*ستيف جونسون من لندن
الاعتقاد السائد بأن الاستثمار “المستدام” يحقق أداء متفوقا هو مجرد وهم وأن العوائد الأعلى من السوق تتحقق فعليا من خلال التعرض لما يسمى عوامل النمط المعروفة منذ فترة طويلة بتعزيز عوائد الاستثمار، حسبما أظهر بحث أكاديمي.
جاء في كثير من الدراسات أن الاستثمار المستند إلى المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة يميل إلى تحقيق أداء متفوق في الأعوام الأخيرة، ولا سيما خلال عمليات البيع الكثيف المدفوعة بالجائحة في آذار (مارس) ونيسان (أبريل) 2020.
وجدت ورقة بحثية حديثة من جامعة نيويورك أن الأغلبية في أكثر من 200 دراسة نشرت منذ 2015 خلصت إلى أن المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة عززت العوائد. ساعدت هذه الدراسات على فتح الباب على مصراعيه أمام الاستثمار المستدام، واجتذبت الصناديق التي وصفت نفسها بأنها مستدامة تدفقات بلغت 340 مليار دولار على مدار العامين الماضيين، وفقا لبيانات من “إي بي إف آر”.
لكن تحليلا جديدا أجرته “ساينتيفيك بيتا”، وهي مزودة مؤشر استراتيجية “بيتا الذكية” المرتبط بمعهد إدهيك Edhec للأبحاث، وهو مؤسسة فكرية أكاديمية فرنسية، يعارض الادعاءات القائلة إن صناديق الاستثمار المستدام تميل إلى التفوق على السوق الأوسع، أو بلغة الصناعة، تولد “ألفا”.
قال فيليكس جولتز، مدير الأبحاث في “ساينتيفيك بيتا”، والمؤلف المشارك لورقة بحثية لم تنشر بعد، “لا يوجد ألفا للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة”. أضاف “ادعاءات ألفا إيجابية في المنشورات الصناعية الشهيرة غير صحيحة لأن التحليل الكامن وراء هذه الادعاءات خاطئ”، مع وجود أخطاء تحليلية “تمكن من توثيق الأداء المتفوق بينما في الواقع لا يوجد أي شيء”.
حللت “ساينتيفيك بيتا” 24 من استراتيجيات معايير الاستدامة التي تبين في أوراق أكاديمية أخرى أنها تتفوق في الأداء. وجدت دليلا على أن صناديق الاستدامة تميل إلى التفوق، وأن الصناديق الرائدة منها تتفوق عادة على المتقاعسة بثلاث نقاط مئوية سنويا.
لكن في كل من الولايات المتحدة والأسواق المتقدمة الأخرى، وجدت أن ثلاثة أرباع الأداء المتفوق يعود إلى مقاييس “الجودة”، مثل الربحية العالية والاستثمار المحافظ.
ولطالما تم الاعتراف بالجودة باعتبارها أحد “عوامل” الاستثمار التي تميل تقليديا إلى تحقيق عوائد أعلى من السوق.
وبحسب الورقة البحثية: “على الرغم من الاعتماد على تحليل المعلومات غير المالية من قبل مئات من محللي المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، استراتيجيات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة تعمل مثل استراتيجيات الجودة البسيطة التي يتم إنشاؤها آليا من النسب الحسابية”.
قال جولتز: “من بين 24 استراتيجية، لم يتفوق أداء واحد بشكل ملحوظ عندما تكيفها مع هذا العامل وهذا أمر مذهل بالنسبة لي. إنها الحالة التي تفوقت فيها الجودة على مدار العقد الماضي”.
أضاف: “يمكنك طرح هذا السؤال، ما قيمة تحليل المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، إذا كان من الممكن إنشاء محافظ استثمار مستدام ببساطة عن طريق تحليل بيانات الميزانية العمومية عالية المستوى؟”.
جادلت الورقة بأن استراتيجيات الاستدامة “لا توفر حماية كبيرة من مخاطر الهبوط الحاد”. ووجدت أيضا أن الأداء المتفوق لاستراتيجيات الاستدامة لم يحدث بشكل أساسي إلا منذ 2013، عندما بدأ الاهتمام بالاستثمار المستند إلى المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة “يرتفع بشكل ملحوظ”، ما يشير إلى تضخم العوائد بشكل مصطنع من خلال الزخم الذي دفع قيمة الأسهم الصديقة للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة إلى أعلى.
قال جولتز: “نحصل على نظرة منحازة لأداء المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، إلا إذا كنت تفترض أن الاهتمام سيرتفع بشكل دائم”. أضاف: “إذا توقف الاهتمام عن الارتفاع، نتوقع أن يعود الأداء إلى متوسطه طويل الأجل (أي بما يتماشى مع السوق). لكن (…) التقييمات ارتفعت، لذا ستكون العوائد المتوقعة على المدى الطويل أقل مما كانت عليه من قبل”.
لا يتفق الجميع مع استنتاجات “ساينتيفيك بيتا”. قال أحد مديري الأصول الكبار “نحن لا نتفق مع نتائج البحث. وهذا يستند إلى أبحاثنا الخاصة وكذلك التقارير من كثير من المنظمات الأخرى”.
لكن فيتالي كاليسنيك، مدير الأبحاث في أوروبا في شركة ريسيرتش أفيليتس، وهي رائدة في استراتيجية بيتا الذكية، قال إن استنتاج “ساينتيفيك بيتا” كان “متوافقا تماما مع الكثير مما كتبناه. التداخل بين المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، خاصة المقاييس المتعلقة بـ G (الحوكمة) والجودة كبير جدا”.
كان سوني كابور، المدير العام لمعهد نورديك للتمويل والتكنولوجيا والاستدامة، وهو مؤسسة فكرية، أكثر صراحة. قال: الورقة “توثق ما يهمس به في أروقة التمويل – معظم الاستثمارات المستندة إلى المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة هي خدعة لغسل السمعة وزيادة الرسوم للحد الاعلى وتخفيف الشعور الذنب”.
“بين الطرق التي لا حصر لها لقياس وموازنة نتائج المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، والطبيعة المخصصة لـ’تكامل المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة‘ وواقع أدائها الذي يعكس الميول القطاعية وعوامل الجودة بدلا من عوامل الاستدامة، تم بناء مجال الاستثمار المستند إلى المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة بأكمله على أسس مهتزة تنهار تحت الفحص الدقيق”.
جادل كاليسنيك بأن الاستثمار المستدام لا يزال له مكان إذا كان المستثمرون يركزون بشكل أساسي على تغيير العالم من خلال إعادة تخصيص رأس المال لشركات “أفضل” والانخراط مع شركات أخرى لتشجيعها على تغيير أساليبها.
إذا كان الناس “يريدون الاستثمار (في المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة) لمجرد أنها ستقود الأداء، فأعتقد أنها أخبار سيئة. إذا أرادوا التفوق في الأداء، فعليهم استهداف العوامل التي تحقق هذا الهدف. إذا كانوا منفتحين على أسباب غير مالية، فعليهم المضي قدما”.
وافق جولتز على ذلك قائلا: “المستثمرون الذين يبحثون عن القيمة المضافة من خلال الأداء المتفوق يبحثون في المكان الخطأ (لكن) قد يكون الوقت قد حان للنظر في استراتيجيات الاستدامة فيما يتعلق بالمزايا الفريدة التي يمكنها تقديمها، مثل التحوط من مخاطر المناخ أو التقاضي، ومواءمة الاستثمارات مع المعايير وإحداث تأثير إيجابي في المجتمع”.
لم يكن كابور مقتنعا، رغم ذلك. قال: “أولئك الذين يواصلون الترويج للاستثمار المستدام، كما هو ممارس حاليا، حتى بعد قراءة هذه الورقة، يمكن أن يكونوا واحدا فقط من ثلاثة أشياء – محتالين، أو سذجا، أو متخصصين في المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة يعرفون مصلحتهم”.
أضاف: “يعرف معظم مديري الأصول الفرضية المركزية للورقة البحثية، وهي أن الأداء المتفوق للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة يختفي عند تعديله وفقا للمخاطر، وتحيز القطاع، وعوامل الجودة (…) مع ذلك يستمرون في تقديم البيانات بطريقة تتجاهل هذا عن عمد لركوب موجة اهتمام المستثمرين”.
“معظم الاستثمارات المستدامة ليست أكثر من مجرد خدعة تسويقية. الرسالة ليست ’تجاهل المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة‘ لكن ’لا تصدق رواية تفوق المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة‘”.