدام المنتجات المصرفية دون زيارتهم لفروع تلك البنوك.
في ظل عدم كفاية التشريعات التي تخص المنتجات المالية والمصرفية التي تُطبق وتُستثمر عبر المنصات الإلكترونية، نجد أن آليات وهياكل التمويل المطبقة في تلك المنصات قد لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية، وتالياً هنالك ضرورة لوضع أطر حوكمة شرعية مع ضرورة وضع آليات رقابية مناسبة مع طبيعة هذه الأعمال، وتحدّ من إمكانية إستخدامها في عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مع تعزيز مستويات الأمن السيبراني لتخفيف مخاطر الهجمات الإلكترونية والإختراقات.
ولتلبية متطلبات السوق المتجهة نحو الإقتصاد الرقمي، ينبغي على المصارف الإسلامية الاهتمام بأتمتة العمليات وتطوير المنتجات وتقديم حلول جيدة ومميَّزة، وأن تختار التحول الرقمي كخيار إستراتيجي.
* ما هي المنتجات المصرفية الإسلامية التي يُنتجها مصرفكم وفق المعايير العالمية؟ وهل دخل التحول الرقمي إلى أعمالكم في سبيل تسريع العمل في ظل التكنولوجيا المالية Fintech؟
– المنتجات المصرفية بشكل عام، تُضبط عالمياً من خلال معايير وأعراف مصرفية دولية كذلك الإسلامية منها، وتوجد معايير معتمدة من هيئة دولية، ويتم عادة عمل تعديلات وضوابط حسب سياسة البنوك المركزية في كل دولة، وحسب إحتياجات إقتصادها وطبيعة التشريعات. وفي حال صنّفنا المنتجات المصرفية إلى أربعة أصناف فهي: 1- خدمات الودائع والحسابات، 2- التمويل ( القروض بالمصارف التقليدية) والإستثمار، 3- خدمات التجارة الدولية (حوالات – إعتمادات – كفالات ..الخ) 4- الخدمات الإلكترونية (بطاقات مصرفية – صرافات آلية – تطبيقات هواتف محمولة – محافظ إلكترونية).
أما عن التحول الرقمي فهو سمة هذا العصر، ولكافة النشاطات والفعاليات، وعلى رأسها الصناعة المصرفية، وهي في طريقها لتتحول إلى صناعة رقمية بإمتياز، ولا سيما في ما يتعلق بخدمات الأفراد والتحويلات المالية والدفع بالعموم، وأيضاً لقاء تقديم الخدمات العامة في مختلف أنواعها (كهرباء – هاتف – إنترنت – رسوم حكومية …الخ) كذلك الدخول بإدارة الإستثمار المالي، وخصوصاً لصغار المدّخرين، الأمر الذي فتح المجال للشركات العاملة في مجال ما يصطلح عليه بالتكنولوجيا المالية Fintech لتوسع أعمالها لتشمل مجال الإستثمار المالي والدفع بأنواعه، وتكون رديفة للقطاع المصرفي وبعض الحالات منافس له.
* في ظل التقلبات والأزمات الاقتصادية في العالم والمنطقة وسورية على وجه الخصوص خاصة في ظل التعليمات الصادرة من البنك المركزي، ما هي استراتيجية بنك الشام للعام 2022؟
– نعم، في ظل الظروف المحلية والإقليمية والدولية والأطر التشريعية الحالية الصادرة عن السلطة النقدية، ولا سيما لجهة إجراءات ضبط السيولة وتوجيه التمويلات لقطاعات معينة، يصعب حالياً تغيير إستراتيجية البنك الأساسية المعتمدة سابقاً، والمتمثلة بشكل أساسي بإستمرارية النشاط في ظل الظروف الإستثنائية التي يشهدها الإقتصاد السوري، وخصوصاً في ظل العقوبات المفروضة على سورية، مع تطوير وتحقيق عائد مناسب للمساهمين وكافة الجهات صاحبة العلاقة، هذه الإستراتيجة يتم عكسها بشكل سنوي على خطة عمل سنوية يتم توزيع أهداف رئيسية ومؤشرات أداء على مختلف الإدارات والفروع، تغطي إستقطاب متعاملين جدداً ونمو مختلف المحافظ ( الودائع – التمويل – الإستثمار) ضمن الإمكانات المتاحة، مع الإهتمام بتطوير المنتجات، والتركيز على المنتجات المتعلقة بالخدمات الإلكترونية والإهتمام بالإنتشار الجغرافي ضمن الأماكن الآمنة.
وبالتأكيد، فإن أي انفراج مرتقب، سيؤدي حتماً إلى تبنّي إستراتيجية توسعية من ناحية الخدمات والمنتجات والإنتشار بشكل أكبر، وفعَّال أكثر، بما يتناسب وظروف الإقتصاد ومحفّزات النمو فيه آنذاك.
* الأدوات المالية الإسلامية المتبعة، وُجدت كبديل للأدوات المالية التقليدية المعروفة، لكن حتى تكون قادرة على تغطية كافة أوجه التمويل في الإقتصاد الوطني، عليها عدم الإكتفاء بطرح البديل، بل يجب أن تُبادر إلى وضع إستراتيجية للإبتكار، وتطوير القائم لديها، لأن السعي لكسب المزيد من السوق المصرفية العالمية يتطلب ذلك، فهل الإستمرار في البحث عن البديل دون التوجه نحو الإبتكار لأدوات مالية جديدة سوف يؤدي إلى خنق الصناعة المصرفية الإسلامية وإصابتها بنوع من الجمود؟
– الأدوات المالية الإسلامية في حدّ ذاتها، هي نوع من الإبتكار، لأنها توفيق بين صيغ وعقود مختلفة، جزء كبير منها مقتبس من الأحكام الشرعية وتُوفق مع إحتياجات عصرية ومعاصرة، والتي تطورت بشكل متسارع، ولا سيما بعد الثورة التكنولوجية والمنتجات والخدمات الحديثة.
وفي إطار متصل، فإن معظم المؤسسات المالية الإسلامية تُطور هذه المنتجات والصيغ، وتستنبط منها منتجات وأدوات مالية تتناسب مع ظروف كل بلد تتواجد فيه، وتُناسب إحتياجات رجال الأعمال والمؤسسات الاقتصادية بها، ومختلف شرائح المجتمع. وهذا ما يُبرّر النمو المتسارع للمصارف الإسلامية على حساب التقليدية في مختلف أنحاء العالم. ويُمكن أن تكون سورية مثالاً لذلك، حيث مع إعادة إنطلاق المصارف غير الحكومية منذ العام 2003 وبدء عمل المصارف الإسلامية منذ العام 2007، وذلك عندما فتح بنك الشام أول فروعه في العاصمة دمشق، كأول بنك إسلامي في سورية، وبعد 4 سنوات من إفتتاح أول بنك تقليدي في العام 2003، تم إفتتاح مصرفين إسلاميين آخرين، ورغم الأزمة التي حصلت في سورية، فإن ثلاثة مصارف إسلامية في سورية إستحوذت على الجزء الأكبر من الحصة السوقية للمصارف الخاصة السورية (غير الحكومية) والتي تتكون من 14 مصرفاً حتى نهاية العام 2021.