«المنتدى العربي للتنمية المستدامة» في الإسكوا، بيروت:
إرتفاع مخيف لأرقام الفقر في المنطقة بسبب كورونا
يُعد إنعقاد «المنتدى العربي للتنمية المستدامة» حضورياً، في بيت الأمم المتحدة في العاصمة اللبنانية بيروت، بعد مرور عامين على تفشي جائحة «كـوفيد-19» والتحول نحو الإجتماعات الإفتراضية، مرحلة جديدة ومناسبة للحديث عن أوضاع التنمية في المنطقة العربية. في هذا السياق، نظمت لجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) منتدى هذا العام 2022، بعنوان «التعافي والمنعة»، بمشاركة جامعة الدول العربية و16 منظمة أمميّة. علماً أن الأردن يتولّى رئاسة المنتدى لهذا العام.
إفتتح المنتدى، كل من نائبة الأمین العام للأمم المتحدة، أمینة محمد، والأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، ووزير التخطيط والتعاون الدولي في المملكة الأردنية الهاشمية، ناصر الشريدة، ووكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا، رولا دشتي.
أمينة محمد
قالت نائبة الأمین العام للأمم المتحدة، أمینة محمد: «إنّ تحقيق أهـداف التنمية المستدامة لم يُعتبر يوماً مهمّة سهلة، إلاّ أنّها ليست مستحيلة»، موضحة «أن تحقيق هذه الأهداف تتطلب أولاً الإستثمار في البشر، ولا سيما النساء والشباب؛ وتعويض الخسائر الضخمة في التعلُّم الناجمة عن الجائحة وإعادة رسم مستقبل التعليم؛ وتحقيق الإنتقال العادل والأخضر إلى بيئة منيعة إزاء تغيُّر المناخ؛ وإعتماد نهج جديد للخروج من فترات الأزمات وما بعد الأزمات».
أبو الغيط
أما الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط فسلَّط الضوء على الآثار الوخيمة التي نتجت عن الجائحة، والتي تسبّبت في فقدان العديد من المكاسب التي حققتها الدول العربية في مجال تحقيق أهـداف التنمية المستدامة، مشيراً إلى «الإرتفاع المخيف لأرقام الفقر في المنطقة»، موضحاً «أنّ هذه الأوضاع أدّت إلى تدهور العديد من مؤشرات التنمية، ولا سيما المتعلق منها بالأمن الغذائي»، منبهاً إلى «أنّ إندلاع الحرب في أوكرانيا سيؤثر سلباً بسبب إرتفاع أسعار الحبوب والسلع».
دعم التعافي وتحسين المنعة
بدوره، قال وزير التخطيط والتعاون الدولي في الأردن، ناصر الشريدة: «إن المنتدى يشكّل فرصة حقيقية وفريدة للجميع، دولاً ومؤسسات معنية بالتنمية المستدامة، لتحديد أولويات العمل وسبل تنفيذها، بما يُمكّن من التغلّب على التحدّيات»، مشيراً إلى «أن المنتدى يُركز بصورة خاصة على النهج العملي المطلوب لدعم التعافي وتحسين المنعة في البلدان العربية»، مؤكداً «أهمية ترسيخ وتعزيز الشراكات والتعاون الدولي، جنباً إلى جنب مع حشد التمويل المطلوب لتسريع وتيرة تنفيذ الإلتزامات التنموية».
إخفاقات اليوم هي أزمات المستقبل
من جهتها، تطرقت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي إلى التحدّيات التي تعصف في المنطقة، والصورة المقلقة التي تفاقمت بفعل الحرب في أوكرانيا، مؤكدة «إمكانية تحقيق التعافي الشامل للجميع، وتعزيز منعة البلدان العربية، وأنّ الآفاق يُمكن أن تكون مشرقة بالتعليم الجيد، وخلق فرص عمل للشباب، وتوفير الحماية الإجتماعية الشاملة، وتطبيق الإصلاحات الضريبية، وإعتماد الإنفاق الذكي وتحقيق التعافي الأخضر»، مشيرة إلى «أن حقّ الأطفال على الجيل الحالي، أن يُمهّد لهم طريق المستقبل، وألّا يُحمّلهم أعباء إخفاقاته، فإخفاقات اليوم هي أزمات المستقبل».
أنشطة متعددة
وتضمن المنتدى سلسلة من الجلسات العامة والجلسات المتخصصة وورشات العمل لثلاثة أيّام، وقد سلَّطت الضوء على التقدم المحرز في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة المعنية بالتعليم الجيّد، والمساواة بين الجنسين، والحياة تحت الماء، والحياة في البرّ، وتعزيز الشراكات.
وناقش المشاركون التحدّيات المرتبطة بتمويل تنفيذ هذه الأهداف، كذلك القدرة على تحقيق التعافي الإقتصادي الأخضر، وسبل الإستفادة من فرص التحول الرقمي، وإمكانات توسيع الإدماج الإجتماعي، وغيرها من التحدّيات.
على صعيد التعليم، سعت دول عربيّة عدة إلى التخفيف من أثر إغلاق المدارس، من خلال إتاحة إستخدام التكنولوجيا التعليميّة، لتسهيل التعلّم عبر الإنترنت من جهة، والتعلم الإفتراضي وبشكل وجاهي من جهة أخرى، إلا أن 1.3 مليون طفل كانوا عرضة لخطر التسرّب من المدارس نتيجة الأزمة في العام 2020.
تداعيات الجائحة
يُشار إلى أنه منذ بدء الجائحة، ضعفت الموازين المالية والخارجية في جميع أنحاء المنطقة، في ظل إرتفاع معدلات الفقر والبطالة، وأدى ذلك إلى خسارة 152 مليار دولار من المكاسب الإقتصاديّة. كما كان للجائحة آثار إجتماعية سلبية، ولا سيما على النساء. فقد أفادت 44 % من النساء اللواتي تعرّضن للعنف على الإنترنت في العام 2020 بأنّ هذه الحوادث إنتقلت من العالم الافتراضي إلى الواقع، مقارنة بنسبة 15 % في السنوات الأخرى. أما على الصعيد البيئي، فقوّضت الجائحة جهود الحكومات العربيّة في النهوض بإستدامة البيئات البحريّة، وحماية النظُم الإيكولوجيّة وإعادة تأهيلها وإستدامتها، ما أثّر على حياة الناس وسبل عيشهم في العديد من البلدان.