قمة المصرفية العربية الدولية 2022 في فرانكفورت
الإستجابة للصدمات العالمية وإدارة حالة عدم اليقين
يأتي إنعقاد «القمة المصرفية العربية الدولية 2022» في فرانكفورت، تحت رعاية وزير المالية الفدرالي الألماني كريستيان ليندنر، بعنوان «الإستجابة للصدمات العالمية وإدارة حالة عدم اليقين»، في وقت يشهد العالم فيه فوضى عارمة تشمل جميع مناحي الحياة، الأمنية والسياسية والصحية والمناخية والإقتصادية، نتيجة الحروب والصراعات بين القوى الدولية والإقليمية الهادفة إلى توسيع مناطق النفوذ والسيطرة على الثروات، هذا الصراع الجيوسياسي يُسبّب للبشرية والإنسانية جمعاء عواقب خطيرة تطال أمن وإستقرار الشعوب والأوطان على حد سواء.
ومما لا شك فيه، أن الأزمة الروسية – الأوكرانية شكّلت ضربة للإقتصاد العالمي، حيث إن من أخطر تداعياتها المستجدة، أنها ستُعوّق وتضر بالنمو وتطوّر العجلة الإقتصادية العالمية، وستزيد نسبة التضخم التي بدأت تشهدها بعض الدول الأوروبية، وسيكون لهذه الأزمة آثار سلبية قد تتجلّى من خلال ثلاث قنوات: الأولى، إرتفاع أسعار السلع الأولية، كالغذاء والطاقة، الذي سيدفع التضخم نحو مزيد من الإرتفاع وتآكل قيمة الدخول وإضعاف الطلب. والثانية، ستسارع الإقتصادات المجاورة بصفة خاصة الإنقطاعات في التجارة وسلاسل الإمداد وتحويلات العاملين في الخارج، كما ستشهد طفرة تاريخية في تدفقات اللاجئين. أما الثالثة فستشهد تراجع ثقة مجتمع الأعمال، وزيادة شعور المستثمرين بعدم اليقين، مما سيُفضيان إلى إضعاف أسعار الأصول، وتشديد الأوضاع المالية، وربما التحفيز على خروج التدفقات الرأسمالية من الاسواق الصاعدة.
وبما أن روسيا وأوكرانيا من أكبر البلدان المنتجة للسلع الأولية، فقد أدت إنقطاعات صادرات المواد الأولية إلى إرتفاع الأسعار العالمية بصورة جنونية، ولا سيما أسعار النفط والغاز الطبيعي والغذاء. علماً أن العقوبات الدولية على روسيا إنعكست على مجموعة واسعة من القطاعات الإقتصادية والمالية والمصرفية.
لا شك في أن الإرتفاع الحاد في أسعار الغذاء والطاقة، سيدفع إلى حدوث قلاقل في بعض المناطق والبلدان، من أفريقيا – جنوب الصحراء، وأميركا اللاتينية، إلى القوقاز وآسيا الوسطى، بينما من المحتمل زيادة إنعدام الأمن الغذائي في بعض أنحاء أفريقيا والشرق الأوسط وخصوصاً المنطقة العربية.
في المحصلة، قد تُفضي الحرب على المدى الطويل إلى تبديل النظام الإقتصادي والجيوسياسي العالمي من أساسه، إذا حدث إنقطاع في إمدادات الطاقة، وتقطّعت سلاسل الإمداد، وتجزّأت شبكات المدفوعات، وأعادت البلدان التفكير في حيازاتها من عملات الإحتياطي. أما زيادة حدة التوتر الجيوسياسي فيُهدد المزيد من مخاطر التجزّؤ الإقتصادي، ولا سيما على مستوى التجارة والتدفقات المالية عبر الحدود.
أمام هذه التطورات العالمية، يدقُّ إتحاد المصارف العربية جرس الإنذار لمواجهة التحديات المستقبلية على منطقتنا العربية، حيث سلّط الضوء على إرتدادات هذه الأزمة، وإستخلاص الأفكار العملية، وإتخاذ كل ما يلزم لتخفيف حدة الأزمة على منطقتنا العربية، إضافة إلى التعمّق في مناقشة التحالفات الجيوسياسية والإقتصادية الجديدة، والتطلّع نحو حقبة جديدة من التعاون العربي – الأوروبي، إضافة إلى البحث في العقوبات الدولية وتداعياتها على إمدادات الطاقة، والتجارة العالمية، والتغيُّر المناخي، وتأثير الأزمة على أسواق رأس المال والتحويلات المصرفية والتدفقات المالية العالمية، وتوقف الصادرات الغذائية من أوكرانيا وروسيا وأثره على الأمن الغذائي العربي، والتحالفات الإقتصادية بين الصين، الهند وروسيا، مقابل قوة الغرب الإقتصادية، فضلاً عن التحديات التي تواجه إستدامة النمو الإقتصادي.