ملتقى لـ «الكويت المركزي» عن الإستقرار المالي بمشاركة خبراء عالميين

Download

ملتقى لـ «الكويت المركزي» عن الإستقرار المالي بمشاركة خبراء عالميين

موضوع الغلاف
العدد 491 - تشرين الأول/أكتوبر 2021

ملتقى لـ «الكويت المركزي» عن الإستقرار المالي بمشاركة خبراء عالميين

محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور  محمد الهاشل:

الإستقرار المالي في الكويت  كان مثقَّلاً بتحديات غير مسبوقة عالمياً

وتأثير كورونا خلق حالة انعدام اليقين

أقام بنك الكويت المركزي ملتقى موسعاً حول «الإصدار التاسع من تقرير الإستقرار المالي لعام 2020»، تناول فيه أهم التطورات الإقتصادية على الصعيدين العالمي والإقليمي، ونظرة عامة حول القطاع المالي في دولة الكويت، في حضور شخصيات إقتصادية وتعقيبات من بعض المؤسسات المرموقة محلياً ودولياً.

المحافظ د. الهاشل

وأشار محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد يوسف الهاشل إلى «أن تقرير الإستقرار المالي عن العام 2020 يعرض نظرة شاملة ومركّزة حول الإستقرار المالي في دولة الكويت خلال سنة مثقلة بتحديات غير مسبوقة لم يعرف لها العالم مثيلًا على مدى القرن الماضي، نتيجة جائحة فايروس كورونا، حيث إضطرت الدول لتطبيق إحترازات صارمة وصلت إلى حد فرض حالات من الإغلاق الكلي والجزئي، أدت إلى شلل على جانبي العرض والطلب، وهو ما جعل الأزمة معركة على جبهتين: حماية الحياة وحماية المحيا».

وأوضح المحافظ الهاشل «أن تسارع مستجدات الجائحة وتوالي موجاتها، وتحوّرات الفايروس، وتداعيات كل ذلك على الإقتصاد، حيث بلغت حالة إنعدام اليقين مستويات لم نشهدها قبلاً، حتى في الأزمة المالية العالمية، لدرجة إضطرت معها حتى المؤسسات الإقتصادية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، إلى إخضاع توقعاتها لمعدل نمو الناتج العالمي لمراجعات وتعديلات متكررة.  وصعّبت حالة إنعدام اليقين مهمة واضعي السياسات المالية والنقدية والإقتصادية في إتخاذ قرارات فعالة، ووضع خطط للتخفيف من التداعيات الحادة للجائحة التي أدت إلى تدهور في النشاط الإقتصادي وخسائر فادحة في الوظائف. ويدل على ذلك الإنكماش في الناتج الإجمالي العالمي بنسبة 3.3 % أي ما يقارب 5 أضعاف الإنكماش أثناء الأزمة المالية العالمية في العام 2008، فيما بلغت مستويات البطالة في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، مستويات مرتفعة وصلت إلى 14.7 %».

وذكر الدكتور الهاشل «أن الأزمة على المستوى المحلي كانت صدمة مزدوجة، فمن جانب كانت مواجهة تداعيات الجائحة تتطلب مزيداً من الإنفاق لتوفير إحتياجات القطاع الطبي، وتوفير السلع الإستراتيجية ولتخفيف تداعيات الإغلاق على القطاعات المختلفة، ودعم الشرائح الأكثر إحتياجاً، ومن الجانب المقابل كانت الإيرادات تنخفض نتيجة تدني أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة بلغ معها نفط غرب تكساس (WTI) مستويات سالبة للمرة الأولى في التاريخ وذلك في أبريل/نيسان 2020. ولتقدير حجم هذه الصدمة المزدوجة يجب النظر إلى أسعار النفط الخام الكويتي والتي وصلت إلى أدنى مستوياتها في إبريل/نيسان 2020، والعجز المقدر لعام 2021/2020 الذي بلغ 10.8 مليار دينار، أي ما نسبته 29 % من الناتج المحلي الإجمالي. وهي الأعلى بتاريخ الكويت من حيث القيمة، ما يسلط الضوء مجدداً على إتكال إقتصادنا التام على الإيرادات النفطية، ويُعيد التذكير بالإختلالات المالية والإقتصادية والهيكلية المتجذرة وضرورة المسارعة إلى معالجتها».

وتناول المحافظ دور بنك الكويت المركزي وإجراءاته الإستباقية التي بادر إلى إتخاذها منذ مارس/آذار 2020 لمواجهة التداعيات المحتملة للجائحة.

عبدالسلام

وقدمت نائب مدير مكتب الإستقرار المالي في بنك الكويت المركزي مريم عبد السلام عرضاً لتطور المركز المالي للقطاع المصرفي، وأبرز مؤشرات السلامة المالية للقطاع، موضحة «أن تقرير الإستقرار المالي قد ركَّز على تحليل البنوك الكويتية على المستوى المجمع»، مشيرة إلى أنه على «عكس الأزمات السابقة التي كانت البنوك فيها بحاجة لتلقي الدعم، وفي بعض الأحيان تساهم في تفاقم آثار الصدمات الأولية بحكم أنها مرآة عاكسة للوحدات الإقتصادية وأوضاعها المالية، لعبت البنوك خلال الجائحة دوراً داعماً ورئيسياً في التعافي الإقتصادي، ومواجهة أزمة السيولة الشديدة مدعومة بالسياسات الرقابية الحصيفة المطبقة على مدار العقد الماضي، بالإضافة إلى التدابير التحوطية الخاصة بالسيولة ورأس المال التي زادت من المساحة الإقراضية المتاحة للتمويل ومكّنت القطاع من مواصلة دوره الحيوي في الوساطة المالية، وتقديم الإئتمان لقطاعات الإقتصاد المختلفة خلال الأزمة».

الحميدي

أما مدير مكتب الاستقرار المالي هيا بندر الحميدي فذكرت أنه «رغم تحديات البيئة التشغيلية من إغلاق وحظر وتوقف للأعمال، وتراجع في الإيرادات العقارية والتي بلا شك لها أثر على إنتظام عملاء القطاع المصرفي وبالتبعية إرتفاع التعثر، فضلاً عن تأجيل أقساط التمويل الشخصي ومعدلات الفائدة الأدنى تاريخياً، واصلت البنوك الكويتية تحقيق أرباح جيدة وأنهت العام بكفاية رأسمالية عالية، حيث بلغ إجمالي الأرباح الصافية للمساهمين نحو 455 مليون دينار، وإرتفع معيار كفاية رأس المال ليصل إلى 19 %. ورغم قيام بنك الكويت المركزي بالإفراج عن المصدة الرأسمالية التحوطية إلا أن القطاع لم يلجأ إلى إستخدامها وإستمر في القيام بدوره في الإقتصاد المحلي».

الرؤية المستقبلية

في القسم الأخير من العرض، تطرّق المحافظ الهاشل إلى الرؤية المستقبلية في ظل مستويات إنعدام اليقين غير المسبوقة، بسبب تطورات الجائحة وموجاتها المتتابعة التي فرضت حلقة مفرغة من الإغلاق، وإعادة الفتح في عديد من الدول، مؤكداً «أن الأزمة صحية في المقام الأول وبالتالي فلا بد من معالجة جذورها الصحية عبر التوسع في تقديم التطعيم (اللقاح) على نحو عادل يحقق المناعة المجتمعية، ومع أن بعض الدول المتقدمة تمكنت بالفعل من تطعيم جزء كبير من سكانها، إلا أنه بالكاد تم تطعيم 12 % من سكان العالم بشكل كامل حتى تاريخه، وهو أمر مقلق لأن لا مأمن لأحد بمفرده من دون أن يصبح الجميع بأمان»، مؤكداً «أهمية توخي الحرص في تحديد توقيت العودة عن سياسات الدعم، ولا سيما في الإقتصادات الكبرى لتجنب إحداث أضرار سواء لديها أو لدى الإقتصادات الأخرى في ظل ترابط الأسواق العالمية».

كاندا

وفتح المحافظ  الهاشل المجال لمداخلات عدد من الخبراء، حيث شارك دانييل كاندا من صندوق النقد الدولي عبر الإتصال المرئي، مشيراً إلى «أن تقرير بنك الكويت المركزي للإستقرار المالي للعام 2020 يطرح مدخلات قيمة لصنع السياسة في هذه المرحلة المهمة للتعافي الإقتصادي، ويُقدم مناقشات وتحليلات عميقة لأثر الجائحة على القطاع المالي ومخاطره وأداء القطاع المصرفي والأسواق العقارية والرأسمالية».

ربنيكوف

وشارك ماكسيم ربنيكوف، من وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيفات العالمية في مداخلة عبر الإتصال المرئي، أشار فيها إلى «قوة القطاع المصرفي الكويتي مقارنة بنظرائه ليس فقط إقليمياً ولكن عالمياً»، مشيراً إلى «أن القطاع يخضع لرقابة حصيفة طوال تاريخه، كما أن الوكالة تقوم دورياً بنشر تقييم لمخاطر الدولة بالنسبة للقطاع المصرفي وتصنيف مخاطر القطاع المصرفي على نطاق من 1 إلى 10 حيث يمثل 1 التقييم الأقوى و10 التقييم الأضعف. فالقطاع المصرفي الكويتي حالياً في المجموعة 4 إلى جانب النظم المصرفية لكل من إيرلندا وبولندا وإسبانيا، وتصنف مخاطر القطاع المصرفي الكويتي في فئة واحدة أعلى من تلك المخصصة لكل من أستراليا، فرنسا، ألمانيا، والمملكة المتحدة، وتأتي الولايات المتحدة في المجموعة الثالثة. أما بالنسبة إلى باقي دول مجلس التعاون الخليجي، تأتي المملكة العربية السعودية وحدها في المجموعة الرابعة مثل الكويت، وتأتي النظم المصرفية في باقي دول المجلس الخليجي الأخرى في تصنيف أقل».