المصارف الإسلامية تشق طريقها
نحو الثبات والمهنية والتقدم العالمي
شقّت الصيرفة الإسلامية طريقها نحو النهوض والثبات والتقدم الإقليمي والعالمي، محقّقة نمواً متزايداً منذ نشأتها، وبات معدّل نموها يفوق معدل نمو القطاع المصرفي التقليدي، فيما باتت أصولها تشكل نحو25 % من إجمالي الأصول المصرفية العربية، ويُتوقع لها أن تتجاوز نحو 2.7 تريليونات دولار.
وقد أحرزت الصيرفة الإسلامية تقدماً كبيراً من حيث النمو في عدد المؤسسات والزبائن والأصول منذ نشأتها في أواخر الستينيات من القرن الماضي. وتُعتبر الصناعة المالية والمصرفية الإسلامية كواحدة من أسرع القطاعات المصرفية نمواً. ويُتوقع أن تشهد الصناعة المالية والمصرفية الإسلامية تطوراً واسعاً ولا سيما في ما يتعلق بتحسين نوعية الخدمات وإبتكار منتجات جديدة للوصول إلى قاعدة أوسع من الزبائن، فضلاً عن مواكبتها التكنولوجيا المالية Fintech ودعم الشمول المالي والذي ينبثق عنه تعزيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر. علماً أن المصارف الإسلامية لديها دور جوهري في تحقيق التنمية الإجتماعية، وإحداث نقلة نوعية في عالم الصيرفة، وتحفيز الإقتصادات وتنشيطها وفق الضوابط الشرعية الإسلامية.
وزاد عدد المؤسسات التي تقدم الخدمات المالية الإسلامية في العالم إلى ما يزيد عن أكثر من ألف مؤسسة، تعمل في 75 دولة. وهي تُقسم بين مؤسسات إسلامية بالكامل ومؤسسات تقليدية تقدم خدمات مالية إسلامية عبر نوافذ متخصصة.
ومن ميزات المصارف الإسلامية، أن علاقتها مع أصحاب الودائع ليست قائمة على أساس دائن ومدين، بل هي علاقة تؤكد تقاسم المخاطر، والأرباح والخسائر. كما أن المصارف الإسلامية تستهدف منح الخدمات المالية لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر والتي تجد صعوبة في الحصول على التمويل التقليدي نظراً إلى عدم إمتلاكها الضمانات المطلوبة من قبل المصارف والمؤسسات التقليدية، وتالياً، فإن لزيادة وتوسيع دور التمويل الإسلامي إمكانات هائلة لتعزيز الشمول المالي.
وتستمر المصارف العربية الإسلامية بالهيمنة على الساحة المصرفية الإسلامية العالمية من حيث عدد المصارف وحجمها، حيث يوجد نحو 120 مصرفاً عربياً إسلامياً بالكامل. كما تستحوذ دول مجلس التعاون الخليجي على نحو 50 % من الأصول المصرفية الإسلامية العالمية.
في المحصلة، باتت الصناعة المصرفية والمالية تحظى بمكانة إقليمية ودولية بارزة، عزّزتها قدرة هذه الصناعة على مواكبة أزمات اقتصادية ومالية عديدة على مدى العقود الماضية، وكان أخرها جائحة كورونا، حيث أثبتت الصناعة المالية الإسلامية قدرتها على الحفاظ على سلامة أوضاعها المالية، وفي الوقت عينه خدمة مجتمعاتها وإقتصاداتها وتقديم الدعم اللازم لها. ويكفي أن نذكر المملكة العربية السعودية التي تُعد أكبر سوق للتمويل الإسلامي في كل من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وخارجها، تستحوذ على ما نسبته نحو 28 % من إجمالي الأصول المالية الإسلامية عالمياً. ويبلغ مجموع أصول الخدمات المالية الإسلامية في السعودية حالياً ما يقارب 800 مليار دولار، موزعة على قطاعات المصارف، والصكوك، والتأمين، وصناديق الإستثمار.
ختاماً، لا شك في أن المصارف الإسلامية أظهرت صدقيتها المهنية في الدول الأوروبية والأميركية، كما في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، وتؤدي دوراً بارزاً في تقديم الخدمات المصرفية بشفافية مطلقة، حيث بات غير المسلمين، بالإضافة إلى المسلمين، يتعاملون معها على أنها مصارف ذات صدقية عالية، حيث تؤدي خدماتها تجاه الجميع من دون أي تحفظ، وتُلبي طلبات زبائنها وفق حاجاتهم ومتطلباتهم.