كشف تقرير حديث أن تصوّر إستراتيجية تنويع اقتصادي لدول الخليجي يمكنها أن تضيف 255 مليار دولار إضافية إلى ناتجها المحلي الإجمالي وتولد 600 ألف وظيفة متعلقة بالتكنولوجيا بحلول عام 2030، حيث من المرجح أن تلعب الصين الدور الرئيسي في إعادة بناء الاقتصاد الخليجي.
طورت دول الخليج علاقات وثيقة مع الصين على الرغم من علاقتها الطويلة مع حليفتها الرئيسية الولايات المتحدة، حيث تسعى للحصول على رأس المال والتكنولوجيا لتنويع اقتصاداتها بعيداً عن عائدات النفط والغاز.
وذكر تقرير تحليلي على «أوراسيان تايمز»، أن الدافع الأساسي الذي يحفِّز دول الخليج نحو التحول في السياسات الموجهة نحو النفط هو الإدراك بأن الطاقة الهيدروكربونية ليست مستدامة. لذلك فإن اهتمامهم الكامل ينحرف تدريجياً حول اقتصاد موجه نحو التكنولوجيا مع نقل التكنولوجيا كمعيار أساسي للتحول.
قبل بضعة أشهر، أعلنت الشركة الصينية لنقل الركاب أنها ستبني منشأة للسيارات الكهربائية في أبو ظبي، إذ قامت الشركة الصينية «إكس بينج إيروهت» بأول رحلة عامة لها في الإمارات في أكتوبر 2022.
وتفيد التقارير بأن دول الخليج تتعاون بنشاط مع الشركات الصينية في برنامج شامل لتحويل ليس فقط اقتصادات دول الخليج ولكن أيضاً عقلية الشباب بأكملها، الذين يظهرون المزيد والمزيد من الميل نحو الابتكار والأصالة.
ويتلقى معظم الشباب في هذه البلدان تعليمهم في مؤسسات مرموقة في الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة. ومن ثم فإن تأثير التحرير الاجتماعي والثقافي واضح في أسلوب حياتهم.
انزعاج أميركي
لكن تغيير السياسة والرغبة في تنويع الاقتصادات ووسائل الإنتاج أصبحت مصدر إزعاج لمخططي السياسات في واشنطن. دول الخليج، بشكل عام، والسعودية، على وجه الخصوص، لديها تاريخ من علاقة طويلة ووثيقة مع الولايات المتحدة.
وكحلفاء موثوق بهم للولايات المتحدة لفترة طويلة، تشعر واشنطن أن دول الخليج الآن على غير هدى لأنها تجد الخيار الصيني يلبي متطلباتها للحاضر والمستقبل.
وقال مسؤول أميركي: «يجب على دول الخليج النظر في علاقتها مع الولايات المتحدة عند التعامل مع الصين»، مع اندلاع التوترات بين واشنطن وبكين في أعقاب جائحة فيروس كورونا.
وأضاف مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى: «لقد طورت دول الخليج علاقات وثيقة مع بكين على الرغم من علاقتها الطويلة الأمد مع حليفتها الرئيسية الولايات المتحدة في سعيها للحصول على رأس المال والتكنولوجيا لتنويع اقتصاداتها بعيداً عن عائدات الهيدروكربونات. يجب على هذه الدول أن تزن قيمة شراكتها مع الولايات المتحدة».
تقييد النفوذ
تحاول الولايات المتحدة تقييد النفوذ الصيني في دول الخليج دون نجاح ملموس. على الرغم من أن الرئيس الاميركي جو بايدن جادل صراحة في يوليو 2022 بأن تحسين العلاقات الأميركية السعودية أمر ضروري «للتغلب على الصين»، إلا أنها ستكون مهمة شاقة مع تكثيف التآزر بين الخليج والصين.
على سبيل المثال، في عام 2022، طورت شركة هواوي والسعودية تفاهماً متبادلاً لتبني تقنيات مثل الحوسبة السحابية، والأمن السيبراني، و5G، وكلها متصورة في رؤية السعودية 2030، وهي مخطط الرياض للتنويع الاقتصادي.
مناطق إستراتيجية
على مدى العقدين الماضيين، كان التركيز على الطاقة، والسياسة الخارجية لدول الخليج يدور حول إنتاج النفط وتسويقه. لكن التعاون التكنولوجي، الذي تطور من التركيز على الطاقة على مدى العقدين الماضيين، أصبح أداة حيوية في تعزيز مشاركة الصين مع دول مجلس التعاون الخليجي.
وارتفعت فاتورة التجارة من حوالي 1.5 مليار دولار في عام 1990 إلى 180 مليار دولار في عام 2019 – %11 من التجارة الخارجية للكتلة – مما يجعل الصين الشريك التجاري الأول لمجلس التعاون الخليجي.
عقود الجيل الخامس
منذ عام 2019، وقَّعت معظم شركات الاتصالات الخليجية عقود 5G مع هواوي. ومع إطلاق مجموعة الـ42 الإماراتية صندوقاً بقيمة 10 مليارات دولار للاستثمار في شركات التكنولوجيا المتأخرة في عام 2022، سوف تتسارع مشاركتها مع الصين. خاصة أن إستراتيجية الصين هي توفير كل من البنية التحتية والتكنولوجيا، وهذا بالضبط ما تعتبره القيادة الخليجية أولوية. ويعد طريق الحرير الرقمي، الذي تم طرحه في عام 2015 كجزء من مبادرة الحزام والطريق، قناة قوية لتحقيق هذه الرؤية الإقليمية.
وتتعهد الصين بتوسيع فلسفتها الأساسية للاقتصاد القائم على القوة لتشمل الساحة الدفاعية في دول مجلس التعاون الخليجي، إذ اشترت الإمارات طائرات وينج لونج الأولى الصينية في عام 2016 ووينج لونج (الثاني) في عام 2018 بعد أن رفضت الولايات المتحدة بيع أحدث طائراتها دون طيار، مشيرة إلى تأثير الحرب في اليمن. في عام 2017، أبرمت بكين والرياض صفقة لتصنيع طائرات دون طيار من طراز سي إتش-4 في السعودية.
صدارة صينية متنامية
أكد مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية بجامعة هارفارد أن الصين حلت محل الولايات المتحدة باعتبارها أكبر مصنع للتكنولوجيا الفائقة في العالم من حيث:
1 – الذكاء الاصطناعي.
2 – الجيل الخامس 5G.
3 – أشباه الموصلات.
4 – التكنولوجيا الحيوية.
5 – الطاقة الخضراء.
التعاون في مجال الطاقة النووية
وسط التوتر السعودي- الأميركي بشأن قرار «أوبك+» خفض إنتاج النفط، عقد وزير الطاقة السعودي اجتماعاً افتراضياً مع نظيره الصيني لمناقشة التعاون في مجال الطاقة النووية. وهذا يقوِّض مرة أخرى الضغط الأميركي من أجل التحالف مع السعودية بشأن الطاقة النووية لمنع التعاون السعودي الصيني.
في التحليل النهائي، يجب أن تكون هناك عملية موازنة بينما يتحرك العالم نحو الاستقطاب المتعدد، حيث كسرت الحرب الأوكرانية العديد من التصورات الراسخة، ويمر النظام العالمي بموجة من عمليات إعادة التنظيم. ويتكيف الخليج مع شكل وهيكل جديد، من بين أحداث أخرى. سيتعين على الولايات المتحدة النظر في الحقائق على الأرض.