اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن..
مساعدة البلدان الأكثر فقراً
عرضت الإجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، المشكلات الإقتصادية التي تتعرض لها البلدان الأكثر فقراً، والتي تحتاج إلى مساعدات خلال الفترة الحالية وحتى عام 2018، وخلصت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، إلى إعلان قرار «منح قروض الصندوق للبلدان الأكثر فقراً، والتي تحتاج إلى مساعدات خلال الفترة الحالية وحتى عام 2018 بفائدة صفرية، وربما يدرس الصندوق التمديد لتلك الفترة، رغبة منه في دعم معدلات نمو الإقتصاد العالمي بعد تحقيق معظم البلدان معدلات نمو أقل من المتوقع». علماً أن قرار الفائدة الصفرية من الصندوق على قروضه حتى عام 2018، يأتي بعد تباطؤ النمو العالمي ليحقق 3.1% في عام 2016، ويرتفع إلى 3.4% في عام 2017، وهي معدّلات نمو أقل من المطلوبة لتعافي الإقتصادات العالمية.
ثمة إشارة مهمة أطلقتها لاغارد عشية الإجتماعات السنوية أبرزها «إنضمام العملة الصينية «اليوان» إلى سلة السحب الرئيسية التي تقوم البنوك المركزية في العالم بالتعامل عليها، إذ باتت تتم بها التسويات الدولية»، موضحة «أن اليوان أصبح من ضمن العملات الخمس الرئيسية التي يتم التعامل بها داخل تلك السلة»، مشيرة إلى «مساعدة الصندوق للصين في تصحيح سياستها النقدية والمالية»، معلنة «أن إجتماعات صندوق النقد الدولي خلال عام 2018 ستكون في اندونيسيا وهي من البلدان التي تشهد معدلات نمو جيدة خلال الفترة الحالية».
إنخفاض قياسي في معدل الفقر المدقع في الصين
في كلمة المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد خلال الإجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في العاصمة الأميركية واشنطن، كان اللافت قولها: «في مختلف بلدان العالم، تراجعت الصراعات واستؤصلت الأمراض وخُفِّض الفقر وإرتفع العمر المتوقع. وفي صياغة أخرى لكلمات جون مينارد كينز، أحد المؤسسين الأوائل لصندوق النقد الدولي، أقول إن «الأخوة الإنسانية أصبحت أكثر من مجرد شعار».
رأت لاغارد «أن سرعة التقدم لم تكن متساوية في كل الحالات. ولا شك في أن التحول الذي شهدته اقتصاداتنا جلب معه اضطرابات ومشاق أيضا، فالتغير الهيكلي الذي أحدثته العولمة والتغير التكنولوجي ترك أثراً عميقاً في بعض القطاعات والصناعات، بينما أفاد المجتمع ككل. والمخاوف في شأن الأجور والوظائف وآفاق المستقبل هي مخاوف حقيقية
وملحة بالنسبة إلى من لا يملكون الأدوات المناسبة للنجاح في هذا العالم الجديد».
أضافت لاغارد: «ليست هذه هي المرة الأولى التي نواجه فيها هذا التحدي. فمن عصر البرونز إلى زمن الثورة الصناعية وما بعدها، تعامل أجدادنا مع انتشار التكنولوجيات الجديدة والحاجة إلى التكيُّف معها. والجدل حول التجارة والحصول على السلع الأجنبية قديم قدم المجتمع ذاته».
تابعت لاغارد: «لكن التاريخ يُخبرنا بوضوح بأن غلق الحدود أو زيادة الحمائية ليس هو الطريق الصحيح. فكثير من البلدان جرّب السير فيه وكثير من البلدان مُني بالفشل. إنما نحتاج إلى اتباع سياسات تنشر منافع الإنفتاح والإندماج وتخفف من آثارهما الجانبية».
وخلصت إلى القول: «نحتاج إلى جعل العولمة في صالح الجميع، وهذا هو محور كلمتي، ويكون ذلك عبر تجميع التجارة والهجرة والتدفقات الرأسمالية والتكنولوجيا. وقد حقق هذا الإندماج منافع ملموسة حقيقية لمعظم الناس والبلدان.
المنافع الحقيقية
وفق لاغارد، «لقد كانت الإقتصادات الصاعدة والنامية أكثر البلدان إستفادة من الإنفتاح الاقتصادي. وطبقاً للبنك الدولي، ساعدت التجارة على تخفيض نسبة سكان العالم الذين يعيشون في فقر مدقع إلى النصف (1990 – 2010)».
تابعت: «في الصين، على سبيل المثال، حدث إنخفاض
قياسي في معدل الفقر المدقع، من 36% في نهاية تسعينات القرن الماضي إلى 6% في 2011»، مشيرة إلى أنه «في الاتحاد الأوروبي، نجد أن أكثر من 30 مليون وظيفة – أي وظيفة من بين كل7 وظائف – تعتمد على الصادرات إلى بقية أنحاء العالم. وفي كندا، تشكل التجارة الدولية ثلثي إجمالي الناتج المحلي. علماً أن كندا تُعتبر مثالاً لميزات الهجرة أيضاً. فمن خلال الترحيب بنحو ربع مليون مهاجر سنويا، يعمل الكنديون في الوقت عينه على دعم النمو، وتجديد القوى العاملة، وإكساب مجتمعهم مزيداً من الثراء والتنوع».
الآثار الجانبية الحقيقية
شرحت لاغارد «أن الأحداث التاريخية التي وقعت في مطلع تسعينات القرن الماضي – حين إنضمت الصين والهند والبلدان الشيوعية السابقة إلى النظام التجاري العالمي – خلّفت آثاراً بعيدة المدى، ذلك أن حجم القوى العاملة تضاعف بالفعل، مما فرض ضغوطاً خافضة للأجور، وخصوصاً بالنسبة إلى العمالة الأقل مهارة في الاقتصادات المتقدمة. وفي الولايات المتحدة، كانت المنافسة من البلدان ذات العمالة منخفضة التكلفة هي أحد العوامل التي ساهمت في انخفاض إستخدام العمالة في قطاع الصناعة التحويلية، إلى جانب موجة التحول إلى التشغيل الآلي. ولم ينتشر هذا التوجه على نحو متوازن في كل مناحي الإقتصاد، بل تركز في بعض أسواق العمل المحلية التي واجهت آثاراً عميقة طويلة الأمد من جراء المنافسة الخارجية».
ما الذي تستطيع الحكومات القيام به؟
بحسب لاغارد «مطلوب أن تُهيئ الحكومات بيئة إيجابية للنمو، وهو ما يحقق دخلاً إضافياً يُمكن توزيعه، كما يُتيح حيزاً للمبادرات على صعيد السياسات. علماً أنه يا للأسف، فقد ظل النمو شديد البطء لمدة بالغة الطول، إذ يُرجح أن يكون 2016 هو العام الخامس توالياً الذي يبلغ فيه نمو إجمالي الناتج المحلي العالمي أقل من 3.7%، أي أقل من المتوسط في نحو عقدين سابقين على الأزمة المالية لعام 2008».
أخيراً، دعت لاغارد إلى «تعزيز الدعم المباشر للعمالة محدودة المهارات، ويعني ذلك زيادة الاستثمارات العامة في التعليم، والتدريب التحويلي، وتيسير التنقل المهني والجغرافي، وتقوية شبكات الأمان الاجتماعي عبر توفير مستوى ملائم من تأمينات البطالة، والرعاية الصحية، ومعاشات التقاعد القابلة للنقل وعن طريق تعزيز سياسات الضرائب والدخل، وتعزيز العدالة الإقتصادية لإعادة بناء الثقة وحشد التأييد للإصلاحات، وتوثيق التعاون العالمي، وإنعاش التجارة».