*سيد فينكاتاراماكريشنان من لندن
لأعوام، سعت شركات التكنولوجيا لجذب كبار الموظفين من الصناعات التقليدية، عن طريق منحهم دورا قياديا في مستقبل التكنولوجيا وأجورا تنافسية للغاية.
يقول سام بيركس، المدير التنفيذي في وكالة “نيكول كيرتن” للتوظيف: “إن السبب وراء رغبة الناس في الانضمام إلى هذه الشركات هو أنها وعدت برواتب عالية وكميات ضخمة من الأسهم. حتى لو لم ينته الأمر بهذه الشركات إلى طرح أسهمها، ولا يزال من الممكن أن تصبح ثرواتها أكبر بكثير في غضون خمسة أو عشرة أعوام”.
جاءت عروض العمل في الوقت الذي تفوقت فيه تقييمات هذه الشركات على المنافسين في القطاعات الأخرى بأضعاف. بلغ سعر شركة سترايب لخدمات الدفع في سان فرانسيسكو 95 مليار دولار في حزيران (يونيو) 2021، بينما بلغت قيمة نظيرتها البريطانية تشيك أوت. كوم 40 مليار دولار في يناير. على النقيض من ذلك، تبلغ القيمة السوقية للمقرض الرئيس في المملكة المتحدة نات ويست، أحد أكبر البنوك في البلد، نحو 27 مليار دولار.
لكن المد الاقتصادي المتغير جعل المستثمرين متشائمين بشكل متزايد بشأن قطاع التكنولوجيا. هذا بدوره أجبر اللاعبين الكبار على تقليص الوظائف بشكل كبير في الوقت الذي يسعون فيه لإثبات أن أمامهم طريقا لتحقيق الربحية على المدى القصير للممولين المحتملين.
بالنسبة إلى كبار الموظفين ممن هم في طريقهم إلى الحصول على ماجستير إدارة الأعمال التنفيذية – الدرجة التي يعدها بعض نقطة انطلاق لتغيير المسار الوظيفي- لا يزال قطاع التكنولوجيا يوفر فرصا لأدوار مثيرة في طليعة الابتكار. مع ذلك، في هذا الجو، يحتاج المسؤولون التنفيذيون الذين يفكرون في مثل هذه الخطوة إلى أن يكونوا أكثر حرصا بشأن الشركات التي يختارونها، كما تحذر بعض وكالات التوظيف.
لقد أثرت التوترات الجيوسياسية والركود المحتمل على الإنفاق الاستهلاكي، حيث أدى ارتفاع أسعار الغذاء والوقود إلى تقييد الأسر لنفقاتها، كان على الأسماء الكبيرة في القطاعات التي ازدهرت في فترة أسعار الفائدة المنخفضة وارتفاع فيها التجارة الإلكترونية أثناء الجائحة- مثل العملات المشفرة وخدمة “اشتر الآن وادفع لاحقا”– تقليص عدد الموظفين بشكل كبير.
في لندن فقط، تم تسريح ما لا يقل عن 4300 موظف مبتدئ منذ بداية الجائحة، وفقا لموقع Layoffs.fyi، وهي لوحة تتتبع حالات التسريح بسبب الزيادة عن الحاجة في هذا القطاع. نحو خمس هؤلاء من شركات التكنولوجيا المالية مثل تطبيق فري تريد الاستثماري، وخدمة تقديم التمويل المستند إلى الإيرادات “أن كابد”، و”سم أب” التي توفر خدمات الدفع للتجار الصغار.
تقول أليسون باور، الشريكة المؤسسة ومديرة الموارد في شركة فينيتي سيرتش، التي توظف لفرق مبيعات التكنولوجيا المالية العالمية. “جمد بعض عملائنا الأكثر رسوخا والأقدم التوظيف، حيث تأثرت عوائدهم وأرباحهم بالتباطؤ وتراجع الأسواق على مستوى العالم”.
كان تأثير ذلك انعكاسا لاتجاه استمر لأعوام، كما يقول بيركس، حيث يبدو عالم الخدمات المالية التقليدية أكثر جاذبية. مع ارتفاع أسعار الفائدة، استمرت أرباح البنوك في النمو.
“إن كثيرا من الأشخاص في شركات التكنولوجيا المالية يعودون إلى عالم البنوك. هؤلاء الأشخاص راضون بأخذ إجمالي تعويضات أقل قليلا ليكونوا في بيئة أكثر أمانا، خاصة مع كل شيء يحدث في الوقت الحالي”، حسبما يقول بيركس.
هذا ما أكده موظف بارز في بنك كبير، حيث يقول إن الموظفين المعينين لأدوار فنية غالبا ما ينتهي بهم الأمر إلى المغادرة للانضمام إلى شركات التكنولوجيا المالية – لكن معدل تناقص الموظفين قد انخفض في الأشهر الأخيرة، ما يعكس المد المتغير.
يقول بيركس إنه عين أخيرا أشخاصا من شركات العملات المشفرة وشركات “اشتر الآن، وادفع لاحقا” في مؤسسات مالية تقليدية براتب أساسي أقل، لأنهم كانوا يسعون إلى الاستقرار- على الرغم من أن بعضهم ما زال يخاطرون بأخذ الاتجاه العكسي.
الذين يأملون في التحول الوظيفي إلى التكنولوجيا المالية بعد حصولهم على ماجستير في إدارة الأعمال التنفيذية ليسوا دون خيارات. يستمر المستثمرون في استثمار الأموال في شركات التكنولوجيا المالية في مراحلها الأولى بخطط عمل معقولة – التي تتطلب رؤوس أموال أقل من نظيراتها الناضجة – ما يوفر لهم طريقا للنمو.
يقول سيمون بنسون، المؤسس والمدير في شركة ويلسون جراي للتوظيف في مجال التكنولوجيا المالية، إنه لا يزال يرى مسؤولو التوظيف يصطادون موظفين ماهرين لهذه الشركات الأصغر من شركات التكنولوجيا المالية ذات الأسماء الكبيرة التي صنعوا أسماءهم فيها.
“ما يجذب الشركة التي تخوض جولة التمويل أهم الأشخاص الذين قاموا بهذه الجولة من قبل، والموهبة المشهودة التي كانت في هذا المسار”، كما يقول، مضيفا أن جذب هؤلاء الأشخاص يمكن أن يغري المستثمرين المحتملين.
بالنسبة إلى الموظفين الذين انضموا إلى شركة ناشئة بعد أن أصبحت راسخة بالفعل، هناك أيضا فوائد محتملة للانضمام إلى شركة أحدث، يشير بينسون قائلا: “سيكونون جزءا من بناء شيء ما وسيحصلون على الأسهم والخيارات، ويمكنهم استخدام خبرتهم للحصول على نصيب أكبر”.
أكدت باور من “فينيتي” هذه النقطة، مضيفة أن شركات التكنولوجيا المالية الأكبر والأكثر رسوخا تكرر عيوب اللاعبين الراسخين عندما يتعلق الأمر بالوظائف.
تقول: “غالبا ما نجد أن عملية التوظيف أكثر تشددا، ولديهم مرونة أقل فيما يتعلق بتقديم شيء مختلف للمرشحين دون المرور بكثير من الإجراءات البيرقراطية”.