في ظل إزدهار نمو «بتكوين» خلال 2020 و 2021
ما هي أسباب الإزدهار المفاجئ للعملات المشفرة؟
شهدت الفترة الأخيرة تركيزاً كبيراً على ما يجري في سوق العملات المشفرة، حيث زاد الإقبال على عملات
مثل «بيتكوين» (Bitcoin) و«إيثريوم» (Ethereum) و«دودج كوين» (Dogecoin) من قطاع عريض من المستثمرين
وكل من يبحث عن الثراء، مما جعل عملة «بيتكوين» تصل إلى أعلى مستوى لها تخطى 60 ألف دولار،
بينما كانت تحوم قبل عام واحد فقط حول أقل من 10000 دولار.
هذا الإقبال الكثيف للتداول في هذه العملات المشفرة طرح سؤالا مهماً للغاية وهو: ما هي أسباب هذا الإزدهار المفاجئ؟
وهل ستظل في هذا المسار التصاعدي أم أنها مجرد فقاعة أخرى قصيرة الآجل وعلى وشك الانفجار؟
1- لم تظهر العملات المشفرة أي علامات للإختفاء
أثبتت عملة «بيتكوين» والعملات المشفرة الأخرى قدرتها على الصمود، حيث يشهد الكثيرون أن هذه العملات قد أظهرت دلائل على أنها ستظل موجودة وللأبد، مع أن عملة «بيتكوين» على وجه الخصوص قد إنخفضت قيمتها بشكل حاد في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2019، مما جعل بعض المتابعين يذكرون أن هذا الإنهيار سيُشكل بداية النهاية لعملة «بيتكوين» والعملات الأخرى.
لكن بعكس توقعات المتشائمين، ظلت عملة «بيتكوين» تشهد نمواً كبيراً خلال العامين 2020 و2021، ولم تظهر أي علامات على الضعف كعملة في السوق، مما جعل النظرة تجاهها تتغير بشكل كبير، وأصبح لدى الكثيرين منظور متجدد للعملة، حيث باتوا يرون أنها أصبحت أكثر شرعية وقدرة على تحمل الصعوبات.
2- الدعم الكامل من الشركات الكبرى
أظهرت الثقة العامة التي تقدمها العديد من الشركات والمؤسسات المختلفة الكبرى لعملة «بيتكوين» والعملات المشفرة الأخرى، تصاعداً كبيراً مع بداية الإعتقاد بأنها طريقة جديدة للبيع والشراء.
على سبيل المثال، قدمت شركة (Coinbase) التي تُعتبر من أشهر المنصات التي تتيح للمستخدمين تداول العملات المشفرة، طرحها العام الأولي والتداول علناً للمرة الأولى، حيث بلغت قيمة الشركة بعد ظهورها في بورصة ناسداك حوالي 86 مليار دولار، مع تسجيلها نمواً كبيراً في الإيرادات.
وشكلت هذه الخطوة طفرة كبرى لمستقبل هذه العملات، مما أدى إلى تفاؤل المستثمرين في شأن العقود الآجلة لكل من الشركة نفسها والعملات المشفرة المتداولة على منصتها.
كذلك إتخذ العديد من الشركات الكبرى الأخرى خطوات جادة تُوضح القوة الحقيقية للعملات المشفرة، حيث سمح بعض الشركات مثل Visa وPayPal بإستخدام العملات المشفرة كوسيلة للدفع عند شراء المنتجات والخدمات عبر الإنترنت، كما أعلنت شركة Nvidia عن مُعالج جديد مُصمّم لتعدين العملات المشفرة، وظهور ماكينات الصراف الآلي ATM الخاصة بالعملات المشفرة، بالإضافة إلى الدعم العلني من المشاهير لهذه العملات، مما يدفع معجبيهم إلى شراء المزيد منها.
3- ظهور العملات المشفرة المنافسة
مع أن التركيز ربما يكون في كثير من الأحيان عند الحديث عن العملات المشفرة على عملة «بيتكوين»، نظراً إلى أنها الأكثر وضوحاً والأبرز بين جميع العملات الأخرى، إلا أننا نحتاج أيضاً إلى الإعتراف بالدور الداعم للعملات المشفرة الأخرى، مثل Ethereum وLitecoin وDogecoin، حيث تنبه الكثير من المستخدمين لهذه العملات المشفرة بشدة، وأصبحت أكثر تنافسية.
على سبيل المثال، عندما يشتري المزيد من الأشخاص عملة مثل «بيتكوين»، ويُحققون الكثير من الأرباح عند التداول، يكون هناك تأثير مضاعف للعملات المشفرة الأخرى، حيث سيُحاول الناس تجربة حظهم في الثراء من خلال التداول في العملات الأخرى المنافسة لعملة «بيتكوين».
4- التضخم والصعوبات الإقتصادية
بحسب الكثير من الدراسات، فإن إستثمار بعض الأشخاص بكثافة في سوق العملات المشفرة يأتي لأن لديهم مخاوف إقتصادية طويلة الأجل، ولا سيما في ظل معاناة معظم الدول من صعوبات إقتصادية كثيرة بسبب الحروب وجائحة كورونا وغيرها.
وقد أدى هذا الأمر إلى ظهور معدلات تضخم عالية وإنخفاض القوة الشرائية للدولار، ومن ثم يتجه معظم هؤلاء الناس إلى الإستثمار في هذه العملات الرقمية، على أمل في أن تزداد قيمتها مقارنة بالعملات المعروفة، وفي مقدمها الدولار، مما يؤدي إلى تحقيق أرباح سريعة وكبيرة.
5- جائحة كورونا وتأثيرها
كان لظهور جائحة كورونا (Covid-19) وإستمرار إنتشارها حتى تاريخه، تأثير كبير على كيفية رؤيتنا وإستخدامنا للتكنولوجيا على أساس يومي، فخلال شهور عدة كان الناس عالقين في منازلهم بشكل فعلي، ويعملون عن بُعد، وأصبحوا يدفعون رقمياً مقابل كل شيء.
ومن ثم جعل هذا الوضع الإجباري معظم الناس يُدركون مدى اللامركزية التي أصبحنا عليها، وكيف أصبحنا معتمدين على التكنولوجيا الرقمية بشكل كامل.
وفي عالم يعمل فيه الناس عن بُعد، ويدفعون رقمياً ولديهم ثقة كاملة في الخدمات عبر الإنترنت، فإن العملات المشفرة ستكون هي الملك بلا شك.