حكماء لبنان يحمون الإقتصاد والمصارف

Download

حكماء لبنان يحمون الإقتصاد والمصارف

موضوع الغلاف
العدد 444

حكماء لبنان يحمون الإقتصاد والمصارف

بتأكيد من رئيسَي الجمهورية ووالحكومة وحاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية مصارف لبنان

القطاع المصرفي اللبناني آمن ومُحصّن

وخال من عمليات تبييض الأموال والإرهاب ويتمتع بصدقية دولية عالية

أثبت القطاع المصرفي اللبناني على مر الزمن الحديث، صموده في وجه «الأعاصير» الداخلية والإقليمية التي هبّت وتهب عليه، ولا سيما خلال محطات معينة تزامن فيها الخطر على الكيان اللبناني، مع الحديث عن أخطار قد تصيب القطاع المصرفي في لبنان، لكن الأخير تجاوزها بفضل حكمة القيمين عليه، وخصوصاً في المرحلة الأخيرة، وفي مقدمهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي تكررت «تطميناته» مؤخراً بأن «القطاع المصرفي اللبناني يكتسب الشرعية الدولية بما يخص التعاطي المصرفي والمالي»، نافياً «تهريب أموال «حزب الله» من خلال المصارف اللبنانية». كذلك شكل «التهجم» على المصارف اللبنانية موضع رفض من كل الهيئات المصرفية والنقدية والمالية اللبنانية، والتي إعتبرت «أن لبنان لطالما إلتزم كل القوانين والمعايير والتشريعات المصرفية الدولية وعلى رأسها الأميركية».

يُذكر أن لبنان إتخذ على مدار سنوات عدة، سلسلة إجراءات لتعزيز إمتثاله للتشريع الدولي، والآليات الموضوعة وفاعلية دوائر الإمتثال في المصارف اللبنانية كفيلة بتأمين الإطار الصحيح لتنفيذ إلتزام لبنان بإحترام القوانين الصادرة عن الدول التي يتداول بعملتها أو يتم التعامل مع مصارفها في الخارج.  

سلامة: نلتزم القوانين

في هذا السياق، لفت حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى «أن المصرف المركزي أصدر منذ سنوات عدة، تعميماً بتطبيق قوانين الدول عندما تتعامل بعملتها أو مع مصارف فيها، والقطاع المصرفي في لبنان ملتزم بتطبيقه».

وذهب سلامة الى أبعد من ذلك إذ رأى أنه «اذا كانت هناك عملية تعتبر المملكة العربية السعودية أنها غير شرعية، فهيئة التحقيق في مصرف لبنان متى تبلغتها، تقوم بالتحقيق اللازم وتجيب»، مضيفاً: «حتى اليوم لم يأتنا أي طلب أو أي معلومة من قبل السعوديين في هذا الموضوع».

رئيس الجمهورية: الإقتصاد اللبناني بخير

تطمينات الحاكم سلامة، سبقها تأكيد رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون بأن «الأجواء ملائمة لتطوير الإقتصاد اللبناني ومشجعة للإستثمار للنهوض بالبلاد من جديد»، مشيراً إلى «أن إقرار الموازنة وتحديد الإنفاق والإيرادات يضع حداً للإهدار، ويُؤمّن الإنتظام المالي الذي غاب طوال 12 سنة من تاريخه (عام 2017)»، كاشفاً «أن الرؤية الإقتصادية الجديدة التي يعمل لتحقيقها بالتعاون مع الحكومة، سوف ترسم التوجهات الضرورية للإقتصاد اللبناني في السنوات المقبلة، وستحدد القطاعات الإنتاجية التي تُحقق النمو الإقتصادي المنشود، لا سيما وأنها ستتضمن مشاريع نموذجية تساعد المستثمرين الراغبين في الإستثمار في لبنان».

د. طربيه

من جهته، طمأن رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور جوزف طربيه، قائلاً: «إن مصارف لبنان نجحت في إكتساب صدقية دولية جرّاء تحييد أعمالها عن نشاطات «حزب الله» وغيره من التنظيمات المدرجة على لائحة العقوبات الدولية»، مؤكداً «أن القانون اللبناني والمصرف المركزي يفرضان عقوبات على أي مصرف لا يحترم القرارات الدولية»، لافتاً إلى أن «المرجعيات الدولية تعتبر لبنان من أفضل البلدان رقابة على قطاعه المصرفي، كما أن الجانب الأميركي يعتبر مصارف لبنان مثالاً يُحتذى بالنسبة إلى المصارف الموجودة في المناطق الملتهبة».

تأكيدات مصرفية لبنانية

في السياق عينه، أكد مصرفيون لبنانيون «أن المصارف اللبنانية نجحت في إكتساب صدقية دولية، جرّاء تحييد أعمالها عن نشاطات «حزب الله» وغيره من التنظيمات المدرجة على لائحة العقوبات الدولية. وأكثر، يفرض القانون اللبناني والمصرف المركزي عقوبات على أيّ مصرف لا يحترم القرارات الدولية، فيما تعتبر المرجعيات الدولية لبنان من أفضل البلدان رقابة على قطاعه المصرفي، كما تعتبر واشنطن مصارف لبنان مثالاً يُحتذى به بالنسبة إلى مصارف المناطق الملتهبة».

مؤتمر الحوار المصرفي العربي – الأميركي في نيويورك

في هذا السياق، حصل القطاع المصرفي في لبنان على إشادة من السلطات الأميركية حيال إلتزامه العقوبات الموجّهة ضد «حزب الله»، وذلك خلال إنعقاد «الحوار المصرفي العربي – الأميركي حول البنوك المراسلة» – PSD 2017 بعنوان: «مكافحة الإرهاب وتعزيز العلاقات مع المصارف الأميركية»، بالتعاون مع البنك المركزي الفدرالي الأميركي في نيويورك، وفي مقره، والذي نظمه إتحاد المصارف العربية على هامش الإجتماعات السنوية للبنك وصندوق النقد الدوليين في تشرين الأول / أكتوبر 2017، حيث خلص المؤتمر إلى «أن المصارف العربية وتحديداً اللبنانية تطبق الإجراءات الحديثة لمنع تبييض الأموال وتمويل المجموعات الإرهابية وعملياتها غير المشروعة».

إجراءات لبنان لتعزيز إمتثاله للتشريع الدولي

لقد خطا لبنان خطوات أساسية منذ العام 2001 في تطوير بنيته القانونية والتنظيمية في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. ومن أهم الإجراءات التي إتخذها لبنان:

في العام 2001، أصدر لبنان القانون 318 الذي أنشأ هيئة التحقيق الخاصة، وأناط بها مهمة إجراء التحقيقات في العمليات التي يُشتبه في أنها تُشكل جرائم تبييض أموال أو تمويل إرهاب، وتقرير مدى جدية الأدلة والقرائن على إرتكاب هذه الجرائم أو إحداها، كما حصر بالهيئة حق تقرير رفع السرية المصرفية لمصلحة المراجع القضائية المختصة والهيئة المصرفية العليا عن الحسابات المفتوحة لدى المصارف والمؤسسات المالية العاملة في لبنان والتي يشتبه في أنها إستخدمت لتبييض الأموال أو تمويل الإرهاب.

في العام 2002، قرر مجلس الوزراء بناء على إقتراح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، تأسيس لجنة وطنية لتنسيق السياسات المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال، أسندت إليها سلسلة مهمات، منها تعزيز التنسيق بين السلطات الوطنية المختصة لتبادل المعلومات في ما بينها وإستنباط أفضل السبل في مكافحة تبييض الأموال انسجاماً مع المعايير الدولية.

في العام 2003، تمّ تعديل قانون العقوبات اللبناني لجهة إضافة المادة 316 مكرر المتعلقة بمعاقبة تمويل الإرهاب، وصولاً الى العام 2007 عندما قررت الحكومة آنذاك، وبناء على إقتراح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، تأسيس لجنة وطنية لقمع تمويل الإرهاب، أسندت إليها مهمات عديدة ولا سيما النظر في مدى ملاءمة القوانين والأنظمة المتعلقة بالجمعيات واقتراح التعديلات اللازمة. ويترأس هذه اللجنة المدير العام لقوى الأمن الداخلي بصفته ممثلاً عن وزارة الداخلية، ويشترك في عضويتها ممثلون لوزارات العدل والمال والخارجية والمغتربين والنيابة العامة التمييزية وهيئة التحقيق الخاصة ومصرف لبنان.

في العام 2008، صدر القانون رقم 32 الذي قضى بتوسيع صلاحية هيئة التحقيق الخاصة حيال تجميد ورفع السرية المصرفية عن الحسابات المصرفية تطبيقاً للإتفاقات والقوانين المرعية الإجراء المتعلقة بمكافحة الفساد.

أصدر حاكم مصرف لبنان التعميم رقم 83 وتعديلاته المتعلق بنظام مراقبة العمليات المالية والمصرفية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

أصدر حاكم مصرف لبنان التعميم رقم 126 المتعلق بعلاقة المصارف والمؤسسات المالية مع المراسلين ولا سيما حيال العمليات الجارية مع الأشخاص والدول المدرجة على لوائح العقوبات الدولية.

أصدر حاكم مصرف لبنان التعميم رقم 128 المتعلق بإنشاء دائرة امتثال لمراقبة كل العمليات المصرفية.

أصدر حاكم مصرف لبنان سلسلة تعاميم تمحورت حول العمليات المالية والمصرفية بالوسائل الإلكترونية، ومؤسسات الصرافة المعنية بشحن الأوراق المالية النقدية والمعادن الثمينة، لا سيما حيال تعيين مفوض مراقبة على أعمالها وضابط أو وحدة امتثال لمراقبة تقيدها بالقوانين والأنظمة، إضافة الى التحويلات النقدية وفق نظام الحوالة.

أصدرت هيئة التحقيق الخاصة مجموعة من التعاميم تمحورت حول الإبلاغ عن العمليات المشبوهة، التحقق من هوية العملاء وتحديد هوية صاحب الحق الإقتصادي، تحقق مفوضي المراقبة من إلتزام المصارف والمؤسسات المالية الإجراءات، التحقق من هوية ونشاطات المراسلين، وضع الحسابات تحت المتابعة.

في العام 2015 أقر مجلس النواب اللبناني القوانين المتعلقة بتفعيل منظومة لبنان في مجال مكافحة عمليات تبييض الأموال والإرهاب وهي: التعديلات المقترحة على القانون 318/2001 والمتعلقة بقانون مكافحة عمليات تبييض الأموال، ومشاريع القوانين المتعلقة بالتصريح عن المبالغ المحمولة نقداً عند الحدود، وتبادل المعلومات الضريبية والازدواج الضريبي، وإقرار الانضمام إلى اتفاق الأمم المتحدة الخاص بمكافحة الإرهاب.

في لبنان، أصبح قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب رقم 44 يجرم تمويل أنشطة المقاتلين الإرهابيين الأجانب المذكورة في قرار مجلس الأمن رقم 2178، كما أدخل هذا القانون الأسس القانونية التي أتاحت وضع آليات خاصة لتطبيق العقوبات المالية لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1267، إضافة الى تطبيق المعايير الدولية المرتبطة بقرار مجلس الأمن رقم 1373، والتي تتطلب أن يكون لدى الدول لوائحها الوطنية الخاصة المرتبطة بالإرهاب وتمويله. وقد أصدر مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة تعميماً حول التجميد الفوري ذي الصلة بالقرار 1267.

أخضع مصرف لبنان شركات تحويل الأموال لمزيد من الإجراءات والموجبات ومنع إصدار البطاقات المسبقة الدفع في حال لم تكن مرتبطة بحساب مصرفي، ومنع التعامل مع شركات اسهمها لحامله، كما جرى تعديل التعميم الأساسي رقم 83 الصادر عن مصرف لبنان لتعزيز وظيفة الامتثال لدى فروع المصارف والمؤسسات المالية، وأيضاً على مستوى مجالس الإدارة.

يُشارك لبنان بفعالية في الجهود العالمية الهادفة إلى مكافحة تمويل الإرهاب، وذلك من خلال مجموعة العمل المالي «فاتف» الإقليمية التي كان لبنان وراء إنشائها وكان عضواً مؤسساً فيها، فكان أول رئيس لبناني لها.

إنتخب رئيس هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان عبد الحفيظ منصور نائباً لرئيس مجموعة «إغمونت» الخاصة بوحدات الإخبار المالي والتي تضم وحدات إخبار مالي من 151 دولة. ومجموعة «إغمونت»، وهي منتدى دولي لوحدات المعلومات المالية، تأسست عام 1995 بهدف تعزيز أنشطة أعضائها في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب، ولبنان عضو فيها، قررت إنشاء مشروع للتبادل المشترك للمعلومات المتعلقة بـ«داعش» بهدف تحديد وتعقب الوجوه المالية للإرهابيين المحتملين ووسائل تمويلهم، بمن فيهم المجموعات المرتبطة بالقاعدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

يُشارك لبنان في مجموعة العمل لمكافحة تمويل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام – «داعش» The Counter- ISIL Financing Group ويترأس إحدى اللجنتين التابعتين لهذه المجموعة.

في المحصلة، لا شك في أن التشدد الذي يشهده العالم في مجال تطبيق نظم الإمتثال وظاهرة تجنب المخاطر (De-risking) هي عوامل إضافية ينبغي التنبه لها وأخذها في الحسبان، والإجراءات التي اتخذها لبنان وبخاصة مصرف لبنان المركزي وهيئة التحقيق الخاصة على المستويين الإقليمي والدولي كفيلة بتأكيد التزام لبنان مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.