البنوك المركزية الكبرى تتأهب لتحركات جديدة في أسعار الفائدة
من المتوقع بشكل كبير أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية اليوم الأربعاء. وقد عززت القراءة المستقرة للتضخم في نوفمبر هذه التوقعات. وتشير أسواق العقود الآجلة إلى احتمال بنسبة 95% بأن يجري المجلس خفضاً بمقدار 0.25 نقطة مئوية في نهاية اجتماعه الأخير لهذا العام.
وسيؤدي ذلك إلى خفض النطاق المستهدف لأسعار الفائدة إلى ما بين 4.25% و4.5%. وتدعم بيانات مكتب إحصاءات العمل هذه التوقعات، حيث أظهرت ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة إلى 2.7% خلال نوفمبر، مقارنة بـ 2.6% في أكتوبر. ويتماشى هذا الارتفاع مع توقعات الاقتصاديين.
كما أشارت بيانات سوق العمل التي صدرت في وقت سابق من هذا الشهر إلى أن الاقتصاد الأمريكي أضاف 227 ألف وظيفة في نوفمبر، وهو ما تجاوز التوقعات، بعد أن تأثرت أرقام أكتوبر بشكل حاد بسبب الأعاصير والإضرابات.
ويتجه اهتمام المستثمرين والمحللين الاستراتيجيين الآن نحو توقعات عام 2025، حيث يلقي كل من التضخم المستمر وسوق العمل القوية بظلال من الشك على إمكانية خفض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في وقت مبكر من العام الجديد.
وقال بريان ليفيت، استراتيجي الأسواق العالمية في شركة إنفيسكو، بعد صدور أحدث تقارير التضخم: «قد يتوقف الاحتياطي الفيدرالي بعد ديسمبر».
وأشار إيان لينغن، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأمريكية في «إم أو كابيتال ماركتس» إلى أن دونالد ترامب سيتولى منصب رئيس الولايات المتحدة قبل الاجتماع المقبل للاحتياطي الفيدرالي في 29 يناير. وسيمهد تتابع هذه الأحداث الطريق أمام الاحتياطي الفيدرالي للتوقف عن خفض أسعار الفائدة لتقييم أي تغييرات رسمية في السياسات التي قد يتخذها ترامب.
وبالنسبة لأسعار الفائدة في اليابان، فخلال معظم شهر نوفمبر، كانت الأسواق واثقة بشكل متزايد من أن بنك اليابان سيستخدم الاجتماع الأخير للسياسة النقدية لعام 2024 لرفع سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية ومواصلة جهود المحافظ كازو أويدا المتقطعة نحو «تطبيع الأوضاع».
وألمح محللون إلى وجود إشارات إيجابية من الاقتصاد، مع استمرار الضغوط التراجعية على الين، وتحرك التضخم بما يتماشى مع توقعات البنك المركزي. وكان بعض المستثمرين يستعدون لتكرار التقلبات الشديدة في أسواق الأسهم التي أعقبت الزيادة المفاجئة في أسعار الفائدة من بنك اليابان في يوليو.
وأخبر اقتصاديون بمجموعة من البنوك الاستثمارية الكبرى عملاءهم بتوقعهم أن يحافظ بنك اليابان على ثبات أسعار الفائدة، ليس بسبب تغير الإشارات الاقتصادية، ولكن بسبب التغيرات السياسية. ومنذ الرهان الكارثي لرئيس الوزراء شغيرو إيشيبا على الانتخابات المبكرة، اضطر الحزب الليبرالي الديمقراطي إلى المناورة في برلمان معلق، والاعتماد على حزب معارض أصغر، وهو حزب الديمقراطيين من أجل الشعب، لتمرير الميزانية التكميلية.
وقد أعرب الحزب الديمقراطي من أجل الشعب عن مقاومته لأي زيادة للفائدة إلى ما بعد مارس، مشيراً إلى أنه يجب الانتظار حتى تظهر مفاوضات الأجور في الربيع بشكل قاطع أن الزيادات القوية هذا العام لم تكن استثناءً.
وقال ناوهيكو بابا، الاقتصادي في بنك باركليز باليابان: «ما زلنا نعتقد أن موقف إدارة إيشيبا قد يكون العامل الأكثر أهمية في تحديد توقيت الزيادة التالية في أسعار الفائدة». وأضاف أن الإدارة، قبيل انتخابات مجلس الشيوخ المقبلة خلال الصيف المقبل، بدت وكأنها تسعى إلى زيادة شعبيتها من خلال التوسع المالي.
وبالنسبة لبنك إنجلترا، يراقب المستثمرون اجتماع السياسة النقدية لبنك إنجلترا غداً الخميس بحثاً عن تلميحات حول آفاق أسعار الفائدة في المملكة المتحدة في بداية العام المقبل. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يبقي البنك على سعر الفائدة الأساسي ثابتاً عند 4.75 %. ومع عدم وجود مؤتمر صحافي أو توقعات اقتصادية مصاحبة للقرار، سيركز المستثمرون على إرشادات البنك.
ويتوقع معظم الاقتصاديين أن يصوت 8 من أعضاء لجنة السياسة النقدية التسعة للإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير. كما يتوقع معظم المحللين أن تظل العناصر الرئيسية في بيان بنك إنجلترا بشأن مسار الأسعار المستقبلية كما هي، بما في ذلك «النهج التدريجي لإزالة قيود السياسات» لكن مع ضرورة بقاء السياسة العامة «تقييدية لفترة كافية».
وقال جاك مينغ، الاقتصادي في باركليز، إن بيانات سوق العمل وبيانات التضخم لشهر نوفمبر «قد تؤدي إلى تغيير في تقسيم الأصوات والإرشادات». وأضاف مينغ: «هناك احتمال ضئيل أن يكون التصويت بنسبة 3 إلى 6». «وإذا حدث ذلك، فسيكون ذلك بمثابة إشارة تيسيرية مهمة». ويتوقع مينغ أيضاً إضافة بعض الفقرات إلى الإرشادات «لتمييز الآراء المتباينة داخل الكتلة الأكبر».
وقال إن اللجنة من المحتمل أن تعترف ببعض الاتجاهات الاقتصادية، مثل تأثير زيادة مساهمات التأمين الوطني، التي يترجح تلاشيها في الأشهر القليلة الأولى من عام 2025. ويتوقع سانجي راجا، الاقتصادي في دويتشه بنك، أن يتسارع التضخم السنوي لمؤشر أسعار المستهلكين إلى 2.5% في نوفمبر، مقارنة بـ 2.3% في أكتوبر، مع ارتفاع تضخم الخدمات ليصل إلى 5%.
وقال: «استناداً إلى بيانات أكتوبر، شهدنا زيادة في ضغوط الأسعار، خصوصاً فيما يتعلق بالسلع الأساسية والطعام والطاقة». وأضاف إن الزيادة في مساهمات التأمين الوطني والأجر المعيشي «من المحتمل أن تبدأ في تعزيز الزخم بقطاع الخدمات في بداية 2025».