*علاء المنشاوي
تحتفل السعودية اليوم 22 فبراير بيوم التأسيس، في رحلة بناء بدأت قبل ثلاثة قرون ولا تزال مستمرة بهمة الأحفاد التي نجحت في تحقيق انطلاقة قوية منذ تدشين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان “رؤية السعودية 2030” في العام 2016.
سنوات قليلة استطاعت من خلالها المملكة أن تحجز لها مكانا بين الاقتصادات الكبرى والصاعدة، وهذا ما تؤكده إحصائيات المؤسسات الدولية، وترتيب السعودية بين الدول في الكثير من المؤشرات، حتى أن مديرة صندوق النقد الدولي قالت في منتدى “دافوس” 2023 “عندما زرت السعودية اندهشت من مستوى التقدم الذي حققته المملكة في تطبيق رؤية 2030، وقد أصبحت نقطة مضيئة للاقتصاد العالمي واقتصاد المنطقة، وهذا يحدث في أوقات عصيبة للاقتصاد العالمي”.
حصلت السعودية على المركز الأول في أكثر الدول تقدما في التنافسية الرقمية بين دول مجموعة العشرين، وزادت معدل المشاركة الاقتصادية للإناث إلى 35.6%، وتم إصدار 1278 رخصة أجنبية في مؤشر على الانفتاح الاقتصادي.
في جانب ميزانية السعودية والسياسات المالية تم تحقيق فائض لعام 2022 بقيمة 102 مليار ريال وهو أول فائض منذ عام 2013. وتشير التوقعات للمدى المتوسط، باستمرار تسجيل فوائض ستصل بحسب التقديرات إلى 71 مليار ريال لعام 2025.
المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد يعرف الجهد والتعب الذي كان وراء هذه النجاحات، وهو ما عبرت عنه كريستالينا جورجيفا في “دافوس”، وما وجهته من كلمات إطراء لوزير المالية محمد الجدعان، في الجلسة الخاصة بالاقتصاد السعودي.
أيضا على مستوى بنية أسواق المال تقول الرئيسة التنفيذية لبورصة “ناسداك”، أدينا فريدمان، إن السوق المالية السعودية كانت خلال 5 سنوات أكثر تقدما من أية دولة أخرى.
هذا النجاح بالتأكيد لم يأت من فراغ، وإنما من إيمان عميق بقيادة وإمكانيات المملكة وشعبها. فنجاح الدول لا يكمن فقط في القرارات أو السياسات المرتبطة بزيادة الناتج المحلي الإجمالي، بل يتركز حول “الصفقة التنموية” كما يقول ستيفان ديركون في كتابه “المقامرة على التنمية”.
راهنت السعودية على النجاح عبر إطلاق مشروع رؤية 2030 طويلة الأمد، التي تخطت السياسات الضيقة وأسست لنهضة شاملة لكافة جوانب الحياة بما في ذلك مستويات الصحة والتعليم والناتج المحلي الإجمالي والشفافية ومحاربة الفساد والحوكمة وخضعت جميع المؤسسات إلى سلطة وسيادة القانون.
ما فعلته السعودية في السنوات الأخيرة إنجاز كبير يؤسس لما بعده من نجاحات، فالبدايات دائما ما تكون صعبة، لكن ما تم تدشينه من صفقات تنموية يؤشر إلى تغييرات أخرى إيجابية في المستقبل.
في الطريق واجهت السعودية تحديات التنمية وقدمت لها حلولا ممكنة، نفذتها عبر إصلاحات اقتصادية مهمة، وقام على تنفيذ هذه الإصلاحات شخصيات سعودية اختارها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتكون ضمن فريق عبر معايير خاصة، كشف عنها في أحد اللقاءات، حينما قال: “الكفاءة والقدرة هذه أساسيات.. وأهم شيء يكون الشغف عند المسؤول وتكون قضيته الأساسية”. وهذا الفريق يفهم التغيير الاقتصادي في إطار السياق المحلي وكيف تعمل التنمية.
يرى “ستيفان ديركون” أن الالتزام بوجود “صفقة تنموية” هو أول العوامل التي تدعم نجاح الدول، إضافة إلى النضج والتعقل فيما يتخذ من قرارات ترتبط بالإصلاحات، والقدرة على تصحيح المسار والتعلم من الأخطاء، وكل هذه العوامل مطبقة حرفيا في السعودية.
اختر ما شئت من القطاعات، وابحث عن ما وصلت له أو الخطط التي تطبقها السعودية بشأنه، ستجيبك الأرقام، بدءا من تطوير البنية التحتية إلى التعليم والصحة والتصدير والطاقة المتجددة وصناعة السيارات الكهربائية والصناعات غير النفطية، وصولا إلى السياحة والترفيه، وغيرها الكثير، فنجاح السعودية قصة مكتملة الأركان، وليست أمرا مهما للممكلة وحدها، بل يجب دراستها كقصة ملهمة لكل العرب.