«إنعكاسات التقلبات السياسية على مسار العمل المصرفي»
تفعيل الصناعة المصرفية لتكون منصة للاقتصاد الرقمي العالمي
حمل إتحاد المصارف العربية رسالة من خلال تنظيمه مؤتمره السنوي لعام 2019، بدورته الـ 25 في القاهرة – جمهورية مصر العربية، على مدى يومين تحت رعاية محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر وبالتعاون مع البنك المركزي المصري، وإتحاد بنوك مصر، والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، مفادها ضرورة الحفاظ على مسيرته الإقتصادية والإجتماعية، والتي تشكل دعوة للقطاع الخاص في منطقتنا العربية إلى المشاركة بفاعلية في تعزيز التنمية، وللمصارف العربية إعادة توجيه إمكاناتها التمويلية إلى الإقتصاد الحقيقي والتنمية، وللحكومات تخفيف الإعتماد على الإقتراض من المصارف، ومزاحمة القطاع الخاص في سعيه للحصول على التمويل، والتقيُّد بإجراءات إدارة المخاطر وليس تجنبها، مع التأكيد على الإلتزام بالقوانين والتشريعات، وعدم التقيد بالإملاءات التي تساهم في هروب الرساميل أو التقاعس عن دعم المشاريع الإنتاجية، بإعتبار أن تطبيق القوانين لا يمنع الإستمرار في تمويل التنمية في شتى مجالاتها.
القاهرة – هيثم العجم:
وبهدف النأي بقطاعنا المصرفي العربي عن الإضطرابات والتطورات السياسية، أكد المؤتمر المصرفي العربي السنوي لعام 2019، الإستمرار في الدور الأساسي للمصارف العربية المتمثل في تقديم الخدمات المصرفية التقليدية لمجتمعاتها، كالودائع، والقروض، وإدارة الثروات والإستثمارات، ودعم المشاريع الإجتماعية والإنسانية والبيئية، وتكريس دورها كقنوات مالية تحول المدخرات الوطنية إلى قروض وتمويلات للأفراد والشركات والحكومات، وليس وسيلة للضغط على المودعين الذين يشكلون شريحة واسعة من القطاعين العام والخاص، وتالياً على العلاقات التجارية الداخلية والبينية.
وكان تكريم محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) الدكتور أحمد بن عبد الكريم الخليفي بـ «جائزة الرؤية القيادية 2019» – Leadership Visionary Award والتي تُعد من أهم الجوائز التي يمنحها إتحاد المصارف العربية على مستوى العالم العربي. كذلك جرى إجتماع مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب (في اليوم الثاني لإنعقاد المؤتمر) حيث جرى خلاله إعادة إنتخاب رئيس الإتحاد الدكتور جوزف طربيه بالإجماع لولاية ثانية. وترافق مع المؤتمر، إفتتاح المعرض المصاحب الذي ضمَّ العديد من أجنحة المصارف المصرية والعربية. علماً أن المؤتمر المصرفي العربي يُعقد بعد أيام عدة من التجديد لولاية ثانية لمحافظ البنك المركزي المصري طارق عامر.
شارك في حفل الإفتتاح، وزير المالية المصري د. محمد معيط نيابة عن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ورئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية الشيخ محمد الجراح الصباح، الكويت، ونائب رئيس الإتحاد، ممثل القطاع المصرفي المصري، مصر محمد الإتربي، ورئيس إتحاد بنوك مصر هشام عز العرب، ورئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزف طربيه، والأمين العام لإتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح، ورئيس جمعية مصارف البحرين والرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية والرئيس السابق لإتحاد المصارف العربية د. عدنان أحمد يوسف، والنائب الأول لرئيس البنك الدولي، واشنطن د. محمود محي الدين، والمدير الإقليمي لمصر وباكستان، ماستر كارد مجدي حسن، إضافة إلى مشاركة أعضاء كل من مجلسي إدارة إتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، وفي حضور ومشاركة أكثر من 700 شخصية قيادية مصرفية ومالية ومحافظي بنوك مركزية ووزراء مال وإقتصاد عرب، من 23 دولة عربية وأجنبية.
في محصلة مناقشات المؤتمر المصرفي العربي، أكد المتحدثون (في حفل الإفتتاح كما في جلسات العمل) «أن التقلّبات السياسية والتغيرات على مستوى العالم، تؤثر بشكل مباشر على القطاعات المصرفية في المنطقة، وهو ما يفرض على البنوك المركزية دوراً كبيراً في حماية هذه القطاعات، وتوجيهها نحو تحقيق التنمية المستدامة».
وأكدوا أنه «رغم الصعوبات والأوضاع غير المستقرة التي تعاني منها بعض الدول، إلا أن القطاعات المصرفية بقيادة البنوك المركزية تظل هي الحصن أمام الأزمات الإقتصادية»، مشيدين بـ «تجربة مصر في الإصلاح الاقتصادي والدور الكبير الذي لعبه البنك المركزي المصري بالتعاون مع وزارة المالية في إنجاحه».
الوزير د. محمد معيط
في الكلمات، وبعد النشيد الوطني المصري (السلام المصري)، ونشيد إتحاد المصارف العربية، تحدث وزير المالية المصري د. محمد معيط نيابة عن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، فقال: «لولا الإستقرار السياسي في مصر ما تحقق التقدم الإقتصادي، وما نجحت الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاح الذي بدأ في العام 2015، وسجل نتائج إيجابية لا تزال تحظى بإشادة المؤسسات الدولية».
أضاف الوزير معيط: «لقد جاءت أبرز نتائج برنامج الإصلاح الإقتصادي في إنخفاض عجز الموازنة من 16.5 % في عام 2014 إلى 8.2 % في عام 2019، وتحقق فائض أولي بنسبة 2 % من الناتج المحلي في عام 2019 بدلاً من عجز أولي 8.4 % في العام 2014، وتراجع معدل البطالة من 13.3 % إلى 7.5 %».
وأشار الوزير معيط إلى «تراجع معدلات التضخم من 36 % إلى 3.4 %، وزيادة معدل النمو من 4.4 % إلى %5.6 مع مستهدف 7 % في حلول 2022، وإرتفاع الإحتياطي النقدي من العملات الأجنبية من 12 مليار دولار عام 2014، إلى أكثر من 45 مليار دولار حالياً».
وقال الوزير معيط: «إن الإصلاح إرتكز على رفع كفاءة الإنفاق العام وترشيد الاستهلاك، وتوصيل الدعم لمستحقيه من خلال برامج فعالة للحماية والدعم الإجتماعي للفئات الأكثر إحتياجاً، وزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم من 115 مليار جنيه في العام 2014، إلى 210 مليارات جنيه في العام 2019، وزيادة دعم الغذاء من 39.4 مليار جنيه في2014 إلى 87 مليار جنيه في العام 2019».
وتابع الوزير معيط «أن الجنيه المصري أصبح ثاني أفضل عملة في العالم من حيث الأداء وفقاً للمؤسسات العالمية، كما أن مصر تُعتبر إحدى دولتين في العالم حققت فائضاً أولياً خلال العام المالي الماضي، مما يُعطي مؤشراً قوياً على نجاح برنامج الإصلاح الإقتصادي». وذكر «أن الإستقرار السياسي يؤثر بشكل كبير على معدلات النمو الإقتصادي»، مؤكدًا «أن مصر حققت إصلاحاً إقتصادياً يشهد به العالم برعاية الإدارة السياسية».
المحافظ طارق عامر
تحدث صاحب الرعاية محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر، فإعتبر «أن التطور الإقتصادي والمالي والنقدي الراهن في مصر يعود إلى البرامج المالية والنقدية الناجحة التي طبقتها مصر، والتي ساعدت على إستقرار سوق المال وتقليل التضخم»، وقال: «إن تدفقات الدولار الأميركي إلى مصر بلغت حوالي 200 مليار دولار على مدار الأعوام الأربعة الماضية».
أضاف عامر: «لقد أصدرت مصر سندات لمدة 40 عاماً، حيث يجري العمل لتنفيذ مشروع ضخم يهدف إلى تطوير القطاع الصناعي في البلاد»، مشيراً إلى «أن البنك المركزي يدعم المبادرات التي تدعم القطاع الصناعي».
وأكد عامر «أن التوافق والإلتفاف حول القيادة السياسية هو الذي مكّننا من تجاوز الأزمة المالية التي عانت منها مصر قبل سنوات»، مشدداً على «أن الأحداث السياسية في المنطقة تؤثر على كافة الإقتصادات لوجود إرتباطات واضحة بينها».
ورأى عامر «أن ما حدث في مصر بعد العام 2011 إنعكس على الإقتصاد ومؤشراته سلباً، إذ أدى إلى هروب المستثمرين، وإضطراب أسواق المال وصعود معدلات التضخم. وقد قفز عجز الموازنة إلى أكثر من 16 % وهو رقم خطير»، مشيراً إلى «أن تجربتنا حيال هذه الأزمة تؤكد أهمية التعامل بسياسة نقدية مرنة والسماح بتحركات رؤوس الأموال لأن التضييق يأتي بنتائج سلبية منها هروب الأموال».
وأوضح عامر «أن أحد الدروس المستفادة في تجربة مصر التي يجب أن يتم دراستها من قبل الدول العربية، هي السياسة النقدية المرنة التي تمكنت من تحمل تقلب الصدمات»، لافتاً إلى «أن قرار تحرير سعر الصرف كان مفاجئاً للجميع، لكنه كان خطوة مهمة للغاية حتى يتم إستعادة أمن الدولة المالي والحفاظ على مستوى الإحتياطات الأجنبية، وخفض معدلات التضخم».
الشيخ محمد الجراح الصباح
وقال رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية الشيخ محمد الجراح الصباح، «إن الإتحاد لعب دوراً محورياً وقيادياً في مجال تطوير الصناعة المصرفية العربية بما يتناغم والتحولات الحاصلة عالمياً ومتطلبات وإحتياطات المنطقة العربية، فقد حمل الإتحاد، ومنذ سنوات طويلة شعار قيادة التطوير الوظائفي للمصارف العربية، وزيادة مفهوم المصارف الشاملة من أجل التحرر من قيود التخصص الوظيفي والقطاعي، سواء أكان ذلك بتعميق وظائف المصارف التقليدية أو بصنع وقيادة الأدوار الجديدة لها».
وأضاف الصباح: «كما حرص الإتحاد على أن تواكب المصارف العربية التطور العالمي في مجال الأدوات المالية الجديدة، وتطويرها بما يلائم الواقع العربي، والمشاركة في ترسيخ فكر رقابي مصرفي جديد للدول العربية ساهم في تمتين أواصر الإستقرار المصرفي في المنطقة العربية. كما تبنى الإتحاد دوراً جديداً خلال السنوات الأخيرة حيال الترويج للتجارة والإستثمار والسياحة في المنطقة العربية، إنطلاقاً من أهمية هذه الميادين الإقتصادية، بالنسبة إلى العمل المصرفي العربي عموماً، وأهميتها الأساسية في عملية التنمية الإقتصادية على مستوى المنطقة العربية ككل».
وأعرب الصباح عن تقديره لـ «برنامج الإصلاح الإقتصادي الشامل الذي بدأت الحكومة المصرية تطبيقه منذ العام 2016، على مستوى السياسات النقدية والمالية والإقتصادية، بهدف وضع حلول جذرية لمشكلات هيكلية كان يعانيها الإقتصاد المصري، وقد تمثل هذا البرنامج بشكل أساسي في إصلاح منظومة سعر الصرف، وإعادة هيكلة الدعم وخفض العجز في الموازنة العامة، كما نجحت الإصلاحات الإقتصادية المشار إليها في تحقيق تحسن كبير في المؤشرات الإقتصادية لمصر، وإعادتها إلى مسار النمو القوي والمستدام».
محمد الإتربي
بدوره قال نائب رئيس إتحاد المصارف العربية، ممثل القطاع المصرفي المصري، مصر، ورئيس مجلس إدارة بنك مصر، محمد الإتربي: «إن حجم التدفقات النقدية الأجنبية على مصرفه خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي 2019، فاقت الـ 13 مليار دولار».
وأوضح الإتربي «أن برنامج الإصلاح الإقتصادي اشتمل على قرارين تاريخيين هما تحرير سعر الصرف، والاتفاق على برنامج التعاون مع صندوق النقد الدولي، وهما ما أعادا الثقة للإقتصاد المصري».
وأكد الإتربي «أن الإقتصاد المصري نجح في إستعادة ثقة المؤسسات الدولية، مع تحقيق عدد من المؤشرات الإيجابية مع تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، ومنها إرتفاع معدل النمو الإقتصادي إلى 5.6 % خلال العام المالي الماضي، وإستهداف وصوله إلى 7 % خلال السنوات المقبلة، بالإضافة إلى خفض عجز الموازنة العامة للدولة إلى 8.3 % من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 13.3 % منذ سنوات عدة».
ورأى الإتربي «أن أشد المتفائلين لم يطمح إلى تحقيق المؤشرات الإقتصادية الإيجابية التي حققها الإقتصاد المصري عقب تنفيذ برنامج الإصلاح الإقتصادي»، مشيداً بـ «التناغم بين السياسة المالية والنقدية وهو ما جاء في صالح الإقتصاد المصري»، مشيراً إلى «كونها تجربة فريدة على الدول العربية الإستفادة منها».
وعرض الإتربي «عدداً من المؤشرات المهمة أبرزها إرتفاع معدل النمو الاقتصادي إلى 5.6 %»، متوقعاً «إرتفاعه إلى 6 %، كذلك تراجع حجم عجز الموازنة إلى 8.3 %، وإرتفاع حجم تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى 26 مليار دولار، وإيرادات قطاع السياحة إلى 12.4 مليار دولار».
د. جوزف طربيه
تحدث رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، لبنان د. جوزف طربيه قائلاً: «يأتي مؤتمرنا هذا العام في ظل إستمرار الإضطرابات المتنقلة التي تهز العالم العربي حيث تطغى المستجدات الإقليمية والدولية بتداعياتها وحالات عدم اليقين التي تولدها، على أي جدول أعمال آخر. فمنطقتنا تتموضع اليوم في أعالي سلم نقاط الإستقطاب العالمي بفعل حجم ثرواتها وصراع المصالح عليها. كما تتفاقم فيها الأزمات الإقتصادية المتنقلة من بلد إلى آخر، في ظل تصاعد المديونيات العامة، وضعف النمو الإقتصادي، والإنفاق المتمادي لتمويل الحروب والصراعات.
وقد تأثر تدفق الإستثمار الأجنبي المباشر بهذه الاجواء السلبية وتقلصت مستويات النمو الإقتصادي وإرتفعت البطالة إلى معدلات قياسية شكلت أبرز محركات الإحتجاجات والتوترات الإجتماعية في العالم العربي، وهددت الإستقرار السياسي كما هو حاصل حالياً في العراق ولبنان وبلدان عربية أخرى. وقد تأثر القطاع المصرفي العربي جراء هذه المستجدات، وإن كان بصورة متفاوتة بين بلد وآخر، مما حال دون أن تتمكن المصارف العربية من إستخدام طاقاتها الكامنة بالشكل الامثل لخدمة إقتصادات بلدانها وشعوبها».
وتابع د. طربيه: «يُضاف إلى ذلك، أن الإستدانة الكبيرة التي قامت بها بعض الحكومات العربية من المصارف العربية، وضع تلك المصارف في وضع صعب جداً من زاويتين: الأولى هي منافسة الحكومة للقطاع الخاص في الحصول على التمويل، ما أدى إلى إنخفاض قدرة المصارف على تمويل الاقتصاد الحقيقي. والثانية، تتمثل في أن إرتفاع مديونية بعض الحكومات قد يؤدي إلى عدم قدرتها على تسديد تلك الديون، ومن ضمنها ديون المصارف، وهو ما يؤدي إلى كارثة على المصارف والمودعين والمساهمين.
الأستاذ هشام عز العرب
بدوره أكد رئيس مجلس إدارة اتحاد بنوك مصر هشام عز العرب في كلمته «أن هناك العديد من الإيجابيات التي إنعكست على الإقتصاد المصري خلال السنوات الماضية»، مشيراً إلى «أن مصر قدمت نموذجاً مثالياً في التعامل مع التحديات التي واجهتها منذ العام 2011».
وأضاف عز العرب «أن العالم يمر بمرحلة تحول كبير غير متوقع، ويجب علينا التحوط خلال الفترة المقبلة»، مؤكداً «ضرورة تحوط الدول العربية من المخاطر الإقتصادية المقبلة ولما هو مقبل في ظل التحول غير المتوقع الذي يمر به العالم من حروب تجارية وتوترات سياسية».
وأضاف عز العرب «أن مصر محظوظة بما تحقق فيها على المستوى الإقتصادي خلال السنوات الأخيرة، ولكن يظل التحدي القائم هو أننا جزء من العالم الذي يمر بتحديات ضخمة».
وختم عز العرب: «مَن يعتقد أننا بمعزل عن العالم الخارجي فهو مخطئ، لأن التحول المقبل قد يُحدث تغييراً جذرياً ليس على مستوى الخريطة السياسية فقط، لكن على مستوى الخريطة الإقتصادية أيضاً، بغية خلق الفجوة في المجتمعات المختلفة».
عدنان أحمد يوسف
وقال رئيس جمعية مصارف البحرين والرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية والرئيس السابق لإتحاد المصارف العربية عدنان أحمد يوسف، «إن التقلبات السياسية كان لها إنعكاسات خطيرة على المجتمعات العربية، نتيجة الشلل الذي أصاب معظم القطاعات الإقتصادية والإجتماعية والإنسانية. واليوم نحن نمر في مرحلة تسيطر عليها حالة عدم اليقين، عناوينها الفقر والبطالة والأمية، وإضطرابات أمنية خطيرة تهز بعض بلداننا العربية، تركت ولا تزال تأثيرات سلبية على النمو الإقتصادي في المنطقة العربية بأكملها».
وأضاف يوسف: «إن ما آلت إليه الأوضاع، في بعض دولنا العربية، تستدعي منا جميعاً تفعيل جهود التنمية المستدامة والإزدهار في مجتمعاتنا العربية، والحرص على تثبيت الإستقرار المالي، وتعزيز دور القطاعين المالي والمصرفي في تعبئة الإستثمارات العربية لأغراض التنمية، إنطلاقاً من أن الإستقرار والإقتصاد صنوان متلازمان لصنع عملية النمو والتنمية على أساس مستدام، مع التأكيد بأن القطاع المصرفي العربي اليوم هو المنصة التمويلية الرئيسية للأنشطة الإستثمارية في منطقتنا العربية».
ورأى يوسف أنه «أمام هذه الأوضاع التي تمر في منطقتنا العربية، فإن المرحلة تتطلب اليوم أكثر من أي يوم مضى، ترسيخ حالة الإستقرار المالي من خلال فتح الأسواق العربية – العربية، وإعتماد إستراتيجية واضحة تصب في مصلحة القطاع المصرفي العربي، عمادها الإنفتاح على المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، ومتابعة إعتماد أعلى المعايير الدولية، في ترسيخ السمعة الطيبة لمصارفنا العربية في العالم، والإستمرار في تحقيق النتائج الجيدة، ومواكبة تطورات العمل المالي والمصرفي الدولي الجديدة في كافة المجالات، وخصوصاً على صعيد الرسملة وتطبيق التكنولوجيا المتقدمة، إلى جانب تطوير قاعدة الخدمات المصرفية، وتحسين آليات إدارة المخاطر والأزمات والإلتزام بالمعايير المصرفية العالمية، بما يتماشى مع ركائز العمل المالي الحديث».
د. محمود محيي الدين
بدوره اعتبر نائب رئيس البنك الدولي محمود محيي الدين «إن هناك بعض التطورات الإيجابية للغاية في بعض الدول العربية، بينما هناك دول أخرى تعاني من تطورات سلبية للغاية»، لافتاً إلى «أن المؤسسات الدولية تتوقع نمو إقتصادات الدول العربية بما لا يتجاوز 0.6 % خلال العام الجاري، وهي نسبة ضئيلة للغاية، مقابل 1.6 % العام الماضي، ومتوقع وصوله إلى نحو 2.6 % العام المقبل بدعم التطورات الإيجابية على مستوى قطاع الطاقة والبترول».
وأكد محيي الدين «أن النمو الإقتصادي العربي لا يلبي تطلعاتوإحتياجات وطموحات المواطنين على الإطلاق»، مشدداً على «ضرورة زيادة الإستثمار في رأس المال البشري والوقاية من المخاطر المستقبلية بزيادة النمو الإقتصادي».
وذكر محيي الدين «أن التنمية المستدامة عالمياً ليست في وضع جيد على الإطلاق، وأن الأمم المتحدة طالبت الدول بتبني رؤى طموحة لتحقيق مستهدفات 2030»، لافتاً إلى «أن الدول العربية تنقسم إلى ثلاثة أقسام في هذا الأمر، قسم منها يتناول ويطبق أهداف التنمية المستدامة وفقاً لظروفها، وأخرى لديها نوايا طيبة تجاه الأمر، بينما هناك قسم كبير عربياً وعالمياً لا يتخذ أي خطوات نحو تحقيق هذا الأمر».
ودعا محيي الدين إلى «ضرورة مكافحة الفقر، حيث إن المنطقة شهدت زيادة في معدلات نمو الفقر المدقع من 2.5 % إلى 5 % من السكان، أي نحو 18 مليون مواطن، وهذه كارثة، على عكس دول العالم حتى أفريقيا التي تحسنت النسب فيها».
وإنتقد محيي الدين «التفاوت الشديد في توزيع الدخل والثروة في الدول العربية، إذ يُعتبر التفاوت في توزيع الثروات في الوطن العربي هو الأسوأ على مستوى العالم»، ملقياً جزءاً كبيراً من المسؤولية على «عاتق القطاع المصرفي، لأنه في أوضاع الأزمة لا تجد سوى البنوك المركزية هي اللاعب الوحيد في الميدان، في ظل الديون الحكومية وعجز الموازنة لدى الكثير من الحكومات»، مطالباً بـ «ضرورة تحول الحكومة ووزارة المالية إلى لاعب رئيسي في التنمية المستدامة».