تنشر القبس بالتنسيق مع اتحاد مصارف الكويت سلسلة من الوثائقيات حول دور البنوك المحلية، وعلى رأسها بنك الكويت المركزي، والتي تروي مراحل تطورها وأبرز التحديات التي مرت بها منذ نشأتها لغاية اليوم، وذلك بمناسبة مرور 80 عاماً على عُمر القطاع المصرفي الكويتي.
تأسس بنك برقان عام 1975، كشركة كويتية مساهمة، تعود ملكية غالبية أسهمها إلى الحكومة الكويتية آنذاك. وفي 1977 تم تحويل البنك إلى شركة كويتية عامة، وتمت تسميته تيمناً بأكبر حقل نفط في الكويت «برقان»، ومن ثم تم إدراجه في البورصة في شهر سبتمبر 1984.
وفي عام 1995 قامت الحكومة الكويتية بتقليص حصتها البالغة %61 في بنك برقان فاستحوذت شركة مشاريع الكويت القابضة (كيبكو) على النصيب الأكبر من أسهمه، واستمرت بزيادة حصصها في العامين التاليين.
قال نائب رئيس مجلس الإدارة رئيس الجهاز التنفيذي لمجموعة بنك برقان مسعود محمود جوهر حيات ان بداية استثمار مجموعة المشاريع في «برقان» كان عام 1995، حيث تم الاستحواذ على نسبة مؤثرة في البنك بعد أن قامت الحكومة بخصخصة بعض المؤسسات التي تمتلك فيها نسبة كبيرة من الأسهم.
تطور مستمر
خلال حديثه في البرنامج الوثائقي، قارن حيات بعض البيانات المالية للبنك بين فترة تأسيسه عام 1995 وعام 2020، مشيراً إلى أنه في بداية استحواذ «كيبكو» على البنك، بلغت إيراداته 16 مليون دينار، فيما وصلت في 2020 إلى نحو 213 مليون دينار. أما القروض فكانت تقدر بـ 210 ملايين دينار لترتفع إلى 4.4 مليارات دينار خلال 2020.
وتابع مشيرا إلى أن إجمالي ودائع البنك عند استحواذ مشاريع الكويت على «برقان» كانت 580 مليون دينار قبل أن تصل إلى 4.90 مليارات دينار في 2020، في حين كانت مجموع الأصول في 1995 في حدود 950 مليون دينار، لتبلغ في عام 2020 نحو 7 مليارات دينار. وهذا ما ينطبق على صافي حقوق الملاك التي قدرت بمبلغ 140 مليون دينار خلال 1995 لتنمو بشكل متواصل، وتصل إلى نحو 680 مليون دينار في عام 2020.
وأوضح حيات أن عدد الموظفين في مجموعة بنك برقان تجاوز 3200 موظف، مبيناً أن عدد فروع البنك وصل خلال عام 2020 إلى 125 فرعاً بعد أن كان عددها 10 فروع فقط عند بداية استحواذ «كيبكو» على البنك.
استحواذات ناجحة
لفت حيات إلى أن البنك انطلق اقليمياً سنة 2008، من خلال دخوله إلى أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يتواجد حالياً في تونس والجزائر وتركيا والعراق بالإضافة إلى المقر الرئيسي في الكويت.
وأوضح حيات أن تواجد «برقان» في بعض البنوك كان عبر تأسيسها مثل بنك الجزائر الذي يُعتبر من أنجح التوسعات، فضلاً عن بنوك أخرى تم الاستحواذ عليها عندما كانت تعاني من تراجع الربحية ورداءة الأصول مثل بنك تونس، الذي تحول خلال فترة بسيطة من الاستحواذ من بنك خاسر إلى مربح. أما في تركيا فكانت البداية بعام 2012 وهو أيضا مثال على استحواذات برقان الناجحة. كذلك الأمر بالنسبة للبنك التابع في العراق الذي يعتبر من أفضل البنوك من حيث الخدمات المصرفية التي يقدمها للعملاء وكذلك من ناحية الربحية رغم الأوضاع غير المستقرة.
وفي هذا الجانب، شدد حيات على أن المجموعة وطدت مكانتها القوية في الأسواق التي تعمل فيها بفضل الخبرات التي اكتسبها مجلس الإدارة في الكويت وتصديرها إلى مجالس إدارات البنوك الأخرى التابعة للمجموعة.
تطوير العنصر البشري
قال حيات إنه في يوليو 2021 تبنى «برقان» استراتيجية جديدة لمدة 5 سنوات، كانت أهم ركائزها تعزيز الحصة السوقية في الكويت بشكل أكبر وتحقيق ربحية أفضل، وللوصول إلى هذا الهدف كان لا بد من دعم وتطوير العنصر البشري من خلال البرامج التدريبية، لتلبية متطلبات وتطلعات العملاء وتقديم أفضل الخدمات لهم.
وأكد أن جل اهتمام البنك قد انصب على تنفيذ كل مراحل استراتيجية التحول الرقمي الخاصة به، وهو جزء من مساعيه المتواصلة، إلى جانب تعزيز أنظمة الرقابة الداخلية ومهام إدارة المخاطر.
مواكبة التطورات التكنولوجية
أكد حيات أن «برقان» من أوائل البنوك التي شكلت لجنة مشتركة بين أعضاء المجلس وإدارته للانتهاء من الخطة الاستراتيجية التي من ضمنها التحول الرقمي، تحت متابعة حثيثة من المجلس وبالتعاون مع شركات استشارية.
وأضاف مؤكدا أن أساس الخطة الإستراتيجية هو العنصر البشري الذي يسعى البنك إلى تأهيله لاكتساب أحدث أساليب العمل والمهارات التي تُمكّن الموظفين من مواكبة التطورات التكنولوجية والتغيرات في متطلبات السوق والتطور المتنامي والسريع للقطاع المصرفي.
إيجابيات الجائحة
أكد حيات أن بنك برقان ركز خلال أزمة الجائحة على إيجابياتها وليس على السلبيات، والتي بسببها تم تطوير العديد من الخدمات الإلكترونية خلال أسابيع قليلة، والفضل يعود بذلك إلى العنصر البشري.
وكشف أن «برقان» يفتخر أنه قد نجح في بداية الأزمة في ضمان استمرارية أعماله بالاعتماد على 12 موظفاً فقط تم اختيارهم من بين كوادره لإدارة أعمال البنك، وهو الأمر الذي يبيّن الدور الجوهري للعنصر البشري في تطور البنك. كما أكّد التزام البنك الراسخ بتدريب وتطوير الموظفين بشكل متواصل تحسباً لأزمات أخرى قد تظهر في المستقبل.
وفي الوقت نفسه، أشار إلى أن العنصر البشري وأعضاء مجلس إدارة المجموعة أثبتوا كفاءتهم بكل جدارة وحرفية ضمن إطار تبادل الخبرات المتعلقة بالتحول الرقمي، لتعم الاستفادة على جميع بنوك المجموعة في الأسواق الأخرى.
ولفت حيات إلى أن خطة «برقان» تشمل تكريس دوره في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات، من خلال مشاركته المستمرة في المبادرات المجتمعية ومساهمته الفاعلة في جهود الاستدامة والتنمية.
«الخاص» مغيّب عن مشاريع التنمية
أكد حيات أن «برقان» كمؤسسة اقتصادية يسعى دائماً إلى البحث عن فرص جديدة، مشيراً إلى أن هناك تقصيراً من قبل السلطات للاستفادة من قدرات القطاع الخاص، خصوصاً أن الأخير يمتلك إمكانات كبيرة تؤهله للمساهمة في دعم مسيرة التنمية، ومعبراً عن أسفه لعدم وجود رغبة حقيقية في توسيع دور القطاع في الاقتصاد، رغم الأدلة الملموسة التي تدعمها الأرقام والتي جسدها «برقان» عند استحواذه على حصة الحكومة في البنك في 1995، وهو نموذج يدل على مدى قدرة القطاع الخاص على المساهمة في نمو وتطور الاقتصاد الوطني.
وتمنى الرئيس التنفيذي للمجموعة أن يكون للقطاع الخاص والبنوك الكويتية دور أكبر في خطط التنمية، مشيراً إلى أن هناك اجتماعات في هذا الجانب تعقد على مستوى بنك الكويت المركزي واتحاد المصارف وعلى مستوى مجلس الأمة أيضاً، على أمل أن تظهر نتائجها قريباً.
التوسع الإقليمي
انطلق البنك في تنفيذ خطة التوسع الإقليمي منذ عام 2008 عبر شبكة من الفروع المصرفية التابعة للمجموعة، منتشرة وفقاً لخطة إستراتيجية دقيقة ومدروسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا.
ومن بين الأهداف الرئيسية لسياسة التوسع، تطوير أعمال البنك ودعم أصوله، ونشر العلامة التجارية على نطاق أكبر مع نقل نموذج عمله الناجح وخدماته المالية المميزة وإستراتيجيته المؤسسية إلى دول أخرى، لتوفير تجربة متكاملة للعملاء من الأفراد والشركات لإدارة احتياجاتهم المالية عبر مؤسسة مالية إقليمية ذات تجربة عريقة وناجحة.
إستراتيجية خمسية
بعد أن عزز بنك برقان حضوره الإقليمي عاد إلى التركيز على الكويت، حيث تبنى إستراتيجية خمسية جديدة تهدف في خطوطها العريضة إلى الاهتمام بالعملاء وتعزيز قدرات الكوادر البشرية من خلال التعيين والتطوير والتدريب.
ويؤمن «برقان» بأن قوة البنك وحفاظه على مركز ريادي في القطاع المصرفي على الصعيدين المحلي والإقليمي يعتمدان أساساً على قوة رأسماله البشري، حيث توجه البنك نحو دعم الكوادر الوطنية الكويتية من خلال برنامج «رؤية» الديناميكي الذي يتيح الفرص الملائمة لتدريبهم وتطوير مهاراتهم، خصوصاً في المناصب القيادية.
تعزيز بنيته الرقمية
يواصل «برقان» الاستثمار في تعزيز بنيته الرقمية وفق أعلى مستويات ومعايير جودة الخدمات والأمن السيبراني، حيث حصل على العديد من الشهادات من المنظمة الدولية للمعايير (أيزو) في مجالات كثيرة، منها إدارة أمن المعلومات، وخدمات تكنولوجيا المعلومات، وإدارة الجودة بالتركيز على التحول الرقمي في إستراتيجيته الجديدة التي لا يسعى من خلالها فقط إلى تطوير أعماله، بل إلى إحداث فرق إيجابي في التطور الرقمي وتعزيز القطاع المصرفي ككل بخدمات نوعية.
صمود أمام الأزمات
على الرغم من الظروف الصعبة التي مر بها الاقتصاد العالمي خلال انتشار جائحة كورونا، فقد تمكن بنك برقان من التعامل مع تحديات الفترة ومواجهتها بنجاح بالاعتماد على قدراته الرقمية التي مكنته من تقديم خدمات عالية المستوى من دون انقطاع من خلال الالتزام بإستراتيجيته التي تمثل القوة الأساسية لنجاح جهوده وفعالية إدارته للمخاطر. كما أن تكيفه مع التغيرات الطارئة مكنه من الحفاظ على مركزه الرأسمالي ومستوى السيولة والاستدامة التي تعتبر محوراً أساسياً في جميع أعماله، وهو ما يدعم قدرته على الصمود أمام تغيرات السوق.
ومع ظهور مؤشرات التعافي والانتعاش وبدء انحسار الأزمة، أثبت «برقان» ثقة عالية في قدراته الرقمية ورأسماله البشري والممارسات المستدامة التي تُمكّنه من التقدم بثبات نحو تحقيق أهدافه للنمو والتطور.