مركز خليجي لتبادل المعلومات الإئتمانية

Download

مركز خليجي لتبادل المعلومات الإئتمانية

الاخبار والمستجدات
العدد 500 - تموز/يوليو 2022

مركز خليجي لتبادل المعلومات الإئتمانية

 

عدنان أحمد يوسف

رئيس إتحاد المصارف العربية سابقاً

رئيس جمعية مصارف البحر ين

تعمل دول مجلس التعاون الخليجي حالياً على إستكمال مقترح إيجاد الأداة المناسبة لإعتماد خطة عمل قصيرة الأجل، وإطار شامل وآلية تبادل المعلومات الإئتمانية في دول المجلس، إضافة إلى الموافقة على مقترح إنشاء فريق عمل لمراكز المعلومات الإئتمانية أو ما يعادلها في دول الخليج في شأن آلية الربط الفني، وإستخدام الوسط الآمن لنقل المعلومات الإئتمانية، حيث إن تطبيق ذلك سيتم من خلال ربط مراكز المعلومات الائتمانية في دول مجلس التعاون بالربط الشبكي بين الحكومات الإلكترونية الخليجية.

وكخلفية لبيان أهمية هذا الموضوع، نستذكر دراسة تم عرضها على وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية ومؤسسات النقد لدول مجلس التعاون الخليجي، بينت أنه رغم أن البنوك الخليجية ذات رسملة جيدة بصفة عامة، فإنه من الصعب بالنسبة إليها أن تتمتع بمحفظة إئتمانية متنوعة بالنظر إلى هيكل وتركيب إقتصادات هذه الدول المتشابك، مما يعرّضها إلى مخاطر تتطلب المزيد من التدقيق والفحص الدقيق.

وتتمثل النتيجة الرئيسية للدراسة في أن تركيز البنوك على قطاع معيّن أو فئة معينة، يُعتبر ذات أهمية بالنسبة إلى البنوك الخليجية، وإذا كانت قروض البنوك مركّزه بدرجة كبيرة على بعض المقترضين أو على قطاع إقتصادي معيّن، فإن هناك مخاطر كبيرة إذا واجه هؤلاء المقرضون أو هذا القطاع مشاكل. وبيّنت أن هناك نوعين من التركيزات، وهي التركيزات الإقتصادية والتركيز على إسم واحد أو فئة واحدة مثل بعض المقترضين الأفراد الذين يقومون بإقتراض قروض ضخمة.

 وهذا النوع الأخير من التركزات، يُعتبر ذات أهمية خاصة، ذلك أنه في حال حدوث مشكلة مع فشل أحد المقترضين، فإن ذلك سوف يضع البنك في وضع صعب، وخصوصاً أن الدراسة تشير إلى مخاطر المقترضين الذين يحملون إسماً واحداً أو مجموعة المقترضين المرتبطين ببعضهم البعض، قد يكونوا متواجدين في أكثر من دولة خليجية. كما أن بعض المقترضين الأفراد قد لا يجذبون الإنتباه بالنسبة إلى حجمهم، ولكن عندما نأخذ في الإعتبار إرتباطهم بمقترضين آخرين، فإن هذه المجموعات مجتمعة قد تحصل على قروض تمثل نسبة كبيرة من رأسمال البنك. وإذا حدث فشل من جانب مقترض واحد من هذه المجموعة المرتبطة ببعضها، فإن المقترضين الآخرين يُواجهون المخاطر لتأثرهم أيضاً. وهكذا فإنه يتم تضخيم الصدمة، الأمر الذي قد يؤدي إلى مأزق ومحنة في القطاع المصرفي. وزيادة على ذلك فإن هناك بعض العائلات التي تمتلك نسبة كبيرة في الشركات، ومما يجعل البنوك الخليجية خاضعة لتأثير، ليس فقط أعمال الشركات العائلية، لكن الشركات التي تمتلك فيها هذه الشركات العائلية حصصاً كبيرة.

ونحن ندرك جيداً أن البنوك المركزية الخليجية، قامت بوضع العديد من الضوابط والإرشادات الملزمة للبنوك في خصوص التركزات الإئتمانية، سواء من حيث القطاع الإقتصادي أو المقترضين، حيث ساهمت هذه الضوابط والإرشادات في الحدّ من مخاطر التركزات الإئتمانية بشكل كبير.

ولكن روابط الملكية بين المقترض الواحد، قد لا تكون واضحة من الناحية القانونية في كل الأحوال، وقد تكون منتشرة في أكثر من دولة خليجية للمقترض عينه، تحت تسميات مختلفة وجميعها يلجأ للإقتراض من البنوك المحلية.

وبالنسبة إلينا، فقد نبّهنا لهذه القضية مبكراً قبل 8 سنوات، أي إثر نشوب الأزمة العالمية في العام 2008، وتكشف وجود عملاء خليجيين كثيرين هم عملاء لبنوك في أكثر من دولة خليجية، حيث تسبّبت تلك الأزمة في إحداث العديد من التداعيات والآثار على عمل البنوك والمؤسسات المالية في دول مجلس التعاون الخليجي. وقد ألحقت الأزمة التي تعرّضت لها بعض المؤسسات المالية الخليجية مشاكل عديدة للبنوك الخليجية الأخرى، وخصوصاً أن بعض هذه البنوك قدمت تسهيلات مالية كبيرة لهذه المؤسسات. وقد كان إعتماد البنوك الأساسي في تقديم هذه التسهيلات على الحسابات المالية التي تقدمها تلك المؤسسات للبنوك للحكم على جدارتها الإئتمانية، حيث إتضح لاحقاً أن هذه الحسابات رغم ما يظهر فيها من مؤشرات إيجابية ليست كافية بحد ذاتها.

لذلك، فقد إقترحنا آنذاك أن تقوم البنوك الخليجية بتأسيس جهاز خاص، غرضه تكوين قاعدة بيانات موحدة وشاملة ومباشرة (on line) لتجميع المخاطر الإئتمانية للمقترضين الخليجيين والتسهيلات الحاصلين عليها من كافة البنوك المحلية والخارجية، سواء المباشرة أو غير المباشرة، وخصوصاً أن الكثير من المقترضين في الخليج يقومون بالإقتراض أحياناً بإسمهم الشخصي، وأحياناً أخرى بإسم مؤسساتهم، ولا يتم تجميع كافة هذه البيانات لدى الجهة المقرضة. وبإمكان البنوك الخليجية المشتركة في النظام أن تُساهم في توفير الميزانية اللازمة لتأسيسه وتشغيله وفقاً للآليات المتفق عليها من قبلها.

وقد تم ولله الحمد، إطلاق هذا المشروع بين عدد من الدول الخليجية، حيث إن تطبيق برنامج تبادل المعلومات الإئتمانية بين دول الخليج يُسهم في تقليل حجم المخاطر التي قد تتعرّض لها الأنظمة المالية الخليجية، جرّاء عدم وجود أي تعاون بين دول المجلس في ما يخص المعلومات الإئتمانية.

ومما لا شك فيه، فإننا كمصرفيين خليجيين وعرب، نرحب كثيراً بهذه الخطوة المباركة التي أعلن عنها معالي محافظ البنك المركزي العُماني ونعتبرها خطوة هامة ورئيسية على طريق تعزيز العمل المصرفي في دولنا الخليجية، وسوف تُسهم دون شك، في تقوية أشكال التعاون في ما بينها، حيال التمويلات الممنوحة للعملاء، مما يُعزّز من كفاءة تشغيل المحافظ التمويلية ويجنّبها قدر الإمكان، التعثّر أو سوء الإستخدام.