«سويفت» يربط 11 ألف بنك ومؤسسة في أكثر من 200 دولة

Download

«سويفت» يربط 11 ألف بنك ومؤسسة في أكثر من 200 دولة

مقابلات
العدد 496 - آذار/مارس 2022

«سويفت» يربط 11 ألف بنك ومؤسسة في أكثر من 200 دولة

ويُرسل أكثر من 40 مليون رسالة يومية

تتسابق آلة الحرب الدائرة في أوكرانيا، مع محاولات إيقافها عبر المفاوضات الجارية بين الجانبين المتنازعين، ليس فقط بسبب الأضرار التي تُخلفها على البشر والحجر، بل أيضا لتبعاتها الإقتصادية على كل دول العالم، ولا سيما على روسيا التي تُحاول الولايات المتحدة الأميركية ودول الإتحاد الأُوروبي، الرد على دخولها إلى أوكرانيا، عبر مجموعة عقوبات إقتصادية ومالية موجعة، وأهمُّها إخراجها من خدمات نظام «سويفت» المالي، حتى أن بعض المراقبين يعتبرون أن هذه الحرب هي حرب إقتصادية، تُقسّم العالم إلى شطرين، نظراً إلى التداعيات المنتظرة لهذا القرار- الرد.

بداية، لا بد من التوضيح أن نظام «سويفت» هو شريان مالي عالمي، يسمح بإنتقال سلس وسريع للمال عبر الحدود. وكلمة سويفت (SWIFT) هي إختصار لـ «جمعية الإتصالات المالية العالمية بين البنوك»، (The Society for Worldwide Interbank Financial Telecommunications)‏ وقد أنشئ هذا النظام في العام 1973 ومركز هذه الجمعية بلجيكا، ويربط نظام سويفت 11 ألف بنك ومؤسسة في أكثر من 200 دولة، ويُرسل أكثر من 40 مليون رسالة يومية، إذ يتم تداول تريليونات الدولارات بين الشركات والحكومات، ويُعتقد أن المدفوعات الروسية تمثل 1 % من حجم التعاملات عبر نظام «سويفت».

 بلغة المصالح، سيؤدي حظر روسيا من التعامل عبر نظام سويفت، والذي يُستخدم من قبل الآلاف من البنوك، إلى التأثير على شبكة البنوك الروسية وقدرتها على الوصول للمال، وستجد هذه البنوك صعوبة في التواصل مع البنوك الأخرى على المستوى الدولي، مما سيؤدي إلى إبطاء حركة التجارة ويزيد من كلفة المعاملات.

في المقابل أنشأت الحكومة الروسية نظام بطاقات الدفع الوطني المعروف بإسم «مير»، وذلك للتعامل مع المدفوعات عبر البطاقات، وقد بلغ عدد المراسلات على هذه الشبكة نحو مليونين في العام 2020 أي حوالي خُمس حركة التراسل الداخلية الروسية، ويهدف البنك المركزي الروسي إلى رفع النسبة إلى 30 % في العام 2023، لكن الثغرة الذي يعانيها هذا النظام هو مواجهتها صعوبة في ضم أعضاء أجانب إليها.

«سويفت» لم يُحجب بالكامل عن روسيا!

إذن باتت المصارف الروسية أو العدد الأكبر منها خارج هذا النظام المالي العالمي الحيوي، ورغم إمتلاك موسكو نظام مالي خاص، إلا أن ذلك لا يعني أن خروجها أمر يُمكن تعويضه بسهولة، لذلك من المُجدي  البحث عن تداعيات هذا الخروج، وآثاره على الإقتصاد الروسي مستقبلاً.

يشرح الخبير المالي الدكتور باتريك مارديني لمجلة «إتحاد المصارف العربية» أن «هناك خيارات أمام روسيا لإتمام عملياتها التجارية، بعد إيقاف نظام «السويفت» المالي، إذ إن روسيا يُمكنها التعاطي مع الصين، وهناك ربط للشبكة المصرفية بين البلدين من دون الحاجة للمرور بـ «السويفت»، لافتاً إلى أن «العقوبات لم تشمل جميع المصارف الروسية، وبعضها لا يزال يستعمل شبكة «سويفت»، كما أن هناك مصارف روسية تمتلك فروعاً خارج روسيا تعمل بشكل طبيعي، بالإضافة إلى أن مصارف أجنبية موجودة في روسيا، لا تزال تعمل بشكل طبيعي وتستخدم «السويفت»، وهذه الوسائل تسمح بتفادي جزء من المشاكل المتعلقة بقطع روسيا عن هذا النظام المالي العالمي».

ويوضح مارديني أن «نظام المير الروسي هو نظام مالي داخلي، يسمح للمصارف الروسية أن تقوم بالمراسلات المصرفية، علماً أن هذه المصارف كانت تُفضل نظام «سويفت» عليه، ولا يُمكن منافسته حتى داخل روسيا. علماً أن نظام المير، لا يملك الشبكة التي يملكها نظام «سويفت» خارج روسيا»، لافتاً إلى أنه «صحيح أن نظام المير تمّ ربطه بالنظام المصرفي الصيني، ويُمكن العمل مع الصين من خلاله، لكنه يُساعد في المعاملات الداخلية، ولا فعّالية لديه في إتمام المعاملات الخارجية، لذلك تملك روسيا الخيارات الأُخرى التي تحدّثنا عنها».

النفط هو التعويض

يرى مارديني أن «ما يُمكن أن يُعوّض العقوبات الحاصلة على روسيا هو إرتفاع أسعار النفط والغاز عالمياً، وهذا يمنحها مدخولاً مالياً كبيراً، يُمكن أن تستعمله لتخفيف وطأة العقوبات عليها»، لافتاً إلى أنه «كلما حصل إنخفاض في الأسعار، وتمّ تأمين بدائل عن الغاز الروسي، وزاد الإنتاج العالمي، سواء  من خلال «أوبيك» أو النفط الفنزويلي، والإيراني والكندي، وإذا أعطت الولايات المتحدة الضوء الأخضر لإستعمال الوقود الأحفوري، فهذه الخطوات ستخفّض أسعار النفط  والمواد الاولية، ويُخفّف من إعتماد الغرب على روسيا لتأمين النفط والغاز ويقلص مداخيلها».

ويضيف مارديني: «هذا ما يُمكن أن يُكبّد الروس خسائر أكبر، وما دامت أسعار النفط والغاز مرتفعة، فهذا يعني إمتلاكها هامش أكبر للمناورة والصمود  لفترة أطول. علماً أن هناك جزءاً سياسياً متعلقاً بما تُريده روسيا من أوكرانيا، وهل حقّقت أهدافها أم لا، وهل ستتمكّن من الإتفاق مع الدول الغربية، وفقاً لشروط معينة لتخفيف العقوبات؟

ويختم مارديني: «إن كل هذه الأُمور سياسية، لكنها تُؤثر على الوضع الإقتصادي الروسي، والعامل الأساسي للصمود هو أسعار النفط والغاز والمواد الأولية عالمياً».

مقومات تمنع الإنهيار السريع

يُوافق الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة على أن «حجب نظام «سويفت» عن المعاملات المصرفية الروسية، له تأثير كبير على الدورة المالية والإقتصادية فيها»، لافتاً لمجلة «إتحاد المصارف العربية» إلى أن «هناك مصارف روسية لا تزال تعمل في هذا النظام، كما أن نظام مير الروسي يُمكنه التواصل مع الداخل، كما مع الصين»، معتبراً أن «روسيا يُمكنها أن تصمد لأشهر عدة، أمام نظام العقوبات الذي تُواجهه، لأنها تتحضّر للحرب منذ فترة طويلة، وتالياً لديها مخزون جيد من الذهب ومن العملات الأجنبية والإنتاج الداخلي، كما أن التبادل التجاري مع الصين (غاز ونفط) وإيران لا يزال سارياً».

ويختم حبيقة مؤكداً «أن العقوبات ستُوقف نموَّ الإقتصاد الروسي، لكنه لن ينهار بسرعة بسبب مقوّماته القوية».

 

 

الروبل لا مكان له في الأسواق العالمية

 يجزم الخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة لمجلة «إتحاد المصارف العربية» أن «نظام مير الروسي، لا يُمكن أن يحل مكان نظام «سويفت»، لأنه من دونه لا يُمكن لروسيا تحويل الأموال إلى الخارج أو القيام بعمليات تجارية خارجية»، مشدداً على أن «إخراجها هو ضربة كبيرة للإقتصاد، والمطلوب هو إلحاق الأذى به، وإيقاف نشاط روسيا الإقتصادي العالمي، أما التعامل بين النظامين المصرفيين الروسي والصيني، فهو مُتاح رغم العقوبات، لكن المشكلة أن العملات الروسية والصينية ليست عملات مُعترف فيها عالمياً على نسق الدولار، واليورو، والفرنك السويسري، والجنيه الاسترليني والين الياباني، وهناك مرور إلزامي لهذه العملات، كي يجد الروبل الروسي طريقه إلى السوق المالية العالمية».

 ويرى عجاقة أنه «لا يُمكن لروسيا الصمود طويلاً أمام العقوبات، والثمن سيدفعه الشعب الروسي، وكلّما طال أمد الحرب، كلّما زادت الضغوط عليه، والدليل أن الروبل خسر 30 % من قيمته، وروسيا تسير نحو التخلّف في سداد ديونها، لا سيما الشركات الروسية».

ويختم عجاقة معتبراً أن روسيا «لن تصمد طويلاً، إلاّ إذا أرادت العودة إلى المرحلة الإقتصادية التي تلت إنهيار الإتحاد السوفياتي».

باسمة عطوي

– أنشىء نظام «سويفت» من قبل بنوك أميركية وأوروبية، كانت ترغب في ألاّ تُسيطر مؤسسة واحدة على النظام المالي، وتُطبق الإحتكار.

– الشبكة راهناً مملوكة بشكل مشترك لأكثر من ألفي بنك ومؤسسة مالية، ويُشرف عليها البنك الوطني البلجيكي، بالشراكة مع البنوك المركزية الكبرى في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك بنك الإحتياطي الفيدرالي الأميركي وبنك إنكلترا.

– يُساعد نظام «سويفت» في جعل التجارة الدولية الآمنة ممكنة لأعضائها، وليس من المُفترض أن تنحاز إلى أي طرف في النزاعات.