نظمه إتحاد المصارف العربية
الملتقى السنوي الثامن لرؤساء وحدات الإمتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المصارف والمؤسسات المالية العربية في بيروت
أظهر إفتتاح الملتقى السنوي الثامن لرؤساء وحدات الإمتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المصارف والمؤسسات المالية العربية، الذي نظمه إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع هيئة التحقيق الخاصة – مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، في العاصمة اللبنانية بيروت، أهمية بالغة نظراً إلى توقيت إنعقاده، وفي بلد كلبنان لا يزال يعتمد السرية المصرفية ركناً أساسياً في نظامه المصرفي. لذا جاء إنعقاد هذا الملتقى كي يُثبت المزيد من التخصصية والمهنية لدى المصارف والمؤسسات المالية العربية حيال التحقق من العميل المصرفي (إعرف عميلك، والتعريف بصاحب الحق الإقتصادي) والإطمئنان إلى سلامة القطاع المصرفي العربي من عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
شارك في حفل الإفتتاح، رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب ورئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية ورئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور جوزف طربيه، والأمين العام لإتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح، والأمين العام لهيئة التحقيق الخاصة في لبنان – وحدة الإخبار المالي، والرئيس الحالي لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أجل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب «مينا فاتف» – MENAFATF عبد الحفيظ منصور، ورئيس مجلس الأمناء في وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب في مصر القاضي أحمد سعيد السيسي، بصفته ضيف شرف في الملتقى، في حضور الوزير السابق عدنان القصار، ومدير التوجيه العميد علي قانصوه ممثلاً قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون، والعقيد موسى كرنيب ممثلاً المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وعدد كبير من الشخصيات الديبلوماسية والمصرفية. كذلك شارك في الملتقى ممثلون لـ 18 دولة عربية وأجنبية يُشكلون نخبة مميزة من المسؤولين والخبراء المحليين العرب والدوليين، وخبراء من منظمات إقليمية ودولية بينها: البحرين، سلطة دبي للخدمات المالية – DFSA – الإمارات العربية المتحدة، تومسون رويترز Thomson Reuters – لندن، Akin Gump – الولايات المتحدة الأميركية وغيرها.
د. طربيه
تحدث في الملتقى رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب ورئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية ورئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور جوزف طربيه فقال: «منذ إنطلاق هذا الملتقى وحتى اليوم في دورته الثامنة، يعمل إتحاد المصارف العربية على محاور عدة في إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تم التركيز خلالها على تعزيز إلتزام المصارف العربية
بالمعايير والتوصيات الدولية لمكافحة هذه الآفة الخطيرة، وتطوير فاعلية النظم المطبقة لديها وتوافقها مع هذه المعايير والتوصيات، والعمل على زيادة درجة الوعي لدى المصارف الأعضاء حول الطرق والأساليب والإتجاهات الحديثة في عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والوصول إلى أفضل الحلول لمكافحتها، ومساعدة المصارف في الحصول على المساعدات الفنية والتدريب بمستوى عال لدعم جهودها في هذا المجال، وإتخاذ الترتيبات والإجراءات اللازمة لتطوير أنظمة المكافحة المطبقة لديها».
أضاف د. طربيه: «لقد أظهرت الملتقيات السابقة، من خلال ما شهدته من مشاركة فاعلة، أنها من أهم الوسائل التي يعتمدها إتحاد المصارف العربية للإستمرار في رفع مستوى الوعي ومتابعة المستجدات والتطورات ذات العلاقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ودعم جهود المصارف والمصرفيين في هذا المجال، وذلك بفضل الخبراء الذين تابعوا تطورات هذه الآفة، وتطرقوا إلى أفضل التجارب والإجراءات المتخذة في مواجهة هذه الآفة وآثارها على المجتمع، والتعرف على القواعد الدولية الحاكمة، والقواعد الدولية الموجهة لأنشطة هذه المكافحة».
وتابع د. طربيه: «يتزايد يوماً بعد يوم تعقيد وتشعب عمل مسؤولي وحدات الإمتثال في المصارف والمؤسسات المالية بنتيجة التعقيد والتشعب الكبيرين للعمليات غير القانونية التي يقوم بها أفراد أو مؤسسات، وعلى رأسهم بالطبع غاسلو الأموال وممولو الإرهاب، الذين يسعون بشكل حثيث ودائم، وبإعتماد أساليب تقنية والكترونية متطورة جداً، الى إختراق البنية الإلكترونية للمصارف والمؤسسات المالية بشتى الوسائل، والإستفادة من أي ثغرة للولوج الى النظم المالية لتحقيق مآربهم غير القانونية، والتي تهدد في النهاية مجتمعات بكاملها، وليس فقط المؤسسات التي تم إختراقها».
ورأى د. طربيه أنه «كلما إزداد الإعتماد على التكنولوجيا والمعلوماتية، يا للأسف، كلما فتحت قنوات جديدة للمقرصنين وغاسلي الاموال وممولي الارهاب، الذين يتمتعون عادة بمعرفة وأدوات تكنولوجية متطورة جداً، قد لا يُتاح لبعض المصارف والمؤسسات المالية امتلاكها، وبالتالي مواجهتها. وبذلك، قد تنتج التكنولوجيا المالية مخاطر جدية، تمثل قلقاً ليس لمدراء تكنولوجيا المعلومات فقط، بل أيضا لمدراء الإمتثال ووحدات مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب. وبشكل مماثل، يمتد القلق من الآثار السلبية المحتملة للإعتماد على التكنولوجيا المالية الى الجهات الرقابية، التي عليها تقييم المخاطر السبرانية ومخاطر غسل الاموال وتمويل الإرهاب المحتملة، والناجمة عن الإعتماد على التكنولوجيا المالية».
وأعلن د. طربيه «أن من أهم المحاور التي سنناقشها في هذا الملتقى، دور وحدات المعلومات المالية والسلطات الرقابية في إصدار التوجيهات والإرشادات التي تساعد البنوك والمؤسسات المالية على الإمتثال للتعليمات الدولية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وفي كيفية التعامل مع الصعوبات المفروضة على البنوك غير الملتزمة»، وقال: «كما تعلمون فإن التعديلات التي حصلت على توصيات مجموعة العمل الدولية (FATF)هدفت إلى تأطير وتعزيز العمل بالمنهج المبني على المخاطر، وإلتزام البنوك بإجراء تقييم شامل لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب في ما يتعلق بالعملاء والدول والمناطق الجغرافية والمنتجات والخدمات والعمليات وقنوات تقديم الخدمة، وأن تتواءم وتتكامل وظيفة إدارة مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع الإطار الكلي لإدارة المخاطر في البنك».
وتابع د. طربيه قائلاً: «إن العمليات الإجرامية الخطيرة يُمكن أن تحدث في أي مكان في العالم، حيث أصبحت الأماكن المرشحة لهذه العمليات معروفة وتتميز بما يلي:
- الدول التي تطبق سرية الحسابات.
- الدول التي لا تتبنى قوانين مكافحة غسل الاموال.
- الدول التي تعاني من الإنحلال والتراخي والفوضى.
- الدول التي تعاني من ضعف الأجهزة الرقابية والأمنية.
- الدول التي تتسم بضعف الأجهزة القضائية.
- عدم وجود مركز معلومات».
وأكد د. طربيه «أن التقدم السريع في تكنولوجيا المعلومات والإتصالات كان له الأثر الكبير على القطاع المالي بشكل عام والقطاع المصرفي بشكل خاص على مدى العقد الماضي، وأصبحت أداة بالغة الأهمية، تقدم فوائد إستراتيجية للبنوك وتحقق من خلالها نوعية أفضل في الخدمات المصرفية، لكن التكنولوجيا المالية وتطبيقاتها المختلفة أصبحت اليوم تمثل فرصاً وتحديات في الوقت عينه للمصارف والمؤسسات المالية والجهات الرقابية والإشرافية، لذلك يتوجب على المصارف والجهات الرقابية النظر في كيفية تحقيق التوازن بين الحفاظ على سلامة ومتانة النظام المصرفي وتطوير الإبتكار في القطاع المالي والمصرفي، ومن شأن هذه المقاربة المتوازنة تعزيز سلامة ومتانة المصارف والإستقرار المالي وحماية المستهلك وتعزيز الإمتثال للقوانين والتشريعات المعمول بها، بما في ذلك قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب دون الإضرار بالإبتكارات النافعة في الخدمات المالية، وخصوصاً تلك التي تستهدف الشمول المالي».
وقال د. طربيه: «لا يُخفى على أحد الدور الهام الذي يقوم به مديرو الإلتزام ومسؤولو مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المؤسسات المالية وعلى الأخص في القطاع المصرفي، حيث يُوكل اليهم العديد من المهام الرامية إلى الحد من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وما ينطوي عليه من مخاطر رقابية وقانونية وأخرى خاصة بسمعة المؤسسات المالية التي ينتمون إليها، ومن ثم زادت التطورات الحاصلة في مجال الجريمة من مهامهم اليومية، ومن إجراءات فحص العمليات غير العادية والعمليات المعنية بها، وإخطار وحدة التحريات المالية بالعمليات المشتبه بها، وإقتراح ما يلزم من تطوير وتحديث لسياسة البنك في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والنظم والإجراءات المتبعة بالبنك في هذا المجال، وذلك بهدف زيادة فاعليتها وكفاءتها ومواكبتها للمستجدات المحلية والعالمية».
وخلص د. طربيه إلى القول: «إن هذا الملتقى الهام الذي يضم اليوم نخبة من أهل الإختصاص والخبرة والكفاءة، والمفكرين ورؤساء وحدات الإمتثال، يأتي في إطار هذه المساعي التي يقوم بها الإتحاد، آملين في إجتماعنا هذا أن نضيف ما يُعزز أداء قطاعنا المصرفي العربي بشكل عام والإرتقاء به إلى مصاف الدول المتقدمة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، متطلعين إلى خبراتكم وتعمقكم في هذه الظاهرة الدولية المعقدة والخطيرة للخروج بأفكار وتوجيهات تساهم في تحقيق الأهداف المرجوة منه».
منصور
الأمين العام لهيئة التحقيق الخاصة في لبنان – وحدة الإخبار المالي، والرئيس الحالي لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أجل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب «مينا فاتف» – MENAFATF عبد الحفيظ منصور، قال في كلمته: «يُشّرفني أن أكون معكم اليوم في هذا الملتقى السنوي لرؤساء وحدات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المصارف والمؤسسات المالية العربية الذي يهدف إلى مواكبة أبرز التطورات والإتجاهات السائدة في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب».
وقال منصور: «نلتقي اليوم في هذا الملتقى للإستماع ولمناقشة مسائل متعلقة بموضوع «الامتثال» Compliance Function)n)، الذي لا نجد له تعريفاً موحداً وثابتاً. فتارةً نرى بعض المصارف والمؤسسات المالية يحصر مسؤوليات هذا المركز بموضوع غسل الاموال وتمويل الارهاب، وتارةً نرى البعض الآخر يزيد مسؤوليات أخرى تتعلق بمراقبة التعاميم واللوائح الصادرة عن الهيئات الرقابية، أو الموجبات القانونية، ومؤخراً أضاف البعض مسؤوليات تتعلق بتنفيذ موجبات الـ Global Forum المتعلقة بتبادل المعلومات الضريبية بين الدول، ومن هنا سأبدأ».
أضاف منصور: «بدأت معظم الدول بالإنضمام لإتفاقيات الـ Global Forum خلال السنوات القليلة الماضية بعد أن وضعت الـ OECD أي منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية أسس الإتفاقيات الدولية التي ترعى مبادئ وشروط وآليات تبادل المعلومات الضريبية بين الدول. وللتذكير فإن الـ OECD هي المنظمة الأم لمجموعة العمل المالي (FATF). إثر إنضمام لبنان للإتفاقيات المذكورة صدرت قوانين عدة، منها القانونان الصادران في العام 2016، الأول حمل الرقم 55 حول تبادل المعلومات لغايات ضريبية، والثاني حمل الرقم 75 حول إلغاء الأسهم لحامله والأسهم لأمر، ولحق ذلك صدور مراسيم عدة عن مجلس الوزراء وتعاميم عن مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة».
وتابع منصور: «كما هي الحال بالنسبة لموضوع مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، فمن الطبيعي أن ترسي الـ OECD نظاماً للإمتثال بمتطلبات الـ Global Forum شبيهة بتلك التي وضعتها لمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب ومنها القيام بعمليات تقييم دورية للدول. وعليه فإن الدول التي إنضمت الى الإتفاقيات المذكورة سوف تخضع لعمليات تقييم دورية وفي حال عدم الالتزام، تُتّخذ الإجراءات المناسبة بشأنها والتي يمكن أن تصل إلى حدّ وضعها على لائحة الدول غير الملتزمة أو المتعاونة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تداعيات عدة على سمعة الدولة المعنية وعلى قطاعها المصرفي وعلاقته مع المصارف المراسلة وإنضوائه في النظام المالي الدولي، كما يُمكن للدول أن تتخذ إجراءات أخرى منها خفض حجم المساعدات أو القروض التي تقدم خاصة للدول النامية. وقد حث البيان الختامي الصادر عن مجموعة العشرين (G20) التي إجتمعت في الأرجنتين خلال شهر تموز الماضي الدول على إتخاذ الإجراءات اللازمة للإمتثال بمعايير تبادل المعلومات لغايات ضريبية، وأبدى تأييده للآلية المعتمدة لتحديد الدول غير الممتثلة، وأشار البيان إلى أنه سيتم اتخاذ تدابير وإجراءات مضادة بحق الدول التي يجري إدراجها على لائحة الدول غير الملتزمة».
وقال منصور: «في هذا الشأن، أشير إلى أن لبنان يخضع حالياً إلى الدورة الثانية لعملية التقييم وسوف يقوم فريق التقييم بزيارة إلى لبنان في شهر تشرين الثاني – November 2018 لإجراء المقابلات مع المسؤولين وطلب الإيضاحات والمعلومات حول التشريعات المحلية وآليات التطبيق المعتمدة.
في هذا الإطار نرى أن دورة التقييم الثانية سوف تولي موضوع المستفيد الحقيقي (أو ما يُسمى بالـ Beneficial Owner – BRO) أهمية كبيرة وهو موضوع قديم / جديد بالنسبة لكم كمسؤولي إمتثال وهو بات يتقاطع بشكل أساسي مع معايير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، حيث إعتمدت الـ Global Forum ذات التعريف للمستفيد الحقيقي الذي إعتمدته الـ FATF وأشارت الى أنها ستعتمد على نتائج تقييم الفاتف للدول في هذا الشأن.
ونظراً إلى الأهمية، (وفق منصور)، ومع العلم أن اليوم الثاني لهذا الملتقى سيشهد عرضاً حول الموضوع ذاته، إلا أنني أود الإستفاضة بعض الشيء إلى الاجراءات المتخذة لمعالجته في لبنان:
لقد عالج مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة موضوع المستفيد الحقيقي من خلال إصدار التعميم الوسيط رقم 498 والإعلام رقم 24 اللذين يعرّفان بشكل واضح مصطلح صاحب الحق الإقتصادي (أو المستفيد الحقيقي) ويضيفان إجراءات لتحديد هوية صاحب الحق الإقتصادي بالنسبة إلى العملاء من الاشخاص المعنويين، وللعملاء من فئة البنية القانونية الخاصة عملاً بتوصيات الـFATF والمذكرات التفسيرية ذات الصلة.
وعليه، تم تعريف صاحب الحق الإقتصادي على أنه كل شخص طبيعي يملك أو يسيطر فعلياً، في المحصِّلة النهائية(Ultimately) ، وأشدد على كلمة نهائية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على «العميل» و/أو على الشخص الطبيعي الذي تتم العمليات نيابة عنه. وتُعتبر من حالات التملك والسيطرة غير المباشرة الحالات التي يكون فيها التملك من خلال تملكات متسلسلة.
فعلى سبيل المثال، إذا كانت شركة مملوكة بشكل أساسي من شركةٍ ثانية (بحسب معلومات تسجيل المؤسسة الموجودة في السجل التجاري)، يكون المستفيد الحقيقي هو عملياً الشخص الطبيعي مالك الشركة الثانية. فإذاً، المستفيد الحقيقي يتوجب أن يكون دائماً شخصاً طبيعياً، ويجب التوصل الى معرفة هويته، وإذا ما تأملنا لبرهة في هذا الموضوع ندرك أن معرفة المستفيد الحقيقي هو جوهر عمل مسؤولي الإلتزام والمقصد الرئيسي عند تحضير بيانات «إعرف عميلك» والهدف من القيام بإجراءات العناية المعززة. ففي حالة عدم التحقق من معرفة هوية العميل والتي تشمل بياناته الشخصية، وطبيعة أعماله، ومصدر أمواله، وإستعمالاتها، لا يُمكن لمسؤولي الإلتزام القيام بعمله قط، إذ إن أساس عملية الإلتزام هو مراقبة عمليات العميل بالمقارنة مع تفاصيل هوية العميل كما ذَكَرت، وبخلاف ذلك تكون عملية المراقبة سطحية وغير وافية الغرض منها.
في هذا المفهوم يتوجب على المصارف والمؤسسات المالية حالياً أن تعتمد إجراءات واضحة وبعض المفاهيم الواضحة للإمتثال الجيد في إطار إجراءات فتح الحسابات وإجراءات العناية الواجبة بما فيها:
فهم هيكلة ملكية الشخص المعنوي و/أو كيفية السيطرة عليه والغرض من التعامل و/أو من فتح الحساب.
تحديد هوية «صاحب الحق الإقتصادي» للأشخاص المعنويين والترتيبات القانونية كالـ Trusts وأنواع أخرى من البنية القانونية الخاصة.
التحقق من مصدر الأموال.
مراقبة العمليات بشكل مستمر.
كما يتوجب على المصارف والمؤسسات المالية «مسك» و«تيويم» سجل خاص يتضمن اسماء «أصحاب الحق الاقتصادي» الذين تم تحديدهم:
بالنسبة إلى العملاء من الأشخاص الطبيعيين وذلك فقط عند وجود إختلاف بين العميل وبين «صاحب الحق الاقتصادي».
بالنسبة إلى جميع العملاء من الأشخاص المعنويين.
وتحدث منصور قائلاً: «لقد صدر حديثاً عن الإتحاد الأوروبي التشريع الملزم رقم 5 (EU 5th Directive) الذي دخل حيز التنفيذ في العام 2018 وأعطى الدول مهلة سنة ونصف سنة لتنفيذه من خلال تشريعات محلية. ويهدف بشكل أساسي إلى تعزيز الشفافية المرتبطة بالأشخاص المعنويين من خلال إلزام الدول الأعضاء على إنشاء سجل يظهر المستفيد الحقيقي النهائي (Ultimate Beneficial Owner) أو UBO للأشخاص المعنويين أو للشركات وأن يكون هذا السجل متاحاً للعموم (ضمن أطر ومعلومات معينة).
فتوح
من جهته، رحب الأمين العام لإتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح بالحضور «لمناسبة إنطلاق فعاليات الملتقى السنوي الثامن لرؤساء وحدات الإمتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المصارف والمؤسسات المالية العربية». وقال: «كما يُسعدني أن أتقدّم بخالص الشكر والتقدير إلى رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية الشيخ محمد الجرّاح الصباح على حضوره معنا اليوم وإلى أعضاء اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية لمشاركتنا هذا اللقاء الهام. والشكر والتقدير موصول إلى الضيف العزيز المستشار القاضي أحمد سعيد خليل لتلبية دعوتنا للتحدّث في أعمال هذا الملتقى، وأخصّ بالشكر الجزيل الأستاذ عبد الحفيظ منصور، وهيئة التحقيق الخاصة في لبنان، لتعاونهم ودعمهم ليصبح هذا الملتقى بجهودنا المشتركة حدثاً سنوياً هاماً على أجندة الجهود العالمية والعربية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب».
أضاف فتوح: «إن العلاقة بين إتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، وأنا أتحدث اليوم بصفتي أميناً عاماً للإتحادين، أعطت قوّة وحصانة مصرفية لا مثيل لها، فأسرة إتحاد المصارف العربية تضمّ اليوم أكثر من 400 عضو من المصارف والمؤسسات المالية، وأسرة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب تضمّ أكثر من 400 عضو من المصرفيين العرب، أينما وجدوا في العالم، ومهما تبدلت أو تغيّرت مواقعهم أو أماكن عملهم، تبقى إستدامة عضويتهم في الإتحاد الدولي ونحن نتابع رحلتهم المهنية عبر الحدود، من هنا ومن هذه القوّة تأتي أهمية لقاء مدراء الإمتثال الذي نعمل على عقده منذ ثماني سنوات. فالإتحاد الدولي يضم ضمن عضويته مجموعات عمل مهنية تعمل على تعزيز المهنة المصرفية العربية، ومن أهم هذه المجموعات مجموعة عمل مدراء الإلتزام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي يرأسها لتاريخه الأخ الصديق شهدان جبيلي من بنك عودة. مع الإشارة إلى أنّ هذه المجموعة تضم نخبة من مدراء الإلتزام في المصارف العربية، ربما يشارك بعضهم معنا اليوم، ويعمل الإتحادان مجتمعين منذ عقد من الزمن على توسيع دائرة المعرفة المصرفية في مكافحة غسل الاموال وتمويل الإرهاب، وأخيراً عقدنا مؤتمرين دوليين الأوّل كان في دبي بتاريخ 16-17/9/2018 والثاني في بروكسل بتاريخ 24 سبتمبر/أيلول 2018، واليوم في بيروت».
وقال فتوح: «أستطيع أن أؤكّد لكم في هذه العجالة، أنّ ملتقاكم اليوم ومنذ إنطلاقة فعاليّاته قبل نحو ثماني سنوات إستطاع أن يواكب كلّ التطوّرات والتوصيات والإجراءات العملية، ويستشرف كل الهواجس والعقبات والتحديات. وربما من خلال خبراتكم المتراكمة، ومعايشتكم اليومية للمستجدات المتعلقة في الإجراءات المتّبعة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أصبحتم تنظرون إلى هذه الآفة الخطيرة من منظار السلطات الرقابية في ما يتعلّق بإصدار التوجّيهات والإرشادات التي تساعد البنوك والمؤسسات المالية على الإمتثال للتعليمات الدولية. والكلّ يعلم أنه وعلى الرغم من الانجازات الكبيرة المحققة في مكافحة غسل الاموال وتمويل الإرهاب على المستوى العالمي، فلا تزال هاتان الظاهرتان تُقلقان دول العالم أجمع، ولا سيما بعض الدول التي تعاني من ظاهرة الارهاب عربياً ودولياً.
والكلّ يعلم أيضاً، إنّنا في سباق مع العقول الخطيرة لمنعها من التمادي في سلوكها الإجرامي، والحدّ من أخطارها على مصارفنا ومجتمعاتنا وإقتصاداتنا وأجيالنا المقبلة، وذلك بالعمل دائماً على تحديد واضح لمفهوم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وآثارهما على المجتمع، وبالتالي يتزايد يوماً بعد يوم تعقيد وتشعّب عمل مسؤولي وحدات الإمتثال في المصارف والمؤسسات المالية بنتيجة التعقيد والتشعّب الكبيرين للعمليات غير القانونية التي يقوم بها أفراد أو مؤسسات، وعلى رأسهم بالطبع غاسلو الأموال وممولو الإرهاب، الذين يسعون بشكل حثيث ودائم، وبإعتماد أساليب تقنية والكترونية متطورة جداً، الى إختراق البنية الإلكترونية للمصارف والمؤسسات المالية بشتى الوسائل، والإستفادة من أية ثغرة للولوج الى النظم المالية لتحقيق مآربهم غير القانونية، والتي تهدد في النهاية مجتمعات بكاملها، وليس فقط المؤسسات التي بالإمكان إختراقها».
وتابع فتوح: «إن أحد أسباب التعقيد في عمل وحدات الإمتثال في المصارف والمؤسسات المالية هو التوجه الى الإعتماد الكبير، وربما المفرط، على التكنولوجيا في إجراء العمليات المالية والمصرفية. فقد يؤدي الإعتماد المتزايد على التكنولوجيا المالية وزيادة الإرتباط بشركات التكنولوجيا المالية، والتوسع في إسناد العمليات المالية إلى تكنولوجيا الذكاء الإصطناعي الذي يهدف الى الحدّ من التدخل البشري في العمليات المصرفية بهدف تخفيض التكلفة وسرعة إتمام المعملات، كل ذلك قد يؤدي الى التعرض لمخاطر تتجاوز المجال السبراني وتكنولوجيا المعلومات، الى التعرض لمخاطر غسل الاموال وتبييض الارهاب».
وأوضح فتوح «يواجه مدراء الإمتثال اليوم تحدياً آخراً، قد تكون له آثار وعواقب كبيرة على المصارف العربية، ألا وهو التعامل مع العقوبات الدولية – وخصوصاً تلك الصادرة عن الولايات المتحدة الاميركية – في حق كيانات أو تنظيمات أو دول. ولا شك في أن كيفية التعامل مع هذه العقوبات أو إيجاد آليات تطبيق، ليس بالأمر السهل أبداً».
السيسي
ثم ألقى ضيف الشرف في الملتقى، رئيس مجلس الأمناء في وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب في مصر القاضي أحمد سعيد خليل السيسي كلمة شدد فيها على «أهمية إنعقاد هذا الملتقى، والذي يأتي في اطار الحرص الشديد على الإلتزام بالمعايير الدولية التي ترتبط بشكل مباشر وغير مباشر في هذا الملف والتفاعل السريع في أي أمر طارئ».
وشكر السيسي لبنان لإستقباله هذا الملتقى السنوي، والجهات المعنية «التي تساهم في تعزيز دور وحدات الإمتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المصارف والمؤسسات المالية العربية».
وختم السيسي بالقول: «إن كل ما يهمنا هو تفعيل الدور الرقابي والوقائي، والإستفادة من هذا الملتقى في تبادل الخبرات والمهارات لمكافحة كل العمليات التي يمكن أن تساهم في غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهذا ما يجعلنا من مجتمعاتنا ومصارفنا أكثر أمنا».
جلسات العمل في الملتقى السنوي الثامن لرؤساء وحدات الإمتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المصارف والمؤسسات المالية العربية
ناقشت جلسات العمل في الملتقى السنوي الثامن لرؤساء وحدات الإمتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المصارف والمؤسسات المالية العربية محاور عدة هي: جولة التقييم المتبادل لـ «مينا فاتف» – MENAFATF، إستخدام إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في مكافحة غسل الاموال، مخاطر العقوبات وعلاقتها مع البنوك المراسلة، العقوبات المفروضة من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأميركي Office of Foreign Assets Control- OFAC على مصرف BNP – PARIBAS، حالات عملية حول تمويل الإرهاب – هيئة التحقيق الخاصة، التعميم الوسيط رقم 498 الصادر من مصرف لبنان: تعريف وتحديد صاحب الحق الإقتصادي، المنتجات الجديدة وطرق الدفع: الإتجاهات والمخاطر، القواعد العامة لحماية البيانات GDPR، تطور عالم الإمتثال: الديناميات المتغيرة في الإمتثال وعلاقتها بالبنوك المراسلة، سلامة البيانات وأثرها على جودة وظيفة الإمتثال، التكنولوجيا المتطورة وآثارها على عالم الإمتثال، الإبتكارات في ضبط عمليات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتمويل الرقمي وتحديات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
حلقة النقاش الأولى
جولة التقييم المتبادل لـ «مينا فاتف» MENAFATF
تناولت حلقة النقاش الأولى محور التقييم المتبادل لـ «مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أجل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب – «مينافاتف» MENAFATF. تحدث فيها كل من: السكرتير التنفيذي للمجموعة الدكتور الوليد بن خالد آل الشيخ، والمدير التنفيذي / رئيس وحدة الإمتثال في هيئة التحقيق الخاصة، لبنان، طارق زهران.
بن خالد آل الشيخ
تناول السكرتير التنفيذي لـ «مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أجل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب – «مينافاتف» MENAFATF. الدكتور الوليد بن خالد آل الشيخ في محاضرته الموضوعات التقنية المتعلقة بالإمتثال وتحقيق النتائج المباشرة في تونس ودول الخليج وغيرها من الدول في هذا الشأن، مشدداً على «أهمية التأكد من فعالية القوانين والمتطلبات حيال تطبيقها في المجال المصرفي بغية تحقيق حسن سمعة المصارف وسلامتها من عمليات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب».
وشرح بن خالد آل الشيخ أهمية «تحديد المقيِّمين المؤهلين بالأعمال المصرفية، وصعوبة الأمر في الوقت عينه. لكن من الأهمية بمكان القيام بذلك. علماً أنه من الضروري محاولة الحصول على تدريب واحد على الأقل (كل عام) لموظفي المصارف المتخصصين في شؤون الإمتثال، من قبل خبراء التقييم. كذلك من الضروري مشاركة فريق العمل المالي في عرض أسعار الصرف في السوق المالية مما يفيد التحقيق حيال الإمتثال».
وتحدث بن خالد آل الشيخ عن دور الأمانة التنفيذية لـ «مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أجل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب» – «مينافاتف» MENAFATF، وطبيعة عملها حيال توضيح المعايير، التنسيق، مراقبة الجودة وغيرها»، مشيراً إلى «أهمية تقييم المخاطر الوطنية لمكافحة غسل الأموال / تمويل الإرهاب، وكيفية فهم أي بلد للمخاطر، وتحديد مفهوم السلطات الوطنية لهذه المخاطر، والكيانات الخاضعة للإشراف».
وتناول بن خالد آل الشيخ أهمية «التدابير الوقائية حيال الإمتثال، وتدابير التخفيف (مراجعة الإمتثال الداخلي، دليل الإجراءات التصحيحية، السياسات النقدية والمالية وغيرها)»، مشدداً على «أهمية السيطرة الداخلية مثل: الحوكمة وهي مفتاح الشفافية، ومؤشرات الأداء الرئيسية للأعمال»، متحدثاً عن التدابير الوقائية والعقوبات، والتنفيذ الوطني الفعال لقرارات مجلس الأمن الدولي (1267 و1373)، والإشراف ما بعد التقييم، وتجميد أصول المنظمات الإرهابية والممولين غير الشرعيين».
وتحدث بن خالد آل الشيخ عن قرار مجلس الأمن رقم 1267 والقرارات ذات الصلة، الصادرة في العام 1999، والتي تُحظر الأسلحة والذخائر وتجميد الأصول للأفراد مثل «تنظيم طالبان» والكيانات المرتبطة بها. كذلك الأمر عينه ينطبق على «تنظيم القاعدة»، ومن ثم «تنظيم داعش» الإرهابيين. علماً أن تجميد الأصول لهؤلاء (الأفراد والتنظيمات الإرهابية) إلزامي، وهو قرار متخذ من جميع أعضاء الأمم المتحدة»، مشيراً إلى «قرار مجلس الأمن رقم 1373 الصادر في العام 2001 أي ما بعد تنفيذ الهجوم الإرهابي الشهير على الولايات المتحدة (11 سبتمبر / أيلول 2001)، والذي يقضي بتجريم دعم الإرهاب، وتجميد أموال الممولين المشتبه بهم».
حلقة النقاش الثانية
التعاون في ما بين السلطات المختصة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
تناولت حلقة النقاش الثانية محور التعاون في ما بين السلطات المختصة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. تحدث فيها كل من: المدير التنفيذي/ رئيس وحدة الإمتثال في هيئة التحقيق الخاصة، لبنان، طارق زهران، نائب المدير التنفيذي في وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مصر حازم عميرة، المحامي العام لدى النيابة العامة التمييزية – لبنان القاضي عماد قبلان، ورئيس شعبة العديد في قوى الأمن الداخلي اللبناني، لبنان العقيد موسى كرنيب.
كرنيب
تناول رئيس شعبة العديد في قوى الأمن الداخلي اللبناني، لبنان العقيد موسى كرنيب، في محاضرته دور قوى الأمن الداخلي ضمن ثلاثة أطر: دور قوى الأمن الداخلي التنسيقي على المستوى الوطني في مكافحة تمويل الإرهاب، من خلال «لجنة التنسيق الوطنية لمكافحة تمويل الإرهاب»، و«دور قوى الأمن الداخلي في التعاون الدولي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، من خلال «المكتب المركزي الوطني للأنتربول في بيروت»، و«دور قوى الأمن الداخلي في الإطار التنفيذي، من خلال «مكتب مكافحة الجرائم المالية وتبييض الأموال».
في الإطار الأول، أشار العقيد كرنيب إلى «نشأة لجنة التنسيق الوطنية وتكوينها وآلية عملها»، مؤكداً «هدفها الرئيسي في مكافحة تمويل الإرهاب والإمتثال للمعايير الدولية وتفعيل التنسيق بين الأجهزة المختصة ورفع مستوى القدرات والكفاءات، حيث بدأت اللجنة بعقد إجتماعاتها منذ عام 2008، وقد إتخذت العديد من الخطوات على صعيد الإمتثال للمعايير الدولية، وتقديم إقتراحات في شأن إنضمام لبنان إلى بعض الصكوك والإتفاقيات الإقليمية والدولية ذات الصلة، كذلك تقديم إقتراحات حول إصدار وتعديل قوانين تستجيب للمتطلبات والمعايير الدولية، ولا سيما توصيات مجموعة العمل المالي».
ولفت كرنيب إلى «بعض إنجازات اللجنة، منها إنشاء قاعدة بيانات لدى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي تحفظ وتوثّق فيها المعلومات كافة، المتعلقة بأسماء أشخاص طبيعيين أو معنويين أو عصابات أو منظمات معنية بتورطهم في الإرهاب أو تمويل الإرهاب أو الأفراد أو المنظمات الإرهابية أو الأعمال الإرهابية والأعمال المرتبطة بها، وفقاً للقوانين المرعية الإجراء. كذلك، إصدار لائحة وطنية بأسماء الأشخاص المتهمين بجرائم الإرهاب أو بتمويل الإرهاب ونشرها على الموقع الرسمي لقوى الأمن الداخلي، وذلك بعد إقرار آلية تماشياً مع متطلبات قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولا سيما القرار رقم 1373/2001، وتطبيقاً لموجبات المادة 6 (الفقرة 5) من القانون رقم 44 تاريخ 24/11/2015، مع الأخذ بمتطلبات التوصية السادسة الصادرة عن مجموعة العمل المالي (فاتف)».
وفي الإطار الثاني، أكد العقيد كرنيب «أن المكتب المركزي الوطني للأنتربول في بيروت، والذي يترأسه اللواء المدير العام لقوى الأمن الداخلي، يضطلع بتأمين التواصل والتنسيق مع أجهزة المنظمة الدولية، ولا سيما الأمانة العامة للأنتربول والمكاتب المركزية في الدول الأعضاء، ويدير عمليات التعاون الدولي عبر قنوات المنظمة، ويشكل صلة الوصل بين المنظمة وكافة الكيانات الوطنية وأجهزة إنفاذ القانون في لبنان».
وتطرق العقيد كرنيب إلى «آلية عمل المكتب»، موضحاً أنه «لدى ورود طلبات تعاون دولي من الدول الأعضاء عبر قنوات الأنتربول إلى شعبة الإتصال الدولي، تحيل الشعبة هذه الطلبات إلى القطعات المختصة (شرطة قضائية، شعبة معلومات) أو الأجهزة المختصة (أمن عام، جيش وغيرها) والإدارات أو الوزارات والهيئات المعنية، حيث يتم إجراء المقتضى، وإجابة الجهة الطالبة بالتنسيق مع النيابة العامة التمييزية وعملاً بإشارتها»، معدداً النشرات الدولية.
أما في الإطار الأخير، أوضح العقيد كرنيب «أن مكتب مكافحة الجرائم المالية وتبييض الأموال في وحدة الشرطة القضائية، يجري التحقيقات المالية الموازية لأي عمل جرمي تمّ ضبطه تحت إشراف القضاء المختص، وبالتنسيق المباشر مع هيئة التحقيق الخاصة. وقد تمّ إنجاز برنامج لتبادل المعلومات إلكترونياً وبشكل فوري وتلقائي بين المكتب المذكور وهيئة التحقيق الخاصة»، مشيراً إلى «أن المكتب يعمل على جمع المعلومات من مصادر عدة، ولا سيما الأجهزة الأمنية المحلية والأجنبية، كذلك بالشراكة مع المجتمع المدني وتحليلها وإستثمارها بالتنسيق مع هيئة التحقيق الخاصة».
وختم العقيد كرنيب عارضاً جدولاً بعدد المحاضر المنظمة خلال عامي 2016 و2017، كما عرض الخطة الإستراتيجية لقوى الأمن الداخلي 2018- 2022 تحت شعار «خدمة – ثقة – شراكة».
الجلسة الأولى
إستخدام إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في مكافحة غسل الأموال
تناولت الجلسة الأولى محور إستخدام إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في مكافحة غسل الأموال، تحدث فيها مسؤول مكافحة الجرائم / قسم مكافحة الفساد والجرائم الإقتصادية في الأمم المتحدة UNODC الدكتور بدر البنا.
البنا
تحدث مسؤول مكافحة الجرائم/ قسم مكافحة الفساد والجرائم الإقتصادية في الأمم المتحدة UNODC الدكتور بدر البنّا فقال: «تطالب إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، الدول الأطراف بمنع الفساد وتجريمه، وإنشاء أنظمة لإنفاذ القانون ضد الفساد، وتعزيز التعاون الدولي والتعاون من أجل إستعادة الأصول المسروقة، وتعزيز المساعدة التقنية وتبادل المعلومات»، مشيراً إلى أنه «نظراً إلى أهمية مكافحة غسل الأموال في سياق مكافحة الفساد، تتطلب الإتفاقية المشار إليها من الدول الأطراف، تجريم غسل عائدات الجرائم (المادة 23) وإعتماد تدابير وقائية لمكافحة غسل الأموال (المادتان 14 و52) كما تحث على إنشاء وحدات إستخبارات مالية (المادتان 14 و58)».
ولفت البنا إلى «المادة 23 من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد: غسل عائدات الجريمة (شرط إلزامي)، إذ تعتمد كل دولة طرف، وفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي، ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم أفعال جنائية، عندما ترتكب عمداً: تحويل الممتلكات أو نقلها، مع العلم بأن هذه الممتلكات هي عائدات الجريمة، بغرض إخفاء أو تمويه الأصل غير المشروع للممتلكات أو مساعدة أي شخص متورط في إرتكاب المسند مخالفة للتهرب من العواقب القانونية لعمله. كذلك إخفاء الطبيعة الحقيقية أو المصدر أو الموقع أو التصرف أو الحركة أو الملكية أو الحقوق في ما يتعلق بالممتلكات، مع العلم بأن هذه الممتلكات هي عائدات الجريمة».
الجلسة الثانية
مخاطر العقوبات وعلاقتها مع البنوك المراسلة
تناولت الجلسة الثانية محور مخاطر العقوبات وعلاقتها مع البنوك المراسلة. تحدث فيها المحامي في القانون، جوهان شتراوس من شركة Akin Gump Stauss Hauer & Feld LLP – – دبي – الإمارات العربية المتحدة، ورئيس مجموعة الإمتثال في بنك بيروت – لبنان داني نصار.
نصار
تناول رئيس مجموعة الإمتثال في بنك بيروت – لبنان داني نصار برنامج الإمتثال، مشيراً إلى «توافر ملاءمة برنامج الإمتثال القائم على المخاطر في البنك في وقت إنتهاك القوانين»، متحدثاً عن الخطوات العلاجية لمسألة إنتهاك القوانين المشار إليها من قبل المسؤولين عن برنامج الإمتثال أبرزها: التحقق من قيام البنك فوراً بوقف السلوك المعني، والتحقق من معرفة الإدارة العليا بالأمر، كذلك التأكد من إعتماد البنك ضوابط وإجراءات داخلية جديدة وأكثر فاعلية لمنع تكرار الانتهاك، وهل يُطبق البنك برنامج الإمتثال؟ وهل قدم البنك الشخص (أو الأفراد) المسؤولين عن الإنتهاك بقيامه بالتدريب الإضافي و/أو إتخذ الإجراءات المناسبة الأخرى لضمان عدم حدوث إنتهاكات مماثلة في المستقبل؟».
ولفت نصار إلى «أهمية التعاون مع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأميركي Office of Foreign Assets Control- OFAC وتأكد البنك المخالف بالكشف طواعية (من تلقاء نفسه) عن قواعد إنتهاك قوانين الـ OFAC، وهل قام البنك بتقديم كافة المعلومات ذات الصلة في ما يتعلق بالانتهاك الظاهر إلى الـ OFAC؟ وهل تعاون البنك مع جميع طلبات المعلومات وإستجاب إليها على الفور؟ وهل دخل البنك في قانون التقادم الذي ينص على إتفاق، إذا طلب مكتب مراقبة الأصول الأجنبية ذلك؟».
الجلسة الثالثة
حالة عملية: العقوبات المفروضة من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأميركي Office of Foreign Assets Control- OFAC على مصرف BNP – PARIBAS
تناولت الجلسة الثالثة محور (حالة عملية) العقوبات المفروضة من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأميركي Office of Foreign Assets Control- OFAC على مصرف BNP – PARIBAS تحدث فيها المحامي جوهان شتراوس من شركة Akin Gump Stauss Hauer & Feld LLP – دبي – الإمارات العربية المتحدة.
وقد إستأنفت شركة Akin Gump خدمة عملائها في دبي في عام 2014 لتوسيع حضورها في منطقة الشرق الأوسط. ويركز مكتب الشركة في دبي بشكل خاص على تقديم المشورة لعملاء القطاعين العام والخاص، الذي يضم محامين يتمتعون بخبرة واسعة في هذا الشأن، بما في ذلك الطاقة، النفط والغاز، العقوبات الإقتصادية وغيرها من ضوابط التجارة الدولية، الشركات، عمليات الإندماج والإستحواذ المالية، السياسات العامة للشركات، صناديق الإستثمار، حل النزاعات، كذلك البناء والهندسة والترفيه وغيرها من الأنشطة الإقتصادية في المنطقة.
الجلسة الرابعة
حالات عملية حول تمويل الإرهاب – هيئة التحقيق الخاصة
تناولت الجلسة الرابعة محور حالات عملية حول تمويل الإرهاب – هيئة التحقيق الخاصة. تحدث فيها كل من: رشيد الطقش، وميريام خير الله، من هيئة التحقيق الخاصة، لبنان.
اليوم الثاني/ الجلسة الأولى
التعميم الوسيط رقم 498 الصادر عن مصرف لبنان: تعريف وتحديد صاحب الحق الإقتصادي
تناولت الجلسة الأولى محور التعميم الوسيط رقم 498 الصادر عن مصرف لبنان: تعريف وتحديد صاحب الحق الإقتصادي. أدارت الجلسة المديرة التنفيذية ورئيسة وحدة الإمتثال في مصرف لبنان كارين شرتوني. تحدث فيها كل من: مدير عام ورئيس المجموعة القانونية والإلتزام، بنك عوده – لبنان شهدان جبيلي، ورئيس مجموعة الإمتثال، بنك لبنان والمهجر، لبنان مالك قسطة.
جبيلي
تحدث مدير عام ورئيس المجموعة القانونية والإلتزام، بنك عوده – لبنان شهدان جبيلي عن أهمية وضوح التشريعات المتعلقة بـ «صاحب الحق الإقتصادي»، مشدداً على «أن القاعدة القانونية تبقى أدنى من التشريع، لذلك من الضروري بمكان وضوح التشريعات والنظر إلى رؤيتها والهدف الذي يُنتظر منها»، منوهاً بجهود مصرف لبنان المركزي «الذي يُصدر التعاميم الضرورية حول تحديد «صاحب الحق الإقتصادي» وهو مالك الحساب المصرفي، أو العقار، وغيره، وليس الموظف ولو كان بصفة مدير الذي يبقى غير المالك»، داعياً إلى «التشدد في تطبيق النصوص المتعلقة بمكافحة تهريب الأموال وتبييضها وتمويل الإرهاب».
الجلسة الثانية
المنتجات الجديدة وطرق الدفع: الإتجاهات والمخاطر
تناولت الجلسة الثانية محور المنتجات الجديدة وطرق الدفع: الإتجاهات والمخاطر. تحدث فيها نائبة المدير العام في بنك لبنان والمهجر، لبنان جوسلين شهوان.
شهوان
شددت نائبة المدير العام في بنك لبنان والمهجر، لبنان جوسلين شهوان على «أهمية تمكين البنى التحتية للمصارف بغية التواصل والإبتكار مما يُقلل من المخاطر». وتحدثت شهوان عن أهمية «إعرف عميلك» والتعرف على إحتيال العميل (في حال وُجد ذلك)، ومراقبة بطاقات الدفع (البطاقات الإئتمانية)، والتاجر، ولا سيما المحال التجارية التي قد تصلها فواتير بواسطة بطاقات الدفع يكون مصدرها من بلدان بعيدة، وبمبالغ خيالية تؤشر إلى عمليات تبييض للأموال وغيرها من الجرائم المالية».
الجلسة الثالثة
القواعد العامة لحماية البيانات GDPR
تناولت الجلسة الثالثة محور القواعد العامة لحماية البيانات GDPR. تحدث فيها كل من: رئيسة جمعية تكنولوجيا المعلومات اللبنانية – مؤسس المرصد العربي للأمن السيبراني الدكتورة منى الأشقر جبور، والرئيس العالمي لـ «إعرف عميلك» – KYC، والفحص في المستقبل في شركة «تومسون رويترز» – Thomson Reuters لندن، المملكة المتحدة، يورغ سكوبر.
حلقة النقاش الأولى
تطور عالم الإمتثال: الديناميات المتغيرة في الإمتثال وعلاقتها بالبنوك المراسلة
تناولت حلقة النقاش الأولى، محور تطور عالم الإمتثال: الديناميات المتغيرة في الإمتثال وعلاقتها بالبنوك المراسلة. أدار الحلقة، مديرة الإمتثال في بنك البحر المتوسط، لبنان سمر بعاصيري. تحدث فيها كل من: مدير عام مساعد رئيسي في البنك التجاري القطري، قطر محمد منصور، والمدير المشرف على سلطة دبي للخدمات المالية DFSA، الإمارات العربية المتحدة، لورنس بارامازيفام.
الجلسة الرابعة
سلامة البيانات وأثرها على جودة وظيفة الإمتثال
تناولت الجلسة الرابعة محور سلامة البيانات وأثرها على جودة وظيفة الإمتثال. أدار الجلسة نائب المدير التنفيذي، وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مصر حازم عميرة. تحدث فيها كل من: رئيس مجموعة الإمتثال في بنك لبنان والمهجر – لبنان مالك قسطة، والشريك الإداري في شركة Potech Consulting طوني فغالي.
حلقة النقاش الثانية
التكنولوجيا المتطورة وآثارها على عالم الإمتثال
الإبتكارات في ضبط عمليات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
التمويل الرقمي وتحديات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
تناولت حلقة النقاش الثانية محور التكنولوجيا المتطورة وآثارها على عالم الإمتثال، الإبتكارات في ضبط عمليات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، التمويل الرقمي وتحديات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. أدار الحلقة مدير عام مساعد في جمال ترست بنك، لبنان الدكتور محمد فحيلي. تحدث فيها كل من: المدير المشرف على سلطة دبي للخدمات المالية DFSA، الإمارات العربية المتحدة لورنس بارامازيفام، والرئيس العالمي لـ «إعرف عميلك» – KYC، والفحص في المستقبل في شركة «تومسون رويترز» – Thomson Reuters لندن، المملكة المتحدة، يورغ سكوبر.
على هامش الملتقى السنوي الثامن لرؤساء وحدات الإمتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المصارف والمؤسسات المالية العربية
شخصيات رئيسية تحدثت إلى مجلة «إتحاد المصارف العربية»
د. طربيه: نحن في لبنان نُطبق القوانين ومصارفنا منضبطة وفق المعايير الدولية
السيسي: تحقيق الشمول المالي في مصر سيؤدي إلى سيطرة المصارف المصرية على الجرائم المالية
منصور: «إعرف عميلك» يتطلب إدخال الأشخاص إلى النظام المصرفي وليس إقصاءهم ضمن المعايير الجديدة
قانصوه: نعاني في لبنان والعالم جراء الإرهاب ونحتاج إلى مكافحة تبييض الأموال وتجفيف مصادر الإرهاب
أجمع المتحدثون إلى مجلة «إتحاد المصارف العربية» على أهمية إنعقاد الملتقى السنوي الثامن لرؤساء وحدات الإمتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المصارف والمؤسسات المالية العربية الذي نظمه إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع هيئة التحقيق الخاصة – مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، في العاصمة اللبنانية بيروت، على الإشادة بالجهات المنظمة، ومشدِّدين على أن المصارف العربية تلتزم المعايير الدولية وتواكب تطورات التكنولوجيا المالية، وتعمل جاهدة عبر رؤساء وحدات الإمتثال بغية مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإثبات حسن السمعة والعمل وفق التشريعات والطلبات الدولية الجديدة، بعيداً عن أي شبهة، وذلك يزيد من مكانة هذه المصارف العربية دولياً بالتعاون مع إتحاد المصارف العربية، ويؤكد مهنيتها وإتباعها الأصول الرائدة التي تعزز الخدمات المصرفية لذوي الدخل المحدود وهو ما يُعرف بـ «الشمول المالي».
د. طربيه
أكد رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب ورئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية ورئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور جوزف طربيه «أن هذا الملتقى السنوي الثامن يصب في إضفاء مزيد من الثقة حيال مصارفنا العربية أمام المحافل الدولية. فنحن في لبنان ولا سيما مصارفنا اللبنانية نطبق القوانين.. كما أننا نتمتع بمصارف لبنانية منضبطة وفق المعايير الدولية. فبالنسبة إلينا، إن أي خروج عن القواعد الدولية يُعرّضنا للمخاطر، ونحن لسنا بحاجة إلى مخاطر إضافية، إنما كل مَن يُخالف القواعد الدولية يُعرّضنا للمخاطر، أكان نظاماً مصرفياً أوروبياً أو أميركياً».
أضاف د. طربيه: «ثمة مصارف في الولايات المتحدة الأميركية تتعرض للعقوبات عندما تخرج عن التشريعات والقوانين المعتمدة. لذا فإن إنعقاد هذا الملتقى دورياً، ولا سيما في هذا الوقت، يُعبّر عن مغزى ومدلول كبير لمصارفنا العربية واللبنانية، بإعتبار أن مقر إنعقاد الملتقى المشار إليه هو في العاصمة اللبنانية بيروت. ونلاحظ في هذا السياق، نسبة الحضور المرتفعة من المشاركين في الملتقى من كل الدول العربية، مما يدل على تماسك المصارف العربية التي تقوم بحماية مستقبلها، وتعمل على شد أواصر المدراء لديها لممارسة خبرات عالية المستوى، وكل ذلك يصب في مصلحة الإقتصاد العربي، كما في مصلحة المصارف العربية ومستقبلها».
وتحدث د. طربيه قائلاً: «إن مستوى التسليف في لبنان تجاوز المعدلات العالمية. فحجم التسليف في لبنان بلغ حوالى 60 مليار دولار للقطاع الخاص، بينما الدخل القومي لهذا البلد لا يتجاوز 53 مليار دولار، وهذا يعني أنه كلفنا هذا الإقتصاد أكثر من حجم الدخل القومي، بمعنى أن إقتصادنا أخذ حظه من التسليف. من هنا فإن الإهتمام بات يتركز راهناً في لبنان على نحو أكثر جدية على إدارة السياسة النقدية، والإستقرار، وتجنب الإنفلاش النقدي في سبيل مكافحة التضخم».
ولفت د. طربيه إلى أنه «يجب مراعاة السياسة الإسكانية والشأن الإقتصادي في الوقت الراهن من خلال الحكومات التي تتسلم عادة المهمات التنفيذية للخطط المالية والإقتصادية، وخصوصاً إثر الإنتخابات النيابية التي جرت مؤخراً»، مشيراً إلى «أن مصرف لبنان المركزي قام بسد فراغ غياب السلطات الحكومية، لكن متى عادت هذه السلطات إلى تنشيط نفسها وممارسة دورها المعتاد، يجب أن تأخذ في الإعتبار الملف الإسكاني، لأنه وصل إلى مرحلة بات يؤثر فيها سلباً على الإستقرار النقدي في حال لم يُتدارك الوضع. فعملية إدارة السيولة ومستويات التسليف، تتطلب تغييراً في المشهد التسليفي من خلال معالجة موضوع السكن وغيره من المشكلات الشائكة من خلال مسؤوليات الدولة، وهذا كله ليس من مسؤولية مصرف لبنان المركزي أو المصارف وحدها».
السيسي
تحدث رئيس مجلس الأمناء في وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب في مصر القاضي أحمد سعيد خليل السيسي قائلاً: «إن الملتقى السنوي الثامن المشار إليه يحثنا بالدرجة الأولى على أن نتطلع إلى النظر في موضوع الشمول المالي في المنطقة العربية الذي يُعتبر الأضعف على المستوى العالمي، إذ إنه في واقع الحال، كلما قمنا بتعزيز الخدمات المصرفية لجميع فئات المجتمع، ضمن سياق الشمول المالي، كلما عملنا على مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب».
وأوضح السيسي «إن مشكلتنا في الدول العربية تكمن في أن عدداً كبيراً من فئات المجتمع لا تزال تتعامل بالنقد (الكاش) من دون المرور بالمصارف، بخلاف ما هو حاصل في البلدان الأوروبية والأميركية المتقدمة. وهذه المشكلة تشكل معوقاً أحياناً في سبيل مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب».
وتحدث السيسي عن تجربة المصارف المصرية قائلاً: «نحن في مصر، نعمل على تنظيم المدفوعات الحكومية وغيرها، بناء لتوجيهات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، من خلال المصارف، لأنها السبيل الأنجع لتحقيق الإستقرار الإقتصادي والمالي»، مشدداً على أنه «طالما دخلنا مرحلة الشمول المالي، فإن ذلك سيؤدي إلى نتائج متقدمة على الصعيد المصرفي، حيال تحقيق المزيد من السمعة الطيبة للقطاع المصرفي العربي عموماً، ولا سيما على صعيد مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب كما سبقت الإشارة».
وخلص السيسي إلى «أن تحقيق الشمول المالي في مصر سيؤدي إلى سيطرة المصارف المصرية على نحو أكثر مهنية وكفاءة على الجرائم المالية، مما ينعكس إيجاباً على الثقة بالقطاع المصري، وإدخال المزيد من الأموال وضخ الإستثمارات إلى الإقتصاد المصري».
منصور
من جهته، تحدث الأمين العام لهيئة التحقيق الخاصة في لبنان – وحدة الإخبار المالي، والرئيس الحالي لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أجل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب «مينا فاتف» – MENAFATF عبد الحفيظ منصور فقال: «ثمة مشاريع قوانين جديدة على صعيد الإمتثال ستترك آثاراً إيجابية على صعيد القطاع المصرفي اللبناني. علماً أن هذه التشريعات تتطلب تعديلات يجب أن تُدرج فيها مما يصب على نحو ناجع في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. فلبنان وقع على إتفاقات دولية، وهو ملزم بأن يقوم بالتعديلات القانونية اللازمة، بإعتبار أن هذه التعديلات ليست مطلوبة وحسب، إنما تدخل في سياق عملية تقييم الأوضاع في لبنان».
وشرح منصور بالقول: «هناك ثمة فرق عمل متخصصة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب تزور عادة لبنان، كي تتأكد من أن المتطلبات والمعايير الدولية متوافرة وتُطبق فعلياً وجدياً في هذا البلد، وتالياً ليس إعتباطياً. فلبنان كي يبقى ملتزماً هذه المعايير الدولية، ينبغي أن يراجعها بإستمرار. علماً أن مؤتمر «سيدر» الذي إنعقد مؤخراً في باريس (نيسان/ إبريل 2018) برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ونجم عنه قروض وهبات لمصلحة البنى التحتية في لبنان، بنحو 11 مليار دولار، ينبغي أن تُصرف من أجل إنقاذ الإقتصاد الوطني في هذا البلد، لكن شرط أن يقوم بتطبيق المعايير الدولية، وإذا حُرم من هذه القروض والهبات، فإن ثمة خطراً حيال تمويل هذه البنى التحتية».
ولاحظ منصور «أن عدداً من التعاميم الصادرة من مصرف لبنان المركزي حيال المتطلبات الدولية للمصارف والمؤسسات المالية اللبنانية، تلبي الحاجات لفترة معينة، إنما تبقى الحاجة الأساسية إلى التشريعات الجديدة التي تدوم لفترة طويلة وعلى نحو مستقر، والتي تواكب المتطلبات المستجدة والحديثة، ولا سيما ما يتعلق منها بالقانون التجاري (كل ستة أشهر تصدر متطلبات دولية جديدة)».
ولفت منصور إلى «أهمية مسألة «إعرف عميلك» وما يتعلق منها بالشمول المالي الذي تناوله رئيس مجلس الأمناء في وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب في مصر القاضي أحمد سعيد خليل السيسي خلال إفتتاح الملتقى»، وقال: «إن مسألة «إعرف عميلك» وما يتعلق منها بالشمول المالي، تتطلب إدخال الأشخاص إلى النظام المصرفي وليس إقصاءهم وذلك ضمن شروط المعايير الدولية الجديدة. علماً أنه ليس كل الناس تستطيع أن تستفيد من الخدمات المصرفية، وتتعامل مع القطاع المصرفي كيفما تشاء (بسبب ثقافتها المحدودة في المجال المصرفي)، إنما تحكمها معايير ومتطلبات دولية معينة تصدر دورياً، وتالياً مَن لا يتعامل بالشروط المقررة دولياً ولا يلتزم الشفافية، لن يستفيد من النظام المصرفي محلياً أو دولياً. من هنا يجب أن تُستوفى كل الشروط الدولية المتعلقة بمسألة «إعرف عميلك»، بمعنى أن يكون طالب الخدمة المصرفية هو نفسه وليس أحداً آخر يعمل لحساب العميل الأصيل، كي لا يفتح المجال أمام الجريمة المنظمة، إذ إن أبرز سمات الجريمة المنظمة التي تنطبق على الأشخاص المجرمين هم: المنخرطون في الأعمال غير الشرعية، أوالمحكوم عليهم في قضايا تتعلق بجرائم مالية وغيرها..».
وتحدث منصور عن لبنان تحديداً قائلاً: «لا يستطيع أي مصرف في لبنان أن يُقفل حساباً مصرفياً لأحد من عملائه من دون تبليغ رسمي، وذلك بموجب تعميم صدر مؤخراً عن مصرف لبنان المركزي في هذا الشأن، كي لا تحصل إجراءات إعتباطية في حق أي عميل مصرفي من غير موجب حق. وهذا يعني أنه عند إقفال أي حساب مصرفي ما (لأي عميل) يجب أن يسبق ذلك الإبلاغ عنه ومعرفة الأسباب الموجبة لهذا الإقفال».
وخلص منصور إلى القول: «إن قطاعنا المصرفي اللبناني كبير، فيما معظم اللبنانيين يملكون حسابات مصرفية وبطاقات إئتمان، لذا فمن الطبيعي أن تحصل بعض المراجعات لبعض الحسابات المصرفية. فمسألة الشمول المالي لدينا ليست ضاغظة مقارنة بالبلدان العربية الأخرى».
قانصوه
وتناول مدير التوجيه في الجيش اللبناني العميد علي قانصوه، أهمية الملتقى السنوي الثامن وإنعقاده في العاصمة اللبنانية بيروت، وقال: «إن إنعقاد هذا الملتقى في هذا الوقت تحديداً مهم جداً لأننا نعاني في لبنان والعالم جراء الإرهاب والجرائم المالية المنظمة، ونحتاج إلى مراجعة دائمة حيال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتجفيف مصادر الإرهاب، وهذا أمر مهم جداً ويساعدنا في محاربة الإرهاب في شتى أنحاء العالم ولا سيما في لبنان. كذلك حيال نقل الأموال غير الشرعية، إذ من الضروري البحث الجدي في إيجاد القوانين الصارمة التي تقيد عمليات تبييض الأموال. فمكافحة تبييض الأموال يساعد على تجفيف مصادر الإرهاب».
رجاء كموني وهيثم العجم