البنوك الأمريكية في مأزق بعد إدراج «كاتل» بالقائمة السوداء
(البيان)-10/01/2025
صدر قرار وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» هذا الأسبوع بإدراج شركة «كاتل» على قائمة الشركات المرتبطة بالجيش الصيني، ما أثار قلق مصارف وول ستريت التي كانت تأمل المشاركة بأحد أكبر الاكتتابات العامة في هونغ كونغ منذ سنوات.
وعقدت «كاتل»، أكبر مصنع لبطاريات المركبات الكهربائية في العالم وأحد موردي «تسلا»، اجتماعات مع عدد من المصارف في الأسابيع الأخيرة، في إطار خططها لإدراج أسهمها في بورصة هونغ كونغ. ويهدف هذا الإدراج إلى تمكين الشركة من الوصول إلى رؤوس الأموال الأجنبية، في ظل سعيها للتوسع عالمياً. وتشير تقديرات «مورجان ستانلي» إلى أن هذا الإدراج قد يجمع ما يصل إلى 7.7 مليارات دولار.
وأعرب كل من «جولدمان ساكس» و«بنك أوف أمريكا» و«جيه بي مورجان» و«مورجان ستانلي»، عن اهتمامهم بالعمل على الإدراج، بحسب شخصين على علم بالنقاشات. ومن المتوقع أن تختار الشركة، التي أدرجت أسهمها في شنتشن، مديري الطرح قبل اجتماع المساهمين في السابع عشر من يناير الجاري، حسبما أفاد أحد المصادر، ومن المرجح أن يناقش الاجتماع موعد وحجم الطرح.
لكن خطوة «البنتاغون»، التي أضافت أيضاً عملاقة التكنولوجيا «تنسنت»، و«كوسكو» إحدى أكبر شركات الشحن الصينية، إلى القائمة، تهدد بتغيير حسابات المصارف بشأن نسبة المخاطرة إلى العائد.
ورغم أن قرار «البنتاغون» لا يفرض قيوداً قانونية مباشرة على قدرة المصارف على العمل مع الشركات المدرجة في هذه القائمة، إلا أنه سيجبرهم على مواجهة التساؤل الصعب المتعلق بالسمعة: هل يمكن لمصرف أن يدير طرح أسهم شركة أعلنت الولايات المتحدة أنها مرتبطة بالجيش الصيني؟
وقال هان شين لين، المدير المسؤول عن الشؤون الصينية لدى شركة «ذا آسيا جروب» الأمريكية للاستشارات: «لسوء الحظ، أصبح ظهور أسماء العملاء بصورة عشوائية على القوائم السوداء أكثر شيوعاً في عالم الصيرفة هذه الأيام، ويزيد هذا من المخاطر». وأوضح: «كل ما يمكن للبنوك فعله هو إعادة ترتيب أعمالها ومزيج العملاء لديها وفقاً للمستجدات».
وذهب لين إلى أن الإدراج على القائمة «ليس مثله مثل العقوبات، لكنه قريب بما يكفي بحيث قد تقرر المصارف تقليل انكشافها على هذه الأسماء؛ تفادياً لأن تكون جزءاً من أنباء سلبية».
وليس من الواضح بعد ما إذا كانت المصارف الأمريكية ستمضي قدماً في مشاركتها في إدارة الطرح العام في عقب قرار البنتاجون. ورفض كل من «جولدمان ساكس» و«بنك أوف أمريكا» و«جيه بي مورجان» التعليق، ولم يستجب «مورجان ستانلي» لطلب التعليق.
ويشكل قرار «البنتاغون» أحدث إشارة إلى مدى إضرار التوترات بين الولايات المتحدة والصين بالصفقات وكيف تلقي بها في غياهب عدم اليقين، وهو تغير واضح مقارنة بالأعوام السابقة، حينما حققت المصارف العالمية أرباحاً هائلة في هونج كونج عن طريق مساعدة الشركات الصينية سريعة النمو على إدراج أسهمها في الخارج، ومعظمها في الولايات المتحدة. ومن شأن أي تحرك نحو قطع العلاقات بأي من الشركات المدرجة في القائمة أن يكون مكلفاً للبنوك.
وشركة «تنسنت» على وجه الخصوص كانت من بين العملاء الصينيين الأكثر أهمية للمؤسسات الأمريكية. وضخت عملاقة التكنولوجيا، منذ 2004، العام الذي شهد الطرح العام الأولي لها، وحتى عام 2023، رسوماً بنكية استثمارية قدرها 524 مليون دولار، بحسب الأرقام الصادرة عن مجموعة بورصات لندن. وكانت مصارف «مورجان ستانلي» و«بنك أوف أمريكا» و«جولدمان ساكس» من بين أكبر المستفيدين من هذه الرسوم.
ولم تعتمد «كاتل» كثيراً على المصارف الأجنبية، إذ يتجه نصيب الأسد من الرسوم التي تسددها إلى «تشاينا سيكيوريتيز» و«سي آي سي سي»، لكن يأتي «جولدمان ساكس» في المرتبة الثالثة باعتباره ثالث أكبر المستفيدين من الرسوم بفضل أنشطة الصيرفة الاستثمارية، بحسب بيانات مجموعة بورصات لندن.
وأعلنت كل من «كاتل» و«تنسنت» أنهما تعتزمان خوض غمار إجراءات قانونية للطعن على إدراج البنتاجون لهما على القائمة، حال انهيار المفاوضات مع وزارة الدفاع الأمريكية.
من جانبه، ذكر بوني ما، مؤسس «تنسنت» ورئيسها، أن الشركة «ليست تابعة للجيش الصيني ولا هي تسهم في الدمج بين الصناعات العسكرية – المدنية». أما «كاتل»، فأوضحت أنها «لم تنخرط أبداً في أي أعمال أو أنشطة مرتبطين بالجيش». وبالنسبة لشركة «كوسكو»، فأعلنت أن أياً من الشركات المدرجة لم تكن أبداً «شركات عسكرية صينية»، وأنها مع السلطات الأمريكية «لإيضاح هذا الأمر».
وتشبه هذه الخطوة، المعضلة التي واجهت البنوك عام 2023، حينما سعت شركة «سينجينتا»، وهي شركة سويسرية للكيماويات الزراعية، إلى الاستعانة بخدمات هذه المصارف في طرح عام أولي كانت تخطط له بقيمة 9 مليارات دولار في بورصة شنغهاي.
وساور القلق البنوك حول ما إذا كان يمكن لها العمل على الصفقة، لأن وزارة الدفاع الأمريكية أدرجت مالكة «سينجينتا»، وهي شركة «كيم تشاينا» الصينية المملوكة للدولة، على قائمة «الشركات العسكرية الصينية».
ومارس المصرفيون لدى «جولدمان ساكس» و«جيه بي مورجان» و«يو بي إس» و«إتش إس بي سي»، ضغوطاً بسبب الدور الذي كانوا يلعبونه في الطرح العام الأولي، وقررت «سينجينتا» في نهاية المطاف إلغاء الخطة.
وأعلنت «كاتل» للمستثمرين أن الحصول على الدولارات يعد جزءاً مهماً من المنطق وراء إدراج الأسهم. وتمتعت الشركة بـ 289 مليار يوان صيني نقداً (ما يعادل 40 مليار دولار) اعتباراً من يوم الحادي والثلاثين من شهر مارس الماضي، لكن الضوابط الصينية الصارمة على رأس المال تشير إلى ضرورة حصول الشركة على موافقة الحكومة أولاً لضخ استثمارات مباشرة في الخارج إذا تجاوزت حداً معيناً، وهي عملية قد تكون شاقة.
وقد تساعد الإشارة إلى استخدام مصنعي السيارات العالميين للبطاريات التي تصنعها «كاتل»، المصرفيين، على تبرير العمل على الصفقة، خصوصاً إذا أضافوا «إخلاءً للمسؤولية» بالمستندات ذات الصلة بالإدراج، بحسب أحد المستشارين غير المشاركين بصورة مباشرة في الصفقة. وأضاف: «ما أعنيه أن بطارياتهم مستخدمة في سيارات فورد موستانج».