القمة المصرفية العربية الدولية 2022 في فرانكفورت

Download

القمة المصرفية العربية الدولية 2022 في فرانكفورت

موضوع الغلاف
العدد 500 - تموز/يوليو 2022

نظمها إتحاد المصارف العربية برعاية وزير المالية الفيدرالي الألماني

القمة المصرفية العربية الدولية 2022 في فرانكفورت: 

تشجيع الإستثمارات العربية البينية والتحوّط من مخاطر تركيز إيرادات النفط

شكّلت القمة المصرفية العربية الدولية 2022 والتي نظّمها إتحاد المصارف العربية في مدينة فرانكفورت، ألمانيا، فرصة ممتازة لجمع المصارف العربية بالمصارف المراسلة الأجنبية ولا سيما مصرفي «ستاندرد تشارترد»، و«جي بي مورغان» وغيرهما، حيث لا يزال الإتحاد يفتح مجالاً أمام المصارف العربية من أجل التواصل والتحديث لمعلوماتها على كل الصعد. وهكذا كان إنعقاد القمّة – الحدث بغية تكثيف لقاءات العمل والتواصل مع المصارف المراسلة الدولية.

بعد غياب القمم والمؤتمرات الدولية لنحو عامين، والتي ينظمها عادة إتحاد المصارف العربية، ويستقطب من خلالها تعزيز الحضور المصرفي العربي دولياً، وتثبيت وجود المصارف العربية في المحافل العالمية، ولا سيما تحقيق التواصل مع المصارف المراسلة الدولية، حيث حالت جائحة كورونا دون التنظيم الحضوري، شهدت مدينة فرانكفورت، العاصمة الإقتصادية لألمانيا، إفتتاح فعاليات «القمة المصرفية العربية الدولية للعام 2022»، بعنوان: «الإستجابة للصدمات العالمية وادارة حالة عدم اليقين»، والتي نظّمها الإتحاد على مدار يومين، برعاية وزير المالية الفيدرالي الألماني كريستيان ليندنر وحضوره، وبمشاركة البنك المركزي الألماني وكبرى المصارف المراسلة الألمانية، مثل: Deutsche bank وCommerzbank وDZ Bank وDeka Bank، بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية  – فرانكفورت، وإتحاد البنوك الأوروبية ومعهد بنوك الإدخار العالمية.

شارك في القمة، عدد كبير من الشخصيات من نحو 100 دولة تمثّل قيادات المؤسّسات المصرفية والمالية العربية والأوروبية من محافظي المصارف المركزية، ووزراء إقتصاد وتجارة ومال ورؤساء المنظمات والهيئات والإتحادات الإقتصادية والمالية العربية، يتقدّمهم رئيس مؤسسة فرانكفورت للتمويل، ألمانيا جيرهارد ويشيو، ورئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية ورئيس إتحاد بنوك مصر محمد الإتربي، والأمين العام لإتحاد المصارف العربية الدكتور وسام حسن فتوح، وأعضاء مجلس إدارة الإتحاد، ورئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية ورئيس الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزف طربيه عبر تقنية البث المباشر، والرئيس السابق لإتحاد المصارف العربية الشيخ محمد الجرّاح الصباح، والمستشار أحمد سعيد خليل، رئيس مجلس الأمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في مصر، ورئيس مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MENAFATF  السابق، وعضو مجلس إدارة «دوتشيه بنك» جواشيم ويرميلينغ، وسفير لبنان في ألمانيا وعميد السلك الدبلوماسي العربي في هذا البلد مصطفى أديب، ووزيرة التخطيط والتنمية الإقتصادية في مصر الدكتورة هلا السعيد ورئيس جمعية مصارف البحرين عدنان أحمد يوسف.

يُشار إلى أن إتحاد المصارف العربية منح كلاً من الرئيس السابق لإتحاد المصارف العربية، رئيس مجلس إدارة بنك الكويت الدولي KIB، الكويت الشيخ محمد الجرّاح الصباح، والرئيس الأسبق للإتحاد، رئيس مجلس إدارة جمعية مصارف البحرين عدنان أحمد يوسف، «جائزة مسيرة طويلة من النجاحات والإنجازات» – Lifetime Achievement Award.

الإتربي

في الكلمات، تحدث رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية محمد الإتربي فقال: «يُواجه الإقتصاد العالمي اليوم، تحديات إقتصادية لم يشهدها منذ زمن بعيد، حيث مرّ النشاط الإقتصادي بموجة حادة قادت إلى إغلاق إقتصادي في مختلف الدول، وأصابت قطاعات متعددة بأزمات لا تزال آثارها كامنة على الإستقرار الإقتصادي والسياسي، ثم حلّت الحرب الروسية – الأوكرانية لتزيد المشهد تعقيداً بسبب إنعكاساتها على سوق الطاقة، الشريان الحيوي للنمو الإقتصادي العالمي، حيث أدت هذه الأزمة والعقوبات الإقتصادية الناتجة عنها إلى تفاقم التباعد بين آفاق التعافي عبر بلدان الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والدول الأوروبية، ورغم الزخم الإيجابي الذي فاق المتوقع خلال العام الماضي، تشهد البيئة الإقتصادية في العام 2022 إتجاهات معاكسة وحالة غير مسبوقة من عدم اليقين، ولا سيما في البلدان المستوردة للسلع الأولية، نتيجة إرتفاع الأسعار وزيادة تقلباتها، وتنامي الضغوط التضخمية، وعودة الإقتصادات المتقدمة إلى سياساتها النقدية التقشفية بأسرع من المتوقع، إضافة إلى الآثار الممتدة لجائحة كورونا، ورغم تحسن آفاق البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلاَّ أنها بالتأكيد ستتأثر بالمخاطر الإقتصادية على أشكالها المختلفة».

وأضاف الإتربي: «أمام هذا الواقع، تُهيمن اليوم مخاطر التطورات السلبية على المستقبل، والتي تتضمّن إحتمالية إستمرار الحرب لوقت أطول مع زيادة الضغط على الأوضاع المالية العالمية، وإنفلات معدّلات التضخم إلى مستويات جديدة، وفي خلفية ذلك مخاطر تفشّي متحوّرات جديدة لفيروس كورونا.

كل هذه الأمور تضع الحكومات والبنوك المركزية ومؤسسات المال والأعمال في مفترق بالغ التعقيد، نظراً إلى محدودية الآليات والإختيارات المُتاحة لصُنّاع السياسات المالية والإقتصادية في التعامل مع هذه الصدمات الإستثنائية وخصوصاً مع إرتفاع مستويات الدين والإحتياجات التمويلية، مما سيزيد من حالة عدم اليقين وآثارها السلبية على معدلات النمو والتنمية.

ونظراً إلى تفاوت الآفاق المتوقَّعة، سيكون على الدول وضع سياساتها العالية والإقتصادية بمنتهى الدقة، وبما يتناسب مع ظروفها وإحتياجاتها المستقبلية، لتحويل حالة عدم اليقين إلى مسار واضح يُحافظ على إستقرارها ومتطلّعات شعبها وإدارتها، وبدعم حماية الفئات المهمّشة فيها لضمان أمنها الإجتماعي والإقتصادي متضمّن في ذلك أمن الغذاء والطاقة والتمويل على قائمة الأولويات».

وتابع الإتربي: «لضمان تحقق هذه الطموحات، يستوجب – سريعاً – تفعيل سبل للتعاون المشترك، يكون عابراً للقارات، وليس فقط حدود الدول، مبنيّ على إدراك كامل من صنّاع القرار»، لافتاً إلى «أن الرخاء القومي يتحقق من خلال العمل الجماعي بين الدول والإتفاق على المصالح المشتركة بين مؤسساتها، ويأتي على قائمة تلك الأولويات، التعاون بين المؤسسات المالية والمصرفية على أشكالها المختلفة.

ويُعتبر وجودنا هنا اليوم، في صميم هذا الإنسجام، لنبحث سوياً آفاقاً إقتصادية جديدة، آملين في أن تتحوّل مناقشاتنا إلى حلول عابرة للقارات تُساهم فيها المؤسسات المالية والمصرفية في تأمين إحتياجاتنا من سلاسل التوريد والسلع الأساسية، والطاقة، وتلبية الإحتياجات التمويلية، بهدف رسم الخروج الآمن من الأزمة الحالية بأقل خسائر ممكنة.

ولعلّ حجم التبادل التجاري بين الدول العربية ودول الإتحاد الأوروبي والذي يزيد عن 290 ملیار يورو، نواة جيدة لتحقيق مزيد من الشراكات بين الدول العربية ودول الإتحاد الأوروبي، وبما يحثّ على إقامة مشروعات إقتصادية وإنتاجية جديدة بين الكتلتين الإقليميتين، وفتح مجالات جديدة، مثل مشروعات التكنولوجيا الرقمية والخدمات والطاقة الخضراء والذكاء الإصطناعي والأمن الغذائي والرعاية الصحية والتعليم والطاقة، آملين في أن يمتد ذلك التعاون ليشمل شراكات عربية أوروبية في كافة المجالات المالية، كالتأمين والتمويل متناهي الصغر والتأجير التمويلي والتخصيم، وغيرها من مجالات هامة.

ويُعزّز ذلك التعاون، وجود مؤسسة عريقة في التمويل، مثل مؤسسة فرانكفورت للتمويل، وما لديها من خبرات في مجال التمويل، ويسمح بمزيد من عمليات التمويل في مشروعات تنموية تحقق أهداف الإستدامة والحفاظ على المناخ وضمان التحول للطاقة النظيفة».

وأشار الإتربي إلى «عدد هائل من الفرص الواعدة التي تُشكل آفاقاً رحبة للمزيد من التعاون بين القطرين العربي والأوروبي، وتتبلور هذه الفرص في:

–  السعيُ جدياً لتعزيز الأمن الغذائي على المستوى العربي والأوروبي، غير الإستثمار في مشروعات زراعية مشتركة، والإستفادة من وجود فوائض مالية ضخمة لدى الجانبين العربي والأوروبي، مع الإستعانة بالأساليب والتقنيات التكنولوجية الأوروبية في مجال الزراعة، لا سيما مع توافر أراضٍ شاسعة قابلة للزراعة على امتداد العالم العربي.

–  تصميم برامج تمويلية جديدة متوسطة وطويلة الأجل تتضمن مساراً واضحاً وموثوقاً لإستقرار الدين العام عند حدوده الآمنة؛ الأمر الذي يساعد في إتاحة الحيّز اللازم لتقديم الدعم المطلوب للدول.

–  التوسع في سبل وتمويل مجالات الطاقة المتجدّدة، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر، وتتوسّع مصادرها وسبل تسويتها، كبديل أساسي خلال المرحلة المقبلة في الدول المستوردة للطاقة، وأيضاً المصدّرة، لا سيما وأن الدول العربية تتمتّع بالمقوّمات التي تُؤهلها لأَن تصبح مركزاً لتصدير الهيدروجين الأخضر، وغيرها من أشكال الطاقة.

– في ظل أجواء عدم اليقين السائدة في الأسواق المالية الدولية، وفي ظل تخارج رؤوس الأموال والإستثمارات من الدول المتأثرة بالحرب، هناك مجال لإحتواء تلك التدفقات عن طريق مشروعات مشتركة بين دول الإتحاد الأوروبي والدول العربية في مجالات إقتصادية مختلفة.

–  كذلك يجب العمل على تشجيع الإستثمارات العربية البينية كوسيلة للتحوّط من مخاطر تركيز إيرادات النفط داخل الدول المصدرة للطاقة، وربطها بتحقيق عائد إقتصادي إقليمي طويل الأجل.

– ينبغي التعاون بين الدول المصدّرة للعمالة؛ بهدف إيجاد آليات مالية ومصرفية تتناسب مع مواطنيها المغتربين بهدف زيادة التحويلات المالية.

–  زيادة الإستثمار في كل أركان الإستدامة المختلفة؛ ومنها التمويل الأخضر وآليات تعزيز التمويل لمستقبل مستدام كجزء أساسي من إستراتيجيات البنوك ومؤسساتها المالية، بما ينعكس إيجاباً على أُطر العمل والإنتاج، والحفاظ على حقوق الأجيال المقبلة.

–  إعادة صوغ السياسات التمويلية بالبنوك وتطوير أدواتها ومنتجاتها لتصبح أكثر ملاءمة مع القطاعات الغذائية والزراعية والأنشطة المرتبطة بتحقيق الأمن الغذائي وأمن الطاقة، في ظل ما يشهده العالم اليوم من تحديات ستؤثر بشكل مباشر على مجتمعاتنا جميعا بإختلاف أحجامها أو قدراتها.

–  تنشيط التحالفات المالية والمصرفية بين الدول العربية والأوروبية، وتعظيم الصفقات الإستراتيجية، بهدف خلق كيانات مالية كبيرة قادرة على مواجهة التحديات والأزمات بشكل قوي والتعامل معها بمرونة.

–  تكوينُ مجموعة إتصال عربي- أوروبي تتولى التنسيق المستمر لمتابعة وإجراء المشاورات والمباحثات اللازمة لتحويل أفكارنا المشتركة لمشروعات حقيقية على أرض الواقع.

–  التكامل والتعاون بين البنوك العربية على إنجاز الإصلاحات الهيكلية، وإتمامها للوصول إلى مستوى دولي يؤهلها للتواجد في الأسواق العالمية، وفتح آفاق للتعاون مع البنوك الأوروبية بما يسمح بنقل الخبرات وفتح فروع للبنوك وزيادة عدد المراسلين بما ييسر حركة التجارة والإستثمار.

وأؤكد أن القطاعات المالية في الدول العربية قادرة، وتستطيع أن تلعب دوراً حاسماً في بناء إقتصادات مستقرة ومزدهرة في ظل الإلتزام بتطبيق مبادئ التنمية المستدامة، من خلال توجيه الإستثمارات نحو الأنشطة الإقتصادية، التي تُوازن بين الأهداف الإقتصادية والبيئية والإجتماعية، ونؤمن أن الحدّ من أثر التحديات الخاصة بالتغيّر المناخي وما يتطلبه ذلك من تطوير منتجات إستثمارية وأدوات مالية جديدة صديقة للبيئة والمناخ، وتتّسم بالإستدامة والمسؤولية، من بينها السندات الخضراء وصكوك الإستثمار الخضراء وغيرها، قادرة أن تضع الأضرار البيئية في الإعتبار.

فمِن هذه المنصة، ندعو إلى تكثيف مجهودات التنسيق العربي – الأوروبي؛ بهدف الوصول إلى مستهدفات الإقتصاد الأخضر، وتحقيق البُعد البيئي المستدام، مع الحفاظ على حقول الأجيال المقبلة.

وفي النهاية، لا يسعني سوى التأكيد على الدور الذي يُمكن أن يلعبه كل من إتحاد المصارف العربية مع مؤسسات التمويل الأوروبية، وعلى رأسها مؤسسة فرانكفورت للتمويل، في وضع إستراتيجيات متكاملة التوسع في تحقيق تنمية مستدامة تضمن الإستقرار في توفير طاقة نظيفة، وتحقق الأمن الغذائي للشعوب الأكثر هشاشة، وتعمل على ضمان توفير السلع الأساسية للدول العربية والأوروبية في بيئة مليئة بالتحديات والمستجدات.

وأخيراً، أؤكد عمق العلاقات التاريخية بين الدول العربية ودول الإتحاد الأوروبي، وعلى رأسها جمهورية ألمانيا الإتحادية، مثمّناً الجهود المبذولة من كلا الجانبين الأوروبي والعربي لتحقيق الرخاء لشعوبهما».