حزمة إجراءات أردنية جديدة لمواجهة كورونا
وإعفاءات ضريبية وتخفيض رسوم وتسهيلات مالية
وزير المال محمد العسعس: هدفنا المحافظة على الإستقرار المالي
ومساعدة القطاع الخاص للحفاظ على إستقراره المالي

أعلنت الحكومة الأردنية، حزمة إجراءات جديدة للمجتمع والقطاعات المحلية، لمواجهة إنتشار فيروس كورونا. وتحدث وزير الصحة الأردني سعد جابر، عن الإجراءات المتخذه ابرزها «منع الإجازات الخارجية للعمالة الوافدة، ووقف تصاريح العمل للآتين من الخارج، ومنع الإجازات للطلاب الأجانب الدارسين في المملكة، الذين يذهبون إلى دول ينتشر بها المرض. كما تقرر وقف الرحلات المدرسية الخارجية، وتعليق سفر الموظفين للخارج إلاّ للضرورة القصوى وبموافقة مجلس الوزراء، والإستمرار بنصح المواطنين بعدم السفر للخارج إلاّ للضرورة القصوى».
من جهته، كشف وزير المالية الأردني محمد العسعس، عن «إنكماش متوقع في الإقتصاد الأردني بنسبة 3.4 % خلال العام الجاري»، قائلاً: «إن الآثار الصحية الناجمة عن فيروس كورونا غير واضحة في العالم ككل، كذلك من المستحيل توقع تأثير هذه الصدمة غير المسبوقة على الإقتصاد».
في التفاصيل، قرر مجلس الوزراء الأردني، تشديد الرقابة على المعابر الحدودية، حيث يتم دراسة المعابر الحدودية البرية للمملكة بشكل مكثف، إذ يرتبط الأردن بمعابر برية مع العراق وسوريا والسعودية وفلسطين.
وإتخذ الأردن كغيره من دول العالم، العديد من الإجراءات الإحترازية لمواجهة الفيروس، إذ قرّر منع دخول غير الأردنيين إلى أراضي المملكة، ولا سيما الآتين من الصين وإيران وكوريا الجنوبية، وعلّق رحلاته إلى إيطاليا.
القطاعات الإقتصادية جاهزة
رغم أن الحكومة الأردنية لم تنف وجود أزمة إقتصادية تنسحب على مختلف القطاعات، سواء المشاريع الإقتصادية الكبرى أو المؤسسات والشركات الصغيرة وأصحاب المهن الحرة. كما أن وزارة المال الأردنية تحدثت عن أزمة إقتصادية طويلة الأمد، ستمتد تداعيتها للعامين المقبلين، وأن هناك قروضاً داخلية وخارجية إستحق سدادها، وفاتورة رواتب شهرية للقطاع العام والعسكري والمتقاعدين، فضلاً عن فاتورة طبية بسبب الكورونا زادت من أزمة الإقتصاد الأردني ومديونيته، رغم ما تقدم، قامت وزارة المال والبنك المركزي الأردني بجملة إجراءات لتحفيز الإقتصاد الوطني بالشراكة مع القطاع الخاص، أبرزها تأجيل أقساط التسهيلات الإئتمانية الممنوحة لعملاء القطاعات الإقتصادية، وضخ سيولة إضافية للبنوك بمبلغ مليار و50 مليون دينار (1.48 مليار دولار)، مما يُخفّض أسعار الفائدة المتحصّلة على التسهيلات الممنوحة، وغيرها من الإجراءات المحفزة.
والجدير ذكره، أن القطاعات الإقتصادية المتنوعة – الصناعية منها والتجارية والزراعية والإنشاءات – في القطاع الخاص، جاهزة لتحفيز الإقتصاد الوطني والعمال، وتأمين الإحتياجات المحلية والتصديرية، لكنها بإنتظار جملة قرارات ومحفّزات وتسهيلات رسمية لبدء عملها.
أول هذه القرارات المطلوبة – وفق رئيس غرفة صناعة الأردن فتحي الجغبير- «فتح باب العمل للقطاعات الإقتصادية وفق ضوابط صحية للعاملين، مما يُحرّك عجلة الإقتصاد الوطني، مع السماح بتصدير المواد التي لا تحتاجها المملكة، والفائض منها عن الحاجة».
وأضاف الجغبير «أن القطاع الصناعي عصب الأردن الحيوي، وكلما تأخر قرار إعادة العمل في المصانع، رتّب على ذلك خسائر مالية للمصنعين، وألحق خسائر بالإيرادات الحكومية المتحصلة من الضرائب»، مؤكداً «ضرورة منح الصناعيين تسهيلات مالية لتسديد الإلتزامات المستحقة من رواتب عاملين وتكاليف تشغيل وصيانة وغيرها».
ويؤكد مختصون «أن القطاع السياحي من أكثر القطاعات الاقتصادية تضرراً بالأزمة، مما يستدعي تنفيذ خطة إقتصادية بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، لإنقاذ هذا القطاع بتفرعاته المختلفة سواء الفنادق أو شركات الطيران أو النقل أو وكلاء السياحة والسفر».
خطة تحفير
والحل الأنسب لهذه الأزمة وفق رئيس جمعية رجال الأعمال حمدي الطباع، «يتمثل في إطلاق الحكومة حزمة إقتصادية تتضمّن خطة تحفيز اقتصادية بمبلغ مالي يُراوح بين 5 % و7 % من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك ليكون كفيلاً بتجنّب حدوث حالة الركود المتوقعة نتيجة الأزمة الراهنة».
ويضيف الطباع «أن نتائج دراسة أجرتها الجمعية أشارت إلى أن أهم قرار حكومي يجب إتخاذه بأسرع وقت، هو تسديد كافة المستحقات المالية على المشاريع المنتهية والسلع والخدمات الموردة للجهات الرسمية، والعمل على دفع كافة المبالغ الحكومية المستحقة للقطاع الخاص، وذلك لتعزيز السيولة النقدية في الإقتصاد الوطني».
ويطالب إقتصاديون وتجار بأن تشمل خطط التحفيز تخفيض وتأجيل وتقسيط رسوم وضرائب وعمولات للمؤسسات الرسمية، وتخفيض ضريبة المبيعات على السلع والخدمات لتحفيز القدرة الشرائية للمستهلكين، وضمانا لاستمرارية عجلة توريد ضريبة المبيعات إلى خزينة الدولة بشكل أكبر.
تبرعات لـ«همة وطن»
يُذكر أن القطاع الخاص في الأردن قدّم تبرعات مالية لصندوق «همة وطن» الذي أطلقته الحكومة مؤخراً بلغت نحو 72 مليون دينار (100 مليون دولار)، وذلك لمساعدة الأسر المتضررة بشكل مباشر من أزمة كورونا، ولا سيما عمّال اليومية وأصحاب المهن الحرة ممن فقدوا مصدر رزقهم الرئيسي.
إنخفاض الإيرادات المحلية
من جهته، كشف وزير المالية الأردني محمد العسعس، عن «إنكماش متوقع في الإقتصاد الأردني بنسبة 3.4 % خلال العام الجاري»، قائلاً: «إن الآثار الصحية الناجمة عن فيروس كورونا غير واضحة في العالم ككل، كذلك من المستحيل توقع تأثير هذه الصدمة غير المسبوقة على الإقتصاد».
وأوضح العسعس «أن توقعات الحكومة بتحقيق نمو في الناتج المحلي الاجمالي في بداية العام الجاري 2020 بنسبة 2.1 %، طرأ عليه تغيّر بنحو 5.5 %، حيث من المتوقع أن يسجّل إنكماشاً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة3.4 %».
وقال الوزير العسعس: «سنستمر في سياسة الإنفاق، لكن إيراداتنا ستتعرّض إلى هزّة كبيرة نسبياً، ستؤدي إلى إرتفاع في عجز الموازنة، نحن في معركة بقاء لحماية الإقتصاد الوطني»، كاشفاً عن «أن المرحلة التي دخلها الأردن حالياً، هي مرحلة الموازنة بين الإستقرار المالي والأثر الصحي لفيروس كورونا، فيما ستكون المرحلة الثالثة اللاحقة مرحلة «التعافي» التي ستشهد إجراءات صارمة وعميقة ماليا».
وقال الوزير الأردني العسعس: «في المرحلة المقبلة، هدفنا المحافظة على الإستقرار المالي، وضمن الإمكانات المحدودة، مساعدة القطاع الخاص للحفاظ على إستقراره المالي».
صندوق النقد الدولي والإقتصاد الأردني
في السياق عينه قال الوزير المالية الأردني العسعس، «إن توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى إنكماش إقتصاد بلاده في 2020 للمرة الأولى منذ عقود»، مشيراً إلى «أن التوقعات تدعو إلى القلق، لأن الأردن إستطاع قبلاً أن يُحقق نمواً بمتوسط 2 %».
وأضاف الوزير العسعس: «لقد إستطعنا تحويل أزمة كورونا إلى منحة، إذ إستجبنا للأزمة بتدابير عاجلة على مستوى سياسة المالية العامة والسياسة النقدية، التي إقترنت بقوة الأساسيات الإقتصادية بما فيها إستدامة القدرة على تحمّل الدين وسلامة النظام المالي».
وتوقع الوزير العسعس «أن يكون تباطؤ النشاط الإقتصادي العالمي، عقبة أمام الإستثمار الأجنبي المباشر للمملكة، وتحويلات العاملين في الخارج، والتجارة، والسياحة المجمّدة حالياً بنسبة 100 %»، مؤكداً «أن السياحة تشكل 10 % من إجمالي الناتج المحلي في فترة ما قبل الجائحة، عدا عن وجود أكثر من 250 ألفاً من عمال المُياومة، تضرّروا بسبب الإغلاق العام، وعدد كبير من منشآت الأعمال التي تواجه ضائقة نقدية».