ستشهد دول الخليج عودة إلى تحقيق فائض في ميزانياتها العمومية العام الجاري والعام المقبل، مع حفاظ أسعار النفط الخام على مستويات أعلى من 100 دولار للبرميل، وبمساهمة الانتعاش في قطاع الخدمات، وفق ما نشرته صحيفة خليج تايمز نقلاً عن خبراء اقتصاد.
وقال خبراء اقتصاد إن النتيجة الفورية لأسعار النفط القوية ستظهر على شكل نمو اقتصادي قوي، وعودة الفوائض الكبيرة في الحساب الجاري لبلدان المنطقة.
ونقلاً عن معهد التمويل الدولي، قال بنك أبوظبي الأول FAB إن فائض الحساب الجاري المجمع سيرتفع بأكثر من %233 من 120 مليار دولار في عام 2021 الى حوالي 400 مليار دولار في عام 2022 لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأكملها. وتحوز دول الخليج نصيب الأسد من المجموع وبنسبة %90.
الأفق الاقتصادي
وقال سايمون بالارد، كبير الاقتصاديين في بنك أبوظبي الأول، إن الأفق الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي لا يزال مشرقاً إلى حد معقول، مدعوماً بالتحول الأخير في أسعار النفط والانتعاش المتزامن في قطاع الخدمات.
وتابع: «تظل عائدات البتروكيماويات هي شرايين السيولة في الميزانيات العمومية السيادية وقوتها بالطبع، مما يسمح بتمويل استراتيجيات التنويع الاقتصادي المستمرة. لكن بعيداً عن هذه الدوافع القصيرة الأجل للتفاؤل، ندرك أيضاً أن أساسيات الائتمان الأساسية في المنطقة تتعزّز اليوم من خلال الإصلاح التنظيمي والضريبي والمالية العامة».
وأضاف بالارد أن منطقة الخليج بأساسياتها الائتمانية السيادية القوية، مدعومة بالقوة الأخيرة في أسعار النفط، لا تزال تقدم للمستثمرين ملاذاً نسبياً.
وقال بالارد في هذا الصدد: «على الرغم من الاضطرابات الجيوسياسية في أوروبا الشرقية وأوكرانيا والشكوك المتعلقة بالاقتصاد الكلي في أماكن أخرى، نعتقد أن بلدان الخليج تواصل الاستفادة من التوقعات الاقتصادية المواتية نسبياً».
تحقيق فوائض
ومن عجز قدره %7.3 و%0.1 في 2020 و2021 على التوالي، يتوقع بنك أبوظبي الأول أن تعود الميزانية العمومية لحكومة الإمارات إلى تحقيق فائض هذا العام. وقال بالارد: «تماشياً مع وجهة نظرنا، تتوقع أحدث بيانات معهد التمويل الدولي فائضاً في الرصيد الإجمالي لحكومة الإمارات بنسبة %8.3 هذا العام و%4.9 في عام 2023». وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، ستحقق المملكة فائضاً بنسبة %6.7 هذا العام و%4.6 في عام 2023 بعد عجز كبير بنسبة %12.1 في عام 2020 و%2.9 في عام 2021.
من جهة أخرى، قال آدم كرادشة، وهو زميل علم الاقتصاد الجغرافي في منتدى كامبريدج للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومقره بريطانيا، إن أكبر المستفيدين من ابتعاد تجار النفط عن النفط الروسي خوفاً من تعرّض موسكو لمزيد من العقوبات بسبب حربها على أوكرانيا، هم كبار مصدري النفط الخام في الشرق الأوسط، الذين تلقوا مكاسب كبيرة من ارتفاع أسعار النفط.
نمو إجمالي الناتج المحلي
قال التقرير إن دول الخليج ستسجل على الأرجح أعلى معدل نمو في إجمالي الناتج المحلي منذ 2011، عند %6.1 هذا العام من %2.5 في 2021، وفقاً لتقرير نشره بنك MUFG الياباني. لكن بعيداً عن نمو الناتج المحلي الإجمالي، فإن الآثار الاقتصادية الأوسع لهذا النمو محسوسة في جميع أنحاء المنطقة. إذ يجري استخدام هذه الأرباح غير المتوقعة لتعزيز النمو والاستثمار في مشاريع طويلة الأجل للتحول بعيداً عن الكربون.
تمويل مشاريع البناء
أفاد التقرير بأن عام 2021 شهد توقفاً في مشاريع البناء والنقل المخطط لها في دول الخليج بقيمة 1.4 مليار دولار، لكن الزيادة المستمرة في أسعار النفط ستساعد على الأرجح في تمويل هذه المشاريع.
الاستثمار في الطاقة النظيفة
أفاد كرداشة أن العديد من دول مجلس التعاون الخليجي تعهدت بالتحرك نحو اقتصاد الطاقة النظيفة، وقد بات لديها الآن رأس المال الكافي لمواصلة تمويل هذه المشاريع. وكان عدد من المؤسسات المالية في دول الخليج استثمر 2.4 مليار دولار في إصدار صكوك بيئية واجتماعية وحوكمة، تشمل صكوكاً صديقة للبيئة ومرتبطة بالاستدامة في الربع الأول من عام 2022.