تقلبات ترمب تدفع بنوك الاستثمار الأوروبية لأعلى إيرادات منذ عقد
(الشرق الاوسط)-06/05/2025
حقق المتداولون في أكبر بنوك الاستثمار الأوروبية أعلى إيرادات ربع سنوية لهم منذ عقد على الأقل، بعد أن أثارت التقلبات التي أحدثها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الأسواق المالية موجة من النشاط على جانبي المحيط الأطلسي.
وأعلنت بنوك «يو بي إس» و«بي إن بي باريبا» و«سوسيتيه جنرال» و«باركليز» و«دويتشه بنك» في الأسابيع الأخيرة عن إيرادات مجمعة من تداول الأسهم والدخل الثابت بقيمة 13 مليار يورو (14.74 مليار دولار) بين يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار)، وهو أعلى إجمالي ربع سنوي مجمع لهذه البنوك الخمسة منذ عام 2015 على الأقل، وفق «فاينانشال تايمز».
ويعكس الأداء القوي للبنوك الأوروبية العوائد الممتازة التي حققتها نظيراتها الأميركية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، حيث حققت أكبر خمسة بنوك في «وول ستريت» ما يقرب من 37 مليار دولار من إيرادات التداول المجمعة خلال هذه الفترة.
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير، أطلق ترمب فترة من عدم اليقين الاقتصادي، مما أدى إلى تقلبات حادة في أسواق الأسهم، والسندات، والعملات، وأتاح للمتداولين فرصاً عديدة لاستغلالها.
وقال سلافومير كروبا، الرئيس التنفيذي لبنك «سوسيتيه جنرال»، للمحللين: «إن تقلبات السوق تدعم بشكل عام أعمال البنوك في الأسواق العالمية، كما هو الحال بالنسبة لنا». وأضاف: «هذا الاضطراب قابل للإدارة من منظور كلي».
وشهد الربع الأول من عام 2025 أداءً قياسياً في أقسام الأسواق لبنكي «يو بي إس» و«بي إن بي باريبا»، حيث قفزت إيرادات التداول للبنك السويسري بنحو الثلث لتصل إلى 2.5 مليار دولار (2.3 مليار يورو)، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، بينما سجل أكبر بنك في فرنسا أعلى مستوى له على الإطلاق عند 2.8 مليار يورو (3.18 مليار دولار) في إيرادات التداول خلال هذا الربع.
وأعلن «دويتشه بنك» -الذي لا يملك نشاطاً في تداول الأسهم بعد الآن– و«باركليز» عن ارتفاع بنسبة 17 في المائة و21 في المائة على التوالي في تداولات الدخل الثابت، والعملات، والسلع (FICC)، مقارنةً بالربع الأول من عام 2024، متفوقين بذلك على جميع مُقرضي «وول ستريت» من حيث المكاسب المئوية في FICC خلال تلك الفترة.
وكان أداء تداول «سوسيتيه جنرال» مدفوعاً بأعماله في الأسهم، حيث ارتفعت الإيرادات بأكثر من الخُمس، مقارنةً بالعام السابق لتصل إلى 1.06 مليار يورو (1.13 مليار دولار)، بينما شهد قسم الدخل الثابت انخفاضاً طفيفاً.
وبعد سنوات من تحقيق عوائد ضئيلة، وتوزيعات أرباح محدودة للمساهمين، شهد المقرضون الأوروبيون تحسناً كبيراً في أدائهم في السنوات الأخيرة، حيث عزز ارتفاع أسعار الفائدة صافي دخلهم من الفوائد، وهو الفرق بين الفوائد التي تتلقاها البنوك من المقترضين، والفوائد التي تدفعها للمودعين. ومع ذلك، استفادت أقسام التداول في البنوك أيضاً من نوبات تقلب السوق، بدءاً من جائحة كوفيد – 19 في عام 2020، ثم تبعتها تقلبات كبيرة في السوق بعد غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022، ورفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة بسرعة.
وقبل الربع الأخير، كانت الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022 قد شهدت أعلى إيرادات تداول للبنوك الأوروبية منذ عام 2015 على الأقل، حيث حققت البنوك الخمسة إيرادات مجمعة بلغت 12.8 مليار يورو (14.52 مليار دولار) خلال تلك الفترة. كما كان بنك «كريدي سويس» لاعباً رئيساً في تداول الأسهم، وشركات الاستثمار في الشركات ذات رأس المال الاستثماري في أوروبا قبل انهياره في عام 2023.
وقال سيرجيو إرموتي، الرئيس التنفيذي لبنك «يو بي إس» الأسبوع الماضي إن البنك السويسري شهد «ارتفاعاً كبيراً في نشاط العملاء والتقلبات» في بداية الربع الثاني بعد إعلان ترمب عن سلسلة من التعريفات الجمركية «المتبادلة» في الثاني من أبريل (نيسان)، مما أدى إلى موجة بيع في السوق. وقال: «في بعض الأيام، تجاوزت أحجام التداول ذروتها في فترة كوفيد بنحو 30 في المائة»، واصفاً مستويات النشاط بأنها «استثنائية للغاية».
وقال أندرو كومبس، المحلل في «سيتي غروب»: «هذا يُبشر بالخير لإيرادات أسواق الربع الثاني، في أعقاب الأداء القوي للأسهم، ونتائج FICC في الربع الأول».
وأضاف كومبس: «ومع ذلك، أكد إرموتي وجود درجة من إرهاق المستثمرين، وأن بيئة التداول عادت منذ ذلك الحين إلى وضعها الطبيعي».