سلّط منتدى تقييم المخاطر حول «تعزيز الأطر الإشرافية والتنظيمية وتخفيف المخاطر المتعلقة بالبنوك المراسلة De–risking الذي نظمه اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع البنك المركزي الأردني وجمعية البنوك في الأردن، في حضور خبراء مصرفيين من الأردن وفلسطين ولبنان والإمارات العربية المتحدة ومصر والسودان واليمن، في البحر الميت، الأردن، الضوء على التحديات الرئيسية التي تواجه المصارف العربية والبنوك المراسلة في وقتنا الحاضر، كرد فعل على التشدد في تطبيق المعايير التنظيمية العالمية والعقوبات الاقتصادية والتجارية، وعلى الآليات والإجراءات الرقابية والممارسات السليمة لتقييم المخاطر.
كذلك سمح المنتدى بالتعرف على أهم وآخر ما أُدخل من تعديلات على المبادرات الدولية والإقليمية، في ضوء الآثار السلبية الناجمة عن قيام بعض المصارف الدولية بتقليص أو إنهاء علاقات المصارف المراسلة مع العديد من المصارف الإقليمية. كذلك عرض المنتدى بعض التجارب الرقابية في العالم العربي، وأفضل الممارسات في إدارة تقييم المخاطر، من خلال نخبة من خبراء العالم العربي وبعض المؤسسات الدولية المتخصصة.
شارك في إفتتاح المنتدى، الرئيس التنفيذي للجمعية العلمية الملكية سميّة بنت الحسن، نائب محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور عادل شركس، ممثلاً المحافظ الدكتور زياد فريز، والأمين العام لإتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح، ورئيس جمعية البنوك في الأردن موسى شحادة، في حضور العديد من القيادات المصرفية العربية، ومحافظي البنوك المركزية، ورؤساء البنوك، وممثلي مؤسسات مالية وتمويلية دولية منها صندوق النقد والبنك الدوليان.
فتوح: مطلوب تشدد في الرقابة الداخلية
بدايةً، رحّب الأمين العام لإتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح، بالأميرة سميّة بنت الحسن الرئيس التنفيذي للجمعية العلمية الملكية، شاكراً حرصها على «مشاركتنا هذا اللقاء المهم». كذلك شكر فتوح «الرعاية الكريمة والدائمة التي يخصّنا بها محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور زياد فريز، ورئيس جمعية البنوك في الأردن وعضو مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية موسى شحادة، إضافة إلى شكر كافة المصارف الأردنية، التي تحرص دائماً على دعم الإتحاد والمشاركة في فعاليّاته».
رأى فتوح «أن هذا المنتدى، يأتي إستكمالاً لمبادرة الإتحاد مع صندوق النقد الدولي لإعتماد مبدأ إدارة المخاطر وليس تجنّبها، وتسليط الضوء على التحديات الرئيسية التي تواجه المصارف العربية والبنوك المراسلة في وقتنا الحاضر، كردّ فعل على التشدّد في تطبيق المعايير التنظيمية العالمية، والعقوبات الإقتصادية والتجارية، وعلى الآليات والإجراءات الرقابية والممارسات السليمة لتقييم المخاطر».
وقال فتوح «إن المحاور المتعدّدة والمتنوّعة التي ستناقش في هذا اللقاء ستساهم عبر المتحدثين والخبراء بالتعرّف على أهم وآخر ما أُدخل من تعديلات على المبادرات الدولية بتقليص أو إنهاء علاقات المصارف المراسلة مع العديد من المصارف الإقليمية، وعرض بعض التجارب الرقابية في العالم العربي، وأفضل الممارسات في إدارة تقييم المخاطر، وذلك على أيدي نخبة ممتازة ومميّزة من خبراء العالم العربي وبعض المؤسسات الدولية المتخصصة».
أضاف فتوح «لقد توسّع أخيراً إنتشار ظاهرة تجنّب المخاطر
De-Risking، لإرتباط هذه الظاهرة بإحتمال عدم تمكّن المصارف أحياناً من التزام متطلبات الحيطة والحذر والعناية الواجبة Enhanced Due-Diligence التي تفرضها السلطات الرقابية، مثل التشدّد بالحصول على المعلومات الواجبة عن الزبائن (KYC) وغيرها من إجراءات التحقق عن العملاء والعمليات المصرفية المالية. هنا قد يلجأ المصرف إلى الإبتعاد عن الزبائن أو العملاء أو القطاعات، وقد يفضّل عدم التعامل مع هذه الأنواع من الزبائن والعمليات، وهذا ما يعرف بظاهرة De-Risking، وهنا تكمن إشكالية المعالجة، ففي حال إعتمد المصرف خيار التخلّي عن بعض العمليات أو العملاء، يكون قد خسر بعض الزبائن من باب الشكّ، وساهم في الوقت نفسه في تنامي ظاهرة صيرفة الظلّ Shadow Banking، حيث تبرز مشكلة جديدة وهي إمكانية ظهور قنوات مالية غير خاضعة لأي نوع من أنواع الرقابة».
ولفت فتوح إلى «أن الإستمرار في التعاطي مع زبائن أو قطاعات تثير الريبة حيال إحتمال تورطها في غسل الأموال أو تبييضها، يدفع المصارف المراسلة إلى فرض عقوبات على هذه المصارف، وهنا يواجه المصرف مشاكل أخرى هو في غنى عنها»، مشيراً إلى «أن الحلّ الموضوعي في هذا المجال، يتطلّب تشدداً أكثر في الرقابة الداخلية، والتوسّع في المعلومات والمعطيات الهادفة إلى تطبيق أشمل لقاعدة «أعرف عميلك»، وتوسيع آليات التنسيق والتفاعل المباشر، وشبه الفوري ما بين السلطات الرقابية والقضائية والأمنية، والقطاع المصرفي في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وغيرها من العمليات التي تقع تحت مسمى الجرائم المالية، بما فيها أموال التهرّب الضريبي والفساد».
وختم «أننا في إتحاد المصارف العربية نولي موضوع هذا المنتدى الأهميّة القصوى لأنه أصبح طلباً حيوياً لإستقرار القطاع المالي وسلامته، وندعو مصارفنا العربية إلى متابعته، لتحصينها من أي أزمات محتملة».
شحادة: للتعاون الدولي لمكافحة غسل الأموال
من جهته، أكد رئيس جمعية البنوك في الأردن موسى شحادة، «أهمية ضمان حرية حركة الأموال لضمان الازدهار العالمي»، مطالباً بـ «ضرورة التعاون الدولي والمحلي في ما يخص مكافحة تهريب وغسل الأموال وتمويل الإرهاب»، مشيراً إلى «أن الإدارة الحالية للجرائم المالية قد تؤدي إلى زيادة الإبعاد والإقصاء للبنوك المراسلة، مما يؤثر على حركة النمو والإستقرار المالي».
وقال شحادة: «في ظل ظاهرة العولمة وتكامل النظام المالي العالمي، أصبح للجرائم المالية آثار وأبعاد خطيرة تهدد الأمن والتنمية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي، وهو الأمر الذي فرض موضوع مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على جدول أعمال المجتمع الدولي. ورغم التأييد الواسع لاستجابة الجهات التنظيمية القوية والفاعلة لإحباط الجرائم المالية، لكن من المهم أن لا يكون لهذا الأمر أي آثار جانبية سلبية على النمو الاقتصادي، وأن لا يلحق الضرر بالسياسات العامة الهادفة إلى تحقيق الشمول المالي، وتشجيع الاستثمار، وتوفير فرص العمل، وتسهيل التجارة، وتشجيع المنافسة».
أضاف شحادة: «أشارت العديد من التقارير الدولية إلى أن الإدارة الحالية للجرائم المالية قد تتسبب في آثار جانبية مثل زيادة الاستبعاد والإقصاء للعلاقات مع بعض الفئات مثل البنوك المراسلة، واتفاقيات التمويل التجاري، والتحويلات المالية، والجمعيات الخيرية وقطاعات أخرى من العملاء. وعلاوة على ذلك، فإن النمو الاقتصادي المحلي والدولي والاستقرار يتطلب بنية تحتية عالمية فاعلة وشاملة لدعم المدفوعات والتجارة وتدفقات رأس المال وغيرها من الأنشطة المالية المهمة، وتالياً فإن عدم التناسق بين التشريعات المحلية والمتطلبات التنظيمية حول متطلبات الخصوصية وتبادل المعلومات عبر الحدود يفرض مزيداً من الاعباء والتعقيد على البنوك».
وشرح شحادة: «تُعرف خدمات البنك المراسل بأنها تقديم حسابات جارية أو التزامات وخدمات أخرى ذات صلة لمؤسسات مالية أخرى، وبحيث تستخدم لتنفيذ مجموعة من العمليات لطرف ثالث، بما في ذلك المدفوعات والتمويل التجاري والمقاصة وإدارة السيولة والإقراض قصير الأجل أو الاستثمار في عملة معينة»، مشيراً إلى «أن البنوك المراسلة للبنوك والمؤسسات المالية الأخرى، توفر الوصول المناسب والحيوي إلى الخدمات والأسواق الدولية ومراكز المال
الرئيسية للعملات المستخدمة دولياً. كما توفر الشبكة الدولية للبنوك المراسلة البنية التحتية الأساسية التي يتم من خلالها تنفيذ المدفوعات العالمية، والتبادل التجاري، وهو ما يعتبر متطلب أساسي للنمو الاقتصادي والاستقرار في مختلف الاقتصاديات».
ورأى شحادة «أن أنشطة البنوك المراسلة تُعتبر ذات مخاطر عالية من حيث الجرائم المالية، مما زاد في المخاطر التنظيمية ومخاطر السمعة للبنوك، وذلك نتيجة زيادة وتشديد متطلبات الامتثال وخصوصاً في مجالات العناية الواجبة ورصد المعاملات. كما أصبحت التوقعات تفرض على البنوك المراسلة معرفة عملاء عملائها (Know your Customer’s Customer KYCC)، وهو ما زاد من التعقيد والصعوبة التي تواجهها تلك البنوك».
وخلص شحادة إلى القول: «يتطلب التصدي لمفهوم إزالة المخاطرة وآثاره السلبية بذل العديد من الجهود المحلية والدولية، بما في ذلك الآتي:
أولاً: التأكد أن المعايير العالمية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مفهومة جيداً ويتم تنفيذها بدقة، وأن الدول ومؤسساتها المالية تتلقى الدعم المناسب لصياغة التدابير الهادفة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتي تلبي هدف الشمول المالي. ومن المفاهيم الخاطئة وصف إزالة المخاطرة باعتبارها قضية مكافحة غسل أموال.
ثانياً: إزالة المخاطرة لا ينبغي أبداً أن يكون ذريعة لأي بنك لتجنب تنفيذ المنهج القائم على المخاطر، حيث إن توصيات مجموعة العمل المالي تتطلب من المؤسسات المالية إنهاء العلاقات مع العملاء على أساس كل حالة على حدة، وذلك فقط في حال كان من غير الممكن التخفيف من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب. أما قطع العلاقات بالجملة مع فئات كاملة من العملاء بغض النظر عن مستوى مخاطرهم ودون اتخاذ التدابير اللازمة لتخفيف تلك المخاطر، فلا يتماشى مع معايير مجموعة العمل المالي.
ثالثاً: تعزيز البيئة التنظيمية المستندة على المخاطر لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ودراسة مدى توافق متطلبات الجرائم المالية مع أهداف سياسات الإدماج المالي والتنمية والاستقرار، وضمان وجود اتساق دولي أكبر من حيث التشريعات الخاصة بالجرائم المالية.
رابعاً: التأكيد على دعم التجارة الدولية وتمكين حرية حركة الأموال المشروعة لضمان الازدهار العالمي من خلال البنوك المراسلة والتمويل التجاري، وإيجاد أطر تنظيمية فعالة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
خامساً: قيام مجموعة العمل المالي بمراجعة التوجيهات الصادرة عنها بخصوص تحديد متطلبات العناية الواجبة المطلوبة من البنوك المراسلة.
سادساً: قيام السلطات التنظيمية بتعزيز المنهج المبني على المخاطر من خلال توفير إرشادات تستند على قواعد ومبادئ واضحة، وتوضيح متطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإعادة النظر في الإجراءات العقابية لتكون متوازنة، مع التحفيز المناسب للمؤسسات المالية التي تنتهج أساليب فعالة للحد من المخاطر، وتعزيز الاشتمال المالي، وتعزيز التعاون والتنسيق الدولي.
سابعاً: من المهم أن تقوم المؤسسات المالية بمراجعة وتنقيح سياسات وإجراءات «اعرف عميلك KYC» وبما يساعدها في تحديد المخاطر وإدارتها والحد منها، مع تعزيز إدارات الامتثال ورفدها بالموارد اللازمة».
شركس ممثلاً فريز: مسيرة الأجهزة المصرفية العربية ناجحة
بدايةً، لفت نائب محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور عادل شركس، ممثلاً المحافظ الدكتور زياد فريز، إلى «أن مسيرة الأجهزة المصرفية العربية ناجحة وتستحق الإشادة وذلك بفضل السياسات النقدية والمصرفية الفاعلة وامتثال البنوك لأفضل الممارسات والمعايير الرقابية الدولية، وتطبيق التشريعات التي تسهم في تعزيز متانتها وسلامة أوضاعها».
وقال شركس: «إن أهمية موضوع المنتدى تأتي في وقت تتعرض فيه المصارف العربية لتزايد المخاطر المتعلقة بتقليص البنوك المراسلة لأنشطتها في المنطقة العربية»، مؤكداً «أن هذا الإجراء يتطلب منا جميعاً العمل الجاد لبحث سبل الحد من هذه المخاطر»، مشيراً إلى «أن الأعوام الأخيرة أظهرت توجه العديد من البنوك المركزية في العالم نحو هدف الإستقرار المالي باعتباره هدفاً أشمل ويتعدى مفهوم الاستقرار النقدي والمصرفي».
وشدد شركس على «أن الإستقرار المالي يعمل على تطوير آليات السوق المالية وتعزيز منعة المؤسسات المالية وقدرتها على مقاومة الاختلالات والصدمات، عبر قيام البنوك المركزية بتحديد ومراقبة المخاطر التي قد تواجه النظام المالي على المستوى الكلي»، معتبراً «أن ذلك يستوجب على جميع المؤسسات المصرفية تعزيز الجهود المبذولة في هذا المجال وتوسيع نطاق عمل البنوك المركزية وتبني هدف الاستقرار المالي جنباً إلى جنب مع هدف الاستقرار النقدي».
وأوضح شركس «أن بعض البنوك العالمية خفّضت أو أنهت تعاملاتها مع بنوك المنطقة أو ما يُعرف بعملية تجنب المخاطر، وخصوصاً في المناطق التي ينظر لها على أنها ذات مخاطر عالية، وهو ما أدى إلى إنهاء جميع المعاملات مع بنوك المنطقة وإنهاء وجودها الفعلي، وتخفيض حجم نشاطها وتخفيض حجم الخدمات التي تقدمها كبنك مراسل».
وأكد شركس أنه «رغم أن التأثير المتوقع لخطوات البنوك المراسلة يرتبط بالبنوك المراسلة العالمية لأهميتها في الانشطة المصرفية العالمية، إلا أن مخاطر «تجنب المخاطر» مرشحة للإتساع في المستقبل، وخصوصاً في ظل تبني معظم المؤسسات المالية والمصرفية العالمية وشركات تحويل الأموال وغيرها لهذا النهج، مستندة في ذلك إلى متطلبات الامتثال الصارمة الناجمة عن التطور في المعايير والمبادئ والأطر الرقابية الدولية في السنوات الأخيرة».
وخلص شركس إلى «أن عملية تجنب المخاطر قد تضر كثيراً في المصارف العربية بسبب اعتماد مجموعة من الدول العربية على تحويلات العاملين كمصدر مهم في دعم النمو الاقتصادي، وهذا قد يؤدي إلى تداعيات أبرزها: إضعاف القدرة التنافسية للبنوك في الدول العربية، والتأثير على استمرار أعمالها بشكل طبيعي والحد من قدرتها على توسيع نشاطاتها، حيث ستتأثر عملية منح الائتمان والخدمات المالية للقطاعين العام والخاص، وذلك في الوقت الذي تعاني منه اقتصادات المنطقة من انخفاض معدلات النمو الاقتصادي».
أخيراً توقع شركس «أن تتأثر التجارة الدولية سلباً نتيجة ارتفاع مستويات المخاطر المرتبطة بعمليات تمويل التجارة، مما قد يُعوّق تدفق التمويل اللازم لأنشطة التجارة العربية مع دول العالم ويزيد من تكلفته، إضافة إلى إضعاف جهود واستراتيجيات الاشتمال المالي وتقليص فرص الوصول إلى مصادر التمويل والخدمات المالية للفئات كافة».
جلسات عمل المنتدى ركزت على المبادرات والتداعيات الدولية ومواجهة البنوك العربية لتجنب المخاطر
تحظى مسألة تقييم المخاطر في الفترة الحالية باهتمام الكثير من المنظمات والمؤسسات الدولية التي تحاول تحديد مفهوم واضح لها حتى تستطيع تحديد سياساتها للتعامل مع هذه المسألة التي أصبحت منتشرة في الآونة الأخيرة لدى المؤسسات المالية وخصوصاً المصارف. في هذا السياق ركزت محاور «منتدى تقييم المخاطر» على «المبادرات الدولية حول مسألة تجنب المخاطر» – مبادرة إتحاد المصارف العربية وصندوق النقد الدولي، «التشريعات الدولية الهادفة إلى الحد من تداعيات إعتماد سياسة تجنب المخاطر»، «مواجهة البنوك العربية لمسألة تجنب المخاطر»، «دور السلطات الرقابية في مساعدة المصارف العربية على إحتواء تداعيات تجنب المخاطر»، و»التوجهات العالمية والتشريعات الجديدة المتعلقة بمكافحة التهرب الضريبي وعلاقتها بمسألة تجنب المخاطر».
اليوم الأول/ الجلسة الأولى
«المبادرات الدولية حول مسألة تجنب المخاطر»
مبادرة إتحاد المصارف العربية وصندوق النقد الدولي
ترأس الجلسة الأولى حول «المبادرات الدولية حول مسألة تجنب المخاطر» – مبادرة إتحاد المصارف العربية وصندوق النقد الدولي، نائب حاكم مصرف لبنان الدكتور سعد العنداري، تحدث فيها كل من رئيس وحدة الإمتثال بمكافحة الجرائم في المؤسسات المالية والبنوك المراسلة، ستاندرد تشارترد، بريطانيا شان ريدل Shane Riedel، نائب المدير العام للبنك الإسلامي الاردني الدكتور حسين سعيد، نائب المدير العام لبنك الإتحاد، الأردن ديمه مفلح عقل ومدير إدارة البحوث في إتحاد المصارف العربية الدكتور علي عوده.
العنداري: القطاع المصرفي يمر في تغيير ديناميكي متلاحق
تحدث نائب حاكم مصرف لبنان الدكتور سعد العنداري عن التعاون الذي حصل بين إتحاد المصارف العربية وصندوق النقد الدولي حيال تقديم إستبيانات إلى المصارف العربية حول ما بات يُعرف بـ «تجنب المخاطر» أي (De-Risking)»، معتبراً «أن مصارف دولية عدة أقفلت حسابات مصرفية كثيرة مثلما حصل في JP Morgan و HSBC، مما يؤكد أن القطاع المصرفي العالمي ومفهوم العمل المصرفي عموماً بات يمر في تغيير ديناميكي متلاحق، بعدما مر سابقاً في مرحلة «الوساطة المالية»، ومن ثم «إدارة المخاطر»، وصولاً إلى مخاض «إزالة المخاطر» (De-Risking)، مما يدفع إلى إزالة المصارف من الوجود».
وخلص العنداري إلى «أن العمل المصرفي إنتقل من المرحلة المتعلقة بالوساطة التي تدخر النقود، إلى عمل يُستخدم فيه القطاع المصرفي كأداة لكبح المخاطر»، مشيراً إلى «أن مؤتمر الامم المتحدة الذي إنعقد في أديس أبابا في تموز 2015، طرح فكرة إعطاء المصارف المركزية دوراً إنمائياً حيال المالية العامة وإعادة ترتيب الاولويات في سبيل تطوير مفهوم الشمول المالي، فيما اليوم نجد أن مصارفنا العربية، والمصارف الدولية باتت تعيش في عالم جديد هو عالم إزالة المخاطر الذي ينقلنا من الشمول المالي إلى الإقصاء المالي أو الإستبعاد المالي، فأصبح على المصارف أن تنتقل من إجراءات «اعرف عميلك» إلى إجراءات «إعرف عميل عميلك»، ومن ثم «إعرف عميل عميل عميل عميلك» وهكذا دواليك».
وختم العنداري: «إننا نعيش في عالم تُملى عليه إجراءات مالية بدءاً من مكافحة تمويل الإرهاب، وصولاً إلى الملاءة المصرفية وغيرها، مما يعني أنه بات علينا أن نواجه كل هذه الإجراءات التي صارت تشكل أعباء على الاقتصاد نتيجة الإقصاء المالي المفروض علينا»، مشيراً إلى «أننا كمصارف عربية بتنا ذاهبين إلى الإمتثال والتزام القوانين وممارسات العمل المصرفي، مما يفرض علي التوجه إلى إتحاد المصارف العربية بالطلب منه: تكوين مجموعة مصرفية من المصرفيين تُعنى بالعمل على تعزيز البنى التحتية لتكنولوجيا المعلوماتية، وأن تقوم هذه المجموعة بالتنسيق في ما بين المصارف العربية والمجموعات الدولية لتوحيد تعريف المخاطر ومعاييرها وإجراءات الإمتثال والمساءلة كمعيار موحد».
ريدل: إغلاق الحسابات المصرفية المشكوك بها
تحدث رئيس وحدة الإمتثال بمكافحة الجرائم في المؤسسات المالية والبنوك المراسلة، ستاندرد تشارترد، بريطانيا شان ريدل Shane Riedel عن المشكلات التي تعترض البنوك المراسلة والمؤسسات المالية حيال الجرائم المالية. وقال: «إن العديد من الإشكاليات التي تعترض العمل المصرفي في العالم وتطلبت إغلاق حسابات مصرفية، تعود إلى زبائن مشكوك في أمرهم حيال تبييض الأموال أو تمويل الإرهاب»، مشيراً إلى «أهمية التركيز حيال الحسابات المصرفية المشكوك في أمرها من أجل تحديد الأخطار المتأتي منها ومن ثم التصرف على أساس غلقها وخصوصاً في حال تعلق الأمر بالإرهاب»، ملاحظاً «أن الأخطار المتأتية من الحسابات المصرفية المتعلقة بالإرهاب ليس في الضرورة موجودة في الولايات المتحدة الأميركية فقط، إنما يمكن أن تكون هذه الحسابات موجودة في الصين، فرنسا وغيرها من البلدان».
سعيد: لتبادل الآراء مع المصارف الأميركية
دعا نائب المدير العام للبنك الإسلامي الاردني الدكتور حسين سعيد، إلى «قيام إتحاد المصارف العربية بتبادل الآراء مع المصارف الأميركية في ما يتعلق بتجنب المخاطر(De-Risking) ، وتأكيد إلتزام المصارف العربية الإجراءات الدولية، ووضع تصور لمستقبل التعامل مع البنوك المراسلة ضمن برنامج فاعل لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب». كذلك دعا سعيد إلى «مساعدة البنوك الصغيرة على تلبية طلبات متعامليها وتعزيز الإعتمادات المستندية من جانب البنوك المراسلة. ومن بين الطروحات دخول البنوك صغيرة الحجم في شراكات مع مؤسسات معروفة، مما يساعدها على كسب ثقة البنوك المراسلة وتسهيل عمليات تعزيز الإعتمادات المستندية».
وتطرق سعيد إلى أهمية «التنسيق على نحو أفضل بين المصارف العربية ضمن إستراتيجيات التكامل المصرفي العربي لمتابعة قضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز التعاون في تبادل المعلومات وإعتماد أنظمة تمكنها من ضبط كافة العمليات المصرفية، وقيام البنوك العربية بتوسيع نطاق شبكة البنوك المراسلة للحدّ من المخاطر المصاحبة وتعزيز الضوابط والعمل على توسيع نطاق التغطية لكافة عملائها بالإضافة إلى التوسع الجغرافي، وإمتلاك البنوك نظام مراقبة آلي فاعل للكشف عن الأنشطة المشبوهة أو غير الإعتيادية ، والعمل على تحليل التحذيرات الخاصة بالمعاملات الصادرة عن النظام والتحقيق فيها ، وإرسال التبليغات اللازمة للسلطات المعنية وفقاً للمتطلبات القانونية والتنظيمية المحلية».
وختم سعيد داعياً إلى «إيلاء البنوك عناية خاصة للعمليات المعقدة وكبيرة الحجم التي ليست لها غرض إقتصادي واضح أو غير قانوني منظور، وإلتزام البنوك إجراءات فحص تعليمات الدفع، إضافة إلى القوائم التي توفرها السلطات المعنية المختصة».
عقل: الإمتثال المصرفي بات عملاً رئيسياً في العمل المصرفي الأردني
تحدثت نائب المدير العام لبنك الإتحاد، الأردن ديمه مفلح عقل فقالت إن «فريق عمل الإمتثال – «الإلتزامات المصرفية القانونية» باتت مضاعفة في المصارف عموماً، ولا سيما في المصارف الأردنية نظراً إلى أهمية دورها في العمل المصرفي، بإعتبار أنها باتت الهم الرئيسي للمصارف، وتالياً فقد زادت مصروفاتها نتيجة زيادة عدد الموظفين». وقالت عقل: «إن فريق عمل «الإمتثال» بات عملاً مضاعفاً ورئيسياً لمراقبة العمليات المصرفية، وإذا ما كانت معرّضة لأخطار معينة».
أضافت عقل: «إن دور المصارف منذ نحو 15 عاماً كان محصوراً في النواحي الإقتصادية، في حين بات اليوم هذا الدور موسعاً نحو القضايا السياسية والأمنية بإعتبار أن ثمة عمليات مصرفية قد تكون متعلقة بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب».
وخلصت عقل إلى القول: «إن التشريعات القانونية العالمية المتعلقة بالعمل المصرفي باتت معقدة جداً، مما أدى إلى البطء في النمو الإقتصادي، والحد من الشمول المالي عموماً، وحرمان المجتمعات الفقيرة والمحدودة الدخل من الخدمات المصرفية الضرورية».
عوده: الجزء الأكبر من غلق الحسابات المصرفية موجود في الولايات المتحدة الأميركية
لفت مدير إدارة البحوث في إتحاد المصارف العربية الدكتور علي عوده إلى المبادرات والدراسات التي قام بها أخيراً إتحاد المصارف العربية حيال تقييم الـ (De-Risking) في المنطقة العربية، فضلاً عن مبادرات البنك الدولي والصندوق الآسيوي للتنمية في هذا الشأن».
وقال: «إن نشأة تقليص المخاطر أو الـ (De-Risking)، أتت جراء قيام المصارف الدولية الكبرى بقطع العلاقات أو تقليص المخاطر مع جهات مصرفية، أو دول أو شركات تحويل أموال أو أفراد»، مشيراً إلى «أن سبب ذلك يعود إلى الضغوط الرقابية التي تقوم بها المصارف المركزية والجهات الدولية التي تتعلق بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب والقانون الأميركي المتعلق بالضرائب «فاتكا»».
وخلص عوده إلى «أن الجهات الدولية المتعددة قامت بدرس ظاهرة «تقليص المخاطر» أخيراً في جميع المصارف في العالم، ولا سيما حول طبيعة عمل هذه المصارف، وعملائها وغير ذلك»، معتبراً «أن معظم الدراسات الدولية التي حللت موضوع «تقليص المخاطر» كانت عبر إستبيانات معينة، هي عبارة عن أسئلة قُدمت على سبيل المثال من إتحاد المصارف العربية (بالتعاون مع صندوق النقد الدولي) إلى المصارف العربية عينها»، مشيراً إلى أنه «نتيجة هذا الإستبيان تبين أن عدداً من المصارف العربية قامت بتقليص تعاملها مع مصارف عربية أخرى بداعي «تقليص المخاطر» (De-Risking)، مما يؤكد أن ظاهرة تقليص المخاطر لم تعد حكراً على العلاقات المصرفية الدولية – العربية، إنما باتت موجودة في ما بين المصارف العربية عينها»، ملاحظاً «أن البنك الدولي استهدف دولاً عبر إستبيانات (أسئلة) معينة، إذ تبين في نتيجتها أن مؤسسات تحويل الأموال هي أكثر المؤسسات المصرفية التي تتعرض دولياً إلى ظاهرة «تقليص الأخطار» أي الـ (De-Risking)»، مؤكداً «أن الجزء الأكبر من ظاهرة إقفال الحسابات المصرفية من قبل المصارف المراسلة، يتركز في الولايات المتحدة الاميركية، بإعتبار أن الأخطار باتت أكبر من الارباح».
الجلسة الثانية
«التشريعات الدولية الهادفة إلى الحد من تداعيات إعتماد سياسة تجنب المخاطر»
تناولت الجلسة الثانية «التشريعات الدولية الهادفة إلى الحد من تداعيات إعتماد سياسة تجنب المخاطر»، تحدث فيها كل من: المدير التنفيذي لدائرة الإستقرار المالي في البنك المركزي الأردني محمد العمايرة، ومستشار البنك الدولي والمدير العام لشركة Colombos Training، تونس الدكتور أيمن الريس، ومدير إدارة البحوث في إتحاد المصارف العربية الدكتور علي عوده. أدار الجلسة رئيس القسم الإقتصادي في جريدة «السفير» اللبنانية عدنان الحاج.
العمايرة: لحوار مصرفي عربي – دولي لفهم توجه السلطات الرقابية الدولية
تحدث المدير التنفيذي لدائرة الإستقرار المالي في البنك المركزي الأردني محمد العمايرة، فقال: «إن موضوع «تجنب المخاطر» (De-Risking)، يحتاج إلى تعاون وتعزيز الحوار العربي – العربي، والعربي – الدولي ولا سيما مع السلطات الرقابية العالمية والبنوك المراسلة الدولية في الولايات المتحدة الاميركية بغية التوصل إلى فهم مشترك حيال هذه الظاهرة، وهل هي لفترة موقتة أو ستزداد هذه الظاهرة مستقبلاً».
وقال العمايرة: «إن الأزمة المالية العالمية جعلت المصارف متحفظة أكثر حيال المخاطر بغية تجنبها أو التحفظ في المضي بها، مما جعل عملية الإمتثال والإلتزام ذات كلفة عالية جداً، وقد لا نستطيع تحمله مصرفياً، مما يؤثر على سمعة المصرف»، مشيراً إلى «أنه كيف يمكن أن نوفق بين الشمول المالي والوصول إلى أكبر شريحة من العملاء وظاهرة «تجنب المخاطر»، مما يؤدي إلى تضارب المفاهيم، فضلاً عن البُعد الثالث للمسألة وهو الإستقرار المالي».
وختم العمايرة «إننا في المصارف الاردنية نستخدم مفاهيم تعزيز الخدمات المالية للوصول إلى الأفراد، وتعزيز الإستقرار المالي، وتالياً تعزيز المستوى المعيشي للأفراد، في ظل بنى تحتية حقيقية، وقواعد الإمتثال الحقيقية، مما يؤدي إلى سياسة متكاملة للمصارف عموماً».
الريس: مصطلح «تجنب المخاطر، أو تقلصها»
(De–Risking) بات أكثر إنتشاراً في المؤسسات المالية
أشار مستشار البنك الدولي والمدير العام لشركة Colombos Training، تونس الدكتور أيمن الريس، إلى «أن ممارسة خروج العملاء من العمليات المصرفية عالمياً ليس مفهوماً جديداً، إذ إن هذا الخروج لأي سبب كان، إستخدمه العديد من المؤسسات المالية سابقاً». وقال الريس: «في الآونة الأخيرة، بات مصطلح «تجنب المخاطر، أو تقلصها» – (De-Risking) أكثر إنتشاراً في المؤسسات المالية».
أضاف الريس: «وفق قاموس «كامبردج»، فإن مفهوم التخلص من خطر معين، يعني أن أصنع شيئاً أكثر أماناً عن طريق الحد من إمكانية أن ذلك الشيء سيئ، وتالياً ستضيع من جرائه الأموال مستقبلا»، مشيراً إلى أنه «يمكن تعريف «تجنب المخاطر» حيال الخدمات المالية، بأنها ممارسة خروج العملاء أو النماذج التجارية المعينة من العمل المصرفي على أساس أن ما يقدمه هؤلاء العملاء بات على مستوى غير مقبول من جراء مخاطر غسل الأموال».
عوده: «تجنب المخاطر» يعود إلى ضعف الرقابة المصرفية ما قبل الأزمة المالية العالمية عام 2008
تحدث مدير إدارة البحوث في إتحاد المصارف العربية الدكتور علي عوده فقال «إن سبب قيام موضوع «تجنب المخاطر – (De-Risking) يعود إلى عام 2008، وذلك نتيجة ضعف الرقابة المصرفية ما قبل الأزمة المالية العالمية والتراخي من المؤسسات المصرفية والمالية، التي قامت بعمليات عالية المخاطر أدت إلى الأزمة المالية المتعارف عليها، لذا نتيجة هذه الأزمة شعرت الجهات الرقابية الدولية بعقدة ذنب تجاه تقصير ما في أدائها، وأنها لم تقم بواجبها، فقامت بمعاقبة المصارف العالمية متخذة من قوانين مكافحة تبييض الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب ذريعة لمعاقبة هذه المصارف».
أضاف عوده: «انطلاقاً مما تقدم، بدأت الجهات الرقابية بالضغط على المصارف حيال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، فجرى قطع العلاقات المصرفية بين المصارف المراسلة والمصارف الاخرى، بناء لمعايير غير مفهومة، إذ لم يفصح أي مصرف أميركي أو أوروبي عن معيار واضح حيال قطع هذه العلاقات المصرفية مع مصرف آخر، وذلك إنطلاقاً من فكرة «تخفيف المخاطر أو تقليصها».
وخلص عوده إلى القول: «إن موضوع «تجنب المخاطر» – (De-Risking) ينبغي ألا يكون مبرراً للمصارف بأن تقوم بقطع علاقاتها المصرفية مع الدول أو المناطق أو المصارف أو الافراد. إلا أن واقع الحال يفيد بأن موضوع «تجنب المخاطر» (De-Risking) مستمر ويكبر».
اليوم الثاني/الجلسة الأولى
«مواجهة البنوك العربية لمسألة تجنب المخاطر»
ترأس الجلسة الأولى حول «مواجهة البنوك العربية لمسألة تجنب المخاطر»، نائب محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور عادل شركس، تحدث فيها كل من: مدير إدارة الإلتزام بالمتطلبات الرقابية في البنك العربي مايكل ماتوسيان، مدير إدارة الإمتثال في بنك الأردن لانا البريشي ومدير إدارة المخاطر والتأمين في الشركة الوطنية موبايل، فلسطين الدكتور رياض جدال.
شركس: ظاهرة «تجنب المخاطر» سيكون لها آثار سلبية على القطاع المالي
تحدث نائب محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور عادل شركس فقال: «إن مسألة «تجنب المخاطر» (De-Risking) تتجه نحو الإزدياد في المصارف عالمياً، إذ إن بنك «ستاندرد تشارترد» أقفل أخيراً أكثر من 70 ألف حساب مصرفي تعود إلى عملائه على مستوى العالم، وHSBC أغلق أكثر من 326 حساباً مصرفياً لبنوك مراسلة، وتالياً فإن هذه الظاهرة سيكون لها آثار سلبية كبيرة على القطاع المالي والنمو الإقتصادي»، مشيراً إلى «أن أي بنك لم يعد في مقدوره التعاون مع بنك مراسل، سيبقى مصرفاً محلياً، وتالياً لن يستطيع أن ينفذ عمليات تجارية».
ماتوسيان: لإجراء حوار بين القطاعين العام والخاص بغية الحد من إجراءات الإنفاذ ضد البنوك
لفت مدير إدارة الإلتزام بالمتطلبات الرقابية في البنك العربي مايكل ماتوسيان، إلى «أهمية إجراء حوار منتظم بين القطاع المصرفي والبنوك المراسلة في جو من الشفافية الكاملة في ما يتعلق بالكشف عن المخاطر التي تواجهها البنوك عموماً والبحث عن نوعية العملاء بعيداً عن «شبهات» تبييض الأموال ومكافحة الإرهاب».
وقال ماتوسيان: «ينبغي مواصلة الحوار بين القطاعين العام والخاص وإشراك الهيئات التنظيمية لتحديد الملاذ الآمن، والحد من إجراءات الإنفاذ (المخاطر) ضد البنوك التي تبذل جهوداً حسنة النية في هذا الشأن»،
وخلص ماتوسيان إلى «ضرورة وضع توجيهات معينة للتنفيذ حيال البنوك المراسلة، بغية المحافظة على العلاقات المصرفية المتوازنة في ما يتعلق بكشف المخاطر العالية، وتطبيق المعايير الدولية في سبيل مكافحة جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب».
البريشي: توفير الثقة بين الدولة والمصارف
تحدثت مدير إدارة الإمتثال في بنك الأردن لانا البريشي عن البنوك المراسلة في ما يتعلق بـ»تجنب المخاطر» De-Risking وعلاقتها بالمصارف العربية. وقالت: «إن المسألة تتعلق بتوفير الثقة بين الدولة (السلطات الرقابية) من جهة، والمصارف (بذل الجهود) من جهة أخرى»، مشيرة إلى «أن المسبب الأول لبروز مسألة «تجنب المخاطر» هو الإضطرابات السياسية في منطقة الشرق الأوسط مما أدى إلى إرتفاع المخاطر داخل الدولة ودفع البنك المراسل إلى إتخاذ إحتياطات «تجنب المخاطر تجاه البنوك العربية».
ولفتت البريشي إلى «أن الدول العربية عموماً تأثرت بالإضطرابات السياسية الأخيرة التي نجم عنها نزوح هائل، فيما كل دولة عربية على حدة ليست لديها نظرة موحدة مع بقية الدول العربية الأخرى تجاه الشؤون المصرفية والمالية وغيرها، مما يتطلب وجوب إعادة النظر في التعامل مع الأمور في ظل تعاظم الخدمات المصرفية من خلال التقدم التكنولوجي الحاصل عالمياً».
وخلصت البريشي إلى «أهمية توحيد جهود المصارف العربية حيال الخدمات المصرفية التي تُصنف بأنها عالية المخاطر، كإصدار دليل إرشادي موحد يشرح الأخطار التي يمكن أن تتعرض لها المصارف والمعايير المتبعة لمجابهتها»، مشيرة إلى «تخوف القطاع المصرفي من التعامل مع نوعية معينة من العملاء كشركات الصرافة والجمعيات الخيرية، مما يفرض قيوداً معينة تجنباً للمخاطر».
وختمت البريشي: «إن وظيفة دائرة الإمتثال لا تكمن في تحقيق الإمتثال في البنك، إنما دورها ينحصر في التحقق من إمتثال البنك، بإعتبار أن وظيفة الإمتثال في حد ذاتها تعود إلى جميع موظفي البنك من رأس الهرم إلى أصغر موظف مصرفي».
جدال: تشابك العمل المصرفي يحتم تعزيز الثقافة المؤسسية في إدارة المخاطر
أخيراً أوضح مدير إدارة المخاطر والتأمين في الشركة الوطنية موبايل، فلسطين الدكتور رياض جدال «أن تطور وتشابك العمل المصرفي خلف الحدود، وواقع البنوك العربية الراهن في مجال إدارة المخاطر، يُحتم عليها بذل المزيد من الجهود لتعزيز الثقافة المؤسسية في إدارة المخاطر».
وقال جدال: «إن الثقافة المؤسسية الفاعلة في إدارة المخاطر تتعدى مفهوم الإلتزام والإمتثال لتعليمات السلطات الرقابية إلى منهجية عمل منظمة على كافة المستويات الإدارية في البنوك، إذ تؤتي ثمارها على واقع المصارف بازدياد قيمتها حيال إدراك القيمة الحقيقية لممارسة هذا النهج الإداري المصرفي الحديث في واقع العمل اليومي»، مشيراً إلى «أن الثقافة المؤسسية الضعيفة في عملية إدارة المخاطر في المؤسسات (ومن ضمنها البنوك العربية) يترتب عليها العديد من المخاطر والسلبيات أبرزها: زيادة أعباء العمل وتأخير الإنجاز باعتبار أن إدارة المخاطر هي عمل مواز للعمل الاعتيادي في البنوك وليس من صميم الاعمال اليومية».
وخلص جدال إلى «أن ثمة معايير عدة يمكن تناولها لتعزيز ثقافة إدارة المخاطر في المؤسسات وذلك من خلال الدور الذي تلعبه الإدارة التنفيذية في المؤسسة بصفتها المسؤول عن عملية إدارة المخاطر (كمخاطر وإجراءات رقابية) أبرزها: إعداد الهيكل التنظيمي المناسب لعمل البنك وحجمه وطبيعة نشاطه وتوضيح كافة المسؤوليات والمهمات لجميع الأدوار بحيث لا يكون هناك أي تداخل بالمسؤوليات والصلاحيات واعتماده من مجلس الإدارة ووضعه موضع التنفيذ».
اليوم الثاني/الجلسة الثانية
«دور السلطات الرقابية في مساعدة المصارف العربية على إحتواء تداعيات تجنب المخاطر»
تناولت الجلسة الثانية «دور السلطات الرقابية في مساعدة المصارف العربية على إحتواء تداعيات تجنب المخاطر»، تحدث فيها كل من نائب حاكم مصرف لبنان الدكتور سعد العنداري، ومدير مديرية الإشراف البنكي في بنك المغرب الحسن بن حليمة. أدار الجلسة المدير العام لجمعية البنوك في الأردن الدكتور عدلي القندح.
قندح: تزايد ظاهرة تجنب المخاطرة يساهم في زيادة عزلة بعض المجتمعات عن النظام المالي العالمي
تحدث المدير العام لجمعية البنوك في الأردن الدكتور عدلي قندح فقال: «إن مفهوم تجنب المخاطرة De Risking يشير إلى قيام المؤسسات المالية بإنهاء علاقاتها وإغلاق حسابات العملاء الذين تعتبرهم مرتفعي المخاطر». وقال قندح: «لقد جاء هذا التوجه كنتيجة لمجموعة من العوامل بما فيها انخفاض الربحية، المخاوف المتعلقة بالسمعة، ارتفاع التدقيق على مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ارتفاع تكاليف وأعباء الامتثال وارتفاع الغرامات والعقوبات المفروضة على المؤسسات المالية».
أضاف قندح: «يساهم تزايد ظاهرة تجنب المخاطرة في زيادة عزلة بعض المجتمعات عن النظام المالي العالمي، تقويض أهداف مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فضلاً عن أنها تتعارض مع توجهات الاشتمال المالي»، مشيراً إلى «أن الفهم الخاطئ لتعليمات وقواعد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ينعكس في قيام المؤسسات المالية بإنهاء علاقاتها مع العملاء ذوي المخاطرة المرتفعة، وقد يصبح الأمر أكثر شدة حينما تقوم المؤسسات المالية، وخصوصاً البنوك المراسلة، بإنهاء علاقاتها مع دول ومناطق بأكملها، وهو ما يتسبب في زيادة ظاهرة تجنب المخاطر. أما الفهم الصحيح لقواعد وتعليمات وإجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب فينبغي أن يساهم في زيادة الشمول المالي وليس اللجوء لتجنب المخاطر، كما أن إنهاء العلاقات مع العملاء ذوي المخاطر المرتفعة وإغلاق حساباتهم قد يدفع هؤلاء العملاء لتنفيذ معاملاتهم المالية من خلال القنوات غير الرسمية وهي التي يصعب تتبعها ومراقبتها مقارنة بالأنظمة المالية الرسمية، وهذا يتعارض تماماً مع أهداف مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويزيد من ظاهرة بنوك الظل «Shadow Banking».
وختم قندح: «إن ظاهرة تجنب المخاطرة ليست محلية أو إقليمية، إنما ظاهرة عالمية تنتشر على امتداد النظام المالي العالمي، وتالياً فإن التصدي لهذه الظاهرة يتطلب جهوداً دولية مشتركة من الجهات الرقابية والإشرافية، أبرزها: وجود إدارة مخاطر قوية وفاعلة، وإيجاد ضوابط رقابية وإشرافية واضحة، وضمان إستمرارية تدفق المعاملات المالية من خلال القنوات الرسمية والمنظمة، وتطوير السياسات والإجراءات التي تسهل من تشخيص ظاهرة تجنب المخاطر، بما في ذلك النشر الدوري للتقارير والبيانات المجمعة عن ممارسات تجنب المخاطرة، وتزويد النهج القائم على المخاطر بقواعد وأسس واضحة تبين تماماً متطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب للعملاء ذوي المخاطر العالية».
العنداري: السلطات المالية في لبنان تهتم لإحتواء تداعيات تجنب المخاطر
لفت نائب حاكم مصرف لبنان الدكتور سعد العنداري إلى «أن الوضع الرقابي المصرفي في لبنان يتميز بوضع فريد، إذ إن مصرف لبنان المركزي يعمل بإستقلالية تامة عن السلطات المالية والسياسية، كذلك لجنة الرقابة على المصارف مستقلة عن البنك المركزي، رغم أنها تضع تقاريرها الرقابية بالتنسيق مع البنك المركزي. في حين نجد أن الرقابة في العديد من الدول العربية تابعة للبنك المركزي».
وقال العنداري: «لدينا في لبنان هيئة تحقيق خاصة يرأسها حاكم البنك المركزي تُعنى بموضوع تبييض الأموال، كذلك لدينا هيئة أسواق رأس المال برئاسة حاكم المركزي أيضاً رغم أنها تعمل بشيء من الإستقلالية عن البنك المركزي، وأخيراً لدينا هيئة مصرفية عليا وهي أهم محكمة مالية في لبنان، ولا يحق لأي سلطة أخرى في لبنان مراجعة قراراتها»، مشيراً إلى «أن السلطات المالية في لبنان تهتم لإحتواء تداعيات تجنب المخاطر، ونحن في المصرف المركزي نعمل بالتعاون مع المصارف بغية تطوير إطار الحوكمة، المخاطر، الإمتثال، والتدقيق الداخلي (أو الرقابة الداخلية)».
وخلص العنداري إلى «أنه علينا أن نتواصل مع أحد مكاتب المحاماة الأميركية في نيويورك لمساعدتنا على فهم مضمون الدعاوى التي تُرفع ليس ضد مصرف عربي فحسب، إنما ضد مصارف دولية أخرى بغية رفع الضيم عن مصارفنا في حال تعرضت لظاهرة «تجنب المخاطر»، في سبيل مساعدتنا في هذا الشأن».
بن حليمة: وجوب الحوار مع المنظمات الدولية بغية تقليص ظاهرة تخفيف المخاطر
تناول مدير مديرية الإشراف البنكي في بنك المغرب الحسن بن حليمة تعريف ظاهرة «تخفيف المخاطر» De-risking فشرح أنها «تقليص أو إنهاء التعامل وقطع العلاقة مع العملاء، وخصوصاً مع البنوك المراسلة، عوضاً عن تطبيق متطلبات العناية الواجبة، تجنباً للمخاطر المحتملة التي قد تنطوي على التعامل مع كل منهم»، مشيراً إلى أنه «إثر الأزمة الاقتصادية، قامت السلطات التنظيمية الأميركية بتعزيز الرقابة على المؤسسات المالية، عبر وضع قوانين أكثر صرامة تهم مجال محاربة تبييض الأموال و تمويل الإرهاب».
ودعا بن حليمة في سبيل تقليص ظاهرة تخفيف المخاطر، «إلى الحوار المستمر مع المنظمات الإقليمية والدولية من أجل وضع الحلول الموافقة، وتعزيز التنسيق بين سلطات الإشراف المصرفي وتبادل المعلومات حول الامتثال للقوانين والمعايير الدولية. كذلك يجب على البنوك المراسلة أن تعطي مهلة للبنوك الاخرى من أجل الامتثال للمعايير الدولية قبل قطع العلاقات مع البنوك المحلية، ووضع الآليات المناسبة وتعزيزها من أجل السهر على الامتثال لجميع المعايير التنظيمية الدولية»، كما دعا إلى «أن تُتخذ عقوبات مباشرة تجاه المصارف المعنية بدل إنهاء العلاقات بـ»طريقة الجملة»، مما يؤدي إلى إنسحابها من التعامل مع فئات كاملة من العملاء، أو خطوط الأعمال، أو حتى الأقاليم، ووضع نظام تنقيط عالمي يُمكّن من تقييم مدى ملاءمة كل بلد للمعايير الدولية على غرار التقييم الثنائي الذي يقوم به البنك الدولي وصندوق النقد الدولي».
ورقة عمل
وفي المنتدى قدم المدير الرئيسي في شركة Price Waterhouse Coopers محمد وسيم عراجي، ورقة عمل حول «التوجهات العالمية والتشريعات الجديدة المتعلقة بمكافحة التهرب الضريبي وعلاقتها بمسألة تجنب المخاطر» تناول فيها قانون الإمتثال الأميركي «فاتكا»، شارحاً عملية إقتطاع الضرائب من المنبع الذي كان «نواة» قانون «فاتكا».
توصيات منتدى «تعزيز الأطر الإشرافية والتنظيمية
وتجنب المخاطر المتعلقة بالبنوك المراسلة De-Risking»
دعت التوصيات الصادرة في ختام منتدى «تعزيز الأطر الإشرافية والتنظيمية وتجنب المخاطر المتعلقة بالبنوك المراسلة de-risking، إلى «العمل على إنشاء «مجموعة مصرفية» مؤلفة من مصرفيين وعاملين من المصارف المركزية العربية، تهدف إلى التنسيق بين المصارف العربية في ما بينها وبينها وبين المصارف العالمية، ولوضع تعريف موحد لمفاهيم ومخاطر الإمتثال، وتوحيد هذه المفاهيم»، داعية إلى «إنشاء لوبي مصرفي عربي لمواجهة ومنع قيام المصارف العالمية بقطع علاقاتها مع المصارف أو المؤسسات المالية العربية».
جاءت هذه التوصيات بعد حفل إفتتاح المنتدى الذي إنعقد يومي 16 أيار/مايو 2016 و17 منه تحت رعاية محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور زياد فريز، ونظمه إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع البنك المركزي الأردني، وجمعية البنوك في الأردن، في فندق كمبسكي – البحر الميت، الأردن، في حضور عدد كبير من المصرفيين الأردنيين ومن الدول العربية.
وأهم التوصيات هي التالية:
العمل على إنشاء «مجموعة مصرفية» مؤلفة من مصرفيين وعاملين من المصارف المركزية العربية، تهدف إلى التنسيق بين المصارف العربية في ما بينها وبينها وبين المصارف العالمية، ولوضع تعريف موحد لمفاهيم ومخاطر الإمتثال، وتوحيد هذه المفاهيم.
التنسيق بين الجهات الرقابية والتنظيمية العربية، لمواجهة مخاطر سياسة « تجنب المخاطر».
إنشاء لوبي مصرفي عربي لمواجهة ومنع قيام المصارف العالمية بقطع علاقاتها مع المصارف أو المؤسسات المالية العربية.
تبادل الزيارات بين المصارف المراسلة والمصارف العربية للتأكد من قيام الأخيرة بتطبيق دقيق لجميع المعايير والتشريعات والقواعد التي ترعى العمل المصرفي، وخصوصاً قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتهرب الضريبي.
التأكيد على مخاطر ظاهرة «تجنب المخاطر» على سياسة الشمول المالي في المنطقة العربية، والسعي إلى الإستمرار في سياسات تعزيز الشمول المالي.
حث أعضاء إتحاد المصارف العربية وجمعيات البنوك العربية على رفع مقترحاتها وإيصال صوتها إلى مجالس إداراتها وأماناتها العامة تمكيناً لها للقيام بالمبادرات والإجتماعات سعياً للحفاظ على مصالح المصارف العربية، والدفاع عنها في المحافل الدولية.
تعزيز إدارات الإمتثال والمخاطر والتدقيق في المصارف العربية لضمان حماية المصارف العربية من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
تكليف مكتب إستشارات قانونية ومالية عالمي لتقديم المشورة للمصارف العربية حول الإجراءات والتدابير القانونية التي قد تتخذ ضد المصارف العربية من غير وجه حق.
في الختام، تقدم المنتدون بالشكر الجزيل للمملكة الأردنية الهاشمية، ملكاً وحكومة وشعباً، على إستضافتهم الكريمة للمنتدى، متمنين لهم دوام الخير والتقدم والإزدهار.