التحالف المناخي للمصارف يتجه إلى التخلي عن التزاماته
(البيان)-13/03/2025
سيطلب أبرز تحالف بنوك عالمي من أجل المناخ، الذي يضم في عضويته كبرى البنوك مثل «إتش إس بي سي» و«باركليز»، أن يصوتوا على التخلي عن التعهد بمواءمة أصولهم البالغ قيمتها 54 تريليون دولار، مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ، التي تهدف للحد من الاحتباس الحراري بمقدار 1.5 درجة مئوية.
وتأتي الخطوة في محاولة من التحالف للحفاظ على الأعضاء المتبقين بعد خروج العديد من البنوك الأمريكية البارزة في أعقاب انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة. وتراجعت مؤسسات مالية عديدة، ممن تبنت أهداف الانبعاث الصفري، عن تعهداتها، موضحة أنه ليس بإمكانها إزالة الكربون من عمليات الإقراض لديها وسجلات معاملات الشركات بوتيرة أسرع من الاقتصاد الأوسع. وكانت الفكرة الأساسية وراء تأسيس المجموعة، التي أطلقها مارك كارني، المبعوث المناخي للأمم المتحدة آنذاك، وهي دعم تقليل الانبعاثات من خلال أنشطة التمويل الخاصة بالمصارف.
ومع خضوعها بالفعل لضغوط من الساسة الجمهوريين في الولايات المتحدة، فقدت المجموعة 14 بنكاً أمريكياً بارزاً إضافياً بعد انتخاب ترامب، بما في ذلك «جيه بي مورجان تشيس» و«بنك أوف أمريكا»، ليتبقى بذلك 134 مصرفاً في التحالف. وانضم مصرف واحد فقط إلى التحالف أوائل ديسمبر الماضي، وهو مصرف «إس بي إيه بي» السويدي، حسب ما أعلن التحالف. وهددت مجموعة البنوك الأوروبية التي تشكل حالياً أكبر تكتل، بالانسحاب من التحالف في وقت مبكر من العام ما لم يخفف التحالف قواعده.
وكان من المتوقع تقديم مقترح تخفيف متطلبات العضوية الثلاثاء قبل عملية التصويت التي ستبدأ في وقت لاحق من الشهر الجاري، حسب ما أفاد به مصدران مطلعان. وقال أحدهم: «إنه رد فعل «محبط للغاية» إزاء الوتيرة البطيئة لعملية تحول الطاقة».
وتأتي هذه الخطوة بعد مفاوضات شملت قيادات التحالف في لندن بوقت متأخر من الشهر الماضي، وكانت الاجتماعات تهدف إلى تخطيط مستقبل التحالف بعد أشهر من المشاورات، وفق ما ذكره أحد المصرفيين الأعضاء. وفي الوقت الراهن، يجب على المصارف أن تلتزم بتقليل الانبعاثات الكربونية المرتبطة بعملياتها التمويلية إلى صفر بحلول 2050، وأن تتماشى مع المشهد العالمي الذي يحد ارتفاع متوسط درجات الحرارة على المدى الطويل عند 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.
وبموجب المقترح الجديد، ستلتزم المصارف الأعضاء في التحالف بمواءمة أنشطتها مع هدف أقل صرامة، وهو الإبقاء على الاحتباس الحراري «دون درجتين مئويتين»، والسعي لتبني جهود ترمي إلى تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية.
وتجدر الإشارة إلى اختراق العالم لهدف ألا يزيد الاحتباس الحراري على 1.5 درجة مئوية العام الماضي للمرة الأولى على الإطلاق، غير أنه ليس خرقاً لاتفاق باريس المناخي الذي يقيس درجات الحرارة على مدى أكثر من عقدين.
وعمق هذا الأمر المخاوف المتزايدة وسط العلماء من تسارع التغير المناخي بصورة أسرع من المتوقع. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن العالم يسير باتجاه تسجيل الاحتباس الحراري ارتفاعاً بنسبة 2.9 درجة مئوية بنهاية القرن الحالي.
وتعد استجابة القطاع المصرفي جزءاً من إعادة هيكلة أوسع نطاقاً شملت التحالفات في القطاع المالي التي اكتسبت زخماً عام 2021 تحت مظلة تحالف غلاسكو المالي للوصول لصافي انبعاث صفر، لكن إعادة الهيكلة هذه واجهت ردود فعل سياسية حادة.
وعلق تحالف مشابه لمديري الأصول أنشطته في يناير الماضي بعد انسحاب أعضاء بارزين مثل «بلاك روك»، كما انهار تحالف يضم الشركات العاملة في قطاع التأمين قبل عامين. وقال جيمس فاكارو، الزميل في معهد كامبريدج للقيادة المستدامة: «إن مقترح تحالف صافي انبعاث صفر للبنوك ليس إلا «انعكاساً للواقع». وأشار إلى أن هذا التحول من شأنه أن يسهل الأمور على البنوك الآسيوية التي واجهت صعوبة في تلبية قواعد الانضمام، موضحاً أن هذا «سيوفر زخماً أكبر برغم الانسحابات في أمريكا الشمالية».
وبموجب المقترح الجديد، ستعزز المجموعة تركيزها على مساعدة المصارف الأعضاء على حشد الخبرة الفنية المطلوبة لنشر تقارير عن البصمات الكربونية وخطط التحول، إضافة إلى مساعدتهم على الانخراط في السياسات الحكومية بشأن العمل المناخي.
من ناحية أخرى، وبعيداً من التحالف، كانت البنوك بصدد إعادة هيكلة خططها المناخية وأجرت بالفعل تغييرات في صفوف المسؤولين التنفيذيين لديها. وأعلن «مورغان ستانلي» العام الماضي أن أهدافه للإقراض ستعكس عالماً تزداد درجة حرارته بما يصل إلى 1.7 درجة مئوية بدلاً من 1.5 درجة مئوية. وأفصح «إتش إس بي سي» عن أنه قد يعيد النظر في مستهدفاته للانبعاثات الممولة في وقت لاحق من هذا العام. أما «ويلز فارغو»، فقد تخلى عن هدف تحقيق صافي انبعاثات صفري ممول بحلول عام 2050.