منتدى «تحديات الإمتثال وتعزيز العلاقات مع المصارف المراسلة»

Download

منتدى «تحديات الإمتثال وتعزيز العلاقات مع المصارف المراسلة»

موضوع الغلاف
العدد 488 - تموز/يوليو 2021

منتدى «تحديات الإمتثال وتعزيز العلاقات مع المصارف المراسلة»

تشديد الرقابة الداخلية

وتوسيع آليات التنسيق المصرفي والرقابي

يقلِّص تكاليف «تجنب المخاطر»

وقوفاً للنشيد الوطني اللبناني، الأمين العام وسام حسن فتوح متوسطاً كلاً من:   الدكتورة سحر نصر، بشير يقظان، الدكتور أحمد بن سنكر والدكتور محمد بن عمر

شكَّل إنعقاد منتدى «تحديات الإمتثال وتعزيز العلاقات مع المصارف المراسلة»، الذي نظمه إتحاد المصارف العربية في العاصمة اللبنانية بيروت، على مدار يومين، مناسبة ومنصة مهمة للنقاش والتباحث بين المصارف العربية والهيئات الرقابية حول أهم التطورات على الساحتين المحلية والإقليمية  في ما يتعلق بتحديات الإمتثال، وخصوصاً هواجس ومتطلبات المصارف المراسلة، بالإضافة إلى كيفية توافق وتلبية توقعات السلطات الرقابية والمصارف المراسلة الأميركية، مع تسارع بروز ظاهرة  تجنب المخاطر ( De-Risking) من جديد. علماً أن إتحاد االمصارف العربية حرص مرة أخرى، من خلال تنظيمه هذا المنتدى، إلتزام قواعد «التباعد الإجتماعي»، في ظل أجواء «كورونا» التي لا تزال تسيطر على التحركات البشرية في العالم.

وقد واجهت كل المصارف والمؤسسات المالية حول العالم، سلسلة متطلبات تنظيمية متزايدة ومعقّدة، بالإضافة الى تدقيق متزايد بالنسبة لأطر الإمتثال الخاصة بها، ولا سيما في ما يتعلق بمسائل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فيما تفرض البيئة التنظيمية العالمية المعقدة متطلبات متزايدة من قبل المصارف المراسلة، وهي مبنية على إلزام تلبية المصارف لشروط ومتطلبات الإمتثال توازياً مع تأمين وتحقيق الشمول المالي وتعزيزه بإستمرار، مروراً بالإستمرار بالعمل على تأمين تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال وتسهيل التحويلات المالية وتمويل التجارة والاستثمار.

ففي ظل البيئة الرقابية المتغيّرة دائماً وبصورة سريعة، يجب على المصارف تبنّي وتنفيذ مقاييس العناية الواجبة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتطبيق أفضل الممارسات لتجنب النتائج القاسية مثل العقوبات والملاحقات. فالجرائم المالية تُعدّ من أهم المخاطر التي تؤثر على الإستقرار المالي، بما ينعكس سلباً على الأداء الإقتصادي الكلي، ويُهدد سلامة القطاعات المالية والمصرفية وإستقرارها، بما يشمل جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهي من أكثر الجرائم المالية خطورة على المجتمعات والتي تُهدد علاقات المصارف المحلية بالمصارف المراسلة.

وساهمت الضغوط التشريعية والتنظيمية الدولية في السنوات الأخيرة في نشوء ظاهرة ما يُعرف بتجنّب المخاطر (De-risking)، ولا سيما مع تحول الجرائم المالية إلى جرائم أكثر تعقيداً، ليس فقط بسبب إنتشار الإرهاب وظهور منظمات إرهابية جديدة وحسب، لكن بسبب الإبتكارات في مجال التمويل الرقمي التي قد تؤدي إلى زيادة عدد اللاعبين الماليين وتسهيل المعاملات عبر الحدود، ما يزيد من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ما دفع ببعض المصارف المراسلة إلى قطع علاقاتها مع بعض الدول عبر قطع العلاقات مع مصارفها، إنطلاقاً من بعض الأطر التنظيمية والمخاوف المتعلقة بمخاطر عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة أيضاً إلى إعتبارات تتعلق بالأكلاف المرتفعة لتقديم خدمات المصارف المراسلة ضمن الأطر التنظيمية المفروضة دولياً.

عدد كبير من القيادات المصرفية اللبنانية والمصرية والعربية في مقدِّم الحضور في إفتتاح المنتدى

وبحث المشاركون في المنتدى، في حضور نخبة من القيادات المصرفية العربية واللبنانية الآتية من 19 دولة، في كيفية التعامل مع متطلبات الإمتثال الجديدة المفروضة من قبل السلطات الرقابية الأميركية، وتطرق المتحدثون إلى المتطلبات الجديدة المتعلقة بقوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومحاربة الفساد، والإستفادة من القواعد التنظيمية الدولية الجديدة لتعزيز سياسات الإمتثال في المصارف العربية. كما تناول المتحدثون تعزيز التواصل والتعاون مع المصارف الدولية، كما ما بين المصارف والجهات الرقابية العربية لتعزيز وظائف الإمتثال لدى الوظائف العربية.

وشارك في كلمات الإفتتاح كل من الأمين العام لإتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح، وعضو مجلس إدارة الإتحاد/ اليمن، أحمد بن سنكر، والمدير العام للمنظمة العربية لتكنولوجيات الإتصال والمعلومات، تونس محمد بن عمر، ووزيرة الإستثمار والتعاون الدولي سابقاً، والمدير التنفيذي في البنك الدولي سابقاً، عضو مجلس إدارة Allianz، وأستاذة في قسم الإقتصاد في الجامعة الأميركية في القاهرة AUC، مصر الدكتورة سحر نصر، ونائب حاكم مصرف لبنان بشير يقظان. علماً أنه في ختام كلمات الإفتتاح، قدم إتحاد المصارف العربية درعاً تكريمية وفاء لروح الرئيس التنفيذي الاسبق لمجموعة الإلتزام والحوكمة في البنك الأهلي المصري الشريف عبد الرازق، وقد تسلَّمته كريمته رنا الشريف عبد الرازق.

وسام حسن فتوح: عدم الإمتثال للقوانين الدولية لمكافحة غسل الأموال

وتمويل الإرهاب ومحاربة الفساد ينتج عنها مخاطر سمعة كبرى للدول

في الكلمات، إستهل الأمين العام لإتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح الحفل بكلمة فقال: «إن العقوبات الإقتصادية وما يتبعها من تجميد للأصول وتحقيقات مالية وجنائية، باتت تُستخدم اليوم كسيف مسلّط وسلاح مدمّر على دول العالم كله، تلجأ إليه الدول العظمى للدفاع عن مصالحها السياسية والإستراتيجية بديلاً عن اللجوء الى حروب طاحنة، تكبّدها خسائر بشرية وأضرار كبيرة، ويُساعدها في ذلك إمساكها بالمفاصل الأساسية للإقتصاد العالمي».

وقال فتوح: «إن عدم الإمتثال للقوانين والتشريعات الدولية المرعية والصادرة عن الهيئات الرقابية ولا سيما الأميركية منها والمتعلّقة بقوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومحاربة الفساد، ينتج عن ذلك مخاطر سمعة كبرى للدول بشكل عام، وللمصارف والمؤسسات المالية بشكل خاص، قد تؤدي إلى قطع علاقاتها مع المصارف المراسلة أو حتى إلى زوالها من الوجود».

أضاف فتوح: «إن المجتمع الدولي يُعطي أهمية قصوى لتحديات الإمتثال، وتعزيز العلاقات مع المصارف المراسلة، ولا سيما في ضوء التحديات والتغييرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، وما تتطلبه من مواكبة على صعيد آليات عمل السلطات التشريعية والرقابية والأمنية والمؤسسات المالية، وفي ضوء الهشاشة الإقتصادية في بعض الدول التي تجعل من العقوبات أكثر وجعاً، وتزيدها إيلاماً الآثار المدمّرة الناتجة عن جائحة كورونا التي غيّرت وجه الإقتصادات وهزّت الإستقرار العالمي».

ولفت فتوح إلى «أن العقوبات على المصارف والمؤسسات المالية قد تسبّب بتنامي ظاهرة صيرفة الظل (Shadow Banking)، حيث تبرز مشكلة جديدة تتجلى في ظهور قنوات مالية غير خاضعة لأي نوع من أنواع الرقابة» مطالباً بـ «تشديد الرقابة الداخلية والتوسّع في المعلومات والمعطيات الهادفة إلى تطبيق أشمل لقاعدة «إعرف عميلك»، وتوسيع آليات التنسيق والتعاون ما بين القطاع المصرفي والسلطات الرقابية والقضائية والأمنية. كما يؤدي الخروج من المنظومة المالية والمصرفية الدولية أو التعرّض للعقوبات الى ما يعرف بالتهميش المالي (Financial Exclusion) لفئات كثيرة من المجتمع ما يعوق تقدمها وإزدهارها».

أضاف فتوح «إن العالم العربي يقع في عين اللعبة الدولية، حيث تتفجر فيه وحوله الصراعات الجيوسياسية، فمن تصعيد العقوبات على بعض الأفراد والمنظمات، إلى الحروب والصراعات فى بعض الدول العربية، ولا ننسى بالطبع الحرب فى سوريا وهي من أهم الحروب فى القرن الحادي والعشرين. هنا تجد المصارف والمؤسسات المالية العربية نفسها في قلب الحدث، وفي ساحة المعركة، وهنا تجد السلطات الرقابية والسلطات الأمنية والقضائية نفسها في مواجهة مع المنظمات والأفراد الذين يحاولون إستخدام القنوات المالية للوصول إلى أهدافهم».

وأشار فتوح إلى «أن هذه الإشكالية باتت تُثير قلق جميع المعنيين من مختلف الجهات الرسمية والخاصة، فبتنا ننام على إجراء أو رزمة من الإجراءات، ونستفيق على رزمة جديدة من الإجراءات والتشريعات والقوانين، وأصبح هذا الأمر يُشكّل هاجساً للجميع، وعلينا جميعاً العمل على متابعة تلك التطورات، والسعي إلى فهم الإجراءات المفروضة وإستيعابها والإلتزام بها».

وقال فتوح: «إن لإتحاد المصارف العربية تاريخاً طويلاً في تنسيق الجهود لحماية القطاع المالي الاقليمي والإقتصاد الأوسع، من مخاطر تسرّب الأموال القذرة»، موضحاً «أن الإتحاد يُعطي موضوع الإمتثال للقوانين والتشريعات الدولية، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الأهمية القصوى، بإعتباره من أخطر المشكلات التي تُؤثر في مسار المهنة المصرفية العربية، وعلى العلاقات بين قطاعنا المصرفي العربي والمصارف المراسلة، والمؤسسات الرقابية الدولية».

أحمد بن سنكر: القطاع المصرفي اليمني ظلّ صامداً بأدائه

ومحافظته على علاقاته وإلتزامه تطبيق كافة المعايير الدولية

بدوره، قال عضو مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية/ ممثل المصارف اليمنية أحمد بن سنكر: إنه «من خلال إهتمام المؤسسات والمنظمات في العالم أجمع بما في ذلك الجهات التشريعية والرقابية، في تحديد معايير وضوابط رقابية للعمل المالي والمصرفي، حيث دأبت على تطبيقها وتعميمها، وقد أصبحت ملزمة للإلتزام والإمتثال بتنفيذها، إتضح للجميع في المؤسسات المالية والمصرفية، بأنه لا بد من المضي في تجسيد العمل المالي والمصرفي من خلال تطبيق المعايير اللازمة، بل وتطويرها وإستحداث البرامج التكنولوجية، بهدف فرض رقابة مُحكمة من خلال منظومة متكاملة تخدم العمل الرقابي على هذه المؤسسات، وتحسين أدائها، وأن كل هذا بالمقابل يُعزّز ثقة العملاء بالمؤسسات المالية والمصرفية. لذلك، كان لمجموعة العمل المالي والدولي (FATF) إصرارها على تطبيق معاييرها، لما لها من أثر إيجابي، وجعلت من هذا الإلزام ورشة عمل مستمرة وتتوسع مع مرور الزمن، وقد شهدت فعاليات مختلفة هادفة إلى تعزيز التدابير المتخذة لمكافحة غسل الأموال والإرهاب، والتي تم تطويرها بشكل تدريجي وها هي تطبق وبشكل فعال».

أضاف بن سنكر: «إن اليمن منذ بدء تطبيق هذه المعايير المتفق عليها دولياً، شرعت في تفعيل العمل بها في المؤسسات المالية والمصرفية، وقد إلتزمت الجمهورية اليمنية، ممثلة بالبنك المركزي اليمني بشكل كامل بكل القوانين والتعاميم ذات الصلة، وكرّست الجهود التي جسّدت إلتزام الحكومة والبنك المركزي والبنوك والمصارف اليمنية».

وأشار بن سنكر إلى أن «البنك المركزي الرئيسي – عدن، والبنوك العاملة في بلدنا، رغم الظروف التي تمر في البلاد في السنوات العشر الأخيرة، وما يشهد القطاع المصرفي اليمني من متغيرات وتحديات صعبة، ومواجهته لها ما لم تواجهه أي منظومة مصرفية في العالم، إلا أنني أؤكد رغم ذلك، أن القطاع المصرفي اليمني ظل القطاع الصامد بأدائه ومحافظته على علاقته، وإلتزامه تطبيق كافة المعايير الدولية والمرتبطة بالجوانب الرقابية، كذلك إلتزامه والحفاظ على علاقاته الوثيقة بمراسليه، رغم الإجراءات التي إتُخذت من قبل المراسلين الخارجيين بسبب نسبة المخاطر التي إرتفعت بسبب الأوضاع التي تمر في البلاد».

محمد بن عمر: نُشجع المؤسسات المالية على إعادة صوغ مناهجها التقليدية

وتبنّي عقلية الرقمنة مع رفع ثقة العميل بالمعاملات الرقمية

وقال الأمين العام للمنظمة العربية لتكنولوجيات الإتصال والمعلومات، تونس محمد بن عمر: «نرى أن مرحلة الإنتقال إلى المجتمعات الرقمية، يجب أن ترتكز على أربع ركائز أساسية:  التحولات الرقمية، والتجديد الرقمي، والإندماج الرقمي والثقة الرقمية. وموضوع الثقة الرقمية، يُوصلنا إلى الحديث عن موضوع هذا المنتدى وهو الثقة في الحلول المالية الرقمية».

أضاف بن عمر: «نعلم جميعاً أن التطورات التي شهدتها سنة 2020 من خلال جائحة كورونا، أدت إلى إقبال كبير على إستعمال التكنولوجيا والتطبيقات والخدمات الرقمية، بما في ذلك الخدمات المصرفية والمعاملات المالية»، منوهاً بـ «الجهود التي بذلها العديد من المؤسسات المالية في البلدان العربية خلال الجائحة، للمساهمة في إحترام تدابير الحماية للمواطنين، وذلك عبر المرور سريعاً إلى البديل الرقمي في التعامل مع عملائها. ولكن بقدر ما كان هذا الخيار ذي فائدة على المواطنين، بقدر ما فتح الباب أمام العديد من التحديات الأخرى، ومن أهمها طبعاً مسألة الأمن السيبراني والثقة الرقمية».

وتابع بن عمر: «نحن اليوم من منطلق مهامنا كمنظمة متخصصة في مجال الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، نُشجع كل المؤسسات العربية المالية على إعادة صوغ مناهجها التقليدية، وتبنّي عقلية الرقمنة أولاً Digital First، لكن من ناحية أخرى، نُشدد على ضرورة أن تكون هذه المعاملات مؤمنة بالكامل، حرصاً على رفع وتعزيز ثقة العميل في المعاملات المالية الرقمية».

 الدكتورة سحر نصر:

مواكبة التحوّل الرقمي بزيادة التجارة الدولية

ورفع فرص العمل للشباب وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة

من جهتها، قالت وزيرة الإستثمار والتعاون الدولي سابقاً، والمدير التنفيذي في البنك الدولي سابقاً، عضو مجلس إدارة Allianz، وأستاذة في قسم الإقتصاد في الجامعة الأميركية في القاهرة AUC، مصر الدكتورة سحر نصر: «نلتقي اليوم في ما تُواجه المنطقة العربية والعالم جائحة كورونا، والتي أدت إلى التباعد الإجتماعي، ويُحكى في الوقت عينه عن أهمية الشمول المالي في القطاعات المصرفية والمالية، ولا سيما حيال التعامل مع البنوك المراسلة».

أضافت الدكتورة نصر: «إن التحديات والتحولات الكبيرة في العالم تستوجب مواكبتها ومن أبرزها التحول الرقمي في التكنولوجيا الحديثة، وزيادة التجارة الدولية بغية زيادة فرص العمل للشباب، وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة. كذلك يجب أن نتحضّر لما يحقق التوازن بين أهمية الضوابط العالمية في ظل الإلتزام المالي، وعدم التعرّض لتجنّب المخاطر من قبل البنوك المراسلة، ولا سيما في منطقتنا العربية. من هنا يجب التوازن بين الضوابط والمعايير العالمية تجاه المصارف المراسلة، وعدم التضييق على القطاع المصرفي».

ولفتت الدكتورة نصر إلى «أن التوازن بين الخصوصية وبيانات المصارف ضروري، بغية أن تُحل المشكلات القائمة، وأن تكون مسألة البيانات وفق قاعدة البيانات الشاملة، من أجل الوصول إلى التنمية المستدامة».وختمت الوزيرة السابقة الدكتورة نصر: «لا شك في أن المصارف العربية تواجه تحديات كبيرة ولا سيما في المنطقة العربية، لكن من خلال التعاون المصرفي العربي، يُمكن أن نُخفف من التحديات الراهنة، ونجد حلولاً سريعة للمشكلات الشائكة، ولا سيما الجرائم الإلكترونية، حيث يستغل مفتعلوها التكنولوجيا المتسارعة، كي يُحققوا مآربهم الخبيثة».

وأخيراً، تحدث نائب حاكم مصرف لبنان المركزي بشير يقظان عن الأوضاع الإقتصادية والمالية في لبنان، مشدِّداً على «ضرورة التعاون المصرفي في المنطقة العربية مع المصارف المراسلة»، وقال: «إن الحروب القائمة في المنطقة والعقوبات المالية المفروضة على بعض الدول والمنظمات، تدفع بالمصارف العالمية إلى التمادي في سياسة تقليص المخاطر في المنطقة العربية. لا شك في أن هذا التشدُّد الذي يشهده العالم في مجال تطبيق نظم الإمتثال وظاهرة تجنب المخاطرDe-Risking  هو من العوامل الأساسية التي ينبغي التنبّه إليها لحماية النظام المالي والمصرفي في منطقتنا».

بشير يقظان: التعاون المصرفي العربي ضروري مع المصارف المراسلة

و”المركزي” يشدد على دور المصارف اللبنانية في المنظومة العالمية

أضاف يقظان: «إن سياسة تقليص المخاطر إن طُبّقت بطريقة عشوائية، تؤدي حتماً إلى حرمان فئات كاملة من العملاء أفراداً ومؤسسات، وشركات وجمعيات وغيرها، من الإستفادة من الخدمات المالية الأساسية، ما يدفعها الى التعامل النقدي والبحث عن خدمات مالية بديلة ذات رقابة محدودة، والذي يُشجع تلقائياً ما يُسمّى بـ «صيرفة الظل» أي الـshadow banking».

وتابع يقظان: «يُشدد مصرف لبنان على ضرورة الحفاظ على دور القطاع المصرفي اللبناني في المنظومة المصرفية العالمية، ويؤمن بأن الإلتزام بالمعايير الدولية في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، يحمي المجتمعات والإقتصادات والمصارف من مخاطر هذه الأعمال. فهذا الأمر أولوية لديه، لكونه يُعزز سلامة القطاع المالي والمصرفي ويحميه من المخاطر، ولا سيما مخاطر السمعة. علماً أن لبنان شريك في الجهود الدولية المبذولة في هذا المجال، من خلال مشاركة هيئة التحقيق الخاصة بأعمال المنظمات الدولية والتعاون مع المصارف المركزية والهيئات الرقابية الأجنبية».

ولفت يقظان إلى أنه «تعزيزاً للشفافية ولتفعيل الإدارة الرشيدة لدى المصارف في لبنان، طوّر مصرف لبنان، من خلال سلسلة من التعاميم، الإطار التنظيمي للقطاع المصرفي والهيكلية الإدارية للمصارف، ما يضمن التطبيق السليم لمبادىء الحوكمة. فبعد تنظيم عمل دائرة الإمتثال في المصارف، طلب إنشاء لجنة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب منبثقة عن مجلس الإدارة برئاسة عضو مجلس إدارة مستقل، مهمتها مساندة مجلس الإدارة في ممارسة دوره الإشرافي في إطار مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وفهم المخاطر ذات الصلة ومساعدته على إتخاذ القرارات المناسبة في هذا الشأن».

وقال يقظان: «لقد أنشأ مصرف لبنان وحدة إمتثال لديه، بهدف التأكد من مطابقة العمليات التي تمر من خلاله القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، ومن إمتثال المصارف والمؤسسات الخاضعة لرقابته للقوانين والأنظمة».

أضاف يقظان: «يمر لبنان بأوضاع صعبة للغاية نتيجة الصدمات المتلاحقة التي عصفت به مؤخراً، إبتداء بالأزمة المصرفية وفقدان السيولة بالعملات الأجنبية، وأزمة سعر صرف الليرة اللبنانية، وما لذلك من إرتدادات سلبية وجدية على الوضعين الإقتصادي والإجتماعي، مروراً بقرار الحكومة تعليق دفع سندات اليوروبوندز بالدولار، ما أدى الى تخفيض التصنيف الإئتماني السيادي الى درجة «متعثر»default  مع كل هذه الأزمات، حيثُ كان لجائحة كورونا دور في تفاقم الركود في كافة القطاعات الإقتصادية، إضافة إلى إنفجار مرفأ بيروت الذي تسبّب بخسارة لا تعوّض بالأرواح، وآثار نفسية مؤلمة في ذاكرة اللبنانيين، فضلاً عن خسائر مادية مباشرة قُدّرت بالمليارات. وما فاقم الأزمة تعقيداً هو عدم النجاح في تشكيل حكومة حتى الآن».

وختم يقظان بالقول: «يجب تكثيف التعاون والتواصل من قبل جميع المصارف في منطقتنا مع البنوك المراسلة، لتعزيز الشفافية وتوطيد العلاقات معها. كما أن وضع سياسات وإجراءات شاملة تُلبي متطلبات القوانين وقواعد العمل والتوصيات الدولية والحرص على تطبيقها بشكل فعال، شروط أساسية لبناء جسور الثقة، وتخفيف آثار سياسات تقليص المخاطر وحماية نظامنا المالي».