استضافت سلطنة عمان الأربعاء ممثلة بالهيئة العامة لسوق المال الاجتماع السادس عشر لمجلس اتحاد هيئات الأوراق المالية العربية، بمشاركة أصحاب المعالي والسعادة ممثلي دول الأعضاء في مجلس الاتحاد؛ بهدف تعزيز سبل التعاون للارتقاء بالمستوى التشريعي والتنظيمي لأسواق الأوراق المالية العربية بما يحقق العدالة والكفاءة والشفافية، والعمل على توحيد الجهود للوصول إلى مستويات فعالة للرقابة على المعاملات في الأسواق إلى جانب بحث آلية مواجهة التحديات والمتغيرات والمستجدات على الساحة الإقليمية والدولية.
وجرى على هامش اجتماع مجلس الاتحاد التوقيع على مذكرة تفاهم ما بين اتحاد هيئات الأوراق المالية العربية، والمركز الإقليمي للتمويل المستدام التابع للهيئة العامة للرقابة المالية المصرية؛ بهدف تعزيز التعاون في مجالات بناء القدرات الذاتية المتعلقة بالاستدامة والأدوات المالية للاقتصاد الأخضر والحوكمة، فضلًا عن تبادل الخبرات الفنية والمساعدات في مجالات التمويل المستدام، وتصميم وتنفيذ برامج تدريبية مهنية في مجالات التنمية.
وأكد سعادة الشيخ عبدالله السالمي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال في كلمته خلال الاجتماع، على أهمية تطوير أسواق رأس المال، ومواجهة المخاطر النظامية ودعم السيولة والاستدامة المالية، قائلا: اقتصاداتنا متشابكة ومترابطة بيننا ومع العالم الخارجي الأمر الذي يفرض علينا تحديات ومخاطر علينا التعامل معها، لا سيما فيما يتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتصدي لاحتمالات ومخاطر تداعي الأسواق المالية؛ بسبب الأوضاع الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، فضلًا عن المخاطر السيبرانية ومخاطر الاحتيال. كما علينا أن ننظر في مسائل مساندة الجهود الوطنية والدولية في تخفيف آثار التغيرات المناخية، وإيجاد بدائل وأدوات تمويلية مستدامة تحقق أهداف التنمية المستدامة 2030.
وشدد سعادته على ضرورة التعامل مع التكنولوجيا المالية والمخاطر السيبرانية، حيث إن الثروة التقنية والاعتماد المتزايد عليها لا سيما فيما بين أفراد الأجيال الشابة، وإدماجها في عمليات صنع القرار والعمليات التشغيلية، تجعلها أمرًا حتميًا وواقعًا ينبغي التعامل معه والاستفادة القصوى من جميع الفرص التي تتيحها تقنية المعلومات والاتصالات في جميع المجالات، مع أخذ الحيطة والحذر من المخاطر السيبرانية الملازمة له التي أضحت تمثل تهديدًا يوميًا لأسواقنا ومؤسساتنا، وأهمية إيلاء هذه المخاطر أولوية في تصميم الأعمال والإجراءات، وتغيير الذهنيات العاملة في طواقمنا الفنية وفي القطاعات، والجهات التي تشرف عليها هيئاتنا وتنظمها. كما أكد سعادته أهمية تعليم وتوعية المستثمر، وقال: إن وعي المستثمر هو صمام الأمان للأسواق، فمع وجود مستثمر واعٍ، وخدمات مالية تشمل جميع فئات المجتمع وتلبي احتياجاته، ستتوجه الأسواق إلى استقرار عملياتها وتطوير أدائها، ومع وجود أطرٍ تضمن الشمول المالي سيعمل الجميع على دفع النمو الاقتصادي والحفاظ على متانته.موضحا أن ترابط الاقتصادات العربية يفرض التعاون والعمل ضمن صيغة متوازنة في أطر تشريعية وتنظيمية تجمع بين الحذر وإدارة المخاطر من جهة والتطوير والتجديد والابتكار من جهة أخرى.
وردًّا على سؤال حول أثر ارتفاع النفط على البورصات، أوضح سعادته للصحفيين أن ارتفاع أسعار النفط له أثر إيجابي على الاقتصاديات المعتمدة على أسعار النفط وبالتالي ينعكس إيجابيًّا على أداء أسواق المال، مبينًا أن ما ينقص الأسواق في المنطقة وخاصة سلطنة عُمان هو السوق الأولية برؤية إصدارات جديدة في السوق الأولية ومنتجات لإيجاد انتعاش للسوق، منوهًا إلى أن السوق جيدة وشهدنا تحسنًا من بداية السنة حتى الآن بالرغم من الأوضاع الجيوسياسية، وبدا الاقتصاد بالتحسن مما ينعكس على أداء السوق بشكل عام.
أداء أسواق المال العالمية
ومن جانبها قالت الدكتورة مريم السويدي رئيسة الاتحاد للدورة الخامسة عشرة في كلمتها: إن عام 2021 قد شهد تطورات وأحداث هامة انعكست على أداء أسواق المال العالمية التي تأثرت باستمرار بتداعيات الأزمة الناجمة عن تفشي فيروس كورونا، وعلى الرغم من الآثار السلبية التي تركتها الجائحة على الاقتصادات العالمية، وبشكل خاص الاقتصادات المتطورة التي سجلت فيها معدلات الدين العام ارتفاعات غير مسبوقة، فقد تمكنت الأسواق المالية العالمية خلال عام 2021 من الاستمرار في تحقيق معدلات نمو إيجابية، حيث أظهر الرقم القياسي المركب لمورغن ستانلي للأسواق العالمية (MSCI World Index) نموًا قياسيًا للعام الثالث على التوالي وبنسبة بلغت نحو 17%. وأضافت أن هيئات الرقابة العربية تمكنت خلال عام 2021، وبالتعاون مع الأسواق المالية والحكومات بالعمل لتجاوز تأثير تداعيات أزمة كورونا على الأسواق المالية. كما استمرت في تحقيق إنجازات هامة في مجالات الرقابة وتحديث التشريعات والتنظيم والإنفاذ، ووضع الأطر والآليات المناسبة؛ لتعزيز قدراتها الرقابية وتطوير قواعد الشفافية، والإفصاح والحوكمة والتعليم والتوعية؛ وذلك لضمان استقرار وتوازن الأسواق المالية.
وأكد جليل طريف، الأمين العام لاتحاد هيئات الأوراق المالية العربية أن الاتحاد تمكن خلال عام 2021 من تعزيز مكانته في المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية، حيث حظي أعضاء الاتحاد بـ (3) مقاعد في مجلس إدارة المنظمة الدولية لهيئات الأُوراق المالية IOSCO بما في ذلك موقع نائب رئيس مجلس الإدارة، ورئاسة لجنة النمو والأسواق الناشئة، بالإضافة إلى رئاسة اللجنة الإقليمية لأفريقيا والشرق الأوسط، كما تمكن الاتحاد من تعزيز دوره في مجال بناء القدرات الذاتية لأعضاء الاتحاد، وذلك من خلال تنفيذ ما يزيد عن (40) برنامجًا تدريبيًا متخصصًا شارك فيها نحو (1935) موظفاً، وعدد من ورش العمل والندوات والملتقيات في مجالات مختلفة تهم أعضاء الاتحاد.
الخطة الاستراتيجية (2021-2025)
وناقش المجلس خلال الاجتماع التقرير السنوي للاتحاد لعام 2021، وأهم الإنجازات التي تحققت خلال العام الأول للخطة الاستراتيجية (2021-2025)، خاصة فيما يتعلق باستكمال العمل المتعلق بمذكرة التفاهم متعددة الأطراف؛ لتبادل المعلومات ما بين الدول الأعضاء بالاتحاد، وذلك في ضوء قرار المجلس بالموافقة على نص المذكرة النهائية واعتمادها، واستكمال توقيع المذكرة من أعضاء الاتحاد، فقد قرر المجلس السير بإجراءات إنفاذ المذكرة حسب الأصول اعتبارًا من تاريخ 11/05/2022. كما اطلع المجلس على تقرير مدققي الحسابات والحسابات الختامية المدققة للاتحاد للسنة المالية 2021، وقرر المصادقة عليها استنادًا لأحكام البند السابع من المادة (11) من النظام الأساسي للاتحاد.
وقد أشار التقرير السنوي أن الأمانة العامة قامت ضمن إطار تعزيز التعاون بين أعضاء الاتحاد في مجال تطوير أسواق المال، ومواجهة المخاطر بالتعاون مع فريق العمل المشكل لهذه الغاية، بإعداد مسح خاص غطى الجوانب المختلفة المتعلقة بتطوير أسواق المال العربية، وتم توزيعه على أعضاء الاتحاد، واستلام الردود وتحليلها؛ تمهيدًا لاستكمال العمل بهذا الجانب. وتجدر الإشارة إلى أن فريق العمل يقوم في المرحلة الحالية بتجميع المبادرات والتشريعات المطبقة لدى أعضاء الاتحاد في مجالات مواجهة مخاطر الأسواق ودعم السيولة؛ وذلك تمهيدًا لوضع دليل استرشادي حول أولويات الأعضاء؛ لتقييم ومواجهة التحديات التي تسببها الأزمات العالمية بمختلف أشكالها.
كما يعمل فريق العمل على وضع قواعد عامة استرشادية تتعلق بمكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، وكذلك وضع قواعد عامة تتعلق بأفضل المعايير المطبقة في مجال الاستدامة، علاوة على ذلك، يعمل فريق العمل على تقديم مقترحات حول القواعد الاسترشادية للتمويل الجماعي «Crowd-funding».
وحول محور التكنولوجيا المالية والمخاطر السيبرانية، استكمل فريق العمل تحليل نتائج الاستبيان الذي تم إعداده وتوزيعه على أعضاء الاتحاد، حيث وفر الاستبيان معلومات هامة حول واقع قطاع التكنولوجيا المالية لدى أعضاء الاتحاد. ويقوم فريق العمل بتجميع التشريعات والأطر القانونية أو التنظيمية المتعلقة بالتكنولوجيا المالية والأمن السيبراني المطبقة؛ وذلك لتوفيرها لأعضاء الاتحاد وكذلك في مجالات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، حيث تم وضع قواعد وضوابط عامة استرشادية؛ لتعزيز الأمن السيبراني لدى أعضاء الاتحاد، بالإضافة إلى تحضير مقترحات حول تحديد الإجراءات والمتطلبات الرقابية المتعلقة بموضوع اعرف عميلك (KYC)؛ تمهيدًا لإعداد دليل خاص بذلك.
برامج الدعم المالي
وأظهر التقرير السنوي للاتحاد أن الأسواق العالمية قد استمرت خلال عام 2021 في التعافي من الآثار التي تسبب فيها تفشي فيروس كورونا (COVID-19) الذي أدى إلى انخفاض الأسواق المالية إلى مستويات متدنية لم تشهدها منذ عقود. وعلى الرغم من ذلك فقد تمكنت برامج الدعم المالي غير المسبوقة للوصول إلى لقاحات فاعلة لمواجهة الفيروس في مساعدة الأسواق المالية للعودة إلى الارتفاع، وتحقيق معدلات نمو قياسية فاقت المستويات التي كانت قد وصلتها قبل تفشي الفيروس.
وقد شهد عام 2021 نموًا واضحًا انعكس على مؤشرات الأسواق العالمية بشكل ملحوظ، إذ تشير البيانات الصادرة عن اتحاد البورصات العالمية WFE إلى أن الأسواق المالية الدولية قد حققت ارتفاعات مهمة في مجمل القيمة السوقية للأسواق المالية العالمية، حيث وصلت إلى 124.6 ترليون دولار مقارنة مع 106.8 ترليون دولار عام 2020، أي بارتفاع نسبة %16.7.
وقد شكلت الأسواق الأمريكية نحو %46.1 من مجمل القيمة السوقية العالمية تلتها الأسواق الآسيوية والباسيفيك بنسبة %31.6، والأسواق الأوروبية والشرق الأوسط بنسبة %22.3.
وعلى صعيد الأسواق المالية العربية فقد ارتفعت القيمة السوقية لهذه الأسواق في نهاية عام 2021 مقارنة بمستواها المحقق عام 2020، إذ بلغت نحو (3.6) ترليون دولار أي بارتفاع بلغت نسبته %16.1، وقد شكلت القيمة السوقية للسوق المالية السعودية ( تداول) نحو %73 من مجمل القيمة السوقية للأسواق المالية العربية مجتمعة، حيث بلغت 2.5 ترليون دولار وذلك في نهاية عام 2021.