ستنشأ على أساس إستراتيجي بالإعتماد على الذهب والمعادن النادرة
عملة موحدة جديدة لمجموعة الـ «بريكس» للإطاحة بالدولار؟
تسعى مجموعة الـ «بريكس» إلى طرح عملة موحّدة جديدة، من أجل إستخدامها في التبادلات التجارية بين دولها بدلاً من الدولار. وتُعتبر هذه الخطوة لافتة بغية الإطاحة بهيمنة العملة الأميركية على التجارة العالمية، وخصوصاً في وقت أصبح فيه الدولار أداة عقاب إقتصادي ضد بعض دول المجموعة.
عاد الحديث عن عملة موحّدة جديدة تعتزم دول مجموعة الـ «بريكس» إطلاقها، من أجل إعتمادها في المبادلات التجارية بين تلك الدول، وبينها وبين العالم، في سبيل منافسة الدولار الأميركي الذي يُهيمن كعملة مرجعية على معظم التجارة العالمية، من أجل القضاء على تلك الهيمنة.
ولا يُعدُّ الحديث عن عملة موحدة لـ «بريكس» قضية جديدة، بل أُثيرَت منذ سنوات عدة، غير أنها تكتسب إلحاحاً كبيراً مؤخراً، وخصوصاً بعد الحرب في أوكرانيا، إذ أصبح الدولار أداة عقابية ضد الإقتصاد الروسي، ما دفعه إلى البحث عن بدائل جديدة لتجارته الخارجية، على رأسها النفط والحبوب.
عملة الـ «بريكس» الجديدة
حسب تقرير لوكالة «سبوتنيك» الروسية، فإن دول الـ «بريكس» (روسيا والصين والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل) في صدد إنشاء وسيلة جديدة لمدفوعات تجارتها البينية والخارجية في شكل عملة موحّدة. وهو ما أكده، نائب رئيس مجلس الدوما الروسي ألكسندر باباكوف، خلال حديثه على هامش منتدى الأعمال الهندي – الروسي في نيودلهي مطلع أبريل/نيسان 2023.
وقال باباكوف «إن هذه العملة الجديدة ستُنشأ على أساس إستراتيجي، وليست قائمة على الدولار أو اليورو، وإن تأمينها سيكون بالإعتماد على الذهب والسلع الأخرى مثل المعادن النادرة»، مؤكداً «أن خطة إطلاق هذه العملة ستُعرَض في قمة قادة الـ «بريكس» هذا العام».
تأتي هذه الخطوة بعد تصريحات سابقة لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في يناير/كانون الثاني 2023، قال فيها: «إن مبادرة إنشاء عملة موحّدة بين الدول الأعضاء ستُناقَش خلال القمة المقرَّر عقدها في جنوب إفريقيا، في أغسطس/آب 2023».
وأوضح لافروف أن «هذا هو الإتجاه الذي تسير فيه المبادرات، التي ظهرت قبل أيام فقط، حيال الحاجة إلى التفكير في إنشاء عملات خاصة داخل مجموعة دول الـ «بريكس»، وداخل مجتمع دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي». مضيفاً أنه «سيكون هذا بالتأكيد على أجندة قمة الـ «بريكس»، التي ستُعقَد في جمهورية جنوب إفريقيا في نهاية أغسطس/آب 2023، حيث دُعيَت مجموعة من الدول الإفريقية».
وتسعى مجموعة الـ «بريكس» من خلال هذه الإجراءات للقضاء على هيمنة الدولار على المبادلات التجارية العالمية. وفي هذا الصدد، في نهاية مارس/آذار 2023، وقّع كل من البرازيل والصين إتفاقاً للتخلي عن الدولار في معاملاتهما الثنائية، وهو ما يُتوقع أن يقلّل تكاليف الإستثمار ويؤدّي إلى تَطوُّر العلاقات الإقتصادية بين البلدين.
كيف تسعى الـ «بريكس» للإطاحة بالدولار؟
أصبحت الدعوات إلى التخلِّي عن الدولار داخل مجموعة الـ «بريكس» أكثر إلحاحاً عقب إندلاع الحرب في أوكرانيا، إذ أصبحت العملة الأميركية إحدى الأدوات العقابية الغربية ضدّ الإقتصاد الروسي. كما دفع هذا الواقع دول المجموعة الإقتصادية إلى تكثيف التعاون بينها، وهو ما يؤكده مندوب جنوب إفريقيا لدى الـ «بريكس» أنيل سوكلال بقوله: «لم تفرض الأمم المتحدة عقوبات على روسيا، بل فقط عقوبات (غربية) أحادية الجانب، لذلك فعلاقتنا مع روسيا أقوى من أي وقت مضى».
ويمثّل تكتل الـ «بريكس» قوة إقتصادية عالمية، تسعى إلى تكوُّن القطب الأساسي الثاني في الإقتصاد العالمي، نظراً إلى تعدادها السكاني الكبير وغناها من حيث الموارد الطبيعية وقوتها الصناعية.
ويبلغ تعداد سكان الـ «بريكس» أكثر من 3 مليارات و200 مليون شخص، أي نحو 42 % من إجمالي سكان العالم، فيما بلغ الناتج المحلي الاسميّ لهذه الدول في العام 2018 نحو 19.6 تريليون دولار، أي نحو 23.3 % من إجمالي الناتج العالمي. وفي العام 2020، رغم الأزمة الصحية، عادل ناتجها الخام 18.6 تريليون دولار، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي.
وحسب منظمة التجارة العالمية، صدّرت دول الـ «بريكس» في العام 2020 نحو 3.3 ترليونات دولار من السلع، 2.6 ترليون دولار منها صدّرَتها الصين وحدها. وتُصدّر المجموعة ما يعادل 16 % من مجمل الصادرات العالمية، كما تستورد 17 % من مجمل الواردات في العالم.
ومنذ تأسيسها، تشهد إقتصادات الـ «بريكس» نموّاً مطّرداً، ويتنبأ محللون ببلوغها نسبة نمو 40 % في حلول العام 2025.
وفقاً لهذه الأرقام، يرى محللون أن مجموعة الـ «بريكس» تملك المؤهلات الإقتصادية والديموغرافية والطبيعية لإزاحة هيمنة الدولار عن عرش التجارة الدولية، الذي تَربَّع عليه عقب الحرب العالمية الثانية.