«بوبيان».. قصة نجاح تطلَّبت عملاً وجهداً كبيرين 

Download

«بوبيان».. قصة نجاح تطلَّبت عملاً وجهداً كبيرين 

Arabic News
(البيان)-11/05/2022

يمثل بنك بوبيان قصة نجاح مميزة، تمثل الصعود بثبات واحتلال مركز مميز في قطاع البنوك والصيرفة الإسلامية على المستويين الإقليمي والعالمي، لاسيما في مجال الخدمات الرقمية، وهو ما دفع جامعة ستانفورد العريقة Stanford Graduate School Of Business لدعوة نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة بنك بوبيان، عادل عبدالوهاب الماجد، ليحاضر أمام طلبة ماجستير إدارة الأعمال، ليكون بذلك أحد أبرز القياديين الذين حلوا ضيوفاً في السابق على الجامعة من رؤساء تنفيذيين لشركات كبيرة من بينها Ford, Johnson&Johnson, Lyft, AT&T.

وجاءت محاضرة الماجد في الفصل الدراسي System leadership، استكمالاً للدراسة التي قامت بإعدادها خريجة ماجستير إدارة الأعمال الكويتية ليلى الجاسم تحت إشراف المحـاضر روب سيقل، الذي يتولى مع جفري ايليت (الذي ترأس لمدة 16 عاماً شركة جنرال إليكتريك) الإشراف على الفصل الدراسي الذي شارك الماجد فيه، والذي يعتبر من أشهر الفصول الدراسية لطلبة الماجستير في جامعة ستانفورد، التي تعتبر المصنفة الأولى على مستوى دراسات ماجستير إدارة الأعمال في الولايات المتحدة.

 استعرض الماجد خلال المحاضرة رحلة الانطلاق في إعادة بناء البنك في عام 2009 مع توليه منصب الرئيس التنفيذي للبنك، محملاً بخبرات طويلة قضاها في بنك الكويت الوطني، ليبدأ في تشكيل فريقه الذي ضم مجموعة مميزة من القياديين، الذين شغلوا لسنوات مناصب عدة في القطاع المصرفي الكويت.

وقال الماجد: «خلال سنوات معدودة نجحنا في أن نحقق نمواً ثنائي الرقم في كل سنة على مستوى العديد من المؤشرات المالية المهمة، وبحلول 2020 حاز بنك بوبيان ثاني أكبر عدد للعملاء الكويتيين، وتطور من أصغر بنك في الكويت، ليصبح ثالث البنوك الكويتية، وأصبح قوة كبيرة تنافس في القطاع المصرفي الكويتي».

ووصف الماجد هذه الإنجازات «الآن وبعد 12 عاماً من مرحلة التغيير لبوبيان أصبحنا مجموعة تضم 3 بنوك هي: بوبيان وبنك لندن والشرق الاوسط والبنك الرقمي Nomo bank، وشركتان للتأمين التكافلي والاستثمار وشركة للخدمات.

وأضاف: «لم يكن الوصول إلى ما وصلنا إليه في عام 2021 تحديداً سهلاً، إلا انه يمكن تلخيص سر نجاحنا في مجموعة نقاط، أبرزها وضع استراتيجية واضحة وتكوين فريق تنفيذي من أصحاب الخبرات، والعودة لأساسيات العمل المصرفي والتركيز على خدمة العملاء والاستثمار في الخدمات المصرفية الرقمية، والاستثمار في الموارد البشرية والتركيز على العنصر الوطني».

التعامل مع الأزمة العالمية

تاريخياً تأسس بنك بوبيان عام 2004، وبدأ في ممارسة أنشطته فعلياً في العام التالي في ظل ارتفاع حدة المنافسة وقتها، ثم جاءت الأزمة المالية العالمية في 2008 لتلقي بظلالها على مختلف القطاعات الاقتصادية في الكويت، لاسيما القطاعين المصرفي والمالي.

وبحلول عام 2009، استحوذ بنك الكويت الوطني على حصة مؤثرة في بنك بوبيان – استمر بعد ذلك في زيادة نسب ملكيته لتصل حالياً إلى %60 تقريباً ـ ومع هذا التغيير جاء الماجد إلى بوبيان محملاً بخبرات تصل إلى حوالي 30 عاماً.

يقول الماجد عن هذه الخطوة: «عندما سنحت لي الفرصة للانضمام إلى بنك بوبيان، قلت الآن أنا رقم 3 أو 4 على مستوى قيادات بنك الكويت الوطني، ومن المحتمل أن يستمر الأمر كذلك، لذا، يجب أن أقبل التحدي، وأن أذهب إلى بنك بوبيان لأحصل على فرصة لأخوض تجربة وقصة نجاح خاصة، حيث قررت وقتها أن أفعل الأشياء على نحوٍ مختلف، وأن أرسي ثقافة العمل بروح الفريق في ظل قناعاتي بفرص النمو الهائلة للصيرفة الإسلامية.

وفي أغسطس 2009، ترك الماجد منصبه في بنك الكويت الوطني، ليتولى منصب الرئيس التنفيذي لبنك بوبيان، وخلال 30 دقيقة من قرار تعيينه في منصبه الجديد، قام الماجد بزيارة المقر الرئيسي لبنك بوبيان، ولاحظ عند دخوله وجود جهاز البصمة لإثبات حضور الموظفين، فطلب إزالته لعدم الحاجة إليه، مبيناً أنه يقيم الموظفين بناءً على أدائهم في إشارة تؤذن بثقافة جديدة في مكان العمل.

وأثناء دخوله إلى المقر الرئيسي، لاحظ لوحة مكتوب عليها «مصعد خاص بالرئيس التنفيذي»، وخلال دقائق طلب أن يتاح المصعد لاستخدام الجميع، ومن خلال تأمل أول قرارين له، شرح الماجد أسلوب إدارته «أن يكون من السهل الوصول إليه مع بناء الثقة ووجوب المساءلة».

ومنذ البداية وضع الماجد رؤيته لتواجد بنك بوبيان على صعيد الخدمات المصرفية للأفراد، والتي يلخصها بقوله: «نظرت إلى المنافسين الرئيسيين في قطاع الصيرفة الإسلامية في الكويت، ووصلت إلى حقيقة كونهم يعتمدون على هويتهم الإسلامية، بينما لديهم مشكلات في خدمة العملاء، لذا رأيت اننا لو قدمنا خدمة متميزة، ومنحنا العملاء كل ما يحصلون عليه من البنوك التقليدية (منتجات وخدمات وخبرات)، وأضفنا إليها الصبغة الإسلامية، فربما نصبح البنك المفضل لهم».

تكوين فريق العمل

واستمرت التغييرات في إدارة البنك، حيث عمل الماجد على تكوين فريق عمله لينضم إليه لاحقاً عدد من المسؤولين التنفيذيين، ممن عملوا معه سابقاً، على رأسهم عبدالله التويجري كنائب للرئيس التنفيذي للخدمات المصرفية للأفراد، وعبدالسلام الصالح كنائب للرئيس التنفيذي للخدمات المصرفية للشركات.

ويستعرض الماجد أبرز الخطوات التي تم اتخاذها «عند وضع تقديرات البنوك، تتبع بعض البنوك أسلوباً أقل تحفظاً، ولكن أكثر خطواتنا شجاعة كانت تجنيب 234 مليون دولار أميركي كمخصصات بما تجاوز 3 أضعاف ما تم تجنيبه في العام السابق لذلك العام، وفي يناير 2010 كان البنك يتمتع بوضعية سليمة من حيث الميزانية العمومية، حيث كنا نعاني من بعض المشكلات على صعيد الخدمات والمنتجات والنظم، ولكن الميزانية العمومية أصبحت أفضل وامتلكنا فريق إدارة جديداً قادراً على الانطلاق مجدداً.

وحسب دراسة أولية للبنك في ذلك الوقت، فقد تم تقدير نسبة الكويتيين الليبراليين بحوالي ما بين %10 ــ %15، وهؤلاء يتجنبون إلى حد ما البنوك الإسلامية، بينما هناك نسبة مماثلة تتعامل فقط مع البنوك الإسلامية، أما النسبة المتبقية، وهي المتحفظة إلى حد ما، فهم على استعداد للتعامل مع البنوك الإسلامية بكل تأكيد، ولكن ليس على حساب الخدمات والمنتجات والابتكار.

التوسّع في الفروع والخدمات الرقمية

وكانت دراسة خريجة ماجستير إدارة الأعمال بجامعة ستانفورد، ليلى الجاسم، قد لفتتت إلى أن بنك بوبيان كان لديه فقط 10 فروع في 2009، وقتها اتخذ الماجد قراراً بالتوسع في انتشار البنك، ملخصاً ذلك بقوله: «خلال الأعوام الماضية صرح منافسونا بأن (المستقبل للخدمات الرقمية)، وأنا أوافق على ذلك، ولكنني لن أنتظر إلى أن يتغيّر العملاء، فبينما قام العديد من البنوك بغلق فروع، كنا نقوم بافتتاح فروع جديدة».

وتنقل الدراسة عن الماجد: «لقد اكتشفنا أن لدينا فريق تكنولوجيا معلومات قوياً، لذلك قدمنا لهم حوافز، وفرغناهم من بعض المهام الروتينية في أعمالهم، كما أتحت لهم كامل الحرية في تطوير المنتجات، وهذا أمر غير معتاد في الخدمات المصرفية التقليدية».

وتشير جميع مؤشرات البنك الرئيسية إلى نتائج الجهود التي قام بها الماجد وفريقه، حيث ظهرت بشكلٍ سريع في نهاية 2010، وبعد أقل من عامين على التحول، ارتفعت محفظة تمويل البنك بنسبة %73 من 1.6 مليار دولار في 2008 إلى 2.7 مليار دولار في 2010.

وخلال الفترة من 2010 إلى 2021، أصبحت محفظة تمويل الأفراد، التي مثلت نسبه متواضعة من محفظة التمويل في 2008، تمثل %42 من محفظة التمويل، حيث بلغت 7.9 مليارات دولار في 2021 (زيادة بـ3 أضعاف على مدار 7 سنوات بمعدل سنوي مركب %17)، بينما زادت تمويلات الشركات عن الضعف خلال الفترة من 2008 إلى 2021، لتصل إلى 10.8 مليارات دولار أميركي. وتغيرت تركيبة محفظة التمويل أيضاً، حيث أصبحت المؤسسات المالية (باستثناء البنوك) تمثل ما يقل عن %4 من إجمالي المحفظة في 2015 نزولاً من %46 في 2008.

وفي عام 2010، حقق البنك صافي ربح بلغ 20 مليون دولار، على الرغم من تحقيق صافي خسارة يبلغ 171 مليون دولار أميركي في العام السابق، وخلال الفترة من 2010 إلى 2021، ارتفع صافي ربح البنك بمعدل سنوي مركب يبلغ %21 ليصل إلى 106 ملايين دولار أميركي في 2021.

كما بلغت أصول البنك 24 مليار دولار في 2021، ارتفاعاً من4.4 مليارات دولار أميركي في 2010، بمعدل سنوي مركب بلغ %17، كما استقرت القروض غير المنتظمة عند %1 من إجمالي القروض المنخفضة القيمة في 2021، ومن حيث الحصة السوقية، فقد وجد البنك ضالته في الشباب الكويتي، ففي 2021، بلغ عدد الشباب الكويتي بين عملاء البنك %50.

وقد جنى البنك ثمار التركيز على الخدمة، حيث حصل بشكلٍ مستمر على أعلى مستويات رضا العملاء في الكويت، وحصل على جائزة أفضل بنك إسلامي في خدمة العملاء من سيرفس هيرو على مدار 12 عاماً.

مركز الإبداع الرقمي

بعد إدراك نجاح البنك في استقطاب جيل الألفية المولع بكل ما هو رقمي، ركز بوبيان على التكنولوجيا كنقطة يمكن أن تكسبه ميزة تنافسية، وفي 2015 قرر فريق العمل إضافة الصبغة المؤسسية على هذه الميزة عبر إطلاق مركز بوبيان للإبداع الرقمي.

يشرح الماجد ذلك بقوله: «لقد استغرقنا 18 شهراً للانتقال من نموذج تكنولوجيا المعلومات، التي تقدم جميع الخدمات، إلى إنشاء وحدتي أعمال منفصلتين، بحيث يشرف فريق تكنولوجيا المعلومات على المكونات التقنية والأجهزة، بينما يعمل مركز الابتكار الرقمي كمصنع رقمي مع فرق تهتم بمختلف المنصات.

وعلى مدار السنوات السبع الأخيرة احتفظ البنك بلقب أفضل بنك إسلامي على مستوى العالم في مجال الخدمات المصرفية الرقمية، وهي الجائزة التي حصل عليها من مؤسسة غلوبل فاينانس العالمية نتيجة الإنجازات التي حققها في هذا المجال».

التوسّع الخارجي وNomo Bank

تطرق الماجد إلى رحلة بوبيان وخطواته التوسعية الخارجية، من خلال استحواذه على بنك لندن والشرق الأوسط، والذي يمتلك فيه حالياً %71 من الأسهم، ثم جاء إعلان بنك بوبيان عن انطلاق أعمال علامته التجارية الجديدة Nomo Bank بالكامل في الكويت والمملكة المتحدة، كأول بنك رقمي إسلامي عالمي من لندن، لديه القدرة على تقديم خدماته للجميع، سواء من عملاء بوبيان أو غيرهم.

قال الماجد: «يطمح البنك إلى أن يُصبح البنك الإسلامي المفضل لعملاء دول مجلس التعاون الخليجي في المملكة المتحدة، حيث تم وضع مجموعة من المبادئ الرئيسية ضمن استراتيجية التحوّل الخاصة بالبنك بعد الاستحواذ، من بينها بناء علامة تجارية مستدامة تركز على العملاء ومنسجمة مع مجموعة بنك بوبيان».

ماذا بعد؟

لم يخف الماجد بعض آرائه بخصوص المستقبل، والممزوجة ببعض المخاوف بقوله: «أخشى أن يبقى الوضع من دون تغيير، فنحن في طريقنا لنصبح البنك صاحب أكبر حصة سوقية من العملاء الكويتيين خلال بضع سنوات، إلا أن السؤال الذي نطرحه الآن هو: ماذا بعد؟ وكيف سنقوم بالمحافظة على هذا النمو لبنكنا في ظل ارتفاع حدة المنافسة؟».

وعلى الرغم من سهولة الاستراتيجيات نظرياً، فإن الماجد وفريقه كانوا يعلمون أن الكلام أسهل من الأفعال، ويعلق الماجد على ذلك بقوله: «إن وضع الاستراتيجية هو الجزء السهل، إلا أن التحدي يكمن في وضع الأشخاص المناسبين في المكان السليم، وتنفيذ الاستراتيجية بشكلٍ منضبط».