أستاذ الإقتصاد الدولي في معهد نيويورك للعلوم المالية د. نبيل زكي:
توقف وسائل التواصل الإجتماعي خطر جداً على مستوى الإقتصادات العالمية
وليس صدفة في ظل قيام بعض الدول بالعديد من الإجراءات بعد هذا العطل
تحدث أستاذ الإقتصاد الدولي في معهد نيويورك للعلوم المالية والخبير الإقتصادي د. نبيل زكي عن حجم الخسائر التي نجمت عن إنقطاع مواقع التواصل الإجتماعي (لمدة سبع ساعات) مساء الإثنين 4 تشرين الأول/أكتوبر 2021، وقال: «إن إنقطاع مواقع «الفيسبوك»، و«الإنستغرام»، و«الواتساب»، ليس كما يعتقد الكثيرون بأنه عطل مؤقت، بل أخطر من ذلك بكثير، إذ إننا نتحدث عن توقف الـ GPS الذي يُستخدم في توجيه الطائرات، والسفن وحركة الأقمار الإصطناعية، وأبراج المراقبة، من دون أن ننسى بأننا لا نتحدث عن خدمة في عينها، إنما عن وسائل التواصل الإجتماعي، التي أصبحت المصدر الأول للمعلومات في الإعلام العالمي كما في التسويق وغيره».
أضاف د. زكي: «أن آلاف الشركات ولا سيما ما بعد جائحة «كوفيد-19» تعتمد بنسبة 90% على المبيعات الإلكترونية»، مشيراً إلى «أن توقف وسائل التواصل الإجتماعي ترك آثاراً مدويّة على الإقتصادات العالمية وفي وقت قصير جداً». وقال: «إن ما حصل مسّ أمن المعلومات، من دون أن ننسى أنه حصل مؤخراً إختراق أمني – تقني، لتغيير مسار سفينة نفط كانت متوجهة من تاكساس إلى نيوجرسي (الولايات المتحدة الأميركية)»، معتبراً «أن الفرضيات كلها المتاحة في هذا الوقت، رغم إستبعاد الفيسبوك نظرية المؤامرة، أو الهجوم الإلكتروني، لكننا نتحدث عن أمر ما حصل ولا نستطيع تقديره في الوقت الحاضر».
وتحدث د. زكي قائلاً: «أن خسائر البورصة العالمية جرّاء توقف وسائل التواصل الإجتماعي، تتعدّى الـ 60 مليار دولار»، معتبراً «أن خسائر البورصة قد تتعدّى الـ 150 مليار دولار، فيما يعجز الخبراء الإقتصاديون والماليون عن إحتساب الخسائر المادية، إذ إنها تفوق التوقعات، لأن التكهنات حيال توقف وسائل التواصل متعددة وعالية التوقعات، بمعنى هل هو خطأ تقني؟ أو غير ذلك؟ علماً أنه يجري التواصل مع البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية)، والبيت الأبيض للتصدّي للأخطار أو لدرئها حيال مرحلة عطل الفيسبوك أو ما بعده».
وتابع د. زكي: «أن مديرة المحتوى في الفيسبوك (سابقاً) فرانسيس هاوغن لديها عشرات الآلاف من المستندات والملفات، ستُدلي بمعلومات أمام لجنة التجارة في مجلس الشيوخ الأميركي، وهي تفيد في طبيعة الحال عن أسباب توقف وسائل التواصل الإجتماعي. علماً أن ثمة معلومات مغرضة، مضلّلة ومزيّفة، وغير صحيحة، تُنشر يومياً وتؤثر سلباً على المجتمع الأميركي. ويُمكننا أن نُقدّر كمّ أثّرت سلباً هذه المعلومات المضللة على العالم بأسره، وخصوصاً أن هذا العالم بات قرية صغيرة جرّاء التكنولوجيا المتطورة والمتسارعة».
ولفت د. زكي إلى «تصريح أخير للبيت الأبيض إتسم بالخطورة الكبيرة جرّاء توقف وسائل التواصل. علماً أن تعطل هذه التطبيقات، مسّ الإقتصاد العالمي كله، كما مسّ أمن المعلومات»، مشيراً إلى «أن كل الفرضيات حول أسباب هذا العطل لا تزال متاحة حتى الآن».
وخلص زكي إلى «أن قيام بعض الدول بالعديد من الإجراءات بعد هذا العطل، يُوضح مدى خطورة هذا الأمر، وتخوّف الدول من هذا العطل»، مشيراً إلى «أن دولة الإحتلال الإسرائيلي عادت إلى إستخدام التكنولوجيا القديمة، في أول إجراء لها، رداً على هذا العطل»، محذراً من «أن هذا العطل ليس صدفة بالتأكيد».
مديرة المحتوى في الفيسبوك (سابقاً) فرانسيس هاوغن
تدعو إلى ضبط أكبر منصة تواصل إجتماعي في العالم
أدلت مديرة المحتوى السابقة في موقع فيسبوك فرانسيس هاوغن، بشهادة وُصفت بالصادمة، في جلسة إستماع أمام اللجنة الفرعية للتجارة وحماية المستهلك وسلامة المنتجات وأمان البيانات في مجلس الشيوخ الأميركي، داعية إلى «التحرك من أجل ضبط أكبر منصة تواصل إجتماعي في العالم».
وقالت هاوغن: «إن «المارد الأزرق» يعمل من دون أن يخضع لأي إشراف»، وحثّت الكونغرس على «جعل المنصة أكثر أمانا»، كاشفة عن «أمور مثيرة في شأن الطريقة التي يعمل بها موقع التواصل الإجتماعي». علماً أن هذه المسؤولة السابقة هي المصدر الذي يقف وراء تسريب الآلاف من صفحات البحوث الداخلية في موقع فيسبوك، لمصلحة صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية.
وأثارت التسريبات مخاوف في الكونغرس في شأن تأثير «فيسبوك» على الأطفال واليافعين وصحتهم العقلية، بينما قالت هاوغن إنها «قررت أن تخرج عن صمتها لأنها تنظر بإرتياب إلى الموقع وتحسبه خطيراً».
وأوضحت هاوغن «أن جزءاً مما يقوم به فيسبوك لا يدخل ضمن الأمور غير القانونية، لأن الموقع يخفي المعلومات التي من شأنها أن تتيح للمشرّعين وضع ضوابط وقوانين تعالج المشاكل القائمة».
وحذّرت هاوغن من «أن الأطفال في الولايات المتحدة يتعرّضون للتضليل من فيسبوك»، وقالت: إنه «في وسع الكونغرس أن يُغيّر القوانين التي يعمل موقع فيسبوك في إطارها»، مقترحة «إدخال تعديل على المادة 230 من قانون آداب الإتصالات، وهو تشريع يحمي المنصات من تحمّل المسؤولية عمّا يقوم المستخدمون بمشاركته على صفحاتها».
يُذكر أن هاوغن كانت ذكرت في حوار سابق مع صحيفة «واشنطن بوست»، بـ «أن المشرّعين الأميركيين أنفسهم ممّن يجري تكليفهم بأمور ضبط فيسبوك، لا يتوفرون على المعلومات الكافية التي تُتيح لهم أن يضبطوا أضرار المنصة»، داعية إلى «مراجعة الشق المتعلق بـالخوارزميات، وذلك حتى يكون الموقع إلى جانب المنصات الأخرى، مسؤولاً عن إختياراته، وقابلاً للمقاضاة، بسبب ترتيب المحتوى المعروض أمام المستخدم، على نحو معين»، مشددة على «أن الموقع يكون على دراية ببعض الأمور التي ليست على ما يرام، لكنه يُقرر عدم التحرك لأجل التصحيح».
تلويح بالعواقب
من جهتها قالت عضو مجلس الشيوخ الأميركي، مارشا بلاكبيرن، (الحزب الجمهوري): «إن موقع فيسبوك يعطي الأولوية للمكاسب المالية»، مشيرة خلال جلسة الإستماع لمسؤولة المحتوى السابقة، إلى «أن الوقت قد حان حتى يقوم موقع فيسبوك بتغيير سياسته».
من ناحيته، قال عضو مجلس الشيوخ الأميركي، ريتشارد بنومنثال (الحزب الديموقراطي): إنه «في حال ثبت تورط فيسبوك في تضليل الناس، فعليه أن يُواجه عواقب وخيمة»، داعياً إلى «منع موقع فيسبوك الذي يحظى بإنتشار واسع، من أي نشاط يستغل الأطفال، وهو ما نبّهت إليه منظمات وجهات عدة، خلال السنوات الماضية». علماً أن هذه الجلسة التي إنعقدت في الكونغرس الأميركي، لم تؤثر بشكل كبير على الموقع، لأن أسهم الشركة إرتفعت 2%، في تداولات اليوم الثاني ما بعد عطل الفيسبوك، بعدما تكبّد خسائر فادحة في اليوم التالي لهذا العطل، إلى جانب منصتي إنستغرام وواتساب المملوكتين للمارد الأزرق.
(المصدر: سكاي نيوز عربية)