الولايات المتحدة والصين تقودان التعافي العالمي

Download

الولايات المتحدة والصين تقودان التعافي العالمي

موضوع الغلاف
العدد 486 - أيار/مايو 2021

الولايات المتحدة والصين تقودان التعافي العالمي في ظل تأخر أوروبا

 

إرتفع مؤشر مدراء مشتريات قطاع التصنيع العالمي إلى أعلى مستوى له في عشر سنوات،

حيث بلغ 55.0 نقطة في مارس/ آذار 2021، مما يشير إلى أن الإنتاج الصناعي العالمي إستمر في التعافي.

 وهذا ليس بالأمر المفاجئ، نظراً إلى أن الولايات المتحدة والصين تشهدان تعافياً إقتصادياً قوياً،

وهو ما يساعد في دفع عجلة الإقتصاد العالمي، بالإضافة إلى إنهماك المستهلكين المحتجزين في المنازل في طلب السلع والخدمات عبر الإنترنت للعمل والترفيه، مما عزز الطلب على مختلف السلع المصنعة

إن مؤشر مدراء مشتريات قطاع التصنيع لا يعكس الصورة الكاملة، لأنه يستثني قطاع الخدمات، وهو قطاع مهم بشكل خاص في كل من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو. لذلك قمنا بتوسيع تحليلنا ليشمل مؤشر مدراء المشتريات المركب (الذي يشمل قطاعي التصنيع والخدمات)، مما يسمح لنا بمقارنة الوضع في الإقتصادات الرئيسية الثلاثة المحركة لنمو الإقتصاد العالمي، وهي: الولايات المتحدة والصين ومنطقة اليورو.

* أولاً، بلغ مؤشر مدراء المشتريات المركب في الولايات المتحدة 59.7 نقطة في مارس/ آذار 2021، مما يدل على أن التعافي لا يزال يتعزز، وذلك بفضل المزيج القوي من التحفيز الهائل عبر كل من السياسة النقدية والمالية.

وقد تصرف بنك الاحتياطي الفيدرالي بسرعة عندما ظهر الوباء في العام الماضي، حيث سارع إلى تخفيض أسعار الفائدة إلى الصفر وأغرق الأسواق المالية بالسيولة عبر شراء الأصول. كما عدّل بنك الإحتياطي الفيدرالي سياسته لإستهداف متوسط ​​التضخم، مما منحه المرونة للنظر في ما وراء الفترة الوجيزة من ارتفاع التضخم، بعد فترة من التضخم المنخفض. والآن ستسمح هذه المرونة لبنك الاحتياطي الفيدرالي بتجنب تشديد السياسة النقدية بشكل مبكر والمخاطرة بتقويض التعافي الإقتصادي في الولايات المتحدة.

كما أجازت الولايات المتحدة جولات متعددة من الحوافز المالية، والتي إستهدفت المستهلكين والعاملين ذوي الدخل المنخفض. كما يبدو أن الزيادة الحالية في الإستثمار في البنية التحتية من المرجح أن تؤدي إلى المزيد من الحوافز، والتي تساعد في توسيع وتعزيز التعافي.

أما العامل الثالث الذي يدعم الاقتصاد الأميركي فهو تكثيف جهود التطعيم، بعد أن تلقى بالفعل أكثر من 42 % من الأشخاص البالغين الجرعة الأولى من اللقاح.

* ثانياً، إن الإنتعاش في الصين في طريقه للنضج مما يسمح بالسحب التدريجي لسياسات التحفيز. وكان الإنتعاش الأولي للصين مدفوعاً بالعودة إلى الإستثمار العام في البنية التحتية وكان ذلك مدعوماً بجهود مكافحة الوباء من خلال حملات الاختبار الجماعي وإجراءات التباعد الاجتماعي الفعَّالة.

مع سحب التحفيز، تبدأ وتيرة الإنتعاش في التباطؤ كما يتضح من مؤشر مديري المشتريات المركب للصين، والذي تراجع إلى متوسط ​​52.3 في الربع الأول من العام 2021، منخفضاً من أعلى مستوى كان قد سجله بواقع 56.3 في الربع الرابع من العام 2020. ويتم دعم النمو المستمر للصين من خلال تعافي قطاع السفر المحلي وإستمرار الطلب الخارجي القوي على صادرات المنتجات الإستهلاكية إلى بقية العالم.

* ثالثاً، ننتقل إلى منطقة اليورو التي لم يكن التعافي فيها مستداماً حيث إنخفض مؤشر مديري المشتريات المركب مرة أخرى إلى ما دون مستوى 50 بين أكتوبر/ تشرين الأول 2020 وفبراير/ شباط 2021. وكان الشكل الرئيسي للتحفيز الذي قدمته حكومات منطقة اليورو من خلال مخططات الإجازة، حيث يظل العمال يتلقون رواتبهم، حتى لو كانوا غير قادرين على العمل بسبب الإغلاق وإعانات البطالة.

كما إتخذ الاتحاد الأوروبي خطوة كبيرة إلى الأمام بإدخال صندوق الجيل القادم بالإتحاد الأوروبي (NGEU)، الذي تبلغ قيمته حوالي 880 مليار دولار، والذي يُتيح إصدار سندات مشتركة عبر الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى. لكن بيروقراطية الإتحاد الأوروبي تعني أن صندوق الجيل المقبل لا يزال على بعد أشهر من صرف أمواله الأولى، بل وحتى في حلول نهاية العام المقبل، لن يتم صرف سوى ربع أموال الصندوق.

وبالمثل، قدم البنك المركزي الأوروبي تحفيزات عبر السياسة النقدية بدرجة أقل بكثير مما قدمه بنك الاحتياطي الفيدرالي للولايات المتحدة. ويفسر الضعف النسبي للتحفيز في منطقة اليورو سبب إنخفاض مؤشر مديري المشتريات المركب في منطقة اليورو عن نظيريه في الولايات المتحدة والصين منذ منتصف العام 2020.

في الواقع، كان ارتفاع المؤشر إلى 52.5 نقطة في مارس/ آذار 2021 مدفوعاً بقوة الطلب الخارجي على الصادرات الصناعية.. لسوء الحظ، قد يضعف مؤشر مديري المشتريات لمنطقة اليورو في أبريل/ نيسان 2021 حيث تصارع أوروبا القارية الموجة الثالثة من الجائحة ويضطر عدد من البلدان إلى إعادة فرض عمليات الإغلاق.

أخيراً، يُتوقع أن يتعزز التعافي الأميركي أكثر، في حين ينضج التعافي القوي في الصين، حيث يوجد مخاطر قد تتسبب في تعثر التعافي في أوروبا. إجمالاً، من المتوقع أن يتعزز النمو العالمي تدريجاً مع مرور العام وتطعيم المزيد من الأشخاص ضد كوفيد – 19.