تأثير الأزمة الروسية – الأوكرانية على الأمن الغذائي العربي

Download

تأثير الأزمة الروسية – الأوكرانية على الأمن الغذائي العربي

الدراسات والابحاث والتقارير
العدد 496 - آذار/مارس 2022

تأثير الأزمة الروسية – الأوكرانية على الأمن الغذائي العربي

تحديات تُواجه الدول العربية في تأمين حاجاتها من الحبوب والطحين والخبز

مع إندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، وفرض عقوبات متزايدة وشديدة من قبل الدول الغربية على روسيا، وإحتمال توقف صادرات هاتين الدولتين إلى الخارج لفترة قد تطول، ومنها صادرات الحبوب، تزايدت المخاوف من تداعيات تلك الأزمة على الأمن الغذائي في الدول العربية تحديداً، بسبب إعتماد عدد كبير من تلك الدول، وبشكل كبير جداً، على واردات الحبوب من كل من أوكرانيا وروسيا.

يتناول هذا التقرير، الذي أعدَّته إدارة البحوث والدراسات في إتحاد المصارف العربية، الإضاءة على مدى إعتماد الدول العربية على واردات القمح والذرة وطحين (دقيق) القمح من كل من روسيا وأوكرانيا، وتالياً فهو يسلط الضوء على التحديات التي يُمكن أن تواجه الدول العربية في تأمين حاجاتها من الحبوب والطحين والخبز، في حال إمتدت الحرب الى وقت طويل و/أو تعرّضت روسيا تحديداً لعقوبات ومقاطعة واسعة، قد تمنع إمكانية إستمرارها في التصدير الى الأسواق الخارجية. علماً أن هذه الإحتمالات قد دفعت بأسعار القمح صعوداً لتصل الى مستويات لم تسجلها منذ 14 عاماً.

صادرات القمح والذرة وطحين (دقيق) القمح من روسيا وأوكرانيا

تُمثل صادرات روسيا وأوكرانيا من القمح والذرة جزءاً كبيراً جداً من الصادرات العالمية من هذين المنتجين. يُظهر الجدول رقم 1 صادرات كل من روسيا وأوكرانيا خلال العام 2020، ونسبتها من مجمل الصادرات العالمية. وقد بلغت نسبة صادرات روسيا من القمح في العام 2020، 19.4 % من صادرات القمح العالمية، و1.2 % من صادرات الذرة، و2.2 % من صادرات طحين القمح.

في المقابل، بلغت صادرات أوكرانيا من القمح نسبة 9.4 % من مجل الصادرات العالمية في العام 2020، وصادراتها من الذرة نسبة 15.1 % من الصادرات العالمية، وطحين القمح نسبة 1.9 %. وعليه، فقد بلغت صادرات هاتين الدولتين نحو 55,323 ألف طن من القمح في العام 2020، مثلت نسبة 28.8 % من الصادرات العالمية، ونحو 30,242 ألف طن من الذرة، مثلت نسبة 16.3 % من الصادرات العالمية، ونحو 468 ألف طن من طحين القمح، مثلت نسبة 4.1 % من الصادرات العالمية. تدل هذه الأرقام على الاهمية الكبيرة لروسيا وأوكرانيا في إنتاج وتصدير القمح والذرة عالمياً، وخطورة إنقطاع صادراتهما عن الأسواق الدولية.

صادرات القمح من روسيا وأوكرانيا الى الدول العربية

تعتمد الدول العربية بشكل كبير على واردات القمح من روسيا وأوكرانيا، حيث تُظهر البيانات أن الدول العربية قد إستوردت نحو 13,165 ألف طن من القمح من روسيا (بتكلفة 2,847 مليون دولار) ونحو 7,598 ألف طن من أوكرانيا (بتكلفة 1,527 مليون دولار) في العام 2020.

وقد شكلت واردات القمح الروسي الى الدول العربية نسبة 35.3 % من مجمل صادرات روسيا من القمح، في حين شكلت واردات القمح الأوكراني إلى الدول العربية نسبة 42.1 % من مجمل صادرات أوكرانيا من القمح.

وعليه، فقد بلغت مجمل واردات القمح الى الدول العربية نحو 20,763 ألف طن في العام 2020، مثّلت نحو 10.8 % من مجمل صادرات القمح العالمية، ما يدل على الإعتماد الكبير للدول العربية على هذه السلعة من جهة، وأهمية السوق العربية بالنسبة إلى القمح من جهة أخرى. أما بالنسبة إلى مجمل تكلفة إستيراد القمح من روسيا وأوكرانيا إلى الدول العربية، فقد بلغت نحو 4,374 مليون دولار.

أما على صعيد كل دولة، فقد إحتلت مصر المرتبة الأولى عالمياً في إستيراد كل من القمح الروسي والأوكراني، حيث إستوردت نحو 8,255 ألف طن من القمح الروسي ونحو 3,075 ألف طن من القمح الأوكراني في العام 2020. وهكذا تكون مصر قد إستوردت نسبة 62.7 % من واردات القمح الروسي إلى الدول العربية و22.1 % من مجمل صادرات روسيا من القمح، و40.5 % من مجمل واردات القمح الأوكراني إلى الدول العربية، ونسبة 17.0 % من مجمل صادرات أوكرانيا من القمح.

وقد تلى مصر من حيث حجم إستيراد القمح من روسيا وأوكرانيا، اليمن، بمجمل واردات بلغت نحو 1,504 ألف طن، فالسودان (1,443 ألف طن)، فالمغرب (1,379 ألف طن)، فتونس (1,095 ألف طن)، فلبنان (829 ألف طن)، فليبيا (717 ألف طن)، فالإمارات العربية (686 ألف طن)، فالأردن (517 ألف طن)، فسلطنة عُمان (453 ألف طن)، فالسعودية (311 ألف طن)، فموريتانيا (284 ألف طن)، فقطر (73 ألف طن)، فالصومال (70 ألف طن)، فجيبوتي (17 ألف طن)، فالجزائر (5 آلاف طن)، فالكويت (0.3 ألف طن)، فالعراق (0.1 ألف طن).

صادرات الذرة من روسيا وأوكرانيا الى الدول العربية

تُظهر البيانات الواردة في الجدولين 4 و5 أن الدول العربية قد إستوردت نحو 130 ألف طن من الذرة من روسيا (بتكلفة نحو 24 مليون دولار) ونحو 5,740 ألف طن من أوكرانيا (بتكلفة 991 مليون دولار) في العام 2020. وقد شكلت واردات الذرة الروسية الى الدول العربية نسبة 5.7 % من مجمل صادرات روسيا من الذرة، في حين شكلت واردات الذرة الأوكرانية إلى الدول العربية نسبة 20.5 % من مجمل صادرات أوكرانيا من الذرة. وعليه، فقد بلغت مجمل واردات الذرة إلى الدول العربية نحو 5,870 ألف طن في العام 2020، مثّلت نحو 19.4 % من مجمل صادرات الذرة العالمية، ما يدل على الإعتماد الكبير للدول العربية على هذه السلعة من جهة، وأهمية السوق العربية بالنسبة إلى الذرة من جهة أخرى. أما بالنسبة إلى مجمل تكلفة إستيراد الذرة من روسيا وأوكرانيا إلى الدول العربية، فقد بلغت نحو 1,016 مليون دولار.

وعلى صعيد كل دولة، إحتلت مصر المرتبة الثالثة عالمياً في إستيراد الذرة من أوكرانيا، والمرتبة 26 عالمياً في الإستيراد من روسيا، حيث إستوردت نحو 2,924 ألف طن من الذرة الأوكرانية، ونحو 0.8 ألف طن من الذرة الروسية.

وعليه، تكون مصر قد إستوردت نسبة 50.9 % من واردات الذرة الأوكرانية إلى الدول العربية ونسبة 10.5 % من مجمل صادرات أوكرانيا من الذرة، و0.6 % من مجمل واردات الذرة الروسية الى الدول العربية ونسبة 0.03 % من مجمل صادرات روسيا من الذرة. وقد تلى مصر من حيث حجم إستيراد الذرة من روسيا وأوكرانيا، الجزائر، بمجمل واردات بلغت نحو 773 ألف طن، فليبيا (593 ألف طن)، فتونس (508 ألف طن)، فالمغرب (270 ألف طن)، فلبنان (266 ألف طن)، فسلطنة عُمان (151 ألف طن)، فالإمارات العربية المتحدة (118 ألف طن)، فالعراق (110 ألف طن)، فالسعودية (72 ألف طن)، فالأردن (39 ألف طن)، فسوريا والكويت (22 ألف طن لكل منهما)، فقطر (3 آلاف طن)، فاليمن (0.1 ألف طن).

صادرات طحين (دقيق) القمح من روسيا وأوكرانيا الى الدول العربية

تُظهر البيانات الواردة في الجدولين 6 و7 أن الدول العربية قد إستوردت نحو 4,420 طن من طحين القمح من روسيا (بتكلفة 1.17 مليون دولار) ونحو 91,314 طن من أوكرانيا (بتكلفة 24.2 مليون دولار) في العام 2020. وقد شكلت واردات طحين القمح الروسي إلى الدول العربية نسبة 1.8 % من مجمل صادرات روسيا منه، في حين شكلت واردات طحين القمح الأوكراني الى الدول العربية نسبة 41.2 % من مجمل صادرات أوكرانيا منه. وعليه، فقد بلغت مجمل واردات طحين القمح الى الدول العربية نحو 95,734 طن في العام 2020. أما بالنسبة إلى مجمل تكلفة إستيراد الذرة من روسيا وأوكرانيا إلى الدول العربية، فقد بلغت نحو 25.3 مليون دولار.

على صعيد كل دولة، إحتلت الإمارات العربية المرتبة الأولى عالمياً في إستيراد طحين القمح من أوكرانيا، والمرتبة 21 عالمياً في إستيراده من روسيا، حيث إستوردت نحو 46,349 طناً من الطحين الأوكراني، ونحو 201 طناً من الطحين الروسي.

وعليه، تكون الإمارات قد إستوردت نسبة 50.8 % من واردات طحين القمح الأوكراني إلى الدول العربية، ونسبة 20.9 % من مجمل صادراتها منه، ونسبة 4.6 % من مجمل واردات طحين القمح الروسي إلى الدول العربية، ونسبة 0.1 % من مجمل صادراتها منه. وقد تلى الإمارات العربية من حيث حجم إستيراد طحين القمح من روسيا وأوكرانيا، فلسطين، بمجمل واردات بلغت نحو 26,614 طناً، فالصومال (13,426 طناً)، فالعراق (4,490 طناً)، فقطر (1,277 طناً)، فجيبوتي (1,071 طناً)، فجزر القمر (993 طناً)، فليبيا (581 طناً)، فلبنان (195 طناً)، فاليمن (170 طناً)، فالسودان (150 طناً)، فالسعودية (92 طناً)، فسلطنة عُمان (25 طناً)، فالأردن (0.8 طناً)، ومصر (0.04 طناً).

خلاصة

في المحصلة، قد يشكل الإعتماد الكبير لمعظم الدول العربية على واردات القمح والذرة من كل من روسيا وأوكرانيا تحدياً جدياً في ما خصّ الأمن الغذائي العربي، ولا سيما مع تصاعد حدة الحرب الروسية – الأوكرانية، وتشديد العقوبات على روسيا وإحتمال قطعها عن النظام المالي الدولي وحتى منعها من التصدير إلى الأسواق الدولية. ومجدداً، يدعو هذا الأمر الدول العربية إلى السعي الى تعزيز الأمن الغذائي ذاتياً، عبر الإستثمار في مشاريع زراعية عربية مشتركة، وذلك في ظل وجود فوائض مالية ضخمة وأراض شاسعة قابلة للزراعة على إمتداد الوطن العربي.