ارتفعت تجارة الصين مع عديد من دول العام صاحبة الاقتصادات الكبرى، إلى مستويات قياسية، وهو ما كشف عن روابط تجارية أوثق وتعاون في سلسلة التوريد بين بكين وعواصم العالم، ولا سيما الولايات المتحدة.
ويرى محللون أن تقارير الاستيراد والتصدير السنوية ستعزز الثقة العالمية بالاقتصاد الصيني وتدفع التعاون القائم على الكسب المشترك مع الصين، مؤكدين أن العالم يرفض نظرية فك الارتباط التي أثارها بعض الساسة الأمريكيين.
أظهرت البيانات الرسمية الأمريكية الصادرة حديثا أن التجارة بين الولايات المتحدة والصين سجلت رقما قياسيا بلغ 690.6 مليار دولار في 2022، وهذا يشير إلى نمو تجاري قوي وسط خطاب فك الارتباط، وفقا لوكالة الأنباء الصينية “شينخوا”.
وأوضحت البيانات أنه رغم قرارات الحكومة الأمريكية بإضافة مزيد من التعريفات الجمركية وفرض قيود على الصادرات وكذا خطاب بعض الساسة المنادي بفك الارتباط مع الصين، لا يزال النمو التجاري بين الاقتصادين الرئيسين قويا.
وفي الوقت نفسه، زاد إجمالى حجم التجارة بين الاتحاد الأوروبي والصين بنحو 23 في المائة مقارنة بـ2021، ليصل إلى 856.3 مليار يورو “912.6 مليار دولار”، وهو ارتفاع جديد آخر، وفقا للإحصاءات الصادرة عن “يوروستات” في 15 فبراير.
وفي 2022، نما إجمالي حجم التجارة بين الصين وألمانيا 20.9 في المائة على أساس سنوي ليصل إلى 297.9 مليار يورو “318.8 مليار دولار”، وفقا لما ذكره مكتب الإحصاء الفيدرالي “ديستاتيس”. وظلت الصين أهم شريك تجاري لألمانيا على مدى سبعة أعوام متتالية.
وقال يورجن ماثيس، الخبير في المعهد الاقتصادي الألماني، في وقت سابق من هذا الشهر “إن الاقتصاد الصيني كبير لدرجة يصعب معها فك الارتباط معه تماما”، مضيفا “لا أحد يريد ذلك، وهذا ليس منطقيا”.
وأظهرت البيانات الصادرة عن المصلحة العامة للجمارك في الصين أن إجمالى حجم تجارة الصين مع إفريقيا ورابطة دول جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية عام 2022 بلغ 282 مليار دولار و975.3 مليار دولار و485.8 مليار دولار، وهو يمثل زيادات سنوية نسبتها 11.1 في المائة و11.2 في المائة و7.7 في المائة على التوالي. وجميعها حطمت الأرقام القياسية.
وقال ليوبو يورسيتش، وزير الاقتصاد الكرواتي السابق، “رغم أن جائحة كوفيد – 19 أثرت في الاقتصاد الصيني، إلا أن من المتوقع أن يستأنف نموه القوي بعد أن حسنت الحكومة استجاباتها للجائحة. ولفت يورسيتش إلى أنه بفضل النمو الاقتصادي القوي وحجمه الهائل، تعد الصين بالفعل “قاطرة” الاقتصاد العالمي.
لقد أدت الارتفاعات الكبيرة في أسعار الطاقة الدولية والمواد الخام إلى تفاقم التضخم في ألمانيا، ومن ثم باتت السلع معقولة التكلفة المنتجة في الصين أكثر تفضيلا من قبل السوق الألمانية. كما أصبحت الصين سوقا مفضلة للشركات الألمانية التي زادت تدريجيا من استثماراتها في الصين، وفقا لتقرير صادر عن المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية.
وصارت السيارات من النقاط المضيئة في التجارة الثنائية بين المكسيك والصين خلال العام الماضي. ووفقا للبيانات الصادرة عن المعهد الوطني للجغرافيا والإحصاء في المكسيك، شكلت السيارات الصينية ما يقرب من ربع السيارات المستوردة في المكسيك عام 2022. وتفوقت الصين على الولايات المتحدة واليابان ودول أخرى لتصبح المصدر الرئيس للسيارات المستوردة في المكسيك.
وبالنسبة إلى الأرجنتين، أصبحت الصين ثاني أكبر وجهة للصادرات في البلاد وأكبر مصدر للواردات في 2022. ومقارنة بـ2021، ارتفعت واردات الأرجنتين من الصين وصادراتها إليها عام 2022 بنسبة 29.4 في المائة و27.4 في المائة على التوالي، وفقا لأحدث البيانات الصادرة عن المعهد الوطني الأرجنتيني للإحصاء والتعداد.
ويرى بابلو ليفينتون، أستاذ الاقتصاد في جامعة لانوس الوطنية في الأرجنتين، أن اقتصادي الأرجنتين والصين متكاملان إلى حد كبير. وقال “إن لحم البقر ومنتجات أرجنتينية أخرى عالية الجودة محل ترحيب في السوق الصينية. كما أن الطاقة المتجددة وغيرها من الصناعات في الصين تحتاج إلى موارد معدنية تذخر بها الأرجنتين مثل الليثيوم والنحاس”.
في عام 2022، زاد حجم التبادل التجاري بين إندونيسيا والصين بنحو 20 في المائة مقارنة بالعام السابق. وظلت الصين أكبر شريك تجاري وأكبر سوق تصدير لإندونيسيا، ما يدل على درجة عالية من الارتباط والتكامل بين الاقتصادين. وقد قال بامبانج سوريونو، رئيس مركز دراسات الابتكار الآسيوي، وهو مؤسسة فكرية إندونيسية، “إن النمو الاقتصادي السريع للصين سيعزز بشكل كبير التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إندونيسيا”.
بالنظر إلى المستقبل، ثمة تفاؤل من جانب عديد من المؤسسات والمحللين إزاء آفاق التجارة الخارجية للصين، حيث يرون أن الاقتصاد الصيني سيكتسب حيوية أكبر وهذا سيجلب بدوره إلى العالم مزيدا من فرص السوق والعائدات التنموية.
تظهر إحصاءات الجمارك التشيلية أنه في 2022، بلغت الصادرات التشيلية إلى الصين 38.11 مليار دولار، وهو ما يمثل 38.9 في المائة من إجمالي صادرات البلاد. وظلت الصين أكبر شريك تجاري لتشيلي منذ عام 2009، حيث ذهب ما يقرب من 90 في المائة من صادرات تشيلي من الكرز إلى السوق الصينية.
وقال إيفان مارامبيو رئيس جمعية مصدري الفاكهة الشيلية “إن السوق الصينية مهمة جدا بالنسبة إلينا”. فبعد أن خففت الصين قيود السفر بالنسبة إلى الزوار القادمين في أوائل يناير، ترأس مارامبيو وفدا لزيارة عديد من المدن الصينية للقاء شركاء أعمال.
وذكر “نحن متفائلون بشأن مرونة السوق الصينية وحيويتها الاستهلاكية، ونأمل تحقيق تنمية أكبر من خلال السوق الصينية”.
في 2022، ظلت الصين أكبر شريك تجاري للبرازيل للعام الـ14 على التوالي. ففي العام الماضي، بلغت الصادرات البرازيلية إلى الصين 89.43 مليار دولار، وهو ما يمثل 26.8 في المائة من إجمالي صادرات البلاد، وفقا للأرقام البرازيلية الرسمية.
وقال خوسيه ريكاردو دوس سانتوس لوز جونيور، الرئيس التنفيذي لشركة ليد “جروب كوربوريت ليدرز” الصين، وهي شركة مقرها ساو باولو وتربط بين رواد الأعمال الصينيين والبرازيليين، في مقابلة صحافية “إن الشراكة الاقتصادية والتجارية العميقة بين البرازيل والصين دفعت تطوير الزراعة والبنية التحتية والعلوم والتكنولوجيا والتجارة البرازيلية وغيرها من المجالات”.
وذكر أن حجم التبادل التجاري وصل إلى مستويات عالية جديدة، الأمر الذي أسهم بشكل كبير في النمو الاقتصادي للبرازيل، ومن شأنه أن يعزز بالتأكيد التبادلات الثنائية في شتى المجالات.
وفي تقرير صدر في يناير، رفع بنك التنمية الإفريقي توقعاته للنمو الاقتصادي للمنطقة الإفريقية إلى 4 في المائة في 2023.
وأفاد التقرير بأنه بعد أن عملت الصين على تحسين استجابتها لكوفيد – 19، فإن آسيا، باعتبارها وجهة تصديرية مهمة لإفريقيا، ستحقق نموا مطردا، وهذا بدوره سيوسع مساحة التنمية في إفريقيا.
وقال رالف كلاين المدير الإداري لشركة هارتينج المحدودة للإلكترونيات في ألمانيا “إن الصين لديها إمكانات سوقية كبيرة والاقتصاد الصيني له تأثير كبير في تطور الشركات الألمانية في الصين”، وأضاف “نتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني بشكل أسرع”.
تعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري لبريطانيا على صعيد الواردات وخامس أكبر شريك على صعيد الصادرات في 2022، وفقا للبيانات الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية في وقت سابق من هذا الشهر. وأشار جوردون تشيونج، الباحث في جامعة دورهام في بريطانيا، إلى أن الصادرات البريطانية إلى الصين زادت مدفوعة بالطلب التجاري المتنوع.
وذكر تشيونج أن مجتمع الأعمال البريطاني يعزز بنشاط التبادلات الاقتصادية والتجارية بين بريطانيا والصين، ومن المتوقع أن ينمو حجم التبادل الثنائي بصورة أكبر هذا العام.

قاطرة الاقتصاد العالمي تحطم نظرية فك الارتباط .. مستويات قياسية لتجارة الصين
International News
(الإقتصادية)-24/02/2023