توقّع تراجع معدّل التضخم إلى نحو 2%
الفائدة والتضخم أكبر مهدّدات الإقتصاد العالمي
عشية دخول العام الجديد، رصد الخبراء مجموعة من أبرز المخاطر التي تهدّد الإقتصاد العالمي في العام 2022، وفي الوقت نفسه فإن التطورات الإقتصادية التي شهدها العالم خلال عامي جائحة فيروس كورونا المستجد التي لم تنته بعد، أظهرت خطأ الكثير من التوقعات، وهو ما يفتح الباب أمام السؤال عمّا يُمكن أن يكون خطأ في العام المقبل؟
ويرى المحللون توم أورليك ومايفا كوزين وإيندا كوران وفق وكالة بلومبرغ «أن الأخطاء المحتملة في العام المقبل كثيرة، والمخاطر التي ستُواجه الإقتصاد العالمي كبيرة».
ويرصد المحللون الثلاثة قائمة المخاطر الكبرى التي تواجه الإقتصاد وتتمثل في المتحور الجديد لفيروس كورونا المستجد أوميكرون، وزيادة أسعار الفائدة الأميركية، وإنهيار القطاع العقاري الصيني بسبب أزمة شركة إيفرغراند، وإرتفاع معدل التضخم في العالم ولا سيما تضخم أسعار الغذاء والتوترات الجيوسياسية والسياسية في أوروبا.
في المقابل، يُشير المحلّلون إلى وجود بعض النقاط المضيئة في العام الجديد ومنها: وفرة السيولة النقدية لدى المستهلكين بفضل إرتفاع معدّلات الإدخار أثناء فترات الإغلاق نتيجة إنتشار فيروس كورونا، وإحتمال تمديد الحكومات لبرامج التحفيز الإقتصادي، وإستمرار تبني الولايات المتحدة لميزانية توسعية.
ويُعتبر الوقت مبكراً لإصدار حكم نهائي في شأن المتحور أوميكرون الذي يبدو أسرع إنتشاراً من السلالات السابقة لفيروس كورونا المستجد؛ لكنه أقل خطورة من حيث معدلات الوفاة. وهذا الأمر يُمكن أن يسمح بعودة الحياة إلى شبه حالتها قبل الجائحة.
في المقابل فإن الخوف من الجائحة وإجراءات الإغلاق تُحد من إقبال المستهلكين على العديد من الأنشطة مثل المطاعم ومراكز اللياقة البدنية، كما تدفعهم إلى شراء المزيد من المواد الغذائية. وإذا عاد التوازن إلى الإنفاق الإستهلاكي مرة أخرى خلال العام المقبل، فقد يسجل الإقتصاد العالمي نمواً بمعدل 5.1 % من إجمالي الناتج المحلي، وليس بمعدل 4.7 % كما يتوقع خبراء «بلومبرغ».
ورغم ذلك، يُحذّر المحللون من أن الأمور قد لا تمضي على هذا النحو الإيجابي، وقد تظهر سلالة جديدة من الفيروس أشدّ خطورة تُجبر العديد من الدول على إعادة فرض إجراءات الإغلاق، وهو ما ستكون له تداعياته على أداء الإقتصاد العالمي. وفي حال فرض إجراءات إغلاق خلال العام المقبل لمدة ثلاثة أشهر فقط، يُمكن أن يتراجع معدل النمو العالمي إلى 4.2 % فقط.
في بداية العام 2021 كان يُتوقع أن ينتهي العام بمعدل تضخم أميركي في حدود 2 %. ولكن ما حدث أن معدل التضخم وصل إلى 7 %. ويتوقع المحللون أن ينتهي العام المقبل وقد تراجع معدل التضخم إلى المستويات المستهدفة أي في حدود 2 %. ويُعتبر المتحور أوميكرون سبباً محتملاً واحداً للتضخم، كما أن الأجور ترتفع بسرعة في الولايات المتحدة.
وفي الوقت نفسه، فإن التوترات بين روسيا وأوكرانيا يُمكن أن تدفع أسعار الغاز الطبيعي إلى مزيد من الإرتفاع. ومع الإضطرابات المناخية الناجمة عن ظاهرة التغير المناخي، قد تواصل أسعار الغذاء العالمية إرتفاعها. ولا تتحرك كل المخاطر الإقتصادية في إتجاه واحد. ففي حين يُمكن أن يؤدي تفشي موجة جديدة من الجائحة إلى تضرر قطاع السفر على سبيل المثال، فإنه سيؤدي في الوقت نفسه إلى تراجع أسعار النفط، وتالياً تراجع الضغوط التضخمية، وهو ما سيضع البنوك المركزية الكبرى في العالم أمام أسئلة ليس لها إجابات سهلة.
ويُحذّر الخبراء من أن يؤدي إقدام مجلس الإحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) على زيادة أسعار الفائدة وتشديد السياسة النقدية إلى ضربة قوية للأسواق الصاعدة. فإرتفاع أسعار الفائدة الأميركية يؤدي عادة إلى إرتفاع سعر الدولار وخروج الإستثمارات المالية، وربما إلى أزمات عملة في الإقتصادات النامية.
وفي أوروبا، ساعد تضامن قادة الدول الداعمة لمشروع الوحدة الأوروبية والدور النشط للبنك المركزي الأوروبي في عدم إرتفاع تكلفة الإقتراض للحكومات الأوروبية وهو ما ساهم في التغلب على أزمة جائحة كورونا. ومع ذلك يُمكن تلاشي تأثير هذين العاملين خلال العام الجديد. فمعركة إنتخابات الرئاسة في إيطاليا خلال يناير (كانون الثاني) 2022، قد تهدد الإئتلاف الحكومي الهش.
وفي فرنسا، تُشير إستطلاعات الرأي إلى أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيُواجه تحدياً قوياً من جانب تيار اليمين السياسي في إنتخابات الرئاسة المقررة في أبريل (نيسان) 2022. وإذا ما حقق المعسكر المناوئ للإتحاد الأوروبي مكاسب كبيرة في الإقتصادات الرئيسية الأوروبية، يُمكن أن يتحطم الهدوء في أسواق السندات الأوروبية، ويحرم البنك المركزي الأوروبي من الدعم السياسي المطلوب لكي يتعامل مع الأزمات المالية.