الشركات الأوروبية تدق ناقوس الخطر بسبب قوة اليورو
(البيان)-09/05/2025
حذّرت شركات أوروبية من صعود اليورو المستمر أمام الدولار، لما يشكله ذلك من تهديد جديد للمصدرين المثقلين بالفعل بتداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ومن بين الشركات التي نبهت المستثمرين إلى آثار سلبية محتملة: مجموعة البرمجيات الألمانية «إس إيه بي»، وشركة تصنيع السيارات «بورشه»، والعملاق الصناعي الفرنسي «شنايدر إلكتريك»، وذلك بعد ارتفاع اليورو بأكثر من 9 % ليبلغ أعلى مستوياته منذ ثلاث سنوات.
ويمثل هذا الصعود في قيمة اليورو، الذي يضعه على مسار أفضل أداء سنوي له أمام الدولار منذ عام 2017، عاملاً يضعف القدرة التنافسية للمصدرين الأوروبيين إلى السوق الأمريكية، وتوجد بالفعل علامات على أن المستهلكين يقللون من إنفاقهم بسبب حالة عدم اليقين التي أوجدتها الحرب التجارية التي شنها ترامب.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت في مطلع أبريل ما يُعرف بالتعريفات الجمركية «المتبادلة» على الاتحاد الأوروبي بنسبة 20 %، لكنها خفضتها لاحقاً إلى 10 % لإفساح المجال أمام مفاوضات تمتد لـ90 يوماً بين الطرفين.
وقال روبن وينكلر، كبير الاقتصاديين في دويتشه بنك في ألمانيا: «قوة اليورو تفاقم الصدمة الناتجة عن الرسوم»، مضيفاً أن ذلك «يضر بتنافسية الشركات في التجارة الخارجية».
وخفض محللو بنك «إتش إس بي سي» الأسبوع الماضي توقعاتهم لنمو الأرباح هذا العام لشركات مؤشر «فوتسي أوروبا» إلى 2.9 % فقط، محذّرين من أن ارتفاع اليورو قد «يؤثر بشكل كبير» على إيرادات هذه الشركات من الأسواق الخارجية.
ورغم أن العديد من الشركات تستخدم أدوات تحوط ضد تقلبات أسعار الصرف، إلا أن بعضها أبلغ المستثمرين أن استمرار صعود اليورو قد يضغط على هوامش الأرباح ويؤثر سلباً على الإيرادات، فارتفاع قيمة اليورو قد يؤدي إلى تراجع الطلب، إذ تصبح السلع الأوروبية أكثر تكلفة للمشترين الأمريكيين، كما قد يؤدي ذلك إلى تآكل الأرباح عند تحويلها إلى العملات المحلية.
وقال المدير المالي لشركة «إس إيه بي»، دومينيك أسام، إن كل ارتفاع بمقدار سنت واحد في سعر صرف اليورو مقابل الدولار يؤدي إلى خفض إيرادات الشركة السنوية بمقدار 30 مليون يورو.
وأضاف: إن الشركة قد تحوطت لجزء كبير من تعرضها لتقلبات العملة هذا العام، لكنه حذر من أن «عام 2026 سيكون أكثر صعوبة لأننا سنتضرر فعلياً من انخفاض سعر الصرف» بعد انتهاء مفعول التحوطات.
وحذرت هيلاري ماكسون، المديرة المالية لشركة شنايدر إلكتريك، من أن ضعف الدولار إلى جانب تأثيرات العملات الأخرى قد يكلف الشركة المتخصصة في المعدات الكهربائية ما يصل إلى 1.25 مليار يورو من إيراداتها السنوية.
وقال يواخيم بريكنر، المدير المالي لشركة بورشه، إن الشركة سعت إلى الحد من تأثير قوة اليورو، لكنه أقر بأن المجموعة، التي تُعد أمريكا الشمالية ثاني أكبر أسواقها، ستشعر بـ«تأثير معين». أما شركة «هالو فريش» الألمانية، المتخصصة في توصيل الوجبات الجاهزة للطهي.
فقد حذرت من أنها استندت في توقعاتها السنوية على أساس سعر صرف يبلغ 1.04 دولار لليورو، وأن ارتفاع السعر إلى 1.14 دولار سيؤدي إلى تراجع أرباح التشغيل المعدلة بمقدار 28 مليون يورو.
ويمثل صعود اليورو انعكاساً لافتاً من الربع الأخير من العام الماضي، حين شهد الدولار ارتفاعاً حاداً مدفوعاً بتوقعات بأن تُسهم أجندة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاقتصادية في تحفيز النمو داخل أمريكا على حساب شركائها التجاريين.
لكن، وعلى العكس من التوقعات، فإن المؤشرات تُظهر أن الحرب التجارية التي يقودها ترامب بدأت تؤثر سلباً في الاقتصاد الأمريكي، ما أدى إلى تراجع الدولار وتخلف مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عن نظيره الأوروبي خلال هذا العام.
وفي إشارة إلى قلق المستثمرين المزدوج من قوة اليورو والرسوم الجمركية، سجلت أسهم المصدرين الأوروبيين أداءً أضعف من السوق الأوروبية الأوسع. ووفقاً لبنك باركليز، فإن سلة من الأسهم تشمل «ستيلانتس» و«إس إيه بي» و«دايملر تراك» قد تأثرت سلباً مع ارتفاع اليورو.
وقال تريفور غريثام، رئيس استثمارات الأصول المتعددة في شركة «رويال لندن لإدارة الأصول»، إن اجتماع قوة العملة مع رسوم ترامب الجمركية دفعه إلى تقليص انكشافه على الأسهم الأوروبية.
ويتوقع العديد من البنوك الكبرى أن يواصل اليورو مكاسبه، بعدما بلغ أعلى مستوياته منذ أكثر من ثلاث سنوات مسجلاً 1.157 دولار في شهر أبريل.
وقال أثناسيوس فامفاكيديس، الرئيس العالمي لاستراتيجية عملات «مجموعة العشر» في بنك أوف أمريكا، إن اليورو تلقى أيضاً دفعة من خطة التحفيز الألمانية البالغة تريليون يورو. وأضاف فامفاكيديس، الذي يتوقع أن يصل اليورو إلى 1.17 دولاراً بحلول نهاية العام: «كانت السوق متفائلة للغاية بشأن الولايات المتحدة ومتشائمة للغاية بشأن أوروبا».