إفريقيا تمتلك ورقة رابحة قد تقلب الطاولة على الصين وروسيا لصالح ترامب
(العربية)-03/12/2024
يحاول القادة والمستثمرون الأفارقة، مثل نظرائهم في مختلف أنحاء العالم، تقييم تأثير عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة على قارتهم. إذ أثار تهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع المنتجات القادمة من كندا والمكسيك والصين، بمجرد توليه المنصب، قلق هذه الدول بالفعل.
ولكن محاولة إرضاء أو استرضاء أو حتى مواجهة الرئيس الأميركي المنتخب، كما تفعل معظم دول العالم، ليست الاستراتيجية المثلى لأفريقيا. إذ بعكس هذا النهج نزعة التبعية التي لطالما ميزت العلاقات بين القارة والقوى العالمية الكبرى لعقود، وغالباً ما يؤدي إلى اختلال ميزان القوى وخلق توترات تنتهي بانهيار الاتفاقيات، وفقاً لما نقلته “بلومبرغ” واطلعت عليه “العربية Business”.
بدلاً من ذلك، ينبغي على القادة الأفارقة التركيز على كيفية التأثير في سياسات ترامب لصالحهم، من خلال طرح اتفاق جديد يعزز المصالح المشتركة ويخدم القارة بشكل أفضل.
تتزايد المخاوف من إدارة ترامب الثانية نظراً لمواقفه السابقة تجاه القارة، حيث وصف بعض الدول الإفريقية بعبارات مهينة عام 2018. كما أن خططه الحمائية قد تهدد قانون النمو والفرص الإفريقية (أغوا)، الذي يمنح 32 دولة إفريقية إمكانية الوصول إلى السوق الأميركية بدون رسوم جمركية على أكثر من 1,800 منتج. ويُشار إلى أن هذا القانون، الذي يعد محركاً اقتصادياً مهماً للقارة، سينتهي في سبتمبر/أيلول 2025، وتجديده قد يكون محل شك في ظل سياسة “أميركا أولاً” التي يتبناها ترامب.
إفريقيا أمام فرصة للتفاوض بشروطها
بكل صراحة، القارة الإفريقية ليست ضمن أولويات دونالد ترامب، كما أشارت إليزابيث سيديروبولوس، المديرة التنفيذية لمعهد الشؤون الدولية في جنوب إفريقيا، وإذا أصبحت أولوية، فستكون وفق منطق الصفقات، مثل تأمين الوصول إلى المعادن الحيوية.
إذ تمتلك إفريقيا وفرة من الموارد الطبيعية المهمة للاقتصاد العالمي. حيث تحتضن 85% من إجمالي إنتاج العالم من المنغنيز، و80% من البلاتين والكروم، إلى جانب 47% من الكوبالت، و21% من الجرافيت، و6% من النحاس وغيرهم من الموارد الأخرى.
علاوة على ذلك، تتمتع إفريقيا بميزة ديموغرافية؛ حيث تضم شريحة شبابية كبيرة تشكل ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي والاستهلاك العالمي مستقبلاً، فضلاً عن إمكاناتها الكبيرة في إنتاج الطاقة النظيفة.
تمنح هذه الموارد القارة الإفريقية ورقة رابحة؛ إذ يمكنها التفاوض من موقع قوة وفرض شروطها في التعامل والتفاوض مع ترامب، الذي يرى نفسه صانع صفقات.
ما ملامح الصفقة المحتملة؟
نجحت إدارة بايدن في بناء علاقة قوية مع الرئيس الكيني، ويليام روتو، ونخبة الأعمال في البلاد. ويعد مشروع “ممر لوبيتو” الذي أُنجز بالشراكة مع رئيس أنغولا، جواو لورينسو، أحد أبرز إنجازات بايدن، وقد أعرب لورينسو عن استعداده للتعامل مع ترامب.
أما رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، فسيشارك ترامب منصة قمة مجموعة العشرين بعد انتهاء رئاسة بلاده للمجموعة في ديسمبر/كانون الأول 2025، ويتمتع رامافوزا أيضاً بعلاقة وثيقة مع إيلون ماسك، الذي يُعد أحد أقرب حلفاء ترامب.
وينبغي أن يدرك ترامب أن عدم تجديد قانون “أغوا” سيؤدي إلى تقليص قدرة الولايات المتحدة على مواجهة الصين وروسيا، في واحدة من أكثر المناطق الاستراتيجية أهمية في العالم.
وبالفعل، بدأت واشنطن تفقد حلفاءها ونفوذها لصالح موسكو وبكين في القارة الإفريقية. ويتعين على ترامب أن يفهم أن الحفاظ على علاقات جيدة مع إفريقيا أكثر جدوى من تجاهلها.
وقال الخبير التجاري الأميركي، دانيال روند، أمام لجنة الكونغرس في يونيو/حزيران، إن الحزب الشيوعي الصيني ينظر إلى إفريقيا كفرصة تحقق مكاسب للطرفين، بينما لم تدرك الولايات المتحدة بعد هذه الفرصة.
وأضاف المحلل أن شراكة الولايات المتحدة مع إفريقيا تعتمد حتى الآن بشكل كبير على المساعدات الخارجية، لكن الحاجة باتت ملحّة لتحديث هذه العلاقة، وحذر من أن عدم تجديد قانون “أغوا” سيُقابل باحتفالات في موسكو وبكين، مشدداً على ضرورة التحرك بسرعة لضمان استمرار النفوذ الأمريكي في القارة.
ويعد الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، بحاجة إلى تقديم رؤية جديدة للعلاقات مع إفريقيا، بما يسمح له بالتفاخر بها عبر منصته”Truth Social” حالياً، إذ يخلو برنامج الحزب الجمهوري من أي إشارة إلى القارة.
لذا، يمكن القول بأن القارة الإفريقية أمام فرصة ذهبية في الوصول إلى صفقة متوازنة مع إدارة ترامب، وينبغي أن تطرح إفريقيا شروطها بما يخدم شعوبها ويحقق مكاسب حقيقية للطرفين.