31 مليار دولار الأرباح الفصلية للبنوك الأمريكية
(البيان)-15/01/2025
تتجه أكبر المؤسسات المصرفية في الولايات المتحدة هذا الأسبوع نحو إعلان تسجيل قفزة في أرباحها لتصل إلى 31 مليار دولار في الربع الأخير من 2024.
ويأتي هذا النمو مدفوعاً بعاملين رئيسيين: الأول هو زيادة نشاط التداول في سوق الأسهم الأمريكية (وول ستريت) بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، والثاني هو تحسن ملحوظ في نشاط صفقات الدمج والاستحواذ في السوق.
وكشفت بيانات وكالة بلومبرغ المالية عن توقعات بنمو أرباح البنوك الأمريكية الكبرى بنسبة 16% مقارنة بالربع المماثل العام الماضي.
ويشمل ذلك أكبر ستة بنوك أمريكية من حيث حجم الأصول، وهي: جيه بي مورغان تشيس، وبنك أوف أمريكا، وسيتي غروب، وويلز فارغو، وغولدمان ساكس، ومورغان ستانلي.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه التوقعات تستثني مبلغ 10 مليارات دولار كانت هذه البنوك قد دفعته في نهاية عام 2023 إلى صندوق تأمين الودائع الفيدرالي، وهو نظام حماية يهدف إلى تغطية تكاليف انهيار عدد من البنوك الإقليمية الذي شهده عام 2023.
وتأتي توقعات الأرباح الوفيرة للبنوك الكبرى على ضوء ارتفاع السوق خلال الفترة التي سبقت الانتخابات الأمريكية في 5 نوفمبر، تلتها موجة صعود قوية في الأسهم في الأسابيع التالية للانتخابات. وفي هذا الإطار، أعلنت مجموعة بنوك كبرى، بينها سيتي غروب وجيه بي مورغان، في نهاية العام الماضي، أن الزيادة في نشاط التداول قد ساهمت في رفع إيراداتها.
ووصف سكوت سيفرز، المحلل المصرفي المختص في شركة «بايبر ساندلر»، أداء أسواق رأس المال في نهاية العام بأنه قوي للغاية، موضحاً أن البنوك تمر حالياً بفترة توازن مثالية فيما يخص هوامش الربح، إذ تستفيد من معدلات الفائدة المرتفعة على المدى الطويل، بينما تتمكن في الوقت نفسه من تقليص تكاليف الودائع المصرفية بفضل خفض البنك الفيدرالي لأسعار الفائدة.
ويتوقع الخبراء ارتفاعاً ملحوظاً في رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية للبنوك الستة الكبرى بنسبة تصل إلى 30% لتبلغ 8.4 مليارات دولار، حيث استخدمت الشركات المقترضة انخفاض أسعار الفائدة خلال فصل الخريف في إصدار سندات دين جديدة، كما ساهم ارتفاع مؤشرات سوق الأسهم في زيادة عمليات طرح الأسهم، إضافة إلى تحسن متواضع في نشاط صفقات الدمج والاستحواذ.
ورغم تسجيل القطاع المصرفي الاستثماري أفضل أداء فصلي له منذ ثلاث سنوات، إلا أن حجم الرسوم المحصلة لا يزال يقل بنسبة 50% عن مستويات عام 2021 حين كانت البنوك تجني مجتمعة نحو 13 مليار دولار في كل ربع خلال فترة ازدهار الصفقات إبان الجائحة.
أما في مجال التداول، فقد حققت البنوك الستة الكبرى إيرادات إجمالية تقارب 24.5 مليار دولار من عمليات أسواق المال.
وسجلت أسهم البنوك الأمريكية قفزات قوية خلال الأشهر الأخيرة، إذ ارتفع مؤشر «كيه بي دبليو» المصرفي، بنسبة 33% خلال العام الماضي، وحقق وحده نمواً بنسبة 10% منذ إعلان فوز ترامب في الانتخابات.
وكان سهم بنك «غولدمان ساكس» الأفضل أداء بارتفاع بلغ 50% خلال العام الماضي، تلاه سهما «ويلز فارغو» و«جيه بي مورغان» بمكاسب تجاوزت 40%.
غير أن بعض المحللين يبدون قلقهم من أن هذه المكاسب القوية قد تشكل تحدياً كبيراً أمام البنوك عند إعلان نتائج أعمالها للربع الرابع هذا الأسبوع، إذ يجب عليها تحقيق نتائج استثنائية لتبرير هذا الارتفاع الحاد في أسعار أسهمها.
وحذر كريستوفر ويلن، المحلل المالي المخضرم ورئيس شركة «ويلن غلوبال أدفايزرز»، من احتمال حدوث موجة بيع في أسهم البنوك حتى مع تحقيق نتائج مالية جيدة نسبياً. وأوضح أنه رغم التراجع الطفيف في أسعار الأسهم منذ الارتفاع الكبير في نوفمبر، إلا أن القيم السوقية الحالية لا تزال تعكس حالة من المبالغة في التقييم.
وتؤكد البيانات هذا التحليل، حيث أدى الارتفاع الحاد في أسهم البنوك الأمريكية الستة الكبرى إلى وصول مضاعف السعر الآجل إلى الأرباح المستقبلية إلى 13 مرة، وهو أعلى مستوى منذ سنوات، باستثناء عام 2020 الذي شهد تضخماً استثنائياً في هذا المؤشر بسبب انخفاض مؤقت في الأرباح.
ويراهن المستثمرون على أن السياسات المتوقعة في عهد إدارة ترامب، من خفض الضرائب وتخفيف القيود التنظيمية، ستؤدي إلى تنشيط حركة الإقراض في جميع البنوك، واستمرار الارتفاع في رسوم الاستشارات لأقسام الخدمات المصرفية الاستثمارية في كبرى البنوك الوطنية، مع تراجع الرقابة الحكومية على صفقات اندماج الشركات.
أما على صعيد البنوك نفسها، فقد يؤدي تخفيف المتطلبات التنظيمية إلى منحها خيارين لتعزيز أدائها: إما زيادة استثماراتها عالية المخاطر، أو تعزيز عوائد المساهمين من خلال برامج إعادة شراء الأسهم وتوزيعات الأرباح، وفي كلتا الحالتين سيستفيد المستثمرون من ارتفاع العوائد.
وحذر محللون مصرفيون من أن سياسات ترامب، وخاصة الرسوم الجمركية، قد تتسبب في عودة التضخم وارتفاع أسعار الفائدة قصيرة الأجل لفترة أطول من المتوقع. وتجلت بوادر هذه المخاوف مع صدور تقرير التوظيف الأمريكي القوي يوم الجمعة، حيث ارتفعت عوائد سندات الخزانة قصيرة الأجل بشكل حاد بعدما خفّض المستثمرون توقعاتهم لإمكانية خفض البنك المركزي أسعار الفائدة هذا العام.
وأجبرت الفترة الطويلة من ارتفاع أسعار الفائدة قصيرة الأجل البنوك على دفع ثمن العوائد، ما أدى إلى تآكل أرباح الإقراض.
وتشير التوقعات إلى أن بنك ويلز فارجو، أحد أكبر البنوك الأمريكية، سيشهد انخفاضاً حاداً في أرباحه من نشاط الإقراض تتجاوز نسبته 8% مقارنة بالعام الماضي. كما يتوقع أن يسجل «جي بي مورجان» و«سيتي» انخفاضاً في أرباح الإقراض بنسبة 5% و3% على التوالي.
وقال تشارلز بيبودي، رئيس شركة الأبحاث المستقلة: «يواجه القطاع المصرفي تحدياً كبيراً لتلبية توقعات السوق. ورغم أن نتائج الربع الحالي لا تثير قلقي، إلا أن عام 2025 يشكل مصدر قلق حقيقياً نظراً للتفاؤل المبالغ فيه في السوق مقارنة بالمخاطر المتزايدة».