نظمه إتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب
منتدى «مخاطر العقوبات والتعامل مع القضايا الحرجة في مكافحة غسل الأموال»:
تتطلع المصارف العربية الى مزيد من عمليات الدمج وإعادة الهيكلة
وإعتماد هندسات مبتكرة بغية التقليل من المخاطر
(من اليمين): الأمين العام لهيئة التحقيق الخاصة، لبنان، عبد الحفيظ منصور، عضو لجنة المال والموازنة في مجلس النواب اللبناني النائب ياسين جابر، رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزف طربيه، الأمين العام المساعد السفير حسام زكي والأمين العام لإتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح
يُشكل موضوع غسل الأموال وتمويل الإرهاب هاجساً لدى البنوك المركزية والجهات الرقابية، مما يدفعها إلى تطبيق منهج إحصائي قائم على المخاطر، بغية الحفاظ على النظام المالي والمصرفي، من خلال إستخدام التكنولوجيا في الكشف المبكر عن مخاطر عدم الإمتثال. في هذا السياق نظم إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، منتدى «مخاطر العقوبات والتعامل مع القضايا الحرجة في مكافحة غسل الأموال» في العاصمة اللبنانية بيروت، على مدار يومين، متبعاً قواعد التباعد الإجتماعي بسبب جائحة كورونا.
وشارك في المنتدى، أكثر من 150 شخصية، من كل من: الكويت، سلطنة عُمان، العراق، قطر، مصر، السودان ، ليبيا، الأردن ولبنان، على مستوى حكام المصارف المركزية، ورؤساء مجالس الإدارات والرؤساء التنفيذيين، فضلاً عن ضباط مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومدراء التدقيق الداخلي، وقسم العمليات (التحويلات، مديرو الفروع، وتمويل التجارة)، ومسؤولي المخاطر والتدقيق الداخلي، وخدمة العملاء، والمدققين الخارجيين، وخبراء الحوكمة والمخاطر والإمتثال، ومدراء المخاطر والإدارة الوسطى في المؤسسات المالية.
وتناول المنتدى الشراكة بين القطاعين العام والخاص لمكافحة الجرائم المالية، وتطبيق متطلبات مكافحة غسل الاموال وتمويل الإرهاب المتوافقة مع الشمول المالي، والمخاطر الناشئة عن غسل الأموال وتمويل الإرهاب في ظل جائحة فيروس كورونا.
وتحدث في كلمات الإفتتاح كل من رئيس مكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية والأمين العام المساعد السفير حسام زكي، ورئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزف طربيه، والأمين العام لإتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح، والأمين العام لهيئة التحقيق الخاصة، لبنان، عبد الحفيظ منصور، وعضو لجنة المال والموازنة في مجلس النواب اللبناني النائب ياسين جابر. علماً أنه شارك في الحضور عن بُعد (عبر تقنية الفيديو) من دولة الكويت، رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية الشيخ محمد الجراح الصباح.
كما شارك في حضور الإفتتاح، أعضاء مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية في مقدمهم: طارق فايد الرئيس التنفيذي لبنك القاهرة، وعبد الرزاق الترهوني المدير العام لمصرف الجمهورية، إضافة إلى العديد من المسؤولين في القطاع المصرفي العربي وخصوصاً المصارف الليبية التي حرصت على المشاركة والرعاية رغم الظروف التي يشهدها بلدهم ليبيا.
وتخلَّل الإفتتاح، تكريم رئيس إتحاد بنوك مصر محمد محمود الأتربي لمناسبة نيله جائزة «فخر العرب 2020» ولدعمه المستمر لإتحاد المصارف العربية. وتزامن إنعقاد المنتدى مع حفل العشاء السنوي للإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، والذي أتاح فرصة اللقاءات الثنائية بين قيادات المصارف العربية والمصارف اللبنانية.
يشار إلى أنه إثر إنتهاء كلمة الأمين العام لإتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح، جرى عرض فيلم قصير يوثّق الأضرار التي تعرّض لها مقرَّ إتحاد المصارف العربية جرّاء إنفجار بيروت، وقد إستطاع فريق عمل الصيانة في الإتحاد وخلال 48 ساعة فقط أن يُعيد المقرّ الرئيسي للإتحاد صالحاً للعمل بشكل طبيعي، رغم إستمرار أعمال الترميم حتى تاريخه.
زكي: جرائم غسل الأموال تحتم على الدول
العربية مزيداً من التعاون وتبادل الخبرات
في الكلمات، تحدث رئيس مكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية والأمين العام المساعد السفير حسام زكي فقال: «إن المنطقة العربية تواجه تحدّيات جساماً في مجال مكافحة غسل الأموال، فبالإضافة إلى التحديات التقليدية كضعف السيطرة على عمليات التهريب على الحدود، وضعف التشريعات، وقلة العناصر البشرية المؤهلة، هناك تحديات أخرى جديدة معقدة، فرضها الواقع الذي نعيشه».
وأشار السفير زكي إلى «ثلاثة أمور مهمة هي: الأول: أن الفكر الإجرامي لغسل الأموال يتنامى ليتأقلم مع ما تُتيحه العولمة وثورة المعلومات من سهولة في إنتقال الأموال، والثاني: أن بعض دولنا العربية مرّت يا للأسف الشديد، بأزمات وجودية. وشهدت أحداثاً جسيمةً خلال العقد المنصرم عصفت بمقومات الدولة. وإستولت مجموعات إرهابية على السلطة المحلية. بل وأقامت تحالفات مع الشبكات الإجرامية العابرة للحدود لبيع كل ما يمكن بيعه من بشر وآثار ومخدرات وبترول. إن الأمر يحتاج في تلك الدول وبشكل سريع إلى حلول سياسية تنهي حالة الإحتراب، وتُعيد قوام الدولة من خلال خطط محكمة لإعادة بناء قدراتها على أسس سليمة. والثالث: أن قوى عظمى صارت تتوسع مؤخراً في فرض معايير جديدة في قوانينها الداخلية توجب على جميع الدول اتباعها، وأنها وسعت، بداعي مكافحة الإرهاب وغسل الأموال، من نطاق إختصاص قضائها الوطني ومجال تطبيق قوانينها الداخلية ليتجاوز حدودها الجغرافية بشكل يعتبره البعض مساساً بسيادة الدول وأداةً للضغط على الحكومات وعقابها. لذلك فقد يكون من المهم التفكير سوياً في ما يتوجب فعله لضمان تجنيب أنظمتنا المالية الآثار الجانبية لتلك الممارسات».
وقال السفير زكي: «إن جرائم غسل الأموال تُحتّم على الدول العربية مزيداً من التعاون وتبادل الخبرات لتعزيز تعاونها البيني في مكافحة الجريمة العابرة للحدود الوطنية وتطوير مؤسساتها الوطنية داخلياً لتتأقلم مع تطور الجريمة المالية، وهو ما يستدعي تعاوناً أفقياً مفتوحاً لتشكيل مجموعات عمل مشتركة تتعاون فيها الجمارك والشرطة والقضاء والمصارف والدبلوماسية».
وقال رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب ورئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية الدكتور جوزف طربيه: «يولي المجتمع الدولي في وقتنا الحاضر موضوع «مخاطر العقوبات والتعامل مع القضايا الحرجة في تبييض الأموال»، أهمية قصوى، ولا سيما في ضوء التحديات والتغيُّرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، وما تتطلبه من مواكبة على صعيد آليات عمل السلطات التشريعية والرقابية والأمنية والمؤسسات المالية، وفي ضوء الهشاشة الاقتصادية في بعض الدول التي تجعل من العقوبات أكثر وجعاً وتزيدها إيلاماً الآثار المدمّرة الناتجة عن جائحة كورونا التي غيّرت وجه الإقتصادات وهزّت الإستقرار العالمي».
د. طربيه: قد تتسبب العقوبات على المصارف
(Shadow Banking) والمؤسسات المالية بتنامي ظاهرة صيرفة الظل
أضاف د. طربيه: «لا يُخفى على أحد، أن العقوبات الإقتصادية وما يتبعها من تجميد للأصول وتحقيقات مالية وجنائية، باتت تُستخدم اليوم كسيف مسلّط وسلاح مدمّر على دول العالم كله، تلجأ إليه الدول العظمى للدفاع عن مصالحها السياسية والاستراتيجية بديلاً عن اللجوء الى حروب طاحنة تكبّدها خسائر بشرية وأضرار كبيرة، ويساعدها في ذلك إمساكها بالمفاصل الأساسية للاقتصاد العالمي. ومن أبرز هذه العقوبات، نذكر خمسة قوانين عقوبات وإجراءات كبيرة منها:
– «قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين» (الذي يشمل فرض عقوبات على النظام السوري ومؤسساته والمتعاونين معه، ويستهدف المصانع العسكرية والبنى التحتية والمصرف المركزي في سوريا، كما يسمح بمعاقبة روسيا وإيران في حال استمرارهما في دعم النظام).
– «قانون ماغنيتسكي للمساءلة حول حقوق الإنسان» ( الذي يمنح الرئيس الأميركي صلاحية فرض عقوبات على أي أجنبي متهم بالفساد او بانتهاك حقوق الانسان المنصوص عليها في لائحة حقوق الإنسان الدولية).
– قانون باتريوت Patriot Act (لإعتراض وعرقلة الإرهاب، وقد أقر في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، (وقد مُنح بموجبه مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) ووكالة الإستخبارات المركزية (سي آي أي) صلاحيات واسعة لمراقبة وتفتيش المشتبه فيهم والاطلاع على ممتلكاتهم الشخصية، ورفع العوائق القانونية للتنصت على محادثاتهم الهاتفية، ومراقبة رسائلهم الإلكترونية ومعاملاتهم المصرفية وملفاتهم الطبية).
– قانون مكافحة أعداء أميركا الذي يُتيح فرض عقوبات على إيران وكوريا الشمالية وروسيا. كما أن الإتحاد الأوروبي قد أقر مؤخراً «خطة عمل لحقوق الإنسان والديموقراطية» وهو إطار جديد للعقوبات يمكن استخدامه في حالات التعذيب والعبودية أو العنف المنهجي، الخ…
وسيُعاقب المسؤولون عن مثل هذه الانتهاكات بحظر دخولهم إلى الإتحاد الأوروبي وتجميد أصولهم في أوروبا، كما هي الحال مع جميع أنظمة العقوبات المعمول بها في الإتحاد الأوروبي. ولدى الاتحاد الأوروبي حاليًا أنظمة عقوبات خاصة بدول معينة مثل تلك الخاصة ببيلاروسيا أو روسيا، وثلاثة أنظمة محددة للمعاقبة على استخدام الأسلحة الكيميائية والهجمات الإلكترونية والإرهاب.
والمعلوم أن العقوبات الإقتصادية تنتج مخاطر سمعة كبرى للدول بشكل عام، وللمصارف والمؤسسات المالية بشكل خاص قد تؤدّي الى زوالها من الوجود، تحت شعارات كبرى مثل مكافحة الفساد وغيرها.
وقد تتسبّب العقوبات على المصارف والمؤسسات المالية بتنامي ظاهرة صيرفة الظل (Shadow Banking)، حيث تبرز مشكلة جديدة تتجلى في ظهور قنوات مالية غير خاضعة لأي نوع من أنواع الرقابة.
والحل الموضوعي في هذا المجال، يتطلّب تشدّداً أكثر في الرقابة الداخلية والتوسّع في المعلومات والمعطيات الهادفة إلى تطبيق أشمل لقاعدة «إعرف عميلك»، وتوسيع آليات التنسيق والتعاون ما بين القطاع المصرفي والسلطات الرقابية والقضائية والأمنية. كما تؤدي العقوبات إلى ما يعرف بالتهميش المالي (Financial Exclusion) لفئات كثيرة من المجتمع ما يعيق تقدمها وإزدهارها».
وقال د. طربيه: «يقع عالمنا العربي في عين اللعبة الدولية حيث تتفجر فيه وحوله الصراعات الجيو- سياسية، فمن تصعيد العقوبات على «حزب الله» وتوسيعها، إلى الحرب في ليبيا، إلى الصراع في اليمن، ولا ننسى بالطبع الحرب في العراق وسوريا، وهذه الاخيرة هي من أهم الحروب في القرن الحادي والعشرين. هنا تجد المصارف والمؤسسات المالية العربية نفسها في قلب الحدث، وفي ساحة المعركة، وهنا تجد السلطات الرقابية والسلطات الأمنية والقضائية نفسها في مواجهة مع المنظمات والأفراد الذين يستخدمون القنوات المالية للوصول الى أهدافهم.
ومن المعروف أيضاً أن هذه الإشكالية باتت تُثير قلق جميع المعنيين من مختلف الجهات الرسمية والخاصة. فبتنا ننام على إجراء أو رزمة من الإجراءات ونستفيق على رزمة جديدة من الإجراءات والتشريعات والقوانين، وأصبح هذا الأمر يشكّل هاجساً للجميع، وأصبح علينا جميعاً العمل على متابعة تلك التطورات، والسعي لفهم الإجراءات المفروضة وإستيعابها والإلتزام بها».
وتابع د. طربيه: «هنا برزت التحديات التي علينا أن نستوعبها ونعمل على التعامل معها بما يتناسب مع خطورتها وشموليتها، ونسعى إلى التغلّب عليها. وهنا أيضاً تبرز أهميّة التنسيق ما بين مختلف الجهات المعنية بهذه المسألة. وأهميّة تطوير وسائل المواجهة على مختلف الصعد القانونية والتشريعية والإلكترونية واللوجستية والعلمية والإدارية. ومن البديهي القول: إن هذه اللقاءات الدورية بين مختلف الجهات المعنية بهذا الموضوع، تُشكل فرصة لتبادل الآراء والخبرات بين المشاركين، وتُشكل منصّة للعصف الذهني تُتيح لهم الإستفادة من كل جديد يطرح، وتتم مناقشته في هذا المجال. وليس أفضل من هذه المناسبة لتحقيق الغاية من لقائنا اليوم».
وقال د. طربيه: «بالنسبة للبنان الذي واجه في العام 2020 أحداثاً غير مسبوقة ومتلاحقة على صعيد العقوبات المالية، نتيجة تصعيد الإدارة الأميركية وتعميمها سياسة فرض العقوبات، ففرضت عقوباتها على مصرف «جمال ترست بنك» مما أدى إلى خروجه من السوق المصرفية، كما تناولت العقوبات المالية أيضاً مسؤولين كبار سابقين في الحكومة اللبنانية بإدعاء تعاونهم مع «حزب الله» أو بتهم الفساد.
كل ذلك، إضافة إلى ما يعانيه لبنان من توقفه عن دفع ديونه الخارجية، وما تبعه من إنهيار إقتصادي وتراجع العملة الوطنية، وإنحراف البلد مؤقتاً إلى الإقتصاد النقدي، مع ما يحمله هذا النوع من الإقتصادات من مخاطر وتحديات؛ إلاّ أن القطاع المصرفي اللبناني تابع أداءه ضمن بيئة سياسية واقتصادية وقانونية صعبة، وإتخذ تدابير طوارىء في لبنان بالنسبة إلى تصعيب الحركة الحرة للتحويلات إلى الخارج، كذلك بالنسبة إلى السحوبات النقدية بالعملات الأجنبية. كما تقوم المصارف اللبنانية بتنفيذ خطط إعادة هيكلة وإعادة رسملة ضمن توجيهات البنك المركزي اللبناني وتعاميمه.
وفي كل حال إستطاع القطاع المصرفي اللبناني، تأمين إستمراريته وإستمرارية فروعه خارج لبنان العاملة في أكثر من 30 بلداً، مع ميل بارز إلى الإنكفاء المنظم والخروج من أسواق عدة من خلال بيع بعض الفروع الخارجية أو إقفالها.
كما إستمر البنك المركزي اللبناني وأجهزة الرقابة ومكافحة تبييض الأموال في تأدية مهامها العادية، بما يجنّب لبنان مخاطر تراجع السمعة في ظل الظروف السياسية والإقتصادية المتأزمة».
وخلص الدكتور طربيه إلى القول: «إن لإتحاد المصارف العربية تاريخاً طويلاً في تنسيق الجهود لحماية القطاع المالي الإقليمي والإقتصاد الأوسع من مخاطر تسرّب الأموال القذرة. إننا في إتحاد المصارف العربية، والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، سنحرص دائماً على إعطاء موضوع مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الأهمية القصوى، بإعتباره من أخطر المشكلات التي تؤثر على مسار المهنة المصرفية العربية، وعلى العلاقات بين قطاعنا المصرفي العربي، والمؤسسات الرقابية الدول
فتوح: لا الأزمة اللبنانية ولا جائحة «كورونا المستجدة» إستطاعا
أنّ يعطّلا عمل الإتحاد بل كثفنا الدراسات والأبحاث وتجميع البيانات
المصرفية والقانونية العربية لأكثر من 10 سنوات
وقال الأمين العام لإتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح: «لقد هالنا ما يواجهه بلدنا الحبيب لبنان من تراكم أزمات غير مسبوقة، بدأت ظلالها في الفصل الأخير من العام الماضي، مع بروز أوضاع سياسية معقّدة، وبلغت ذروتها مع توقف لبنان عن تسديد ديونه الدولية للمرّة الأولى في تاريخه، رغم توافر إحتياطات بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان تجاوزت آنذاك الــــ 22 مليار دولار، وإحتياطي من الذهب يقدّر بما يقارب 20 مليار دولار، مما تسبب بإنهيار المنظومة الإقتصادية، وتدهور سعر صرف الليرة اللبنانية، وتزايد الضغوطات على ميزان المدفوعات. وفي ظلّ هذا النفق المظلم الذي دخل فيه لبنان، حصلت كارثة إنفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب/أغسطس الماضي، الذي أودى بضحايا أبرياء، وآلاف الجرحى، وتهجير وتشريد آلاف العائلات، وتدمير نصف المدينة، وخسائر بمليارات الدولارات».
أضاف فتوح: «إننا في إتحاد المصارف العربية نؤمن بلبنان التاريخ والحضارة والعلم والإنفتاح، ونؤمن بدوره العربي الجامع، ونتطلّع إلى عودة هذا الدور الرائد والعريق ضمن العائلة العربية وأمام المجتمع الدولي، ونقدّر عالياً إستضافته وإحتضانه لمقرّ الإتحاد منذ أكثر من 45 عاماً، حيث رسّخ الدكتور جوزف طربيه هذا الإيمان، من خلال مهامه عضواً في مجلس إدارة الإتحاد، ثم رئيساً لمجلس إدارته، ثم رئيساً للجنته التنفيذية، بتثبيت الحجر في الأرض، وإرتفع به صرحاً شامخاً في قلب بيروت العزيزة، وأنجز بدعم من مصارفنا العربية صرحاً مميّزاً لمقرّ جامع لمصارفنا العربية ومصرفيينا العرب، أطلق عليه «البيت المصرفي العربي»، الجامع لكلّ مصرفي عربي.
ولفت فتوح إلى أنه «بدعم من رئيس مجلس إدارة الإتحاد الشيخ محمد الجراح الصباح، وأعضاء مجلس الإدارة، ورئيس اللجنة التنفيذية، حوّلت الأمانة العامة الأزمات إلى فرص، فلا الأزمة اللبنانية، ولا جائحة كورونا المستجدة إستطاعا أنّ يعطّلا عمل الإتحاد، فالأزمة والجائحة بدَّلا من أولوياتنا ولم تُجمّدا نشاطاتنا، حيث قمنا بتكثيف الدراسات والأبحاث، وتجميع البيانات المصرفية والقانونية العربية لأكثر من 10 سنوات، وبلغ عدد المواد القانونية التي تمّ تبويبها أكثر من 54 ألف مادة قانونية ضمن الموسوعة القانونية والتشريعات المصرفية العربية، التابعة للإتحاد وأكثر من 224 دراسة بحثية في مختلف أنواعها، تناولت: جائحة كورونا، والقطاعات المصرفية العربية، والمصارف الإسلامية، وترتيب المصارف بحسب مؤشرات مالية أساسية، ودراسات وأبحاث حول: الشمول المالي – التحويلات المالية وتجنّب المخاطر – الإمتثال – الإقتصاد العالمي – التكنولوجيا المالية والتحوّل الرقمي».
وتابع فتوح: «كما قمنا بتحديث أساليب التدريب في مواجهة الجائحة، والعمل على تطوير شامل للبنية التحتية للمعلوماتية التابعة للإتحاد، تضمنت تطويراً كبيراً لموقع إتحاد المصارف العربية على الشبكة العالمية، وتمّ الاتفاق مع شركة عالمية كبيرة تقدّم خدمات المنصّات الإلكترونية والتواصل المرئي على عقد نشاطات الإتحاد إلكترونياً: وهي مرحلة أطلقنا عليها: Digital Transformation of UAB Activities.
وقد عقد الإتحاد في هذا المجال، أهمّ المؤتمرات على الصعيد الإقليمي والدولي – على سبيل المثال لا الحصر – عُقِدَ مؤتمر عن «الصيرفة الدولية في ظلّ التطورات الجيوسياسية وإنتشار جائحة كوفيد-19» في يونيو/حزيران 2020 بالتعاون مع البنك الإحتياطي الفدرالي الأميركي، وبمشاركة خبراء من وزارة الخزانة الأميركية وصندوق النقد الدولي – ومؤتمر «دعم البنوك المركزية لأسواق رأس المال في ظلّ جائحة كورونا» الذي عقد في سبتمبر/أيلول 2020 بالتعاون مع إتحاد البورصات العربية وصندوق النقد الدولي (IMF) وإتحاد أسواق النقد ورأس المال في أوروبا – ومؤتمر «الفرص الإستثمارية والمصرفية العربية – الأوروبية ما بعد الأزمة» الذي عُقد في أكتوبر/تشرين الأول، بالإشتراك مع مركز فرانكفورت للتمويل المالي، وبمشاركة وزير المالية الفدرالي الألماني، وكبار الشخصيات والخبراء العرب والدوليين وغيرها الكثير من المؤتمرات والمنتديات الهامة.
كما إنضمّ الإتحاد في هذا العام إلى عضوية المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للسياحة – دعماً منه لتنشيط السياحة العربية-العربية؛ بالإضافة إلى إنضمامه إلى مجلس أمناء الجامعة العربية المفتوحة الذي يترأسها صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز.
وأنشأ الإتحاد وحدة جديدة ضمن جهاز الأمانة العامة تحت مسمى: وحدة التحول الرقمي «UABdigital». ووقَّعنا مذكرات تفاهم وشراكات مع أكبر 12 شركة في العالم تقدّم خدمات للتكنولوجيا المالية Fintech، بهدف النهوض بإستراتيجيات التحوّل الرقمي في المصارف الأعضاء لدى الإتحاد، وبناء القدرات للكوادر المصرفية، وتمّ توقيع أيضاً إتفاقية مع المعهد العالمي للإبتكار Global Innovation Institute في مجال التدريب والتطوير، والذي لديه شهادة معتمدة دولياً».
وختم فتوح متقدماً بالشكر والتقدير إلى المصارف والمؤسسات الراعية «التي آمنت بدور إتحاد المصارف العربية وبأهدافه، ونقدّر لهم دعمهم لمسيرته ونشاطاته، وخصوصاً المؤسسات الراعية خلال العام 2020، عام الظروف الصعبة على كافة الصعد، وهم: بنك قطر الوطني، البنك العربي (الأردن)، بنك الكويت الدولي، بنك مصر، بنك القاهرة، مصرف الجمهورية (ليبيا)، المصرف التجاري الوطني (ليبيا)، مصرف التجارة والتنمية (ليبيا)».
منصور: لعل العقوبات الأكثر تأثيراً هي تلك المتعددة الأطراف الصادرة
عن مجلس الأمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة
وقال الأمين العام لهيئة التحقيق الخاصة، لبنان عبد الحفيظ منصور «إن مسألة العقوبات الإقتصادية، وإن إزداد تطبيقها خلال العقد الأخير، إلاّ أنها ليست بجديدة، ولعل العقوبات الأكثر تأثيراً هي تلك المتعددة الأطراف الصادرة عن مجلس الأمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهي ملزمة التطبيق على جميع الدول الأعضاء فيها، وهناك عقوبات متعددة الأطراف صادرة عن الإتحاد الأوروبي (European Union) وهي واسعة النطاق أيضاً، وهناك عقوبات أحادية الجانب (unilateral) تصدر عن دول معينة، كالعقوبات الصادرة عن الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا مثلاً».
وأضاف منصور: «لعل العقوبات التي تصدر عن الولايات المتحدة هي الأكثر غزارة، وقد تكون حسب الحالة بناءً للقوانين الأميركية المعنية مثل: الفقرة 311 من الـ USA PATRIOT ACT، وقانون HIFPA-I وHIFPA-II، وقانون قيصر (Caesar Act)، وInternational Emergency Economic Powers Act (IEEPA)، وقانون ماغنتسكي (Magnitsky act) وغيرها».
وقال منصور: «بعد صدورها، يقوم مكتب مراقبة الأصول الأجنبيةOFAC بتنفيذ ومراقبة تطبيق قرارات العقوبات، ولأجل حسن التنفيد، يصدر المكتب تعاميم توضيحية لضبط آليات وصرامة الإلتزام بالعقوبات الأولية والثانوية، التي تطال أشخاصاً من جنسيات أجنبية وعمليات حاصلة خارج الولايات المتحدة الأميركية».
وتابع منصور: «بالنسبة إلى الجهات المتلقية والمتأثرة بهذه العقوبات من مصارف ومؤسسات مالية، يتوجب الأخذ في الإعتبار مسائل عدة أهمها: التوفيق بين القوائم المختلفة ودمجها وتطبيقها خلال إجراءات العناية الواجبة وعند إجراء العمليات، وتطبيق قوانين وأنظمة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، والحصول على معلومات دقيقة ومحدثة عن العملاء والعمليات، والتحقق من هوية الأشخاص إن كانوا يمثلون أنفسهم أم أنهم أشخاص الظل لآخرين (Shadow individuals) ، وهنا تبرز أهمية تحديد صاحب الحق الإقتصادي أو المستفيد الحقيقي بشكل دقيق».
وقال منصور: «قد تكون الوسيلة الأنجع لمراعاة المسائل الآنفة الذكر، هي بإعتماد برامج إلتزام متكاملة وفعّالة، تحقيقاً لموجبات الإمتثال ترتكز على الأسس والمبادئ التالية:
1- إلتزام إداري رفيع المستوى، أي وجود قرار إداري صادر من قمة الهرم الإداري، أي من مجلس الإدارة، وهذا الأمر يقع في صميم المتطلبات الرقابية ومبادئ الحوكمة الرشيدة، ويساهم في إرساء ثقافة الإمتثال في المؤسسة ككل، وفي تعزيز الإجراءات الداخلية لدى المصرف ويحميها من مخاطر عدم الإمتثال.
2- مبدأ تقييم المخاطر الذي يجب أن يُبنى وينطلق من مخاطر البلد ككل كما خلصت إليه دراسة «التقييم الوطني لمخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في الدولة» ويسقط ذلك على الخدمات والعملاء وجغرافية الأعمال.
3- ضوابط داخلية فعّالة (Internal controls) للتأكد من حسن تطبيق القوانين والأنظمة وإجراءات العناية الواجبة على العمليات، بالإضافة إلى توثيق المستندات الداعمة والتقارير اللازمة.
4-إجراءات المراجعة والتدقيق (Testing and auditing) للعمليات والإجراءات.
5- التدريب المستمر للموظفين والإداريين، للتأكد من معرفتهم للمستجدات والإتجاهات وأبرز التطورات ذات الصلة».
وأشار منصور إلى «أن لإعتماد وتطبيق هذه المبادئ والأسس دوراً أساسياً ومهماً في إقامة وإستمرارية التعاملات مع البنوك المراسلة، كما هي مهمة بالنسبة إلى الهيئات الرقابية، التي تتوقع من المؤسسات المصرفية: أن تكون على علم دائم بكل المسائل المتعلقة بالعقوبات الدولية والالتزامات المتصلة بها، والإمتثال بمتطلبات العقوبات السارية، وإعتماد وتطبيق الأنظمة والضوابط الداخلية المناسبة ومراجعتها بشكل مستمر للحد من المخاطر، وعدم تجاهل الأماكن والجهات المصنفة ذات مخاطر منخفضة، وعدم الإعتماد بشكل تام على وسطاء للقيام بإجراءات العناية الواجبة على العملاء، والتأكد من تدريب الموظفين على المسائل المتعلقة بالعقوبات وأبرز المؤشرات ذات الصلة».
جابر: أصبحت العقوبات سلاحاً فتّاكاً يُدمّر مستقبل أفراد وكيانات ويُركّع دولاً
أما عضو لجنة المال والموازنة في مجلس النواب اللبناني النائب ياسين جابر، فقال «لقد أصبحت العقوبات سلاحاً فتّاكاً يُدمّر مستقبل أفراد وكيانات، ويُركّع دولاً، وتوسّع إستعمال هذا السلاح بشكل مذهل، فلا يمضي يوم إلاّ يُعلن فيه عن عقوبات على أفراد أو كيانات أو دول، وفي هذه الأيام أصبحت ما يُسمّى بالحروب الناعمة التي تُخاض من خلال سلاح العقوبات في بعض الأحيان أخشن وأكثر فعّالية من الحروب التي تخاض بالأسلحة الثقيلة».
مكرّماً من إتحاد المصارف العربية بمناسبة تقلُّده جائزة
«فخر العرب 2020» محمدالأتربي: مصر من الدول القليلة
التي حقق ناتجها المحلي 3.5% في 2020
إثر إنتهاء كلمات الإفتتاح، كرّم إتحاد المصارف العربية ممثلاً برئيس اللجنة التنفيذية للإتحاد الدكتور جوزف طربيه، والأمين العام وسام حسن فتوح، وبمشاركة (عن بُعد) من قبل رئيس مجلس الإدارة الشيخ محمد الجراح الصباح، محمد الأتربي رئيس مجلس إدارة بنك مصر، ونائب رئيس إتحاد المصارف العربية، لمناسبة نيله جائزة «فخر العرب 2020» ولدعمه المستمر لإتحاد المصارف العربية، في حضور السفير حسام زكي، والأمين العام لهيئة التحقيق الخاصة، لبنان،عبد الحفيظ منصور، والنائب ياسين جابر، وكبار الشخصيات المصرفية المصرية واللبنانية والعربية.
وفي هذه المناسبة، شكر الأتربي كلاً من الدكتور جوزف طربيه رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، ورئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية، ووسام حسن فتوح الأمين العام للإتحاد، وفريق عمل بنك مصر، والقطاع المصرفي المصري الصلب، بإعتبارهم جميعاً شركاء في النجاح. كما شكر الأتربي، محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر الذي إتخذ 17 مبادرة من أجل مكافحة «كورونا»، والمحافظة على القطاع المصرفي. وقال الأتربي: «إن مصر من الدول القليلة في المنطقة والعالم التي حقق ناتجها المحلي نحو 3.5 % لعام 2020، إذ بقيت محتفظة بصلابة قطاعها المصرفي المتين، وإقتصادها الصلب، بدليل أنه لما طلبت مصر من صندوق النقد الدولي نحو 5 مليارات دولار، كدعم لإقتصادها، فجاءها الرد بمنحها 20 مليار دولار».
وختم الأتربي: «إن بنك مصر لبنان الذي تأسس منذ العام 1929، قرر أن يمنح 10 طلاب لبنانيين مساعدات مالية كي يتابعوا دراساتهم»، مشدِّداً على «أهمية لبنان ودوره في المنطقة، إذ نريد أن نساعده ونتعاون معه كي ينهض مجدداً، وأن يستعيد القطاع المصرفي اللبناني قوته وريادته كما إعتدناه دائماً».