د. فريز: ندعو البنوك العربية إلى التوحّد لإسماع صوتها عالمياً
دعا محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور زياد فريز المصارف العربية إلى التوحّد والنهوض باقتصادات المجتمعات العربية وخدمة قضاياها، ما يجعلها مؤهلة للتكتل وفرض رؤاها على المستوى الدولي، وقادرة على إسماع صوتها عند صياغة التشريعات والسياسات المالية العالمية، ورأى في حوار مع «مجلة إتحاد المصارف العربية» أن الاضطرابات والحروب التي تشهدها المنطقة وضعتها أمام منعطف تاريخي يتطلب ضرورة تكاتف الجهود إقليمياً للحفاظ على استقرار الأنظمة المالية العربية. وأكد د. فريز أن الجهاز المصرفي الأردني يتمتع بالمتانة والقوة والقدرة على التنافس إقليمياً ودولياً، متوقعاً أن يشهد الاقتصاد الأردني تحسناً تدريجياً خلال السنوات المقبلة.
وكشف د. فريز في حديث إلى «مجلة إتحاد المصارف العربية» عن عزم الأردن تنفيذ مشاريع ضخمة في مجال الطاقة، وعن فتح قطاعي النقل والمياه أمام المستثمرين المحليين والدوليين، مؤكداً على دعم الشركات الصغيرة التي تشكل 95 في المئة من قطاع الأعمال، وتلعب دوراً حيوياً في مسيرة النمو الاقتصادي. وفي ما يلي نص الحوار:
أصدر صندوق النقد الدولي تقريره مؤخراً حول برنامج الأردن الاقتصادي، إذ حقق الأردن نجاحاً في معالجة الصدمات الخارجية خلال الاعوام الماضية، فقد احتفظ الاقتصاد الأردني بصلابته ولا يزال يتمتع بأساسيات اقتصادية قوية، لكن لا تزال ثمة تحديات تشكل ضغطاً على هذا الاقتصاد، فلماذا لا يزال نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي أقل من المستوى الممكن، فيما البطالة تتزايد، خصوصاً بين الشباب والنساء، وما هو دور البنك المركزي في دعم النمو؟
– حقق الاقتصاد الوطني نجاحاً كبيراً في التعامل مع الصدمات الخارجية خلال السنوات الماضية، ليثبت بأنه اقتصاد مرن ويتمتع بدعامات قوية مكنته من تجاوز التحديات التي تواجهه وبكل اقتدار، فقد سجل الاقتصاد الوطني نمواً نسبته 2.0% خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2016 بالمقارنة مع 2.3% خلال ذات الفترة من عام 2015. ولدى استثناء قطاع الصناعات الاستخراجية الذي واجه تراجعاً نتيجة تأثره بعوامل العرض والطلب في الأسواق العالمية، فإن معدل النمو يرتفع إلى 2.3% بالمقارنة مع 2.0% خلال الفترة ذاتها من عام 2015. وقد تأثر الأداء الاقتصادي في المملكة بحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني في دول الجوار، والتي نجم عنها إغلاق شبه كامل للحدود مع كل من سوريا والعراق، مما أثر سلباً على حركة التجارة. ولتعزيز متانة الاقتصاد الأردني ورفع قدرته على مواجهة الصدمات، قامت الحكومة بتنفيذ جملة من الإجراءات الاصلاحية ضمن البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي (2012-2015)، الذي تم تطبيقه بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، بنجاح كبير وفقاً لتقييم المؤسسات الدولية. ومن أجل المحافظة على هذه الإنجازات والسير قدماً فيها، تبنَّى الأردن برنامجاً جديداً للإصلاح الاقتصادي للأعوام (2016-2018). وبدون شك، فإن هذه الاصلاحات سوف توفر دعامات أساسية قوية لتحفيز النشاط الاقتصادي وتحقيق النمو الشامل.
أما في ما يتعلق بمعدل البطالة، فقد ساهم التدفق الكبير للاَّجئين السوريين وما رافقه من مزاحمة العمالة السورية (المرخصة وغير المرخصة) للعمالة الأردنية في الحصول على فرص العمل المستحدثة في الاقتصاد، في رفع معدل البطالة بين الأردنيين إلى 15.3% خلال عام 2016 بالمقارنة مع 13.0% خلال عام 2015. وقد حرصت الحكومة على أن يتضمن البرنامج الجديد للإصلاح الاقتصادي هدف تحفيز بيئة الاستثمار في المملكة، وتصحيح الاختلالات الهيكلية في سوق العمل، بما يسهم في خلق المزيد من فرص العمل، ورفع
معدلات المشاركة الاقتصادية، لا سيما بين الإناث، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض معدلات البطالة في المملكة خلال السنوات القادمة.
وبهدف تعزيز النمو أطلق البنك المركزي جملة من الإجراءات والتدابير التي تصب في تعزيز البيئة التمويلية والاستثمارية وتوفير التمويل بكلف مناسبة، وبالتالي تعزيز النمو وخلق فرص العمل، ومن أهمها:
قيام البنك المركزي بالتعاون مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي ومؤسسات تمويل دولية وإقليمية، بحشد تمويل للبنوك على أن يعاد إقراضها لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة يصل إلى ما يقارب (440) مليون دولار امريكي، بأسعار فائدة تفضيلية ولآجال مناسبة.
يقدم البنك المركزي برامج تمويل متوسط الأجل للبنوك المرخصة موجهة لقطاعات الصناعة، والسياحة، والطاقة المتجددة، والزراعة، وتكنولوجيا المعلومات (بما فيها الشركات الصغيرة والمتوسطة) بسعر فائدة يبلغ 1.0% للمشاريع خارج العاصمة و1.75% للمشاريع داخل العاصمة، ولآجال تتواءم مع الاحتياجات التمويلية للعملاء. ويصل إجمالي المبلغ المتاح لهذه القطاعات حوالي مليار دينار. وقد بلغ مجموع السلف المقدمة للقطاعات المشمولة في إطار هذا البرنامج حتى الآن ما يناهز 300 مليون دينار.
وبهدف دعم الصادرات، قام البنك المركزي بإقراض الشركة الأردنية لضمان القروض مبلغ 100 مليون دينار لخلق صندوق تمكن عائداته الشركة من ضمان شحنات المصدرين الأردنيين وبالتالي تعزيز الصادرات الأردنية في مختلف الأسواق.
كما عمل البنك المركزي مع وزارة التخطيط لإنشاء الصندوق الأردني للريادة بمبلغ 100 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2017، بهدف الاستثمار برأسمال المشاريع الناشئة، ويساهم كل من البنك المركزي والبنك الدولي بهذا الصندوق مناصفة .
وبهدف تعزيز التمويل للشركات الناشئة الصغيرة ومتوسطة الحجم، سيقوم البنك المركزي بزيادة مخصصات برنامج ضمان القروض للشركات الناشئة من50 إلى 100 مليون دينار عند استكمال استنفاد الـ50 مليون الأولى.
إطلاق شركتين للاستثمار البنكي في المملكة هما شركة البنوك التجارية للاستثمار برأس مال قدره 100 مليون دينار والشركة الاسلامية للاستثمار برأس مال مقداره 25 مليون دينار. وهما تهدفان إلى الاستثمار في الشركات القائمة والتي من شأنها زيادة نشاط وتوسع تلك الشركات مما ينعكس إيجاباً على النمو والتشغيل، وبالتالي انعكاساته الإيجابية على كافة الأنشطة الاقتصادية.
كيف تحقق توجهات البنك المركزي الأردني أهداف ضبط المالية العامة، وما هي الاصلاحات المطلوبة على صعيد الاعفاءات الضريبية وضريبة الدخل من أجل استقرار وتخفيض الدين العام والمساعدة في وضع المالية العامة على ركيزة هيكلية أقوى؟
– نظراً لتأثر الاقتصاد الأردني بالعديد من الصدمات الخارجية الناجمة عن التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المنطقة، والتي انعكست سلباً على الاقتصاد الوطني وأداء الموازنة العامة. قامت الحكومة الأردنية بتبني برامج وطنية للإصلاح الاقتصادي، وعلى أثر النجاح في تطبيق برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي في إطار اتفاقية الاستعداد الائتمانيStand By Arrangement والذي تضمن تنفيذ عدة إجراءات إصلاحية ومالية في جانبي الايرادات والنفقات، استمرت الحكومة بالالتزام بالنهج الإصلاحي في ظل اتفاقية التسهيل الممتدExtended Fund Facility في حزيران/يونيو 2016 والمتضمن حزمة جديدة من الإجراءات المالية بهدف تخفيض تدريجي لمستويات نسب الدين العام إلى الناتج ليصل إلى حوالي 77% في نهاية عام 2021.
ويرتكز الإصلاح المالي على جانب تعزيز الإيرادات المحلية، وتحديداً فعالية النظام الضريبي وتعزيز الإدارة الضريبية، من خلال إجراء إصلاحات على النظام الضريبي وإزالة ما يرافقه من تشوهات تتمثل في تخفيض حجم الإعفاءات الضريبية وإلغاء غير المبرر منها، وتوسيع القاعدة الضريبية للمساهمة في تطوير نظام ضريبي تصاعدي بما يحقق مبادئ العدالة والمساواة، بالإضافة إلى تحسين كفاءة التحصيل الضريبي وتعزيز الامتثال الضريبي والحد من التهرب الضريبي. وفي ضوء الاستمرار بتطبيق البرنامج في المدى المتوسط، يتوجب على الحكومة اتخاذ إجراءات إضافية في مجال نظام الرسوم الجمركية وقانون ضريبة الدخل.
أما في جانب النفقات، فتستمر الحكومة بسياسة ضبط النفقات العامة من خلال الحد من النفقات الجارية وفقاً لأولويتها والمحافظة على ثبات نسبة الزيادة السنوية لرواتب القطاع الحكومي بما يتوافق مع معدلات التضخم، بالإضافة إلى تنظيم الانفاق الرأسمالي والاجتماعي حسب الاولوية، وتسديد المتأخرات المترتبة على قطاعي الصحة والطاقة، ومواجهة الأعباء الناجمة عن استمرار استضافة اللاجئين السوريين.
رغم تباطؤ النمو الاقتصادي الأردني في عام 2016، هل تتوقعون أن يتحسن أداء الاقتصاد في عام 2017 في ظل السياسات والإصلاحات التي يقوم بها البنك المركزي الأردني لجهة المحافظة على الاستقرار الاقتصادي الكلي وتعزيز النمو الشامل والمطلوب؟
– كما أسلفت سابقاً، وكنتيجة للأوضاع الإقليمية الصعبة التي شهدتها المنطقة، فقد تباطأ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لينمو بنسبة 2.0% خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2016 مقارنة مع 2.3% خلال الفترة نفسها من عام 2015، ومن المتوقع أن ينمو بنسبة متقاربة لعام 2016 كاملاً. في حين يتوقع انتعاش تدريجي في الاقتصاد خلال السنوات المقبلة؛ مدفوعة بالرغبة الجادة من الحكومة لتحفيز النمو من خلال الإصلاحات الهيكلية، وتحسين الإدارة المالية، ومعالجة أوجه القصور في السياسة الضريبية وإدارتها، والبحث عن أسواق جديدة، وإطلاق مبادرات لتعزيز النمو ودعم الإنفاق الاستثماري الخاص والعام، إلى جانب عزم الأردن تنفيذ العديد من المشاريع الضخمة في مجال الطاقة، وفتح قطاعات المياه والنقل أمام المستثمرين المحليين والدوليين، بالإضافة إلى برنامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتعزيز الخدمات الحكومية من خلال جذب استثمارات وخبرات القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع البنية التحتية الحيوية وتقديم خدمات ذات جودة عالية للجمهور بأسعار عادلة.
أما في ما يتعلق بالبنك المركزي، فعلى الرغم من رفع سعر الفائدة على أدوات السياسة النقدية الرئيسية بمقدار 75 نقطة أساس في نهاية عام 2016 وشباط 2017 وذلك لمواكبة التطورات الاقتصادية المحلية والاقليمية والدولية الجارية؛ إلا أنه أبقى على أسعار الفائدة لبرامج إعادة التمويل للقطاعات الحيوية في الاقتصاد، وخاصة قطاع المشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والتي تشكل حوالي 95% من إجمالي عدد المشاريع الاقتصادية في المملكة، دون تغيير لتصل إلى 1.75% في المشاريع التي تقع في محافظة العاصمة و1.00% للمشاريع التي تقع في المحافظات الأخرى، وذلك من أجل المساهمة بدعم النمو.وفي ضوء ما سبق، يتوقع أن يتسارع معدل النمو الاقتصادي بشكل تدريجي خلال الأعوام القادمة حيث قد يصل في عام 2017 إلى أعلى من 2.5%.
هذا بالإضافة إلى توصيات لجنة التمويل ضمن مجلس السياسات الاقتصادية والذي يقع تحت الاشراف المباشر لجلالة الملك عبد الله، حفظه الله ورعاه. والتي هدفت إلى توفير التمويل وتعزيز العمل المصرفي وسوق رأس المال. وكان من أبرز هذه التوصيات استكمال العمل لإنشاء الصندوق الأردني للريادة بمبلغ 100 مليون دولار، (50 مليون دولار من البنك الدولي و50 مليون دولار إضافي يوفره البنك المركزي)، وكذلك توفير مخصصات إضافية لدعم برنامج ضمان ائتمان الصادرات من خلال توفير مبلغ 100 مليون دينار من البنك المركزي للشركة الأردنية لضمان القروض لتقديم الضمانات المطلوبة لقطاع الصادرات (سلع وخدمات)، وتأسيس صندوق استثماري للمساهمات الخاصة تملكه البنوك بقيمة 150 مليون دينار تساهم به البنوك التجارية بمبلغ 110 ملايين دينار والبنوك الاسلامية بمبلغ 40 مليون دينار.
تواجه البنى التحتية في الأردن ضغوطاً جراء النزوح السوري نحو أراضيها، فبحسب آخر تقديرات محدثة لتأثير اللاجئين السوريين على الاقتصاد الكلي، يشير خبراء صندوق النقد الدولي إلى وجود تأثير سلبي متناقص ولكنه مستمر حيال النمو وميزان المدفوعات، والمالية العامة، هل يمكن تحديد الآثار السلبية للاجئين السوريين على البنى التحتية الأردنية وما هي الاستراتيجية المعتمدة لدى البنك المركزي الأردني للتخفيف من هذه الآثار؟
– أدّت الأزمة السورية منذ اندلاعها إلى التأثير بشكل سلبي على الاقتصادات المجاورة، والأردن ليس بمنأى. إذ أدى انقطاع الطرق البرية إلى انخفاض حجم الصادرات الأردنية إلى سوريا ولبنان وتركيا وأوروبا. كما أدت الأوضاع الإقليمية غير المستقرة أيضاً إلى تذبذب أعداد السياح والدخل السياحي خلال السنوات القليلة الماضية، بالإضافة إلى التأثير على مزاج المستثمرين في كافة دول المنطقة.
منذ ابتداء الأحداث السورية توافدت أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين إلى الأراضي الأردنية، حيث تشير التقديرات إلى أن عدد اللاجئين السوريين في الأردن يبلغ حوالي 1.4 مليون شخص، وهو ما يشكل 20% من إجمالي عدد سكان المملكة بحسب التعداد السكاني الأخير في عام 2015، وبذلك بلغ معدل النمو السكاني 7.9%، وعليه تقلصت حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 5.4% في عام 2015 لتصل إلى 1197.4 دينار. يذكر أن أقل من نصف عدد اللاجئين يعيشون في مخيمات اللجوء والتي يتم دعمها مادياً من قبل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمات دولية أخرى، والباقون يعيشون في المدن الأردنية مثل العاصمة عمان ومدينة إربد. من شأن تدفق عدد كهذا من اللاجئين خلال فترة قصيرة إلى دولة محدودة الموارد أن يؤدي إلى ضغط كبير على موارد الدولة وميزانيتها؛ إذ أدى تصاعد وتيرة اللجوء إلى زيادة الطلب على كافة الخدمات المقدمة من الحكومة في كافة المجالات، التعليمية والصحية والسلع المدعومة والطاقة والمياه والأمن، وغيرها من الآثار غير المباشرة على النواحي الاجتماعية والأمنية.
على سبيل المثال، أدت زيادة أعداد الطلاب في المدارس إلى العودة إلى نظام الفترتين في بعضها واستئجار المزيد من المدارس، الأمر الذي انعكس سلباً على نوعية التعليم والحد من قدرة الحكومة على بناء مدارس جديدة وتوسعة القائم منها، علماً بأنه يسمح للطلبة السوريين بالتسجيل في المدارس الحكومية في كافة المراحل التعليمية الابتدائية والثانوية، كما يتم إعفاء المسجلين منهم لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من الرسوم المدرسية وأثمان الكتب. أما على صعيد قطاع الصحة الذي تدعمه الحكومة بنسبة 9% من الموازنة العامة، فإن توفير الخدمات الصحية لأعداد كبيرة من اللاجئين وتزويدهم بالأدوية والعلاجات اللازمة مجاناً يشكل عبئاً كبيراً على الموازنة وعلى المرافق الصحية التي يحتاج الكثير منها إلى التوسعة ورفع القدرة الاستيعابية. كذلك أدت الزيادة المضطردة في عدد السكان خاصة في محافظات الشمال نتيجة اللجوء إلى الحاجة إلى توفير مصادر مائية وإعادة تأهيل شبكات المياه والصرف الصحي ورفع قدرتها الاستيعابية. كما أن السوريين يستفيدون بشكل عام من خدمات الحكومة المدعومة بشكل مباشر من خزينة الدولة، مثل الطاقة والسلع المدعومة والغاز المنزلي والمياه، الأمر الذي يتطلب زيادة المخصصات الحكومية الموجهة لدعم هذه الخدمات.
للتخفيف من أثر الصدمات الخارجية خلال السنوات القليلة الماضية، قام البنك المركزي الأردني بإعادة النظر في الإطار التشغيلي للسياسة النقدية وذلك على مرحلتين. المرحلة الأولى، تم تطبيقها في عام 2012، هدفت إلى إنشاء أدوات لحقن السيولة في الاقتصاد بحيث تكون قادرة على التعامل مع الضغوط التي يواجهها الأردن نتيجة لتدفق عدد كبير من اللاجئين السوريين وارتفاع فاتورة مستوردات الطاقة إضافة إلى العجز الكبير في الموازنة والحساب الجاري لميزان المدفوعات، الأمر الذي فرض ضغوطاً على الاحتياطيات الأجنبية في عام 2012. وتضمن الإطار الجديد ثلاث أدوات جديدة وهي اتفاقيات إعادة الشراء (أسبوعية وشهرية)، وعمليات السوق المفتوحة (بيع وشراء الأوراق المالية)، وعمليات مقايضة العملات الأجنبية، من أجل تحقيق كفاءة أعلى في إدارة السياسة النقدية بهدف توفير السيولة الكافية للنظام المصرفي والحد من التقلبات في أسعار الفائدة ما بين البنوك. وقد تم ضخ 3.5 مليارات دولار في السوق من خلال توظيف هذه الأدوات لتمويل الأنشطة الاقتصادية.
في المرحلة الثانية التي بدأت في شباط/فبراير 2015، عمل البنك المركزي الأردني على تطوير أدواته بحيث تساعد البنوك على تعزيز قدراتها على إدارة السيولة لتلبية الاحتياجات التشغيلية والاستجابة لتزايد الاحتياجات التمويلية للقطاعات الاقتصادية المختلفة. يعطي هذا الإطار البنك المركزي المرونة الكافية لإدارة أدواته بحيث يحقق هدفه في الحفاظ على الاستقرار النقدي. كما تضمن الإطار إصدار شهادات إيداع بتواريخ استحقاق مختلفة، إضافة إلى تحديد سعر فائدة جديد «سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي» أو CBJ Main Rate باعتباره السعر المرجعي للسياسة النقدية، ويمثله حالياً سعر فائدة اتفاقيات إعادة الشراء الأسبوعية.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن بعض المؤشرات الإيجابية بدأت تظهر على الساحة الاقتصادية المحلية، وتبشر بأن الأمور تتجه أكثر نحو الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي للمملكة. وأولى هذه المؤشرات ارتفاع مقبوضات إجمالي حوالات الأردنيين العاملين في الخارج خلال شهر كانون الثاني/يناير من عام 2017 بنسبة 4.2 % مقارنة مع تراجع نسبته 4.4% خلال شهر كانون الثاني/يناير من عام 2016. هذا بالإضافة إلى تحقيق معدل نمو مرتفع في الدخل السياحي وصل إلى 12.2% في كانون الثاني/يناير 2017 مقارنة مع تراجع نسبته 6.3% في الشهر المقابل من عام 2016. ويتوقع أن يؤدي ذلك إلى انخفاض عجز الحساب الجاري لعام 2017 ليصل إلى حوالي 8.6% من الناتج المحلي الإجمالي.
يعتمد البنك المركزي الأردني على سياسة الشمول المالي من خلال تعزيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، هل يمكن الاطلاع على الاستراتيجية المعتمدة لديكم على صعيد تعميم الإفادة من الخدمات المصرفية لجميع الفئات الشعبية بما فيها الفقراء وذوو الدخل المحدود والمرأة. علماً أن أبرز التحديات لديكم تتمثل في ازدياد معدلات الفقر والبطالة، وضعف الثقافة المالية والمصرفية؟
– يُعدّ الوصول إلى الخدمات والمنتجات المالية المختلفة وتمكين استخدامها ذا أهمية عالية على المستوى الكلي، من أجل تعزيز النمو الشامل والمستدام وتطوير الاقتصاد وزيادة معدلات التوظيف وخفض معدلات الفقر والبطالة وتحقيق المساواة بين شرائح المجتمع المختلفة والمساهمة في تحقيق استقرارالقطاع المالي ونزاهته، كما يساهم على مستوى الأفراد وقطاع الاعمال في تحسين الأعمال اليومية، وتشجيع الادخار والاستثمار والتخطيط للمستقبل. وفي هذا السياق، تبنى صانعو السياسات النقدية والمالية في الدول ذات الأسواق النامية والناشئة موضوع الاشتمال المالي كأولوية ضمن سياساتهم وأهدافهم لتحقيق النمو الشامل والمستدام.
يدرك الأردن بأن الاشتمال المالي بات يشكل ركيزة أساسية في تحقيق النمو الشامل والمستدام في المملكة، حيث عكفت الحكومية الأردنية على بناء بنية تحتية متينة وقوية، بالإضافة إلى وضع الأطر التشريعية والقانونية اللازمة لتحقيق نظام مالي شامل. وقد أخذ البنك المركزي الأردني الدور القيادي في هذه العملية يسانده فيها شركاؤه من القطاعين العام والخاص، بما يضمن التنسيق والتعاون في وضع وتنفيذ عدد من المبادرات الرئيسية بهذا الخصوص.
هذا وقد تم تحديد خمسة محاور رئيسية للاستراتيجية الوطنية للاشتمال المالي: التثقيف المالي، حماية المستهلك المالي، المشاريع الصغيرة والمتوسطة، خدمات التمويل الأصغر، والمدفوعات الرقمية، بالإضافة إلى تجميع البيانات وقياسها وتحليلها لوضع سياسات وأهداف خاصة بالاشتمال المالي مبنية على الحقائق، وبحيث يتم بناء قاعدة بيانات تدعم المحاور الخمسة المذكورة وذلك لضمان دقة تطبيق الأهداف ووضوح الرؤية لكل محور.
انبثقت الحاجة إلى وضع الاستراتيجية الوطنية للاشتمال المالي إلى عدد من العوامل: أولها، أن نسبة الاشتمال المالي للبالغين في الأردن بلغت 24.6% وهي نسبة متدنية إذا ما قورنت بالبلدان الأخرى الواقعة ضمن نفس فئة مستويات الدخل في العالم، على الرغم من أنها الأعلى بين النظراء في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا؛ مما يدل على أن النسبة الأغلب من البالغين مستبعدين من النظام المالي الرسمي وبدون الحصول على فرصة المشاركة الفاعلة في عملية التنمية والاستفادة منها.
إن استراتيجيتنا للسنوات الثلاث المقبلة (2018-2020) سوف تركز بالدرجة الاولى على الفئات المستبعدة وغير المخدومة مالياً من البالغين ذوي الدخل المتدني والمهمشين، والمشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وفئة الشباب والنساء وغير الأردنيين واللاجئين. سوف تعمل هذه الاستراتيجية على إنشاء وتقوية العلاقة بين الاشتمال المالي وأهداف التنمية الاجتماعية المستدامة (Sustainable Development Goals SDGs) لعام 2030 والتي أعلنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما سيعتمد في وضع وتطبيق هذه الاستراتيجية على النهج التشاركي والتعاوني الفعّال مع الشركاء الرئيسيين من القطاعين العام والخاص؛ بحيث تعمل كل جهة ضمن منظومة وإطار واضحين للتنسيق تحت الإشراف والمتابعة الحثيثة من البنك المركزي الأردني الذي سيعمل على تقديم المساعدة والدعم المتواصل من خلال أمانة سر اللجنة الوطنية للاشتمال المالي.
تعتبر المساواة الجندرية أحد الأهداف والأولويات المتضمنة في الاستراتيجية الوطنية للاشتمال المالي، وعليه، سيتم الالتزام التام بتحسين الاشتمال المالي للمرأة وبما يتوافق مع خطة عمل (Denarau) المعتمدة في مؤتمر السياسات الدولية لتحالف الشمول المالي لعام 2016 من قبل كافة أعضاء التحالف. وكما هو الحال في أغلب الدول النامية فإن الهوة الجندرية شأن يؤرق الأردن، ومعالجة هذه المشكلة بكفاءة بات يتطلب منهجاً شاملاً ومنظماً.
وتلعب الشركات الصغيرة والمتوسطة في الأردن دوراً قيادياً وحيوياً وبارزاً في دعم مسيرة النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل، حيث يشكل قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر ما نسبته حوالي 95% من قطاع الأعمال في الأردن، إلا أنه يواجه معوقات في الوصول إلى التمويل اللازم. وتركز الاستراتيجية الوطنية للاشتمال المالي بإتاحة فرص وصول هذه الشركات للخدمات المالية ضمن برامج عمل تم وضعها وهي قيد التنفيذ مع الشركاء المعنيين والذين يعملون بهمة وجد لخلق بيئة حافزة لتمويل هذا القطاع.
كما تعتبر أنظمة الدفع جزءاً أساسياً من البنية التحتية للنظام المالي في اقتصاد السوق. وقد عمل البنك المركزي الأردني على تطوير نظام مدفوعات وطني حديث وآمن وكفوء، وإيجاد فرص عادلة لكافة الشركاء للاستفادة والبناء على المكتسبات التي تحققت من تخفيض الكلف والمخاطر وزيادة الكفاءة والوصول لأنظمة الدفع؛ مما يمكن من توفير مجموعة متكاملة من الخدمات المالية الرقمية المختلفة.
وإدراكاً للارتباط القوي بين توفير الخدمات المالية بشكل مسؤول مع حماية المستهلك المالي وتعزيز ثقافته المالية؛ سيتم تضمين الاستراتيجية الوطنية للاشتمال المالي المقاييس اللازمة لبناء إطار شامل لحماية المستهلك المالي. وقد تم البدء فعلياً في هذا المنحى، حيث يتم حالياً التحضير لخطة عمل لبرنامج حماية المستهلك المالي، كما وتم البدء بتنفيذ برنامج نشر الثقافة المالية في المملكة، ولإدراكنا بأهمية البيانات والقياس لتعزيز الاشتمال المالي، ولوضع سياسات وأهداف مبنية على حقائق تعزز هذه العملية سيتم العمل على تقوية الامكانيات والقدرات الاحصائية الوطنية لتوفير مصادر بيانات موثوقة ومستمرة لتحسين جودة البيانات.
ونؤكد على أن الاستراتيجية الوطنية للاشتمال المالي والتطبيق سيحافظ على إحداث التوازن بين أربعة أهداف رئيسية وهي: الاشتمال المالي، الاستقرار المالي، نزاهة القطاع المالي، وحماية المستهلك المالي (I-SIP).
وختاماً، سيتم إيلاء العناية اللازمة للوسائل المبتكرة ومتابعة الثورات التكنولوجيةالحاصلة بهدف تعزيز الاشتمال المالي للجميع، وبما يتوافق مع المبادئ الدولية وخطة العمل للاشتمال المالي المبتكر الصادرة عن دول العشرين(G20).
كيف تقيِّمون الجهاز المصرفي اليوم؟
– بالرغم من تباطؤ النمو الاقتصادي في الأردن، إلا أن الجهاز المصرفي الأردني لا زال يتمتع بالمتانة والقوة والقدرة على التنافس محلياً وإقليمياً ودولياً، ويستدل على ذلك من خلال مؤشرات المتانة المالية، والتي تشير إلى وجود جهاز مصرفي كفوء وقادر على تحمل أي صدمات، فقد بلغ مؤشر معدل كفاية رأس المال وفقاً لبازل III كما هو في نهاية عام 2016 ما نسبته 19%، كذلك انخفضت نسبة القروض المتعثرة إلى 4.4% مقابل 8.5% في عام 2011، وارتفعت نسبة تغطية الديون المتعثرة إلى 78.2%مقابل 52.3% في عام 2011. كما أن تنوع هيكل الجهاز المصرفي في الأردن والمكون من 25 بنكاً يشير إلى تنافسية عالية بين وحداته المصرفية، فهنالك 16 بنكاً أردنياً منها ثلاثة بنوك إسلامية، وتسعة فروع لبنوك أجنبية منها فرع لبنك اسلامي. هذا فضلاً عن تواجد عدد كبير من فروع البنوك الأردنية في الخارج، الأمر الذي يعكس قدرة البنوك الأردنية على التنافس عالمياً، كما يساهم هذا التنوع في رفع الخدمة المصرفية لدى البنوك في الأردن وتقديم منتجات مصرفية حديثة.
أما بخصوص البيانات الاحصائية عن القطاع البنكي والذي يشكل ما يزيد عن 95% من الجهاز المصرفي، فإنها متوفرة وبصورة شاملة ومفصلة، إذ تقوم البنوك بنشر بياناتها المالية المفصلة في نهاية كل عام، هذا فضلاً عن البيانات التي تتوفر لدى البنك المركزي والذي يقوم بنشر جزء منها ضمن البيانات النقدية والمصرفية في النشرة الاحصائية الشهرية، وكذلك فإن مؤشرات المتانة المالية تنشر على موقع البنك المركزي. كما يتوفر لدى البنك المركزي بيانات تفصيلية لغايات الرقابة المكتبية على القطاع المصرفي.
كما أن البنك المركزي قام باتخاذ مجموعة من الإجراءات لدعم وتمكين القطاع المصرفي وتعزيز قدراته المحلية والخارجية والتي تأتي تطبيقاً لأفضل الممارسات العالمية ومن أبرزها:
إصدار تعليمات الحاكمية المؤسسية للبنوك، لتنسجم مع المبادئ التي صدرت عن كل من لجنة بازل للرقابة المصرفية، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) ومجلس الاستقرار المالي (FSB) بهدف معالجة الثغرات التي أظهرتها الأزمة المالية العالمية في حوكمة المؤسسات المالية، وبما يضمن تحديد الأهداف المؤسسية للبنوك وتحقيقها، وإدارة عمليات البنك بشكل آمن، وحماية مصالح المودعين، والالتزام بالمسؤولية الواجبة تجاه المساهمين وأصحاب المصالح الآخرين.
إصدار تعليمات العدالة والشفافية في التعامل مع العملاء وتعميمها على كافة البنوك، بهدف رفع مستوى الإفصاح في تعاملات البنوك مع كافة العملاء وخاصة صغار المتعاملين، ورفع كفاءة العمل المصرفي الأردني.
وتعمل هذه التعليمات أيضاً على حماية البنوك من الإجراءات القانونية في المحاكم الأردنية كون البنوك تستند ومنذ البداية في معاملاتها مع العملاء إلى مرجعية محددة حول اتجاهات أسعار الفائدة الدائنة أو المدينة على حد سواء.
كما عمل البنك على إحداث مزيد من التوسع في أنشطة الجهاز المصرفي الأردني وتنويع خدماته وتوفير البنى التحتية اللازمة لتسهيل الوصول إلى الخدمات المالية، لا سيما في المناطق البعيدة. كما قام البنك بتوسيع نطاق رقابته لتشمل شركات التمويل الميكروي، وشركات التأمين. إذ تم إصدار نظام التمويل الأصغر لعام 2015 ليُشكل مرجعية قانونية لرقابة البنك المركزي على هذا القطاع الحيوي، وبما يمكن البنك من المحافظة على سلامة ومتانة المؤسسات العاملة في هذا القطاع والخاضعة لأحكام هذا النظام. كما يسهم النظام في تمكين البنك من تعزيز دوره في توفير التمويل للمشاريع متناهية الصغر والصغيرة والأشخاص الذين لا يتمكنون من الحصول على الخدمات المالية من القطاع المصرفي، كلياً أو جزئياً. ويعطي هذا النظام الحق للبنك المركزي بتحديد متطلبات الدخول لهذا القطاع، إلى جانب تحديد المتطلبات الرقابية الأخرى.ولتمكين البنك من الرقابة على هذا القطاع، تم خلال عام 2014 إنشاء مجموعة رقابية متخصصة في دائرة الرقابة على الجهاز المصرفي في البنك المركزي. كما تم وضع التعليمات التفصيلية اللازمة لتطبيق النظام والإشراف والرقابة على المؤسسات العاملة في هذا القطاع.
كما تم بنهاية عام 2015 منح الترخيص لأول شركة معلومات ائتمانية في المملكة (شركة كريف الأردن)، ومنذ ذلك التاريخ وبمتابعة حثيثة من البنك المركزي تضافرت جهود البنوك بالعمل مع الشركة لتزويدها بالمعلومات المطلوبة، حيث قامت جميع البنوك بتوقيع الاتفاقيات ذات العلاقة مع الشركة وتزويدها بالمعلومات اللازمة وتوج ذلك بإطلاق خدمة الاستعلام الائتماني (التقارير الائتمانية) بشهر 10/2016، وتواصل الشركة عملها لتوسيع نطاق قاعدة البيانات لديها والمستفيدين من خدماتها لتشمل مقدمي الائتمان من غير البنوك ومثالها شركات التمويل الاصغر والتأجير التمويلي، إذ ستوفر هذه الشركة قاعدة معلومات ائتمانية شاملة عن عملاء البنوك والشركات المالية الأخرى التي تقدم الائتمان، مما سيساعد هذه الجهات على ترشيد القرارات الائتمانية وبحيث يتم اتخاذ القرار الائتماني السليم المبني على تقييم دقيق لقدرة العملاء على السداد وتسعير المنتجات بناءً على مخاطر العملاء، بما يعزز من فعالية إدارة المخاطر لدى البنوك والشركات المالية الأخرى ويحسن من فرص العملاء خاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الوصول إلى التمويل، وسيكون لذلك انعكاسات إيجابية على تعزيز الاشتمال المالي.
وفي إطار تعزيز الوضع المالي وخلق بيئة ائتمانية واستثمارية آمنة، يسعى البنك المركزي الأردني وبالتعاون مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا) إلى إنشاء شركة تصنيف ائتماني محلي تعمل ضمن معايير مشابهة لمعايير شركات التصنيف الائتماني العالمي (Moody’s و S&P)، وتهدف إلى تقييم المخاطر المتعلقة بعمليات الائتمان وتقييم إمكانية المقترض بالوفاء بتسديد الدين، مما يجعل من عملية الائتمان أكثر كفاءة وأمناً. وتحقيقاً لهذه الغاية، تعمل وكالة جايكا على تعيين خبير لإعداد دراسة جدوى إنشاء هذه الشركة المحلية المعنية بالتصنيف الائتماني، وبالتعاون مع البنك المركزي.
من المعروف أن أبرز ما يهدّد البنوك في الوقت الراهن، التحديات التكنولوجية، تهديدات الاختراق الالكتروني الذي قد يؤدي إلى آثار مالية وغير مالية، ويعرض البنك لمخاطر السمعة، ومخاطر تزييف العملة والشيكات في ضوء التطور التكنولوجي في الطباعة، وعدم جاهزية بعض البنوك لتطبيق المعايير الدولية، وضعف البنية التحتية الالكترونية لدى مؤسسات القطاع العام وعدم جاهزيتها للتعامل مع الخدمات المصرفية المقدمة من البنك المركزي، ما هي أبرز نقاط استراتيجية البنك المركزي في مواجهة هذه التحديات؟
– لقد تنبّه البنك المركزي مبكراً لمخاطر وتهديدات الاختراق الإلكتروني لما لهذه المخاطر من تأثيرات على سمعة وقدرة البنوك على تسيير عملياتها وحساسية تأثيراتها على تنافسية المنتجات والخدمات المُقدَّمة من قبلها، فقد عمد إلى تبني استراتيجية على المُستوى الداخلي تعنى بوضع الضوابط التي تحدّ من احتمالية تعرّض عملياته للاختراق وتضمن استمرار العمل، ودقة المخرجات، وتراعي أمن المعلومات.
كما قام بإصدار العديد من التعليمات والتعاميم التوجيهية للبنوك أكدّ بموجبها على ضرورة الاستمرار بتطوير وتشغيل آليات وأدوات قادرة بفعالية على حماية موجودات ومصالح البنوك وعملائها من أي محاولات اختراق إلكتروني أو احتيال أو سرقة هوية أو ابتزاز عبر وسائل تكنولوجيا المعلومات، حيث تم التأكيد على ضرورة الاستمرار في تحديد وتقييم مخاطر تكنولوجيا المعلومات وبما يشمل المخاطر المُستجدة بتقنيات الاختراق المُستحدثة.
وضمن الإطار نفسه، فقد قام بإصدار تعليمات حاكمية المعلومات والتكنولوجيا المُصاحبة لها حدّد بموجبها المرتكزات والمبادئ الأساسية الواجب اتباعها بالخصوص بهدف توجيه البنوك لتوظيف موارد تكنولوجيا المعلومات لديها ضمن الخيارات التي تعظم من القيمة المُضافة والعمل على إدارة مخاطر تكنولوجيا المعلومات بشكل متكامل ينسجم وعمليات إدارة مخاطر البنك ككل.
ما هو تصوركم العملي لقيام « لوبي مصرفي عربي» يخدم المصالح المصرفية العربية أمام المحافل الدولية؟
– لقد أثرت التطورات السياسية والاقتصادية على المستوى الإقليمي والعالمي على الأوضاع الاقتصادية في الدول العربية ونظمها المالية وبخاصة في ظل الاضطرابات والحروب التي تشهدها منطقتنا العربية، والتي كبدتها خسائر باهظة. فقد أضحت المنطقة العربية ضمن منعطف تاريخي يتطلب ضرورة تكاتف الجهود على المستوى الإقليمي للحفاظ على استقرار الأنظمة المالية العربية والتي تعد حجر الزاوية للاستقرار الاقتصادي الكلي. فالتغيرات المتسارعة على المستوى التكنولوجي الذي تشهده الصناعة المصرفية العالمية تتطلب من المصارف العربية مواكبتها من خلال التحديث المستمر للبنى التحتية للنظام المصرفي العربي وعلى مستوى التشريعات للوصول إلى أفضل الممارسات لتطبيق القوانين والتشريعات الدولية.
أما في ما يتعلق بالتشريعات والقوانين التي تصدرها الجهات الدولية وتثقل كاهل المصارف العربية بما يتجاوز اختصاصها ليلامس نشاطات أخرى من أمن واقتصاد ومحاربة الجريمة المنظمة ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وأخيراً وليس آخراً مكافحة التهرب الضريبي وإلزام مصارف الكون جميعها بتبادل المعلومات الضريبية بصورة تلقائية بين المصارف والدول، بما يُشغل المصارف، بشكل مرهق، عن أنشطتها التقليدية المتمثلة في التوظيف الأمثل للموارد المالية العربية. فلا بد من تضافر الجهود المصرفية العربية للتنسيق بينها وبين المصارف العالمية لوضع تعريف موحد لمفاهيم ومخاطر الامتثال، ولاعتماد معايير متفق عليها في المنطقة العربية، إضافة إلى توضيح القواعد الدولية لتحديد عواقب تجنب المخاطر وتجنب قطع العلاقات للمصارف العربية، فإن نجحت المصارف العربية أن تتوحّد في خدمة القضايا العربية وأن تنهض بالاقتصادات والمجتمعات العربية، تصبح بذلك مؤهّلة للتكتّل لفرض رؤاها على المستوى الدولي وليصبح لها صوتاً مسموعاً عند صياغة التشريعات والسياسات الحاكمة لمنظومة التمويل الدولية.
إعداد: رجاء كموني ونانسي الهندي